خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
اعتمد حلف شمال الأطلسي (الناتو) رسميًا نظام Maven Smart System (MSS NATO)، وهو عبارة عن منصة ذكاء اصطناعي طورتها شركة Palantir Technologies .يمثل القرار تطوراً كبيراً في قدرات التحالف على التحول الرقمي وإدارة ساحة المعركة، ويُنظر إليه باعتباره استجابة للتهديدات العالمية المتزايدة، بما في ذلك تلك التي تشكلها الصين. وفقًا لتقرير صحيفة فاينانشال تايمز ، كانت عملية شراء النظام من أسرع العمليات في تاريخ حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إذ اكتملت في ستة أشهر فقط. وأشار المسؤولون إلى الحاجة المُلِحّة لتعزيز التفوق التكنولوجي للحلف كعامل رئيسي وراء تسريع اعتماد النظام.
يعتمد نظام MSS NATO على مشروع Maven من شركة Palantir ، وهو نظام طُوّر أصلاً لوزارة الدفاع الأمريكية. صُمم هذا النظام لتقليل عدد الموظفين اللازمين لتحليل بيانات ساحة المعركة من خلال أتمتة العمليات التي كانت تُنفّذها عادةً فرق كبيرة من محللي الاستخبارات. في صراعات مثل العراق وأفغانستان، كانت المهمة نفسها تتطلب مئات أو حتى آلاف الموظفين. على النقيض من ذلك، يُمكّن نظام MSS NATO فرقًا صغيرة من 20 إلى 50 مُشغّلًا من معالجة كميات هائلة من معلومات ساحة المعركة في وقت شبه آني.
يتضمن النظام العديد من التقنيات المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، ونماذج اللغات الكبيرة، والتعلم الآلي. وتُدمج هذه الأدوات لتوفير معلومات استخباراتية عملياتية آنية، وتحسين عملية اتخاذ القرارات القيادية، وأتمتة تحديد التهديدات. وتشير مصادر حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى أنه من المتوقع تحقيق القدرة التشغيلية الكاملة في غضون 30 يومًا من النشر.
علّق “نوح سيلفيا” المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، قائلاً: “هذا النوع من أنظمة إدارة ساحة المعركة قادر على استبدال فرق كاملة تُعنى بمهام مُتكررة وتتطلب جهدًا بشريًا مكثفًا. ويُعدّ الحصول عليه في غضون ستة أشهر فقط إنجازًا استثنائيًا بمعايير الدفاع”.على الرغم من عدم الكشف عن التفاصيل المالية للصفقة، فمن المتوقع أن تكون من أهم عقود الدفاع لشركة بالانتير خلال العام 2025. وقد حصلت الشركة، التي شارك في تأسيسها بيتر ثيل، رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا وشريك ترامب، على عقود حكومية أمريكية تزيد قيمتها عن 2.7 مليار دولار منذ عام 2009، منها أكثر من 1.3 مليار دولار من البنتاغون.
في سبتمبر 2024، مددت وزارة الدفاع الأمريكية عقدها مع شركة بالانتير لإصدار مشروع مافن بقيمة 99.8 مليون دولار. وقد نُشرت نسخة مماثلة من النظام في أوكرانيا، حيث تدعم جمع المعلومات الاستخباراتية الآنية والوعي الظرفي في ساحة المعركة.أُطلق مشروع مافن الأصلي عام 2017، معتمدًا في البداية على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها جوجل. إلا أن جوجل انسحبت من المشروع عام 2018 إثر احتجاجات داخلية من موظفيها على استخدام الذكاء الاصطناعي في التطبيقات العسكرية. وأصبحت بالانتير لاحقًا شركة رائدة في هذا المجال.يتضمن الإصدار المخصص لحلف شمال الأطلسي من النظام بنيةً معيارية، تسمح بدمج برامج ومصادر بيانات إضافية. ويهدف هذا إلى تعزيز قدرات دمج المعلومات الاستخبارية، واكتساب الأهداف، والوعي الظرفي، والتخطيط العملياتي، واتخاذ القرارات القيادية.
صرح مسؤول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأن الاتفاقية تعكس “شراكة متينة ومرنة بين القواعد التكنولوجية في أمريكا الشمالية وأوروبا”. كما تشير إلى اهتمام الحلف المتزايد بالاستفادة من الابتكار التجاري للحفاظ على الميزة الاستراتيجية.في حين تسعى العديد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي إلى تنفيذ مبادرات وطنية موازية ــ فرنسا، على سبيل المثال، تعمل على تطوير منصة دفاعية تعتمد على الذكاء الاصطناعي تُعرف باسم أرتميس ــ يشير المحللون إلى أن هذه المبادرات تظل تكميلية لنظام مافن التابع لشركة بالانتير بدلاً من أن تكون تنافسية معه.
شهدت آفاق شركة بالانتير التجارية تحسنًا ملحوظًا خلال العام 2024، حيث ارتفع سعر سهمها بأكثر من 300%، ويعزى ذلك جزئيًا إلى تزايد اهتمام عملاء القطاعين الحكومي والخاص بمنصات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. وترسّخ الشركة مكانتها كلاعب رئيسي في المشهد العالمي لتكنولوجيا الدفاع، لا سيما في مجال تحليل البيانات الآني وإدارة ساحات المعارك المعززة بالذكاء الاصطناعي.ومن المتوقع أن يؤدي نشر نظام دعم العمليات العسكرية التابع لحلف شمال الأطلسي إلى مزيد من دمج البنية التحتية للقيادة الرقمية لحلف شمال الأطلسي، وتحسين التنسيق بين الدول الأعضاء، وتسريع تحول التحالف نحو العمليات العسكرية التي تركز على البيانات.
وكانت قد أصدرت أصدرت منظمة حلف شمال الأطلسي للعلوم والتكنولوجيا تقريرها حول الاتجاهات الكلية للعلوم والتكنولوجيا 2025-2045. حدد التقرير ستة اتجاهات رئيسية ستكون مهمة لحلف شمال الأطلسي في السنوات العشرين المقبلة منها: مجالات المنافسة المتطورة؛ السباق نحو الذكاء الاصطناعي والتفوق الكمي؛ التكنولوجيا الحيوية.
يُقيّم التقرير أنه مع اشتداد المنافسة الاستراتيجية العالمية، سيُحدث التقدم في العلوم والتكنولوجيا تحولاً في كيفية تنافس الدول. ويتوقع أن تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي والكَمِّي محور هذه المنافسة، وأن تُواصل إحداث ثورة في الصناعات، بما في ذلك قطاعي الدفاع والأمن. وسيُثير التقدم في مجال البيولوجيا التركيبية والمجالات ذات الصلة تساؤلات حول أمن البحث واللوائح الصحية.
أكد الدكتور برايان ويلز، كبير علماء الناتو ورئيس مجلس العلوم والتكنولوجيا التابع للناتو، في التقرير أن هذه الاتجاهات “ستمكن صانعي القرار في الناتو وحلفائه من دراسة الخيارات المتاحة أمامهم وكيفية إعداد التحالف على أفضل وجه لمواجهة تحديات المستقبل”. وخلص إلى أن “الاستمرار في بناء المعرفة والاستثمار في العلوم والتكنولوجيا سيعزز قدرة الناتو وحلفائه على التفوق على منافسيهم اليوم وغدًا، ويضمن بقائنا أقوياء ومرنين وجاهزين للرد على أي تهديد”.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=103228