المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
بون ـ إعداد وحدة الدراسات والتقارير “3”
“الجهاديون” في فرنسا ـ تنامي السلفية “الجهادية” ومخاطرها
أرتبطت ظاهرة تنامي السلفية “الجهادية” على الأراضي الفرنسية بالانعزال الذي تعيشه الجاليات المسلمة في فرنسا، إذ يتركز الكثير منها في أحياء هامشية ترتفع فيها معدلات البطالة ويكثر فيها الانقطاع عن الدراسة، ويشكّل فيها السكان مجموعات منعزلة عن الثقافة الفرنسية، كذلك أن بعض أنصار “الجهادية ” السلفية في فرنسا لديهم سوابق قضائية، ويحاولون القطع مع ماضيهم بالتطرف والإرهاب، فضلاً عن الجماعات السلفية داخل فرنسا التي ترفع شعار المظلومية.
واقع السلفية “الجهادية” في فرنسا
يقسم الباحثون سلفيي فرنسا إلى فئتين: الأولى؛ يطلق عليهم تسمية السلفية، وهم يرفضون العنف ولكنهم ضد القيم للمجتمع الفرنسي على كافة المستويات. وبينما يؤمن التيار السلفي “الجهادي” أنهم في حالة عداء مع المجتمع الفرنسي.
كشف الرصد الاستخباراتي “للجهاديين” الذين ارتكبوا الاعتداءات المختلفة في فرنسا أن أغلبهم بدأ في إطار السلفية الجهادية. أبدى جهاز الاستخبارات المركزي الداخلي قلقاً كبيراً من سرعة انتشار هذا التيار السلفي بشكل عام، ويحصي تقرير الاستخبارات الداخلية الفرنسية ما بين (30) ألف و(50) ألف سلفي في فرنسا، يتراوح عدد المتطرفين العنيفين في صفوفهم بين (10) آلاف إلى (12) ألف، وحقق التيار السلفي الجهادي أكبر انتشار لهم في باريس، مارسيليا، ليون وليل.
تشير الإحصائيات منذ عام 2018 إلى أن “ستراسبورغ” تشهد انتشاراً مقلقاً للسلفية الجهادية، فهناك (10%) من المسجلين في قوائم الخطر لدى الأجهزة الأمنية الفرنسية يقيمون في “ستراسبورغ” ويبلغ عددهم (2500) شخص، هم في الغالب أشخاص يتحركون بشكل انفرادي ويعيشون في ظروف تشجع على اعتناق الأفكار المتطرفة. ويصل عدد الأشخاص المدرجين في قوائم التطرف الإرهابي إلى حوالي (8132) حسب أرقام الداخلية الفرنسية.
يعتبر مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية الأسبق “آلان شويه” أن السلفية الجهادية هي الأرض الخصبة للتشدد، وأن هناك حالة إنكار من الحكومات الفرنسية المتعاقبة لهذه الظاهرة الإسلاموية المتشددة في 15 فبراير 2022 .
السلفية “الجهادية” وتمويل الإرهاب
توظف الجماعات السلفية الجهادية شبكات تستخدم العملات المشفرة لتمويل عناصر في “داعش والقاعدة” في مناطق الصراعات، كذلك تكوين شبكات للتحويلات المالية إلى تلك التنظيمات.
يدعم “الجهاديون” الفرنسيون المنظمات الإرهابية خارج فرنسا، فعلى سبيل المثال، تم الكشف أن الفرنسي السنغالي “ديابي المدان” كان يعمل في مطعم في نيس في جنوب شرق فرنسا قبل أن ينتقل إلى سوريا العام 2013 حيث قاد كتيبة “جهادية” تضم شباناً فرنسيين غالبيتهم من منطقة “نيس” وأنتج أشرطة فيديو دعائية تمجد التطرف والإرهاب.
ربط “إيمانويل ماكرون” الرئيس الفرنسي في 14 فبراير 2022 العمليات الإرهابية لـ” الجهاديون” بتنامي السلفية في أحياء الضواحي الفرنسية. وحذرت فرنسا من أن “النوع الجديد من التهديد” يتعلق بأفراد “تخلصوا من “داعش عملياً وأيديولوجياً” وأن “هذا النوع من التهديدات ينفذه لاعبون منعزلون لهم صلة ضعيفة أو غير موجودة بجماعات السلفية الجهادية، ولم تكن معروفة لأجهزة المخابرات من قبل.
السلفية “الجهادية” واستغلال الجمعيات والمساجد
تروج الجمعيات التي تعتنق الإيديولوجية السلفية الجهادية بشكل متواصل لما يسمى إلى “الجهاد العنيف”. كشفت الأجهزة الفرنسية في 5 أبريل 2022 أن هناك أعضاء في جمعية مسجد “ألون” “يدعون إلى الإرهاب ويحرضون على الإرهاب، كما أن الخطب التي أُلقيت في هذا المسجد شرّعت على الأخص استخدام “الجهاد” مع غرس الشعور بالكراهية تجاه فرنسا، وأن هناك أشخاص مرتبطين بالمسجد، أعربوا عن تعاطفهم بين سبتمبر 2020 وأبريل 2021 مع هجومين مختلفين لمتطرفين في فرنسا. مؤشر الإرهاب في فرنسا وبلجيكا عام 2022
السلفية “الجهادية” واستغلال حق اللجوء السياسي
يستغل أعضاء السلفية الجهادية في فرنسا اللجوء السياسي والحصول على الجنسية الفرنسية في دعم وتمويل الإرهاب. فعلى سبيل المثال استغل شيشاني حق اللجوء السياسي والحصول على الجنسية الفرنسية في السفر إلى مناطق الصراعات، ودعم “أحرار الشام ” في سوريا عام 2013 والقتال في صفوفها. كما تعج السجون الفرنسية بالعديد من المعروفين بالتطرف الإسلاموي وتتنامي عمليات التجنيد والاستقطاب داخل السجون الفرنسية، فهناك نزلاء معرفون بتبنيهم الفكرالسلفي الجهادي حكم عليهم بالسجن بعد قيامهم بدعاية لـ”داعش”
السلفية “الجهادية” على الإنترنت
تتضمن الدعاية “الجهادية “التي يقوم بها السلفية الجهادية في فرنسا دعوات للقيام بأعمال إرهابية. ولدى السلفية الجهادية في فرنسا مواقع إلكترونية تتحدث فيها عما يسمى بـ”الجهاد الإلكتروني”، تروج لمواقف وأفكار تنظيم القاعدة، وتنشر رسائل وبيانات وصور وأفلام كان أعضاء “داعش” يرسلونها من مواقع القتال. وكانت قد توعدت السلفية الجهادية عبر الإنترنت في 23 يونيو 2021 فرنسا بشن هجمات إرهابية.
يمثل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي شكل من أشكال دور النشر للإيديولوجية “السلفية الجهادية”. ويعد موقع “La Voie droite” مهم للغاية، وهو موجود منذ عام 2012 لنشر هذه الإييدولوجية عبر نشر مقاطع صوتية ومؤتمرات وخطباً تدعو إلى يدعو إلى الكراهية و”الجهاد”. يقول “أوليفييه روي” من معهد الجامعة الأوروبية في إيطاليا في 14 فبراير 2022 أن معظم الأفراد الذين يتصرفون مرتبطون في مجتمعات على الإنترنت، حيث يجدون العزم والتشجيع على العنف”. محاربة التطرف في فرنسا ـ قوانين وإجراءات
جهود فرنسية للتصدي للسلفية “الجهادية”
ناقشت فرنسا في الاتحاد الأوروبي قضية “الإيديولوجية الجهادية” في 14 فبراير 2022. وأكدت منذ أوائل عام 2020 أن فرنسا واجهت سلسلة من الهجمات يبدو أن تنفيذها يتوافق مع هذه الظاهرة. أعلنت الحكومة الفرنسية أنها بدأت اجراءات الاغلاق الإداري للمسجد الكبير في مدينة “بوفيه” في شمال البلاد والذي قد يصل إلى ستة أشهر، معتبرة خُطبه متطرّفة وغير مقبولة. وبحسب جيرالد دارمانان وزير الداخلية الفرنسي كانت الخُطب في هذا المسجد “تمجّد الجهاد” وتدافع عن “ممارسة الأحكام المتشددة للإسلام”، وتنادي “بإعلائه فوق قوانين الجمهورية”.
قامت السلطات الفرنسية بشكل متزايد بإغلاق المنظمات أو الجمعيات في العامين 2020 و 2021 التي تحض على الإرهاب والعنف، كان هناك (12) إغلاقًا من هذا القبيل ، بزيادة طفيفة عن (7) إغلاقات بين عامي 2016 و 2019.
أصدرت الأجهزة الأمنية الفرنسية قرارتً تقضي بترحيل القيادات في التيار “السلفي الجهادي” والتي تهديد الاستقرار على الأراضي الفرنسية، والارتباط بأنشطة ذات طابع إرهابي، والدعوة إلى معاداة أشخاص أو مجموعات على أساس ديني. فككت أجهزة مكافحة الارهاب شبكات تتبنى الفكر السلفي الجهادي منذعام 2017 وتألفت تلك الشبكات من شباب من تورسي (منطقة باريس) وكان (جنوب شرق)، وشكلت نواة تحول التطرف الى عمليات إرهابية. “الجهاديون” في ألمانيا ـ تنامي السلفية “الجهادية” ومخاطرها
خلايا “جهادية” نسائية
كشفت العمليات الإرهابية في فرنسا عن دور النساء المستعدات لارتكاب هجمات إرهابية لتعذرهن عن التوجه إلى مناطق الصراعات. ولدى الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية قائمة بأسماء خلية جهادية نسائية كن< معروفات لدى أجهزة الاستخبارات لمحاولتهن التوجه إلى سوريا، ويشتبه في أنهن حاولن شن هجمات إرهابية ومحاولة تفجير سيارة أمام كاتدرائية نوتردام في باريس خلال العام 2016.
التقييم
– ظهرت تنظيمات وحركات سلفية “جهادية” في مناطق مختلفة في فرنسا، بعضها أعلنت الولاء المطلق لتنظيمات إرهابية، وأخرى انبثقت عنها لكنها لاحقاً أسست تنظيمات مستقلة لها أجندات خاصة.
– هيمنت الجماعات المتطرفة على رأسها السلفية “الجهادية” على أحياء في فرنسا عبر المكتبات وقاعات الرياضة والدروس وتقوم بالترويج لأفكارها في ألاف المساجد. تكمن مخاطر السلفية الجهادية في فرنسا في أن من لم يتمكنوا من السفر إلى مناطق الصراعات والقتال يحاولون التعويض عن ذلك بالقيام باعتداءات إرهابية على الأراضي الفرنسية.
– تنتشر الخلايا الجهادية السلفية داخل السجون الفرنسية، وعادة ما تنحصرالأحكام القضائية التي تصدر في فرنسا في قضايا الإرهاب على بضع سنوات فقط، ونادراً ماترتبط ببرامج إعادة تأهيل أنصار هذه الإيديولوجية في السجون أو إعادة الإندماج المجتمعي بعد الإفراج.
-ترتبط الخطب الدعائية والمنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي في فرنسا بالتيار”السلفي الجهادي” وتندرج ضمن التطرف الإسلاموي لذا تنامت الدعوات لحظر الجماعات “السلفية الجهادية” على الأراضي الفرنسية عن طريق إصدار قانون مناسب حول هذا الشأن.
-يبدو أن السلطات الفرنسية خلال عام 2023 عازمة على التصدي بقوة لـ “الأيديولوجية السلفية الجهادية ” من خلال إغلاق بعض المساجد، أو مراقبة المنتسبين لهذه الإيديولوجية و ترحيل الدعاة والمشايخ المنتمين للتيار “السلفي الجهادي”.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=86624
جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب و الاستخبارات
الهوامش
Blasphemy and jihad: Macron launches EU debate
https://bit.ly/3SdA9UQ
محاكمة فاروق بن عباس… رائد _الجهاد_ الإلكتروني
https://bit.ly/3YX6eCw
مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية الأسبق آلان شويه: هذه أسباب إنكار الحكومات الفرنسية للسلفية العنيفة
https://bit.ly/3YJSlrV
الإرهاب في فرنسا.. لماذا تحوّل “بلد الأنوار” إلى هدف للمتشدّدين؟
https://bit.ly/3YXT0Wk
فرنسا تغلق موقعا إلكترونيا يدعو إلى _الكراهية والجهاد
https://bit.ly/3XJUgLRFrance
Towards an autonomization of Jihadism? The ideological, sociological and political permeability between contemporary quietist Salafism and Jihadism in France