الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الدفاع ـ هل تخضع أوروبا لضغوط ترامب أم تعيد رسم أولوياتها الدفاعية؟

trump-nawrocki
سبتمبر 08, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا  ECCI

هل تخضع أوروبا لضغوط ترامب أم تعيد رسم أولوياتها الدفاعية؟

زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اجتماعه مع كارول ناوروكي رئيس الوزراء البولندي،أن بولندا كانت من بين دولتين فقط حققتا هدف حلف شمال الأطلسي للإنفاق البالغ 2%. أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “إن بولندا كانت واحدة من دولتين فقط حققتا في السابق هدف الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي، والذي تم رفعه مؤخرًا إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، بناءً على طلبه”.

أضاف ترامب: “بولندا كانت واحدة من دولتين دفعتا أكثر مما كان من المفترض أن تدفعاه لحلف شمال الأطلسي”. تابع قائلًا: “لا أعلم إن كان أحد يعلم ذلك، لكن كانت هناك دولتان، وبولندا دفعت أكثر مما كان من المفترض أن تدفعه”.

ادعاءات ترامب غير دقيقة

لكن نظرة أقرب إلى البيانات التاريخية لحلف شمال الأطلسي بشأن التزامات الإنفاق، التي يلتزم بها الحلفاء، تُظهر أن ادعاءات ترامب غير دقيقة. من المتوقع أن يحقق ما يصل إلى 10 من حلفاء حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك الولايات المتحدة، الهدف وسيرتفع هذا العدد إلى 18 دولة.

إذا عدنا إلى ما يقرب من عقد من الزمان، إلى عام 2014، عندما تم الاتفاق على هدف حلف شمال الأطلسي للإنفاق الدفاعي بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال قمة ويلز، فإن 3 دول ” اليونان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة نفسها ” كانت قد وصلت بالفعل إلى هذه العتبة، وكانت الدول الحليفة الأخرى بطيئة في الوفاء بالتزاماتها.

كانت بولندا الدولة الوحيدة التي زادت إنفاقها الدفاعي إلى ما يزيد عن 2% في العام التالي، أي في عام 2015، لكن إنفاقها انخفض إلى ما دون المعيار بين عامي 2016 و2019، وفقًا لبيانات حلف شمال الأطلسي.

وقد واصلت بولندا تحقيق هذا الهدف منذ عام 2020، وزادت إنفاقها بشكل كبير بعد حرب أوكرانيا في عام 2022. كما حققت لاتفيا وإستونيا هدف 2% بشكل ثابت منذ عامي 2018 و2019 على التوالي، وفقًا لبيانات حلف شمال الأطلسي. وهذا يعني أنه لم تكن هناك سنة كانت فيها بولندا من بين دولتين حليفتين فقط، باستثناء الولايات المتحدة، حققتا هدف الـ2%.

وإذا فهمنا أن ترامب كان يشير إلى الدول الأعضاء الحالية في الاتحاد الأوروبي فقط، وبالتالي استبعد المملكة المتحدة، فإن ادعاءه يقترب من الواقع. لكن في عام 2015 فقط، كانت بولندا من بين الدولتين العضوين الحاليتين في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب اليونان، اللتين حققتا الهدف.

تختلف الأرقام التي يقدمها حلف شمال الأطلسي عن المصادر الأخرى، بسبب الطريقة التي يتم بها حساب كل من الإنفاق الدفاعي وتوقعات الناتج المحلي الإجمالي. تشير بيانات البنك الدولي إلى أن بولندا كانت من بين 3 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى جانب اليونان وإستونيا تجاوزت هدف الـ2% في عام 2015، وهو ما يتناقض بشكل أكبر مع مزاعم ترامب.

في يونيو 2025 تعهّد حلفاء الناتو بزيادة هدف الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال قمة لاهاي، بعد أشهر من الضغوط المتزايدة من إدارة ترامب. ومن المتوقع أن يصل الحلفاء إلى هذا الهدف بحلول عام 2035.

من المتوقع أن يحقق جميع حلفاء الناتو الأوروبيين، إلى جانب كندا، هدف الـ2% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا للأرقام الصادرة مؤخرًا عن الحلف. ويأتي ذلك بعد أكثر من عقد على تحديد هذا الهدف للمرة الأولى. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى رفع الإنفاق الدفاعي للحلفاء من أوروبا وكندا إلى 2.27% من الناتج المحلي الإجمالي، ليرتفع إلى 2.76% عند احتساب مشاركة الولايات المتحدة.

من المرتقب أن تنفق بولندا ما يقرب من 4.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، وهو ما يفوق أي حليف آخر في حلف شمال الأطلسي، مما يجعلها أكبر مساهم حالي من حيث النسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

لماذا التقارب الأمريكي من بولندا؟

ترى واشنطن في بولندا ركيزة أساسية لتعزيز تواجدها العسكري في شرق أوروبا، ونقطة ارتكاز لردع روسيا، فضلًا عن القواعد العسكرية في بولندا ، ونشرالقوات والمعدات المتقدمة، مثل منظومات الدفاع الجوي وقوات المدرعات. كما أن بولندا من الدول القليلة في الناتو التي تتجاوز إنفاقها الدفاعي نسبة 2% من الناتج المحلي. هذا الالتزام يجعلها شريكًا موثوقًا في نظر واشنطن، ويشجع على تعميق التعاون ونقل التكنولوجيا والتسليح المتقدم.

يسعى ترامب إلى إعادة تعريف علاقة أمريكا بحلفائها، بحيث تتحول من “ضامن أمني مجاني” إلى “شريك بشروط”. ويعكس ذلك رؤيته لأمريكا كقوة تُعلي المصلحة الذاتية والربحية في التحالفات. ورغم تركيز واشنطن المتزايد على الصين، فإنها تحتاج إلى شركاء أوروبيين أقوياء لتقاسم عبء الردع الروسي. بولندا مستعدة للقيام بهذا الدور، مقابل دعم أمريكي عسكري واستخباراتي وتقني. كما ترى بولندا أن التحالف مع واشنطن يحقق توازنًا داخل الاتحاد الأوروبي.

النتائج

تشير تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التزام بولندا بإنفاق الدفاع ضمن حلف شمال الأطلسي إلى استمرار منهجه القائم على تحميل الحلفاء مسؤولية أكبر في الدفاع المشترك، وهو نهج يتكرر منذ ولايته الأولى.

إن هذه التصريحات، كما تكشف البيانات التاريخية، تحتوي على مبالغات وعدم دقة في عرض الحقائق، ما يعكس الاستخدام السياسي للبيانات الدفاعية لأغراض تعزيز سردية “تفوق القيادة الأمريكية”.

لم تكن بولندا سوى واحدة من عدة دول التزمت تدريجيًا بمعيار 2% من الناتج المحلي الإجمالي. إذ كانت ثلاث دول (اليونان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) قد تجاوزت هذا الهدف منذ عام 2014، بينما انضمت بولندا لاحقًا في 2015، مع تذبذب في الأداء حتى عام 2020، قبل أن تعزز إنفاقها مجددًا عقب حرب أوكرانيا.

التحول الجذري في الالتزامات الدفاعية الأوروبية، الذي بلغ ذروته في إعلان قمة لاهاي رفع الهدف إلى 5% بحلول 2035، يشير إلى تغير بنيوي في فلسفة الأمن الأوروبي. وقد فرضت حرب أوكرانيا وما تبعها من تهديدات روسية مباشرة ضغوطًا شديدة على دول الحلف، ما أدى إلى تسريع وتيرة الالتزام، خاصة من دول أوروبا الشرقية، وعلى رأسها بولندا.

من المتوقع أن تبرز بولندا كقوة دفاعية إقليمية صاعدة داخل الحلف، خاصة في ظل اقترابها من إنفاق 4.5% من ناتجها المحلي على الدفاع ما قد يمنحها نفوذًا إضافيًا في صياغة السياسات الأمنية الأوروبية، لا سيما في حال تراجع الدور الألماني أو الفرنسي نتيجة اعتبارات داخلية.

كما أن رفع سقف الإنفاق إلى 5% سيؤثر اقتصاديًا على الموازنات العامة للدول الأوروبية، ما قد يفتح جدلًا داخليًا حول الأولويات بين “الأمن والدفاع” و”الرعاية الاجتماعية”، خاصة في دول الجنوب الأوروبي.

أما من الجانب الأمريكي، فإن استخدام ترامب لورقة “الإنفاق الدفاعي” مجددًا يشير إلى رغبته في إعادة رسم علاقة أمريكا بحلف الناتو، وهي رغبة قد تتبلور في حال عودته للرئاسة عبر فرض شروط جديدة قد تضعف تماسك الحلف، خاصة مع استمرار الأصوات الأمريكية التي ترى في أوروبا عبئًا أمنيًا وليس شريكًا فعليًا.

إن مستقبل الالتزامات الدفاعية في الناتو لا يتوقف فقط على الأرقام والنسب، بل على السياق الجيوسياسي والتغيرات في القيادة السياسية داخل الدول الأعضاء، والتي ستحدد اتجاهات الإنفاق وأولويات الأمن الجماعي حتى عام 2035 وما بعده.

رابط مخصر.. https://www.europarabct.com/?p=108891

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...