طالبان والجماعات المتطرفة ـ تخادم وخصومة
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “8”
إنهار الجيش الأفغاني امام حركة طالبان يوم 14 اغسطس 2021 ، بشكل سريع وغير متوقع، وهذا مايثير الكثير من التسائولات والتهكنات عن جدوى الوجود الأميركي في أفغانستان مايقارب احدى وعشرون عاما وانفاق مايقارب ترليون دولار. بدون شك بات واضحا ان تداعيات الإنسحاب الاميركي السريع وغير المنظم، ستكون له تداعيات كثيرة على منطقة الشرق الاوسط وآسيا وافريقيا، وهذا يعتبر منعطف جديد يغير ميزان القوى اأقليميا ودوليا، ومهما كانت النتائج فان أفغانستان ستبقى بؤرة للتطرف والإرهاب.
التفجير الذي حصل في محيط مطار كابول يوم 26 أغسطس 2021 ومقتل 12 حندي اميركي وجرح اكثر من 60 شخص، من شأنه ان يلقي بظلاله على ادارة بايدن، يزيد من الانتقادات ويصعد الخلافات مع الحلفاء، ويترك افغانستان متروكة على جميع الاحتمالات ـ الفوضى.
حركة طالبان.. أهم الزعماء و الايديولوجيا -مكافحة الإرهاب
الملا هيبة الله أخوند زاده، القائد الأعلى : استلم الملا هيبة الله أخوند زاده قيادة حركة طالبان في مايو 2016 أثناء انتقال سريع للسلطة بعد أيام على وفاة سلفه أختر محمد منصور الذي قُتل في غارة لطائرة أمريكية مسيرة في باكستان.
الملا عبد الغني برادر، قائد عسكري ورئيس المكتب السياسي : نشأ عبد الغني برادر في ولاية أرزغان في قندهار. وهو أحد مؤسسي حركة طالبان مع الملا عمر الذي توفي في 2013 لكن لم يكشف موته إلا بعد سنتين.
زعيم شبكة حقاني سراج الدين حقاني: سراج الدين حقاني هو نجل أحد أشهر قادة الجهاد ضد السوفيات جلال الدين حقاني. وهو الرجل الثاني في طالبان وزعيم الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته.
الملا يعقوب، الوريث : الملا يعقوب هو نجل الملا محمد عمر ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في طالبان حيث تقرر التوجهات الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية.
أما من الناحية الايديولوجية ، فإن واقع طالبان ـ الواقع الفكري هو ـ في العموم ـ واقع المجتمع التقليدي المحافظ ـ الإسلامي في أفغانستان. هذا في العموم، ولكن، عندما تحاول مقاربة الواقع من خلال الأيديولوجيا الطالبانية على وجه التحديد فإنك تصطدم بضبابية تُحيل إلى كلمة “الشريعة” في عمومها. فالحركة هي انتظام عفوي خلف شعارات دينية؛ يُفَسّرها ـ باجتهادهم ـ “علماء الدين”، وكما يقول مولوي حفيظ الله حقاني: “ليس لحركة طالبان لائحة مكتوبة لتنظيم أمورها وعلاقاتها، ولا يوجد لديها نظام للعضوية ولا علاقة منظمة”. تتضمن أسس رؤيتهم الأيديولوجية، وأول هذه الأهداف وأهمها:
1ـ إقامة الحكومة الإسلامية على نهج الخلافة الراشدة.
2ـ أن يكون الإسلام دين الشعب والحكومة جميعا.
3ـ أن يكون قانون الدولة مستمدا من الشريعة الإسلامية.
4ـ اختيار العلماء والملتزمين بالإسلام للمناصب الهامة في الحكومة…إلخ
الفرق بين إمارة طالبان و خلافة داعش-مكافحة الإرهاب
تسمي طالبان نفسها «الإمارة الإسلامية»… لماذا تصف نفسها بالجمهورية الإسلامية على غرار إيران؟ لماذا لم تصف نفسها بالدولة الإسلامية مثل دولة البغدادي خليفة داعش؟ وبالمناسبة لماذا لم تنعت نفسها بالخلافة، وتسمي أميرها الخليفة، عوض “أمير المؤمنين”؟ حاليا المنطقة في خضم مخاض عنيف للحركات الإسلاموية، جوهره الفكري هو مصدر الشرعية، أي ماهية الشرعية وكيف يُحصل عليها و يمكن تلخيص أوجه الشبه و الاختلاف بين طالبان و داعش في النقاط التالية :
– العقيدة: ولدت كل من حركة طالبان وتنظيم داعش على مرجعيات ومؤلّفات متشددة.الاتحاد الأوروبي و أفغانستان أوجه التعاون ماقبل سيطرة طالبان
– المدارس و التعليم : كانت طالبان معادية بشدة للتعليم خلال فترة حكمها، فقد ألغت المدارس تماماً في بعض الأحيان. أما تنظيم “داعش”، فلم يعارض التعليم الحديث ولم يلغيه، بل ألغى بعض المواد التي لا تناسب أفكارهم مثل الموسيقى وأبقى على المواد الضرورية كالعلوم واللغة وغيرها.
– منطقة العمليات : منطقة العمليات الجغرافية لداعش تتكون من العراق وسوريا والأردن ولبنان. وتجمع المقاتلين من جميع أنحاء العالم بما في ذلك أوروبا وأمريكا وباكستان والهند، باستثناء بلدان الشرق الأوسط. من جهة أخرى، تقوم طالبان بتجنيد كوادر من أفغانستان وباكستان والمناطق القبلية
– من حيث الرأي: هناك جدول أعمال رئيسي لإقامة حكم الخلافة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وتعتقد المجموعة في كل حركة مسلحة مستديرة لتحقيق حلمها. . طالبان تنتهج نهجا متشددا فهي لا تعتبر المرأة إنسانا.
التخادم بين حركة طالبان و تنظيم القاعدة -مكافحة الإرهاب
وجد تقرير حديث للأمم المتحدة صادر في 03 يونيو 2020 بناءً على معلومات استخباراتية للدول الأعضاء أنه على الرغم من وعود قادة طالبان الأفغانية بقطع العلاقات مع القاعدة ، يبدو أن العكس هو الصحيح. وخلص التقرير إلى أن نواة طالبان والقاعدة “لا تظهر أيّ مؤشرات على قطع العلاقات”، مضيفًا أن طالبان تستضيف ربما المئات من عناصر القاعدة في شبه القارة الهندية في مقاطعات قندهار وهلمند ونمروز. ووجد التقييم أن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين جزء لا يتجزأ من تمرد طالبان و”سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، فصله عن حلفائه من طالبان”. كما أن طالبان لن تمنح دعما مطلقا لـتنظيم القاعدة لكنّها لن تتوانى عن حماية التنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن.
لا تزال العلاقة وطيدة بين طالبان و القاعدة، حسب ادموند “فيتون براون” رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة المجموعات الإرهابية “داعش” و”القاعدة”. ويقول “براون” خلال شهر أكتوبر 2020 “نعتقد أن قيادة تنظيم القاعدة لا تزال تحت حماية حركة طالبان”. ويضيف “فاغنر” الخبير في شؤون جنوب آسيا بأن “الجماعتين (طالبان والقاعدة) مرتبطتان ببعضهما من خلال الكفاح المشترك في أفغانستان، وإلى حد ما يصعب الفصل بينهما”. ويرى أن هذا ما يصعب على طالبان تحديد علاقتها مع القاعدة بعد عودتها إلى السلطة، ولذلك فإن توضيح الكثير من الأمور سيتم على المستوى المحلي أكثر من المستوى الوطني، ويضيف “سيعتمد الأمر كثيرا على العلاقات الشخصية”.
و أكد سابقا المسؤولون الأفغان أن الجماعة الإرهابية تتمتع في نفس الوقت بمأوى مريح في المناطق التي تسيطر عليها طالبان. وأشار مسؤول أفغاني إلى أن القاعدة كانت على بعد 18 شهرا من إمكانية شن هجمات على الغرب، وتنفيذ هجمات إقليمية انطلاقا من أفغانستان بحلول نهاية العام. وقال المسؤول الرفيع إن رسائل عثر عليها في حاسوبه الشخصي، أظهرت أن عبد الرؤوف أخبر نظراءه في القاعدة أن أفغانستان قد تعود قريبا إلى وضعها قبل 11 سبتمبر كمحور رئيسي للجماعة الإرهابية. أفغانستان ـ هل تصبح ارضا” خصبة للجماعات المتطرفة، مؤشرات الواقع واحتمالات المستقبل
تقييم-إنعكاسات صعود طالبان على باقي الحركات و التنظيمات المتطرفة
يمكن لأفغانستان أن تصبح مرة أخرى “مرتعا” للإرهاب، وتوفر ملاذا للمتطرفين. ولم تكسر طالبان ابدا تحالفها مع تنظيم القاعدة على مدى العقدين الماضيين على الرغم من الضغوط العسكرية والمفاوضات التي استمرت عامين في قطر.
يمكن أن يرفع صعود طالبان في أفغانستان معنويات مختلف الجماعات المتطرفة في المنطقة، كما أنه يجب توقع أنه ليس فقط تنظيم داعش ، بل أيضا تنظيم “القاعدة” والجماعات المتطرفة الصغيرة الأخرى في أفغانستان وباكستان سيصبحون أقوى. ومع ذلك، ففي حين يهدف تنظيم “داعش” إلى إقامة خلافة خارج حدود الشرق الأوسط، من المقرر أن تبني “طالبان” إمارة داخل أفغانستان فقط. ويصح هذا مع تصورهم لأنفسهم باعتبارهم من السكان الحقيقيين للبلد.
ويثير استيلاء طالبان على الحكم في افغانستان مخاوف كبيرة بين جيرانها، لا سيما مع وصول تهديدات التشدد عبر الحدود والاتجار بالمخدرات إلى حدودها والتأثير على الأمن والاستقرار الداخليين. والجهات الفاعلة الإقليمية في آسيا الوسطى على حافة الهاوية بوجه خاص، حيث تؤثر الزيادة الأخيرة في أعمال العنف و التطرف في أفغانستان على بعض المناطق الحدودية في المقاطعات الشمالية للبلد.
يعتبر نجاح طالبان هذا شكلا من أشكال الدفاع من قبل الجماعات الإرهابية في الشرق الاوسط، وقد يلهمها لتعزيز قوتها والسعي إلى الشرعية الدولية. أما على المستوى الدولي -الأوروبي خاصة- ستضطر القدرة الضاربة الخارجية لطالبان إلى أن تكون عن طريق تنظيم “القاعدة” وفروعه في جميع أنحاء العالم. وبمجرد أن يبدأ الغرب في الضغط على النظام الجديد في كابول، فمن المرجح جدا أن تسمح طالبان لتنظيم القاعدة بإقامة وجود قوي في البلاد مرة أخرى. ثم انها مجرد مسألة وقت قبل أن نرى الهجمات المنبثقة إلى الخارج. ومن غير المرجح أن تشارك حركة طالبان، التي تهدف إلى الحفاظ على صورتها والظهور كتنظيم شرعي، مشاركة مباشرة، ولكنها بالتأكيد ستوفر التشجيع الضمني للمنظمات الارهابية. وقد تشهد القارة الاوربية هجمات إرهابية منظمة مرة أخرى على المدى المتوسط و الطويل.
رابط مختصر…https://www.europarabct.com/?p=76997
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
الهوامش
من هم أبرز زعماء طالبان الذين قادوا الحركة للسيطرة على أفغانستان؟
طالبان.. الواقع والمتوقع
طالبان: ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الحركة وتنظيم الدولة الإسلامية؟
إمارة أم خلافة أم جمهورية أم دولة؟
الاختلافات بين داعش وطالبان الفرق بين الآخرين
أفغانستان إمارة إسلامية: أيّ مستقبل للجماعات الجهادية
بعد عودة طالبان.. هل تصبح أفغانستان “قاعدة” للجهاد مجددا؟
“أبو محسن المصري ورسائل الخلايا”.. تقرير يكشف راهن العلاقة بين القاعدة وطالبان