الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الأمن الأوروبي ـ الردع النووي الفرنسي وحماية القارة الأوروبية؟

سبتمبر 13, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا  ECCI

الأمن الأوروبي ـ الردع النووي الفرنسي وحماية القارة الأوروبية؟

تضررت الثقة بالولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي ترامب بشدة على الصعيد الدولي، لدرجة أن عودة إدارة محايدة إلى واشنطن لن تُعيدها. وهذا سيُكلّف الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة. فمن في أوروبا سيشتري أسلحة أمريكية تستطيع الولايات المتحدة تعطيلها عن بُعد في أي لحظة؟ من في أوروبا سيدعم السياسة الأمريكية العالمية؟ هذه بعض العواقب غير المقصودة التي قد لا تكون ما كانت الولايات المتحدة تسعى إليه. يُصرّ الكثير من السياسيين في ألمانيا على القول إنهم مستعدون لقيادة أوروبا، لكن الحقيقة هي أن القيادة العسكرية الألمانية وقواتها المسلحة تفتقران إلى التجهيز اللازم، وتفتقران إلى ثقة الدول الأخرى في القيام بذلك. في ظل هذه الخلفية، ربما لا يكون من المفاجئ أن تُعرب بولندا عن اهتمامها بالحصول على أسلحة نووية.

المشكلة النووية في أوروبا

رفض المستشار أولاف شولتز باستمرار تسليم الجيش الألماني صواريخ توروس إلى أوكرانيا. إلا أن خليفته، فريدريش ميرز، أيد ذلك علنًا، وأشار إلى انفتاحه على مناقشة الردع النووي في أوروبا. تكمن صعوبة الدفاع النووي في أوروبا في أن قنابل الجيشين الفرنسي والبريطاني ضخمة جدًا. تهدف هذه الأسلحة إلى ردع الهجمات الخطيرة على وجودهما في حالات الطوارئ القصوى، وذلك بالتهديد برد صارم. وأي استخدام لمثل هذه الأسلحة القوية لحماية حلفائه، عليه أن يتوقع هجومًا مضادًا على عاصمته.

إن الردع الذي قد توفره فرنسا والمملكة المتحدة لشركائهما، بشكله الحالي، غير واقعي. تُعيد فرنسا فتح قاعدة جوية نووية رابعة قرب ألمانيا، في ظلّ تسارع أوروبا لإعادة التسلح. لكن من الناحية الواقعية، تحتاج أوروبا إلى أسلحة نووية “تكتيكية”، أي أصغر حجمًا، إذا أرادت ردعًا مشتركًا.في حين أن القوة النووية الفرنسية مستقلة تمامًا، تعتمد المملكة المتحدة جزئيًا على الولايات المتحدة في صيانة صواريخها وعناصر رؤوسها الحربية النووية. منذ عام 1958، تربط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اتفاقية دفاع مشترك تنظم التعاون في مجال الأسلحة النووية. وقد عُدِّلت هذه الاتفاقية ومُدِّدت 10 مرات، وفي 14 نوفمبر 2024 مُدِّدت لأجل غير مسمى.

هل تستطيع الأسلحة النووية الفرنسية حماية أوروبا؟

يجب على فرنسا أن تشرح بشكل مقنع موقفها من الردع النووي، وعقيدة “الردع” باعتبارها منفصلة عن المظلة النووية الأمريكية ومكملة لها. يرتكز النموذج الفرنسي، المستمد من مفهوم “قوة ردع” مستقلة، ويسمح بمرونة سياسية في تطبيقه، بما في ذلك إمكانية استخدام سلطة الضربة الأولى.

في خطابه في الخامس من مارس 2025، وسّع الرئيس إيمانويل ماكرون نطاق النقاش بإطلاقه حوارًا استراتيجيًا حول توسيع نطاق القيمة الوقائية للردع الفرنسي ليشمل الحلفاء الأوروبيين، مع الحفاظ على السيادة الرئاسية على القرارات النووية. ويمثل هذا ابتكارًا دقيقًا، إذ يوفر شفافية أكبر دون تغيير في السيطرة، ما يعيد صياغة الردع كأداة للأمن الأوروبي الجماعي بدلًا من كونه قوة فرنسية أحادية الجانب. تُعيق القيود الهيكلية والميزانية طموحات فرنسا الدفاعية المتنامية. فبينما تعهدت حكومة ماكرون بعدم زيادة الضرائب لتمويل زيادة الإنفاق الدفاعي، يبدو هامش المناورة المالي ضيقًا، مما يشير عمليًا إلى الاعتماد على الاستدانة أو إعادة تخصيص الميزانية، وهو نموذج مشكوك في استدامته على المدى الطويل.

يُحدد قانون البرمجة العسكرية الفرنسي خطةً لزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير بمقدار 413 مليار يورو حتى عام 2030، أي بزيادة تُقارب 40% عن السابق. ويهدف هذا إلى تحديث القوات النووية، والقدرات السيبرانية، وأنظمة التكنولوجيا المتقدمة. ومع ذلك، يُشير التحليل الاقتصادي إلى أن أوروبا عمومًا ستحتاج إلى مرونة مالية إضافية، إما من خلال الديون طويلة الأجل، أو زيادات ضريبية، أو تخفيضات في الإنفاق المدني لتلبية معايير الإنفاق الدفاعي الأعلى. إن قدرة أوروبا على معالجة معضلة السلاح النووي ستحدد في نهاية المطاف مصير الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي. ولن يتحدد هذا بمدى قوة خطابها بقدر ما يتحدد بقدرتها على توليد الإرادة السياسية والموارد المادية اللازمة للتحرك الاستراتيجي في عالم يشهد تنافسًا جيوسياسيًا محتدمًا.

النتائج

تشير التطورات إلى مفصل استراتيجي حساس في العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، وتحديدًا في ما يتعلق بمسألة الردع النووي والسيادة الدفاعية. بعدما تضررت الثقة بالولايات المتحدة خلال عهد ترامب، لم تعد أوروبا تنظر إليها باعتبارها الضامن المطلق للأمن. هذا التراجع في الثقة لا يبدو مؤقتًا، بل يعكس تحوّلات بنيوية في السياسة الدولية، سيكون لها أثر دائم في تشكيل العقيدة الأمنية الأوروبية.

تتحرك فرنسا، من خلال خطاب ماكرون، باتجاه تعزيز دورها في توفير مظلة نووية أوروبية جزئية. لكنها في الوقت ذاته، تتمسك بالسيادة الكاملة على قرار استخدام السلاح النووي، مما يُبقي الشكوك قائمة لدى الدول الأوروبية الأخرى، وخاصة ألمانيا، بشأن مدى موثوقية الحماية الفرنسية. في المقابل، لا تزال المملكة المتحدة مرتبطة استراتيجيًا بالولايات المتحدة، ما يقلل من استقلالية قرارها النووي.

أما ألمانيا، فهي تقف بين ضعف الثقة في واشنطن وغياب القدرة الذاتية على بناء قوة ردع مستقلة. كما أن القيادة الألمانية، في عهد ميرزتواجه تحديات حقيقية تتعلق بإعادة تسليح الجيش، وتطوير الصناعات الدفاعية، وتجاوز الإرث الدستوري والتاريخي الذي يُقيّد انخراطها العسكري الخارجي.

الملف النووي الأوروبي، بهذا المعنى، ليس قضية تقنية فقط، بل يمثل اختبارًا حقيقيًا لإرادة الاتحاد الأوروبي في تحقيق استقلاله الاستراتيجي. ومع احتمال صعود اليمين الشعبوي في فرنسا.

من المرجّح أن يتجه التعاون نحو تعاون دفاعي ثلاثي أو رباعي النواة (فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، وبولندا)، مع استثمارات أكبر في الأسلحة النووية التكتيكية والبُنى التحتية الدفاعية، مع الاستعداد لاحتمال تحلل المظلة الأمريكية. سيُعيد هذا خلط الأوراق داخل الناتو، وسيدفع الاتحاد الأوروبي إلى تطوير “ركيزة دفاعية أوروبية” ضمن الحلف، وربما خارجه.

يبقى التحدي الرئيسي هو توليد الإرادة السياسية طويلة الأمد، والقدرة على تمويلها دون الإضرار بالاقتصاد أو النموذج الاجتماعي الأوروبي. وفي حال فشل هذا التحول، ستبقى أوروبا عالقة بين واشنطن وموسكو وبكين، من دون أن تمتلك أوراقًا حاسمة في لعبة الردع النووي العالمي.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=109106

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...