الجماعات المتطرفة، تصاعد الطموحات في ظل فيروس كورونا ؟ بقلم علا بياض
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد : الاعلامية والكاتبة علا بياض ـ رئيسة تحرير مجلة عرب أستراليا ـ سيدني
إن قضية إستغلال التنظيمات المتطرفة، الأزمات، وفراغ السلطة، بات معروفا الى المعنيين في قضايا التطرف والإرهاب، والتكهنات تقول بان “فيروس كورونا المستجد” ممكن ان يعطي فرصة جديدة الى هذه الجماعات للتحرك، ميدانيا او على شبكة الانترنيت و وسائل التواصل الاجتماعي. لايوجد شك، بان هذه التنظيمات تسعى الى استغلال “ظروف” فيروس كورونا” الحتمية، لتسجل ظهورا جديدا.
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش خلال عقد اجتماع مجلس الامن يوم 10 ابريل 2020 عن قناعته بوجود خطر متصاعد في المستقبل يتمثل في شنِّ الإرهابيين هجمات بيولوجية سامة تهدف إلى انتشار أوبئة قاتلة مثل وباء كورونا. وقال غوتيريش “إن صور الضعف والقصور في الاستعدادات في مواجهة الوباء الآن تعطي رؤية عن ما يمكن أن يكون عليه هجوم وبائي محتمل على يد الإرهابيين – ويمكن أيضا أن ترفع من مقدار الخطورة التي تنشأ عن هذه الهجمات”.
مساعي تنفيذ ضربات بايلوجية من داخل أوروبا
أصدرت احدى المحاكم الألمانية يوم 26 مارس 2020 حكما بالسجن عشرة أعوام على متطرف اسلاموي لثبوت تهمة قيامه بتصنيع قنبلة تحتوي على مادة “الريسن” اليولوجية شديدة السم .وسبق ان اختبر المتهم الريسين الذي صنعه، على فأر تجارب وأجرى اختبار تفجير في مكان خال. وقال متحدث باسم الادعاء الاتحادي: “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اتهام شخص في ألمانيا بالتحضير لهجوم باستخدام مواد الحرب البيولوجية“.
في ظل انشغال دول العالم بمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، يبدو أن الجماعات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم “داعش” قد جددت طموحاتها للعودة للمشهد واستقطاب عناصر جدد، حيث دعا تنظيم “داعش” عناصره إلى استغلال تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) لتنفيذ عمليات إرهابية في العالم.
وكانت مجموعة الأزمات الدولية حذرت، في وقت سابق، من التهديدات التي يشكلها فيروس كورونا على التضامن العالمي في الحرب ضد الإرهاب، حيث أكدت في تقرير لها أن فيروس كورونا سيعيق جهود الأمن الداخلي والتعاون الدولي لمكافحة داعش مما يسمح لهم بالتخطيط لهجمات إرهابية ضخمة بشكل أفضل.
رغم فيروس كورونا، جهود مكافحة الإرهاب مازالت فاعلة
الجماعات المتطرفة استغلت فيروس كورونا وانشغال الحكومات بمكافحته في نشر إصداراتها والأخبار الكاذبة وحث عناصرها على تنفيذ عمليات على غرار الذئاب المنفردة، مضيفا أن الجماعات الإرهابية قد تنجح في تنظيم صفوفها ولكن على نطاق ضيق، وذلك لأن خطط هذه التنظيمات أصبحت محدودة وقد تكشفت لدى أجهزة الاستخبارات خاصة في أستراليا والغرب، التي اعتمدت على الجيوش أكثر من الاستخبارات لمواجهة وباء كورونا ،الأمر الذي يشير إلى أن الاستخبارات تبقي الجماعات المتطرفة تحتل صدارة أولوياتها.
التنظيمات المتطرفة حاولت أن تنشط في بعض المجتمعات بعد التطورات الأخيرة إلا أن اختراقاتها ليست كبيرة بسبب حالة الاستعداد الأمني وخلو معظم شوارع المدن من المارة بسبب حظر التجوال، مضيفا أن هناك حالة تراجع واضح في نشاط التنظيمات المتطرفة حتي قبل انتشار فيروس كورونا سواء فيما يتعلق بالتجنيد أو بإعادة الانتشار في بعض المناطق.
وفي تطور اخر، حذرت مجلة “فورين بوليسي” فى 28 مارس 2020 من أن العزل الصحي الذاتي قد يكبح جماح فيروس كورونا، إلا أنه سيذكي شدة التطرف في العالم. وذكرت المجلة أن الجماعات الاسلاموية المتطرفة وجماعات اليمين المتطرف يستغلون حالة الارتباك والخوف المستشرية على نطاق واسع لنشر الكراهية. وسارع “المتطرفون والإرهابيون” لاقتناص الفرصة ليتواصلوا مع جمهور آخر غير الذي درجوا على الوصول إليهم.
الحديث لا يتعلق فقط عن تنظيم داعش ولكن عن تنظيم القاعدة، والمجموعات المتطرفة الموزعة على جغرافية واسعة عبر العالم، لكن تبقى الحدود العراقية السورية وغرب افريقيا وافغانستان في الوقت الحاضر، موضع اهتمام المعنيين في مكافحة الارهاب، مع تعليق القوات الامريكية، قوات التحالف الدولي، عملياتها في زمن فيروس كورونا، ومغادرة بعض قواعدها.
الجماعات المتطرفة، معروفة باستغلالها الفراغ السياسي، وهي دائما تظهر في المناطق، التي تغيب فيها “السلطة” بمعناها الايجابي، وهذا يعني تعليق عمليات قوات التحالف والقوات الامريكية، يعطي لهذه التنظيمات فرصة للظهور مجددا. التنظيمات ممكن تستغل الفراغ السياسي في الوقت الحاضر، انتقال قيادات وعناصر التنظيم، ربما اكثر من تنفيذ عمليات إرهابية.
وباء فيروس كورونا، يفتح أعين، الجماعات المتطرفة
إن تفشي وباء فيروس كورونا، ممكن ان يفتح اعين، الجماعات المتطرفة، من العمل على توجيه ضربات بيلوجية، او جرثومية، في دول المنطقة وافريقيا وافغانستان، مستغلا الفراغ السياسي والفوضى لذا بات متوقعا، ان لايكون تغييرا في “المشهد الجهادي” استراليا ودول الغرب ، لكن بدون شكك، تسعى هذه الجماعات الى توظيف “فيروس كورونا” بالترويج الى نفسها عبر الانترنيت و وسائل التواصل الاجتماعي. وان نجحت بتنفيذ عمليات، فتكون محدودة جدا، مثل الطعن بالسكين. وان قدرة هذه الجماعات المتطرفة بتنفيذ ضربات بايلوجية مازالت قائمة، لكنها محدودة ،بسبب الجهود التي بذلتها استراليا والغرب خلال السنوات القليلة الماضية.
* رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=68887
نشر في التلغراف عربية
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا