المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)
الدفاع والأمن داخل الاتحاد الأوروبي ـ المفوضية، التمويل، الصناعات الدفاعية
بذل الاتحاد الأوروبي جهوداً كبيرة من أجل التوصل إلى صيغة اتفاق لرفع الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء وتحقيق السيادة الدفاعية، عبر تعزيز الصناعات العسكرية المشتركة وسدّ الثغرات الدفاعية. ويُعدّ هذا المسار، الذي تبنّاه الاتحاد الأوروبي منذ حرب أوكرانيا في فبراير 2022، محفوفاً بالتحديات السياسية والأمنية واللوجستية، في ضوء تباين رؤى الدول الأعضاء في الاتحاد بشأن الاستقلالية الاستراتيجية عن واشنطن وآليات الاستثمار في الصناعات العسكرية. يبرز في هذا السياق دور المفوضية الأوروبية خلال عامي (2024 ـ 2025) في تعزيز ردع القارة ودفاعها، وحشد قوات عسكرية إضافية، وتجهيز البنية التحتية لتسهيل عملية التنقل العسكري بين الدول، وتوظيف الذكاء الاصطناعي بصورة واسعة لتطوير الابتكار الدفاعي.
الإطار المؤسسي للدفاع الأوروبي
مفوضية الدفاع الأوروبية ودورها التنسيقي: تُعدّ المفوضية الأوروبية مؤسسةً رسميةً تابعةً للاتحاد الأوروبي، والذراعَ التنفيذيَّ له فيما يتعلق باقتراح القوانين والسياسات الأوروبية في مجالات الدفاع الصناعي والسوق الداخلية والبيئة والطاقة. وتشرف على تنفيذ قرارات البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي في برامج الدفاع والأبحاث، كما تتولى الإشراف على إنفاق ميزانية الاتحاد السنوية التي تُقدَّر بأكثر من (180) مليار يورو. وتراقب المفوضية استخدام التمويل الأوروبي من قِبل الدول الأعضاء ومدى التزامهم بالقوانين والمعاهدات الأوروبية، وتمتلك سلطة إحالة أي دولة غير ملتزمة بهذه القوانين إلى محكمة العدل الأوروبية. وعلى المستوى الخارجي، تمثّل المفوضية الأوروبية الاتحاد في المفاوضات التجارية والاتفاقيات الدولية.
أما بالنسبة إلى باقي مؤسسات الاتحاد المسؤولة عن ملف الدفاع، فتأتي وكالة الدفاع الأوروبية “EDA” كمؤسسة تضم (27) دولة عضواً في الاتحاد، وتُعدّ مركزاً لتطوير القدرات الدفاعية المشتركة من خلال التعاون وتحفيز البحوث التكنولوجية الدفاعية، إضافةً إلى الربط بين وزارات الدفاع والقطاع الصناعي والخبراء في الدول الأعضاء، بما يسهم في تحقيق استقلالية استراتيجية أكبر للقارة الأوروبية.
العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والناتو في الأمن الجماعي: يقوم التعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو على أسس الشراكة الاستراتيجية، لمواجهة التحديات المشتركة وضمان أمن منطقة اليورو الأطلسية. وقد تم إضفاء الطابع المؤسسي على هذه العلاقة لتعزيز المسؤولية الأوروبية في المسائل الدفاعية، خاصةً أن دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي معاً تمثل أكثر من مليار شخص، وتضم أكبر عدد من اقتصادات العالم. كما تُعدّ (23) دولة من أصل (27) عضواً في الاتحاد الأوروبي أعضاء في الناتو. قد ارتكز التعاون بينهما خلال الفترة (2016-2023) على مواجهة التهديدات الهجينة والإرهابية، وتعزيز التماسك بين عمليات تطوير القدرات لدى الاتحاد والناتو، وتحسين القدرة على التنقل العسكري، إلى جانب بناء قدرات الشركاء في مناطق غرب البلقان والجناحين الشرقي والجنوبي للناتو. كما يتبادلان المعلومات بشأن الالتزامات التشغيلية في المجال البحري، ومسائل الصناعة والبحث والتنسيق ذات الصلة، إضافةً إلى التنسيق في بناء القدرات السيبرانية للشركات.
التمويل الدفاعي، صندوق الدفاع الأوروبي “EDF”
دخلت لائحة صندوق الدفاع الأوروبي حيز التنفيذ في مايو 2021، ومنذ ذلك التاريخ خصصت المفوضية الأوروبية (5.4) مليار يورو للابتكار الدفاعي. ويلعب الصندوق دوراً محورياً في تعزيز التعاون الصناعي والاستثمار والتوافق التشغيلي بين الدول الأعضاء. ويتوافق عمل الصندوق مع أولويات الاتحاد لعام 2025 المتعلقة بالبوصلة الاستراتيجية وتوسيع نطاق التنافس لتعزيز قدرات الدول. وفي عام 2024، استثمرت المفوضية الأوروبية (910) ملايين يورو لبناء صناعة دفاعية قوية في أوروبا، ودعم التعاون بين صناعات الدفاع الأوكرانية والأوروبية، في محاولة لدمج أوكرانيا في القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية، بما يتماشى مع خطة 2030.
اعتمدت المفوضية الأوروبية برنامج العمل السنوي لصندوق الدفاع الأوروبي “EDF” لعام 2025، الذي خصص (1.065) مليار يورو للبحث والتطوير التعاوني في مجال الدفاع. ويدعم البرنامج تطوير تقنيات وقدرات دفاعية حيوية في المجالات العسكرية: البحرية، والسيبرانية، والجوية، والبرية، والفضائية، كما يتضمن تدابير لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
تبلغ ميزانية الصندوق نحو (8) مليارات يورو للفترة (2021-2027)، منها (2.7) مليار يورو مخصصة لأبحاث الدفاع التعاونية، و(5.3) مليار يورو لمشاريع تطوير القدرات. ويقدم الصندوق دعماً مالياً عبر منح تصل إلى (100%) من التكاليف المؤهلة، إلى جانب نظام مكافآت يراعي الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويقوم برنامج الصندوق لعام 2025 على دعم الابتكار من خلال برنامج الاتحاد الأوروبي للابتكار في مجال الدفاع “EUDIS”. الدفاع الأوروبي ـ خارطة الطريق للاستعداد لعام 2030، المهام والأهداف
خطط الاتحاد الأوروبي للصناعات الدفاعية
مشاريع التصنيع العسكري المشترك: وقّعت المفوضية الأوروبية في 19 يناير 2024 اتفاقية منحة لبدء مشروع القتال التكتيكي البري، ويضم (34) جهة من معاهد بحثية وكيانات رئيسية مثل “تاليس” و”ليوناردو” و”إندرا”، من (13) دولة أوروبية، بدعم مالي قدره (49) مليون يورو من صندوق الدفاع الأوروبي. يُعد هذا المشروع ذا أهمية استراتيجية لمجتمع الدفاع الأوروبي، ولتحسين القدرات التعاونية للقوات المسلحة على مختلف المستويات. وفي 4 مايو 2024، وقّعت فرنسا وألمانيا اتفاقية لتطوير نظام القتال الأرضي الرئيسي “MGCS”، الذي يوصف بأنه “دبابة المستقبل”، كونه يمثل نقلة نوعية في القدرات مقارنة بالدبابات الحديثة، وسيتضمن نظاماً من المركبات الأرضية المسيرة لتوفير الاستطلاع وحماية القوات، معتمداً على الذكاء الاصطناعي وأسلحة الليزر والشبكات المتطورة.
أطلقت أوروبا في 21 سبتمبر 2025 مشروع “MARTE” لتطوير أول دبابة قتال رئيسية من الجيل الخامس في القارة، بتمويل قدره (20) مليون يورو من صندوق الدفاع الأوروبي، وبمشاركة (51) جهة صناعية وعلمية من (12) دولة. يتميز هذا المشروع بنظام دفع كهربائي هجين يعزز القدرة على التخفي ويقلل البصمات الحرارية، وصُمم للعمل في بيئات حربية عالية الكثافة، ما يُعد خطوة مهمة نحو تحقيق السيادة التكنولوجية الأوروبية في مجال الدفاع.
وصل نظام الطائرات بدون طيار الأوروبية متوسطة الارتفاع وطويلة المدى “MALE RPAS” في 17 أكتوبر 2025 إلى مرحلة إنتاج النموذج الأول، بعد الانتهاء من مراجعة التصميم الدقيقة، ويرتكز على القوة الجوية الأوروبية من الجيل القادم. وقد تم إطلاق برنامج هذه الطائرات في عام 2016 بمشاركة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، ويمثل أول نظام طائرات مسيّرة أوروبي بالكامل، مصمم بتقنيات متقدمة لنقل البيانات بين الوحدات التشغيلية بأمان، ومزوّد بأجهزة استشعار متطورة توفر حمولة تصل إلى (2.3) طن باستثناء الوقود.
مبادرات دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الدفاع: تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الدفاع محركاً رئيسياً للابتكار في الصناعات العسكرية، إذ تلعب أكثر من (2500) شركة دوراً محورياً في سلاسل توريد الدفاع المعقدة في أوروبا. وتدعم المفوضية الأوروبية هذه الشركات عبر الحدود من خلال تفعيل أدوات سياسية متنوعة في مجالات التجارة والسوق الداخلية، إضافةً إلى الدعم المقدم عبر صندوق الدفاع الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي.
يوفر الصندوق والبنك الأوروبيان ما يصل إلى (100%) من تكاليف أنشطة الشركات، عبر اتحادات الشركات الصغيرة والمتوسطة لإجراء البحوث والتطوير. كما ضاعفت المفوضية برنامج التمويل الوسيط إلى (3) مليارات يورو، لتوفير الائتمان والضمانات من خلال الوسطاء الماليين للشركات العاملة في مجال الدفاع. وتحصل هذه الشركات على مبادرات مدعومة من المفوضية، مثل مبادرة التوفيق بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، لدفع الابتكار، وتسهيل الوصول إلى رأس المال، ودخول الأسواق الأوروبية والدولية.
وتراعي المفوضية الجانب التشريعي من خلال دعم “مجموعة الاستعداد الدفاعي” كمبادرة تشريعية لتحسين ظروف السوق لعمل الشركات، في ما يتعلق بالمشتريات والتصاريح والتمويل. كما تضع استراتيجية صناعة الدفاع الأوروبية، بهدف رفع القدرة التنافسية للقارة في مجال الصناعات الدفاعية. توصل باحثون من معهد “بروغل” ومعهد كيل للاقتصاد العالمي إلى أن أوروبا لا تزال تعتمد بشكل كبير على واشنطن في مجال الصواريخ الأسرع من الصوت، والطائرات النفاثة من الجيل التالي، والأنظمة المتكاملة مع الذكاء الاصطناعي، والاستخبارات. ويقول الباحث الكبير “جونترام وولف” في مركز “بروغل”، في يونيو 2025: “لقد كانت هناك بعض الزيادة في مختلف الأنظمة، حيث شهدت المدفعية على وجه الخصوص نمواً كبيراً، ولكن هذه الزيادات لا تزال صغيرة نسبياً مقارنة بالطلب الإجمالي”.
الأمن الأوروبي المشترك والقدرات الاستراتيجية
تطوير “قوة الرد السريع الأوروبية”: طوّر الاتحاد الأوروبي على مدار ثلاث سنوات قدرة الانتشار السريع التي يبلغ قوامها (5) آلاف شخص، للاستجابة للأزمات خارج الاتحاد الأوروبي، من خلال دمج مجموعات القتال المعدلة التابعة للاتحاد مع المكونات البحرية والجوية والبرية للدول الأعضاء، وإنشاء هياكل قيادية للتخطيط والإدارة العسكرية، وإجراء مناورات حية لتحسين التوافق التشغيلي. وقد تضمن هذا التطوير إصدار “البوصلة الاستراتيجية” في مارس 2022، التي تهدف إلى جعل الاتحاد أكثر قوة ومرونة واستقلالية، إلى جانب تنفيذ مناورات حية في سبتمبر 2023 في إسبانيا لتعزيز القدرة والجاهزية. وركّز الاتحاد على تأمين الإمكانيات وتقاسم التكاليف الخاصة بالتدريبات، وبدأ التشغيل الفعلي في عام 2025 بسلسلة من التدريبات المكثفة.
التوجه نحو استقلال استراتيجي جزئي عن الناتو: اتخذ التكتل الأوروبي خطوات نوعية من شأنها تحقيق قدر من الاستقلالية الدفاعية. ففي مارس 2024، أطلقت المفوضية الأوروبية أول استراتيجية للصناعة الدفاعية الأوروبية، التي حددت أنه بحلول عام 2030 يجب أن تشتري الدول الأعضاء ما لا يقل عن (40%) من معداتها الدفاعية عبر تعاون مشترك. كما أقرت الاستراتيجية خريطة طريق لتسريع الطلبات الدفاعية وتوحيد المواصفات والمشتريات، بهدف تعظيم مخرجات الصناعة الأوروبية.
اتجه كل من المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية خلال عامي 2024 و2025، إلى حثّ الدول الأعضاء على رفع الإنفاق الدفاعي، وطرح آلية عمل أوروبية لتسهيل الاستثمار المشترك في مجالات الصواريخ والطائرات المسيّرة. كما تضمنت “الورقة البيضاء الأوروبية” حزمة مالية طموحة لدفع التحول الصناعي، ودعم الدرع الجوي والفضائي الأوروبي، وتعزيز مراقبة الجناح الشرقي لحلف الناتو.
خلصت قمة مجلس الاتحاد الأوروبي في يونيو 2025 إلى ضرورة أن تصبح أوروبا أكثر سيادة ومسؤولية عن دفاعها الخاص، ومجهزة لمواجهة التحديات العاجلة والمستقبلية. وأكد وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبولندا في سبتمبر 2025 على أهمية تحمّل أوروبا مسؤولية أمنها، وأن تصبح أكثر سيادة في الدفاع، وأكثر قدرة على التصرف بشكل مستقل. الدفاع ـ ما هو مستقبل “التجنيد الإلزامي” في ألمانيا؟
التكامل الدفاعي الأوروبي وتحدياته
تضارب المصالح بين الدول الأعضاء: دفع تشكيك الإدارة الأمريكية في قدرة الاتحاد الأوروبي على الانخراط في الدفاع بعض دول الاتحاد إلى تبنّي مواقف حذرة تجاه المبادرات الدفاعية، خاصةً أن أغلب صناعات الدفاع الأوروبية تتمركز في دول غرب أوروبا، ما يجعل الاقتصاد السياسي للدفاع في القارة معقداً. وتُعدّ فرنسا أكبر الداعمين لاستقلالية الدفاع الأوروبي، رافعةً شعار “أوروبا قوية”، إلى جانب طرح فكرة بناء جيش أوروبي موازٍ، والتوجّه نحو تعزيز الردع النووي.
تميل دول شرق أوروبا، وفي مقدمتها بولندا ودول البلطيق، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، نظراً لكونها الأكثر قلقاً من التهديد الروسي. لذلك مارست هذه الدول ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي لتسريع إجراءات تعزيز القدرات الدفاعية وإعادة تسليح أوروبا. في المقابل، تخوّفت دول مثل ألمانيا من التوسع العسكري، إذ دعمت خلال عامي (2023 ـ 2024 ) العمل المشترك مع حلف الناتو، غير أن حكومة المستشار الألماني فريدريش ميرتس أيّدت نشر قوات وإنشاء قواعد عسكرية خارج ألمانيا، وزيادة الإنتاج الدفاعي المشترك بوصفه ركيزة أوروبية داخل الناتو.
موقع ألمانيا في قيادة الجهد الدفاعي الأوروبي: تمثل ألمانيا المركز الرئيسي لأوروبا في اللوجستيات العسكرية، إذ تضم قواعد عسكرية تابعة لحلف الناتو، مثل مقر قيادة القوات الجوية في “رامشتاين”، والقاعدة الرئيسية لعمليات الإنذار والتحكم في “غيلينكيرشن”. وتمتد أراضيها بين الموانئ البحرية الأوروبية الكبرى مثل “روتردام، وهامبورغ، وأنتويرب”، التي تُعد مسؤولة عن نقل الإمدادات العسكرية إلى دول شرق أوروبا. كما توفّر الممرات المائية الألمانية، مثل “الراين” و”الدانوب”، خط نقل استراتيجياً من الشمال إلى الجنوب باتجاه رومانيا، ويمتد عبرها أطول شبكة سكك حديدية في أوروبا.
أطلقت ألمانيا في العام 2022 مبادرة “درع السماء” للشراء المشترك لأنظمة صواريخ ودفاع جوي أوروبية وأمريكية، وتعهدت في العام 2024 بنشر لواء كامل في ليتوانيا بحلول العام 2027. وأكدت برلين في العام 2025 على أهمية بناء سوق أوروبية موحدة للدفاع، من خلال المشاركة في إنشاء برنامج ميزانية دفاعية أوروبية. أعلنت ألمانيا في 15 أكتوبر 2025، استعدادها لتولي زمام المبادرة في مشاريع رئيسية تهدف إلى تحسين القدرات الدفاعية الأوروبية بحلول عام 2030. كما شدد المستشار الألماني فريدريش ميرتس، في 17 أكتوبر 2025، على ضرورة أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر حزماً في التعاون الدفاعي والاقتصادي المشترك. الدفاع ـ ما مدى فاعلية مبادرة “Skyshield” في حماية الأجواء الأوروبية؟
تقييم وقراءة مستقبلية
– برزت أهمية المفوضية الأوروبية خلال عامي (2024 ـ 2025)، لتطوير استراتيجية دفاعية للاتحاد الأوروبي مغايرة عن استراتيجيته المعتادة في قضايا الدفاع والصناعات العسكرية، حيث كان يعتمد في السابق على حلف الناتو بشكل رئيسي، وعلى الولايات المتحدة في هذه السياسات. إلا أن متغيرات حرب أوكرانيا، وسياسة الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزيادة التهديدات الروسية، فرضت على الاتحاد الأوروبي انتهاج سياسة أكثر استقلالية في الدفاع، ورفع الإنفاق العسكري. لذا، تصدّر اسم المفوضية الأوروبية ودورها المحوري، لقدرتها على إقناع الدول الأعضاء في الاتحاد بزيادة الإنفاق الدفاعي، وإقرار استراتيجية دفاعية أوروبية جديدة.
– تواجه المفوضية الأوروبية تحديات كبيرة في مسألة إعادة تسليح أوروبا، والاقتراض المشترك لتمويل شراء الأسلحة والصناعات العسكرية رغم إقرار أول استراتيجية بشأن صناعة الدفاع. يرجع ذلك لتباين مواقف دول الاتحاد من الاقتراض وتعديل الميزانيات الوطنية، وعدم ثقة البعض في قدرة التكتل الأوروبي على إحلال دور الولايات المتحدة في مجال الدفاع والصناعات العسكرية.
– يمثل صندوق الدفاع الأوروبي عاملاً رئيسياً في خطط تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في الدفاع والصناعات العسكرية، ما يتطلب منحه صلاحيات أوسع ليتمكن من العمل مع الشركات الخاصة، وزيادة التنسيق بين الدول الأعضاء، في ظل بعض التعقيدات الإجرائية المتعلقة بكل دولة من جانب، والإجراءات الإدارية والتنسيقية داخل كل شركة من ناحية أخرى.
– أصبح تفعيل الذكاء الاصطناعي في الصناعات الدفاعية أمراً بالغ الأهمية، خاصة وأن التكنولوجيا باتت حاضرة بقوة في الصراعات التي شهدها العالم مؤخراً. وتعد حرب أوكرانيا دليلاً على هذا الاتجاه، من خلال التوسع في استخدام الطائرات المسيّرة والروبوتات في المعارك بين موسكو وكييف، الأمر الذي دفع دولاً مثل فرنسا وألمانيا خلال عامي (2024 ـ 2025) إلى زيادة وتيرة التعاون بشأن توظيف التكنولوجيا في مجال الدفاع.
– يسعى الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية إلى تحقيق التوازن بين سياسة الاستقلال عن الناتو في مجال الدفاع، والحفاظ على وجود أوروبا داخل الحلف ودورها في دعم خططه المتعلقة بتعزيز نفوذه في الجناحين الشمالي والشرقي، ونشر قوات عسكرية وإجراء مناورات دورية في هذه المناطق. ما يعني أن أوروبا تسير على حبل مشدود مع حلف الأطلسي، في ظل الاختراق الروسي للمجال الجوي لبعض دول الحلف، وزيادة المناورات الروسية البيلاروسية في منطقة بحر البلطيق، بالتزامن مع تشديد إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لهجتها تجاه أوروبا بشأن مسؤولية الدفاع عنها في حال تعرضها لهجوم محتمل.
– يقع على عاتق ألمانيا عبء كبير لاستعادة دورها داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في خطط الدفاع والصناعات العسكرية، في لحظة تواجه فيها ألمانيا معوقات كثيرة في الداخل، تتعلق بانتقادات اليمين المتطرف لهذا التوجه، والتحديات الاقتصادية لتمويل هذه الخطط، إضافة إلى معوقات في الخارج تتمثل في العلاقة مع فرنسا، ورغبة الأخيرة في تصدر المشهد عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في القارة الأوروبية، فضلاً عن الضغط من جانب دول البلطيق لتسريع خطوات استراتيجية الدفاع الأوروبية الموحدة.
– يظل نجاح أوروبا في تنفيذ خطة الدفاع الجديدة والاستقلال في الصناعات العسكرية مرهوناً بعدة عوامل، ترتبط بالتزام الدول الأعضاء بالخطة، وهنا تظهر مسؤولية المفوضية الأوروبية في مراقبة التنفيذ، إلى جانب قدرة اقتصادات الدول على تحمل هذه الأعباء، وتطبيق الاتحاد الأوروبي معايير المرونة والأساليب الحديثة في إنتاج المعدات العسكرية، للوصول إلى هدف الاستقلال الدفاعي وتوحيد المشتريات العسكرية خلال (2026 ـ 2027).
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110885
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
EU–NATO cooperation
https://shorturl.at/d4GMD
Eurodrone moves to prototype production after successful CDR
https://shorturl.at/bPcNt
Commission mobilises €910 million to boost European defence and close capability gaps*
https://shorturl.at/6SwPl
Defence-related small and medium-sized enterprises (SMEs) are key enablers of innovation and growth
https://shorturl.at/UKS9Q
