الدواعش الألمان : موضوع شائك بالنسبة لحكومة برلين
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
عودة معتقلي “داعش”.. انقسام في ألمانيا حتى بين الوزراء!
تشهد ألمانيا سجالا حادا حول كيفية التعامل مع عودة الجهاديين من حاملي الجنسية الألمانية الذين اعتقلوا أثناء المعارك مع “داعش”. والانقسام سيد الموقف حتى بين الوزير الاتحادي ووزراء داخلية الولايات. فما أبرز ما يطرحه هؤلاء؟
هاجس الخوف هو سيد الموقف في كل مكان في العاصمة الألمانية برلين يتم فيه مناقشة ملف عودة أو استرجاع مقاتلين متشددين في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف باسم “داعش” باتوا معتقلين لدى القوات الكردية بشمال سوريا وأصبحوا خطرا ليس للمنطقة في الشرق الأوسط فحسب، بل في أوروبا أيضا إذا نفذت واشنطن تهديدها بإطلاق سراحهم بعد إتمام انسحاب قواتها من شمال سوريا، كما هو معلن.
وبعد تردد طويل وبانتظار حل سحري يبعد المشكلة عن البلاد ولو إلى حين، تطرق السياسيون إلى حلول يمكن أن تشكل في نهاية المطاف مخرجا قانونيا ومجتمعيا للمشكلة المعروفة منذ أعوام. وفي مقدمة من أدلى بدوله في هذا السياق كان وزير الداخلية الاتحادي والزعيم السابق لمحافظي بافاريا، الاجتماعي المسيحي، هورست زيهوفر، الذي وضع شروطا لعودة المعتقلين “الداعشيين” وعائلاتهم إلى ألمانيا منها:
عدم وجود شكوك بشأن هوياتهم الشخصية إلى جانب عدم وجود مخاطر خارجة عن السيطرة في حال عودتهم إلى ألمانيا. كما يطالب وزير الداخلية الاتحادي بدراسة كل حالة على حدة في المنطقة التي يتواجد فيها المعتقل الألماني قبل صعوده للطائرة
أما زميل زيهوفر في الحزب الاجتماعي المسيحي وفي المنصب السياسي، يواخيم هيرمان وزير داخلية بافاريا، فيطالب بمراقبة مكثفة لكل العائدين حاملي الجنسية الألمانية الذين لا توجد أدلة على تورطهم في جرائم يعاقب عليها القانون الألماني. وبعبارة واضحة: كل متشدد عائد لا يدخل السجن مباشرة، يجب مراقبته بشكل مكثف، حسب رأي الوزير المحلي في بافاريا.
أما إذا كانت أدلة وقرائن لتورط عائد ما في جرائم، فلابد من مثوله فورا أمام القضاء، وهذا يعني، وفق الوزير البافاري، دخوله السجن على ذمة التحقيق فور وصوله إلى الأراضي الألمانية.
ولكن في حال عدم كفاية الأدلة والقرائن على أدانة العائد، فيجب، وفق الوزير هيرمان، وضع العائد تحت رقابة مشددة ومكثفة وإذا اقتضى الأمر، حسب الوزير، على مدار الساعة، ما يعني إضافة عبء إضافي على عاتق جهاز الأمن الداخلي “حماية الدستور”.
رأي آخر يحول الأنظار إلى أفق بعيد عن ألمانيا، حيث يقول وزير الداخلية في ولاية بادن ـ فورتمبيرغ بجنوب غرب البلاد توماس شتروبل وهو من المحافظين في حزب المستشارة ميركل: إذا كان العائد من معتقلي سوريا يحمل جنسية أخرى إلى جانب الجنسية الألمانية، فيجب سحب الجنسية الألمانية منه وترحيله إلى موطن جنسيته الأصلية أو الأولى. ويبرر شتروبل مقترحه بالقول: “إن من يخدم في جيش غريب عن بلاده، يفقد الجنسية التي يحملها، وهذا يجب أن ينطبق بشكل أساسي على من يخدم في قوة عسكرية إرهابية، كما هو الحال في القتال في صفوف “داعش”، حسب تصريحات الوزير شتروبل لصحيفة “بيلد”.
في هذا السياق ذهب أيضا وزير داخلية ولاية شمال الراين ويتسفاليا هربرت رويل والذي أوضح في كلمته أمام مؤتمر الشرطة الأوروبية المنعقد في برلين قائلا إن مشكلة عودة الأطفال واليافعين من هذه الشريحة تشكل تحديا كبيرا في ظل عدم وجود حلول صحيحة للمشكلة، حسب تعبيره.
أما بشأن المقاتلين الرجال، فطالب الوزير في أكبر ولاية ألمانية من حيث السكان بضرورة جمع المعلومات الاستخبارية عنهم وبشكل مبكر قبيل البت في ملف عودتهم إلى البلاد لكي يكون ممكنا إدخالهم السجن بشكل سلسل. لكن الوزير يعترف أيضا بصعوبة التعامل مع المتشددين الذين لا توجد أدلة على تورطهم في ارتكاب جرائم في الخارج، ما يعني إطلاق سراحهم في البلاد
لكن وزير داخلية ولاية برلين أندرياس غايزل وهو من الاشتراكيين فذهب إلى ما بعد مرحلة المقاضاة القانونية للعائدين من المتشددين الداعشيين، حيث طالب ببرامج تسمح بخروج المتشددين من مسار التشدد الإيديولوجي والعودة إلى مسار المجتمع الاعتيادي، هذا إلى جانب مراقبة مكثفة لكل من يشكل منهم خطرا على الأمن الداخلية أو يتم تصنيفه “بالخطير” أمنيا.
كما طالب الوزير الاشتراكي بإقامة حوار مستديم مع جماعات وصفهم “بالإسلاميين في الإطار القانوني”. أما وزير الداخلية في ولاية ساكسونيا السفلى، بوريس بوستوريوس، فقال في تصريح له في هذا السياق إن مراقبة العائدين من مقاتلي “داعش” أمر مزعج للغاية ومجهد ويكلف الكثير من الأموال، لكنه شر لا بد منه لعدم وجود بديل لذلك.
**
تبقى الدوائر الأمنية الألمانية متشككة فيما يخص مطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد طالب الرئيس عبر تويتر ألمانيا باستقبال مقاتلي داعش من سوريا وتقديمهم للعدالة، ما هي خلفيات هذا التشكيك وأين تكمن صعوبة تنفيذ المطالب؟
عندما يتعلق الأمر بالمقاتلين الألمان الدواعش في سوريا، فإن الدبلوماسية الدولية تكون معقدة أكثر من تغريدة تويتر. وهذا ما توضحه جليا أجوبة زورن شميت، المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية في حديث مع دويتشه فيله. شميت أوضح في الحديث أنه من ناحية مبدئية “يكون للمواطنين الألمان وحتى أولئك الذين تحوم حولهم شكوك في القتال في صفوف ما يُسمى داعش الحق في العودة إلى ألمانيا”. لكن سوريا تعكس حالة استثنائية، لأن الحكومة الألمانية لا يمكن لها ” بسبب المواجهات المسلحة هناك تولي أية مهام قانونية أو قنصلية لصالح المواطنين الألمان المسجونين هناك”. كما لا يمكن تنفيذ العقوبات الجنائية الألمانية فوق التراب السوري، لأن إجراءات الشرطة أو العدالة غير ممكنة.
وأن تكون السفارة الألمانية في سوريا مغلقة منذ 2012، وليس هناك رعاية قنصلية، فهذا وجب أن يكون معروفا لدى الرئيس دونالد ترامب. لكن ترامب استخدم تويتر في نهاية الأسبوع لبعث رسالة بسيطة مفادها أن:” الولايات المتحدة الأمريكية تطلب من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وشركاء أوروبيين آخرين أن يستقبلوا أكثر من 800 مقاتل في صفوف داعش اعتقلناهم في سوريا وتقديمهم للعدالة
ألمان في السجون الكردية
ومنذ تلك اللحظة يحاول شميت وزملاؤه إيجاد أجوبة، علما أن جدلا تفجر في برلين بين مؤيد ورافض للطلبات من واشنطن. لكن أمرا يبقى واضحا وهو أن ترامب ليس وحيدا، فحتى القوى الديمقراطية السورية التي يتزعمها أكراد تنتقد منذ مدة أن الدول الأوروبية غير مستعدة حتى الآن لاستقبال رعاياها. والأكراد هم أهم حليف للولايات المتحدة الأمريكية في سوريا. والكثير من السجناء يتم احتجازهم في سجون كردية وداخل معسكرات في شمال سوريا.
وينطلق زورن شميت من حقيقة وجود عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال من ألمانيا. “وحسب معلومات الأجهزة الأمنية سافر رجال ونساء منذ 2013 من ألمانيا في اتجاه سوريا والعراق للمشاركة في أنشطة المجموعات الإرهابية”. والوضع القانوني فيما يخص الاتهامات الموجهة إليهم يظل مبهما في غالبية الحالات.
الملاحقة الجنائية صعبة
وسافر في المجموع نحو 1050 إسلامويا من ألمانيا منذ 2013 في اتجاه سوريا والعراق. وقد قُتل منهم هناك حوالي 200 شخص. وعاد نحو 300 شخص إلى ألمانيا. والمشكلة أن الأجهزة الأمنية تعرف أكثر من 100 شخص عادوا إلى الأراضي الألمانية بعد خضوعهم لتدريب عسكري ومشاركتهم في عمليات قتالية في سوريا أو العراق، غير أن الملاحقة الجنائية الفعلية ضدهم تبقى صعبة حتى ولو كانوا مسجونين خارج ألمانيا. ويعود السبب في ذلك إلى أن ملاحقة كهذه تحتاج إلى برهنة على أنهم شاركوا في القتال المسلح بمناطق الحرب. ومن أجل إصدار أمر اعتقال تحتاج الأجهزة الألمانية إلى معلومات وجيهة حول العائدين. وليس من السهل الحصول على تلك المعلومات لعدم وجود تحقيقات في عين المكان.
ويشرح زورن شميت في حديثه مع دويتشه فيله طريقة العمل الرسمية مع مجموعة المقاتلين في صفوف داعش بالقول: “تجاه كل شخص سيتم تقييم المخاطر الصادرة عنه. وتحاول الأجهزة الألمانية قدر الإمكان نزع الراديكالية عن العائدين. وهناك عروض دعم مثل إجراءات الحد من التطرف، كما يوجد دعم اجتماعي ونفسي، لاسيما للأطفال العائدين المصدومين الذين لا يمكن محاكمتهم”.
ورغم هذه الصعوبات، فإن الإدانة ممكنة على أساس أن العضوية في مجموعة إرهابية تكفي حسب الفقرة 129 من القانون الجنائي لاعتبار الأمر جنحة. كما أن العقوبة تطال من يُعد لعمل عنيف مضر بالدولة. ومنذ 2015 يوجد قانون إضافي يوصي بعقوبة من يحاول السفر إلى خارج ألمانيا بهدف القيام بأعمال عنف. لكن يجب هنا البرهنة على أن هدف السفر هو فعليا المشاركة في هذه الأعمال. وتوجد حالة سابقة في هذا الإطار تتمثل في إدانة رجل شاب بسنتين ونصف سجنا أكدتها المحكمة العليا الألمانية في 2017.
دانييل هينريش/ م.أ.م DW
زيهوفر: شروط صارمة لعودة جهاديي “داعش” الألمان
كشفت صحيفة ألمانية أن وزير الداخلية الألمانية يعتزم السماح بعودة جهاديي “داعش” من حملة الجنسية الألمانية، ولكن بفرض قيود صارمة للتحقق من هويتهم وعدم تورطهم بجرائم خطيرة وطالما لم يكونوا مطلوبين قضائياً لدول أخرى.
يعتزم وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر السماح بعودة جهاديي تنظيم “داعش” وعائلاتهم إلى ألمانيا وفق شروط صارمة. وبحسب صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية الصادرة اليوم الأربعاء (20 فبراير/ شباط 2019) فإنه يجب تحديد هوية الأشخاص المعنيين بشكل لا يقبل الشك ويجب ألا يمثلوا مستقبلاً أي خطر على أمن ألمانيا.
وقال الوزير الألماني للصحيفة الألمانية: “من أجل أمن بلدنا يجب على الحكومة الاتحادية أن تضع شروطاً لعودة مقاتلي داعش السابقين من الذين يحملون الجنسية الألمانية”. وأضاف زيهوفر: “لكن يجب هنا توضيح كل حالة على حدة قبل السماح بالعودة إلى ألمانيا”، موضحاً أنه يجب أن تحدد السلطات بدقة كل وثيقة شخصية وما إن كان الشخص من المطلوبين قضائياً لدول أخرى”.
وكشفت الصحيفة أن وزير الداخلية الألماني يعتزم منع عودة مقاتلي “داعش” المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة واختفائهم في ألمانيا. ونقلت الصحيفة عنه قوله في هذا السياق: “يجب أن نعلم تماماً بنتائج أي تحقيقات بألمانيا بشأن أي منهم. لا نريد استقبال أي أشخاص خطرين في ألمانيا، إن كنا لا نضمن الأمن في البلد، وما إن كنا سنضعهم في السجن طالما كانوا مطلوبين للقضاء”.
ويأتي ذلك بعد أن طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدول الأوروبية وعلى رأسهم ألمانيا ياستعادة رعاياها الذين انظموا إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا. وأعلنت وحدات “قسد” بالشمال السوري عن مئات المحتجزين لديها من “دواعش” أوروبا.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
ح.ع.ح/أ.ح(د.ب.أ/ أ.ف.ب)
ع.غ/ و.ب (ك ان أ، زوددويتشه) ح.ع.ح/أ.ح(د.ب.أ/ أ.ف.ب) دانييل هينريش/ م.أ.م DW بالاشتراك مع ال DW
رابط مختصر… https://www.europarabct.com/?p=50235