الذكاء الاصطناعي ـ ما هي استراتيجية أوروبا لـ”الأمن الداخلي” الجديدة؟

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

تعتزم المفوضية الأوروبية تعزيز التدابير الأمنية للاتحاد الأوروبي لمواجهة تهديدات الدول التي تتعاون بشكل وثيق مع الجماعات الإجرامية، بما في ذلك روسيا. وهذا ما جاء في استراتيجية الأمن الداخلي الجديدة للاتحاد الأوروبي. حيث ترغب المفوضية الأوروبية في منح الشرطة صلاحيات أوسع لمكافحة التهديدات الهجينة – وهي مزيج من الهجمات الإلكترونية والتضليل الإعلامي والجريمة المنظمة. كما تقترح تعزيز قدرات الاتحاد الأوروبي على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، بما يسمح بتطبيق عقوبات أوسع نطاقًا، ويمنح جهات إنفاذ القانون إمكانية الوصول إلى المعاملات المصرفية للمشتبه بهم.

وتتزامن هذه الخطة لتعزيز الأمن الداخلي للاتحاد الأوروبي مع العمل الموازي الذي تقوم به أوروبا لتعزيز دفاعاتها لمواجهة التهديدات الخارجية بشكل أفضل والاعتماد بشكل أقل على المساعدات الأميركية. تنص الاستراتيجية على أن “الخطوط الفاصلة بين التهديدات الهجينة والحرب المفتوحة غير واضحة”. كما تشير إلى “حملات روسيا الهجينة، الإلكترونية وغير الإلكترونية، ضد الاتحاد الأوروبي وشركائه”.

كما أشار المشروع إلى أن الجريمة قد تُمكّن الدول من اختراق البنية التحتية الحيوية لأوروبا، وإلحاق الضرر بسلاسل التوريد، وسرقة البيانات الحساسة، وزعزعة استقرار الوضع. لذلك، على الاتحاد الأوروبي الاستعداد لهذه التهديدات. تقترح الاستراتيجية توسيع نطاق عقوبات الاتحاد الأوروبي لتشمل الجماعات الإجرامية. كما تقترح إنشاء نظام أوروبي مشترك لتتبع عائدات الجريمة المنظمة ومصادر تمويل الإرهاب، مما يتيح للشرطة فرصًا أكبر للتحقق من الحسابات المصرفية للمشتبه بهم.

يُسعى أيضًا إلى تطبيق بعض أدوات مكافحة الإرهاب في مجالات أخرى من الأمن الداخلي. ومع ذلك، قد تعترض بعض الدول، لا سيما تلك التي تلتزم التزامًا أقوى بحقوق الإنسان ولا ترغب في أن تحظى الشرطة بسلطة واسعة.

تقترح المفوضية الأوروبية قوانين جديدة لتنفيذ خطة لتعزيز الأمن في الاتحاد الأوروبي. على سبيل المثال، ستمنح هذه القوانين الشرطة صلاحيات موسعة للوصول إلى الاتصالات عبر الإنترنت والبيانات الرقمية – الرسائل الفورية والبريد الإلكتروني. قد يعارض نشطاء حقوق الإنسان هذه المبادرات، لأنها قد تهدد خصوصية المواطنين. لكن المفوضية الأوروبية ترى أن هذه الخطوات ضرورية لأن المجرمين يستخدمون التشفير والتقنيات الحديثة للتهرب من المساءلة.

الاتحاد الأوروبي يستثمر 1.3 مليار يورو في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

وافقت المفوضية الأوروبية على برنامج عمل أوروبا الرقمية 2025-2027، والذي يخصص 1.3 مليار يورو لتطوير التقنيات الرئيسية الضرورية لمستقبل الاتحاد الأوروبي والسيادة التكنولوجية. “ديجيتال” مبادرة تمويلية من الاتحاد الأوروبي تهدف إلى تقريب التكنولوجيا الرقمية من الشركات والمواطنين والإدارات العامة. تُعدّ التكنولوجيا الرقمية أساسية للتواصل والعمل والعلم ومواجهة التحديات البيئية.

سلّطت جائحة كوفيد-19 الضوء على اعتماد أوروبا على الأنظمة الخارجية، بينما كشفت حرب روسيا على أوكرانيا عن نقاط ضعف في سلاسل التوريد الرقمية. ولضمان الأمن والاكتفاء الذاتي، يجب على الاتحاد الأوروبي الاستثمار في الأمن السيبراني وتعزيز بنيته التحتية الرقمية.

بميزانية إجمالية تتجاوز 8.1 مليار يورو، يركز البرنامج على عدة مجالات رئيسية، مثل الحوسبة الفائقة، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والمهارات الرقمية المتقدمة، والاعتماد الواسع النطاق للتقنيات الرقمية في مختلف قطاعات الاقتصاد والمجتمع. ويساعد البرنامج الصناعة والشركات الصغيرة والمتوسطة والإدارات العامة في مسيرة تحولها الرقمي من خلال شبكة موسعة من مراكز الابتكار الرقمي الأوروبية.

يركز برنامج العمل الرقمي على تطوير الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية والبيانات، والأمن السيبراني، والمهارات الرقمية في جميع أنحاء أوروبا. ويهدف إلى توسيع نطاق تبني الذكاء الاصطناعي من خلال تحسين الوصول إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، لا سيما في قطاعي الصحة والرعاية، ودعم مساحات البيانات الموفرة للطاقة في إطار مبادرة مصانع الذكاء الاصطناعي. وسيساعد تعزيز مراكز البيانات الإلكترونية (EDIHs) الشركات والمؤسسات العامة على الوصول إلى الخبرات والتدريب واختبار التكنولوجيا في مجال الذكاء الاصطناعي.

من الأولويات الرئيسية الأخرى تعزيز مبادرة “وجهة الأرض”، التي تُطوّر نموذجًا رقميًا للأرض لدعم التكيف مع المناخ وإدارة مخاطر الكوارث. وسيعزز تعزيز حماية البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والكابلات البحرية، من خلال مبادرات مثل احتياطي الأمن السيبراني للاتحاد الأوروبي المرونة السيبرانية .

يركز البرنامج على تعزيز المهارات الرقمية من خلال دعم مؤسسات التعليم والتدريب لتطوير أفضل المواهب الرقمية والاحتفاظ بها. وسيُسهّل البرنامج تطبيق محفظة الهوية الرقمية للاتحاد الأوروبي والبنية التحتية الأوروبية للثقة، مما يضمن اعتمادًا آمنًا للهوية الرقمية في جميع الدول الأعضاء. كما يهدف إلى تحديث الخدمات العامة من خلال تعزيز الإدارة العامة الرقمية الفعالة وعالية الجودة والمتوافقة.

ومن خلال هذه المبادرات، يهدف البرنامج إلى تعزيز الاستقلال الرقمي والقيادة التكنولوجية لأوروبا. وسوف يتم تسريع الابتكار أيضًا من خلال منصة التقنيات الاستراتيجية لأوروبا الجديدة (STEP)، التي تمنح علامة الجودة STEP Seal للمشاريع الواعدة لتحسين فرصها في الوصول إلى التمويل العام والخاص.

تقول هينا فيركونن، نائبة الرئيس التنفيذي لشؤون سيادة التكنولوجيا والأمن والديمقراطية: “يبدأ ضمان السيادة التكنولوجية الأوروبية بالاستثمار في التقنيات المتقدمة وتمكين الأفراد من تحسين كفاءاتهم الرقمية. ومن خلال الفرص المتاحة في إطار برنامج أوروبا الرقمية، نضمن وصول التقنيات الجديدة، وما تحمله من إمكانات جديدة، إلى المواطنين الأوروبيين والشركات والإدارات العامة ” .

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=102706