المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
بون ـ جاسم محمد، باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات
تشهد المانيا الى جانب عواصم أوروبية، جدلا داخليا، لم يحسم بعد حول عودة عناصر تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الى المانيا وأوروبا، رغم ان المحاكم الدستورية والادارية تلزم الحكومة الالمانية بعودتهم. الحكومة الالمانية مازالت تعتبر عودة المقاتلين الاجانب حتى الاطفال والقاصرين بانهم جيل جديد من الارهابيين والمتطرفين في المانيا، وهذا ممكن ان يكون ملخصا الى الموقف الالماني بإستعادة “جهادييها” من مخيم الهول في سوريا.
بينما يتناسى العالم مخيم الهول لقابع في شمال شرقي سوريا، تتراكم الجثث، ويرتفع عداد القتلى، لاسيما في ما يعرف بـ “الملحق” الذي يضم أعتى مناصري داعش .فقد لقي شرطي حتفه بمسدس مزود بكاتم للصوت، وقُتل مسؤول محلي بالرصاص، وأصيب ابنه، وقُطع رأس رجل عراقي أيضا. حتى وصل عدد القتلى الشهر الماضي فقط إلى 20 رجلا وامرأة في هذا المخيم المترامي الأطراف الذي يأوي أكثر من 62 ألفاً من عائلات مسلحي داعش، وفق تقرير العربية الحدث بعنوان “الملحق” عرين داعش في 18 فبراير 2021 .
عدد “الجهاديين” الألمان في سوريا
كشفت التقارير من قوات سوريا الديمقراطية من داخل مخيم الهول بوجود 12 ألف عنصر من تنظيم داعش في سجونها. وتقدر الحكومة الالمانية، بان عدد عناصر داعش في مخيم الهول لوحده: 50 أمرأة و 60 طفلا و 30 رجلا. يذكر بان عدد “الجهاديين” الالمان الذين سافروا الى سوريا منذ عام 2011 يقدر ب 1050 شخص، قتل منهم 10% وعاد منهم 30% أي مايقدر ب 300 شخص تقريبا.
وللمرة الاولى تسلمت المانيا في أوغست 2019 من الادارة الذاتية الكردية أربعة اطفال “أيتام” قتل اباؤهم في سوريا، وكذلك وصلت أمرأة مع اطفالها الثلاثة يوم 05 ابريل 2019 مطار شتوتغارت الالماني حيث تم اعتقال الأم فورا، فيما تم تسليم الأطفال لأقاربها. وتشترط المانيا عودة “جهاديي” داعش الالمان وفق شروط مشددة جدا ابرزها تحديد هوية الأشخاص بشكل دقيق ومؤكد ويجب ألا يمثلوا مستقبلاً أي خطر على أمن ألمانيا، الشرط الاخير يمكن اعتباره فضفاض، ضمن مواقف المانيا السياسية في إستعادة المقاتلين الاجانب.
الوضع القانوني الى” الجهاديين” الألمان
تعمل الحكومة الالمانية من خلال مكتب المدعي العام، في محكمة، “كارلسروه” الالمانية المختصة في قضايا الإرهاب، بارسال فريق عمل، يتحقق من وجود عناصر تنظيم داعش واماكن تواجدهم، ضمن مهمة سرية، كون المانيا لايوجد لها سفارة او قنصلية في سوريا. وتقول قوانين واجراءات وزارة الداخلية الالمانية : “ان جميع المواطنين الألمان لهم الحق في العودة (إلى ألمانيا) من الناحية المبدئية بمن فيهم أولئك المشتبه في قتالهم ضمن تنظيم داعش”.
ماتعمل عليه المانيا في الوقت الحاضر؟ العمل على جمع الادلة والشواهد الى عناصر داعش الموجودين في سوريا والعراق، من اجل اخضاعهم الى المحاكم حال عودتهم، وبدون حصول المانيا على تلك “المعلومات القضائية” هي لا تتمكن من إستعادتهم حسب قول الحكومة الالمانية.
ماتريده المانيا، هو عدم ترك عناصر داعش طلقاء في المانيا، بعد عودتهم، وفق القانون الالماني، لايحق للحكومة الالمانية معاقبة او محاكمة من سافر الى سوريا وحتى بعد التحاقه بتنظيم داعش، الا اولئك الذين تورطوا في عمليات قتل وتعذيب وجرائم، وهذا يعني انا المانيا تبحث عن شواهد جنائية. المعلومات القضائية، تحتاجها ايضا الحكومة الالمانية، منها تاكيد الجنسية والتحقق من النسب، وفحوصات ال” دي ان أي “وغيرها من الفحوصات والتحقيقات .
وقالت كلوديا دانتشكي، مديرة الاستشارات في مركز “حياة دويتشلاند”، وهو مركز رعاية العائلات أنه “الآن لدينا حكم من محكمة ألمانية مفاده أن جمهورية ألمانيا الاتحادية ليست ملزمة باسترداد الأطفال فحسب بل أمهاتهم أيضا”. ورغم قرار إعادتهم تخشى السلطات الألمانية من أن يُشكل العائدون خطرا على أمن البلاد.
تقييم المخاطر
ـ عمليات منظمة لتهريب نساء داعش من داخل مخيم الهول
تجري من داخل مخيم الهول عمليات تهريب ممنهجة، تقوم بها تركيا وتنظيم داعش، عبر شبكة تهريب ودفع أموال تصل الى أكثر من خمسة الالاف دولار للشخص الواحد، من اجل اعادة تهريب النساء من جديد وبشكل غير رسمي الى المانيا وعواصم أوروبية. ماتقوم به تركيا من داخل اراضيها والاراضي التي تسيطر عليها في سوريا، هو مخالف الى قرارات مجلس الامن الخاص بنقل المقاتلين الاجانب وكذلك بحركة الاموال.
ـ إعادة تنظيم “الخلافة” من داخل مخيم الهول
إن مايحدث الان في مخيم الهول هو إعادة تنظيم “الخلافة” من جديد في مخيم الهول وتحت اعين التحالف الدولي والعالم. ماتقوم به النسوة من انشطة، هي ذات انشطتهن في “الحسبة” في جهاز شرطة تنظيم داعش ماقبل استعادة مدينة الموصل العراقية والرقة السورية من سيطرة داعش.
ومايدعم تلك الانشطة المتطرفة، استلامهن اموال ، وحوالات شهريا وبمعدل 500 دولار شهريا، يستخدم في عمليات التهريب وعمليات ارهابية. فمازالت نسوة داعش يرفعن شعارات التنظيم ويفرضن تعاليمه على باقي نساء المخيم.
ـ تصاعد المخاطر مع “خلق” جيل جديد من اطفال داعش داخل المخيم
من خلال منهاهج “مدارس داعش” ذاتها في مخيم الهول، من اجل إعداد جيل إرهابي للمستقبل من قبل نساء داعش. وهذا يعني ان مايجري الان في مخيم الهول، هو النزوح اكثر نحو التطرف. وفي تحقيقات اعدتها بعض القنوات التلفزيونية من داخل مخيم الهول خلال هذا العام، كان اطفال داعش يتوعدون بالانتقام والثار . مقاتلي داعش يشعرون بان التنظيم “خذلهم” والان يشعرون بالخذلان والاحباط بعدم وجود رعاية او استعادتهم من اوطانهم، وهذا يعني النزوح نحو التطرف العنيف لامحال.
المعالجات
أن “أطفال “الجهاديين” لا يتحملون مسؤولية أفعال أبائهم وأمهاتهم. والواجب يقضي بحمايتهم برسم سياسة اجتماعية تضمن لهم الرعاية والاندماج، فقد يكونوا عرضة لاضطرابات نفسية بسبب ما عاشوه في مناطق الحروب”. ماينبغي ان تقوم به دول اوروبا ودول العالم هو إسترجاع مقاتليها، غير ذلك خلال هذه المرحلة يتوجب على التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش تحمل المسؤولية القانونية والاخلاقية، بادارة شؤون عناصر داعش في مخيمات قسد السورية، لان إبقاء الحال، يعني خلق اجيال من الارهابيين والتطرف.
*نشر في رؤية الأخبارية
رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=70595
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
الحكومة الألمانية مخيم الهول بسوريا “مدرسة إرهاب خطيرة”
برلين تكشف عن عدد الإسلاميين “الخطرين'” و”ذوي الصلة”
تقرير الاستخبارات الداخلية – عدد المتطرفين يتزايد في ألمانيا
رغم هزيمة التنظيم.. نساء “داعش” في مخيم الهول لا يظهرن الندم
رغم هزيمة التنظيم.. نساء “داعش” في مخيم الهول لا يظهرن الندم
تنظيم “داعش” يعلن “تحرير” نساء محتجزات لدى أكراد سوريا
ألمانيا القضاء يلزم الحكومة باستعادة “داعشية” من أجل أطفالها
عقب حكم قضائي.. ألمانيا تستعيد لأول مرة “داعشية” مع أطفالها
هل يجب السماح بعودة “أطفال داعش الألمان”؟
ألمانيا لماذا لم تطل ذراع القانون العائدين من “داعش”؟
السجن خمس سنوات بحق ألمانية مدانة بالانتماء لـ”داعش”