المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “2”
التضليل الإعلامي خلال الحروب والنزاعات ـ الأزمة لأوكرانية
يتم تدوال الأخبار المضللة والمعلومات الكاذبة المتعلقة بالأزمة الأوكرانية على أنها حقيقية وواقعية. وتعد الأخبار المفبركة والتضليل الإعلامي سلاحاً فعالاً في عصر المعلومات بالإضافة إلى أنها جزءاً من أساليب “Psychological warfare” الحروب النفسية والدعائية للتأثير في الرأي العام، حيث أثبتت تلك لاستراتيجية فعاليتها بشكل كبير في حسم الحروب العسكرية.
مشاهد من التضليل الإعلامي للأزمة الأوكرانية
شوهت القصص الإخبارية الروسية ما يحدث على أرض الواقع في أوكرانيا وفقاً لـ”العرب اللندنية” في 28 فبراير 2022. فعلى سبيل المثال، كرر مقال نُشر في (RIA News) مزاعم وزارة الدفاع الروسية بأن أي تصريحات عن فقدان طائرات وطائرات هليكوبتر وعربات مصفحة روسية هي “أكاذيب كاملة”، بما يتناقض مع التقارير الدولية. وزعم المقال أيضاً أن العسكريين الأوكرانيين يغادرون مواقعهم “بشكل جماعي”، وأن “حرس الحدود الأوكرانيين لا يبدون أي مقاومة”. وسلط المسؤولون الأوكرانيون الضوء على قصص رفض الحراس التنحي. وهناك تصريحات أمريكية أن التعليقات المهينة بشأن القوات المسلحة الأوكرانية هي جزء من استراتيجية روسية “لحث الجنود الأوكرانيين على الاستسلام من خلال التضليل الإعلامي”.
ومن ضمن الأخبار الكاذبة حسبما ذكرت”DW” في 4 مارس 2022 خبر “شبح كييف”، وهي قصة اعتُبر أنها تمنح الشعب الأوكراني الشجاعة والأمل وتتحدث القصة عن مقاتل طيار أوكراني استثنائي للغاية يُقال إنه أسقط بمفرده (6) طائرات روسية منذ بدء الغزو، وانتشرت صور وفيديوهات عن الأمر، حتى أن بعض التغريدات عن القصة تمت مشاركتها عدة آلاف من المرات لكن تم التحقق من أن أحد الفيديوهات التي تتحدث عن القصة تم التلاعب فيه ببراعة وكان مصدره الرئيسي جانب من لعبة فيديو تسمى ” Digital Combat Simulator World”.
أوضحت “جوزي إينسور” الصحيفة في جريدة “التلغراف” في 4 مارس 2022 أن “هذه الأنواع من العمليات النفسية، هي أدوات قوية في زمن الحرب في القرن الحادي والعشرين”.وخلصت إلى القول أنها “كانت استراتيجية نجحت، إلى حد ما، في الحرب البعيدة في سوريا – صراع تجاهله المجتمع الدولي إلى حد كبير”. الحرب الروسية الأوكرانية، قراءة عسكرية في الأبعاد التعبوية والعملياتية والاستراتيجية. بقلم اللواء الركن عماد علـو
إجراءات وتدابير تجاه فبركة الأخبار والتضليل الإعلامي
منعت المفوضية الأوروبية في 27 فبراير 2022، بث قناتي “RT” و” Sputnik” في الاتحاد الأوروبي، لإيقافهما عن بث “أكاذيبهما” عن الحرب التي تخوضها موسكو في أوكرانيا. و سعت المفوضية الأوروبية للحصول على موافقة دول الاتحاد الأوروبي على معاقبة القناتين عبر تقييد وصولهما إلى سوق وسائل الإعلام الأوروبية بغضّ النظرعن قناة التوزيع الخاصة بهما. وهناك العديد من الدول الأوروبية اتخذت من قبل تدابير لمكافحة التضليل الإعلامي. فعلى سبيل المثال أعلنت مجموعة من الباحثين والصحافيين والمتخصصين الفرنسيين في مجال تطوير قدرات الأفراد على استعمال وسائل الإعلام والتواصل في 11 يناير 2022 إطلاق منصة “دي فاكتو” لمكافحة التضليل الإعلامي وهي المساهمة الفرنسية في مشروع أطلق على النطاق الأوروبي حسبما ذكرت” مونت كارلو”.
ويأتي رد واشنطن على عمليات التضليل الإعلامي التي نفذتها روسيا من خلال الكشف عن العدد المتزايد من المعلومات السرية حول تحركات وخطط روسيا على حدود أوكرانيا. حيث عرض وزير الخارجية الأميركي ” أنتوني بلينكن ” وفقا لـ”swissinfo” في 18 فبراير 2022 على مجلس الأمن الدولي السيناريو الكارثي لهجوم وشيك على أوكرانيا توقعته الاستخبارات الأميركية، يتضمن أولاً “تلفيق ذريعة” تسمح لموسكو أن “تعلن أن عليها أن تردّ للدفاع عن المواطنين الروس أو السكّان الناطقين بالروسية في أوكرانيا”، ثمّ هجوماً بواسطة “صواريخ وقنابل”. وتم الوصف بشكل دقيق الجهاز العسكري الذي تنشره روسيا على الحدود الأوكرانية، فعددوا أكثر من (150) ألف عسكري وآلاف من عناصر القوات الخاصة وطائرات مقاتلة وكلها تفاصيل نادرا ما تكشف بشكل علني للرأي العام.
وقع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وفقاً لـ”روسيا اليوم” في 6 مارس 2022على قانون “التضليل الإعلامي” الذي ينص على فرض عقوبات جنائية وغرامات مالية على نشر المعلومات المزيفة الرامية لتشويه سمعة الجيش الروسي، والداعية لفرض العقوبات على روسيا. وعلى خلفية القرار علق تطبيق “TikTok ” خاصية البث المباشر ونشر محتوى جديد للمستخدمين في روسيا عملاً بأحكام القانون الروسي لمكافحة التضليل الإعلامي. ملف أزمة أوكرانيا و تداعياتها على الأمن الدولي
دور شركات الإنترنت في الأزمة الأوكرانية
كشفت دراسة عن جامعة “كارديف” البريطانية نشرتها “يورونيوز” في 6 سبتمبر 2021، أنه تم استهداف (32) وسيلة إعلام غربية بارزة، عبر تعليقات القراء على الإنترنت، في عملية تلاعب قام بها أشخاص يعتقد أنهم “موالون لروسيا” ينشرون “معلومات مضللة”. ويعد الهدف من “عملية التأثير الرئيسية” هو ” التأثير في الرأي العام المؤيد للغرب إلى روسيا”. ومن ضمن وسائل الإعلام المستهدفة ديلي ميل – Daily Mail – The Times في بريطانيا. Der Spiegel و Die Welt الألمانية، Le Figaro الفرنسية ، La Stampa الإيطالية. و تم تحديد ما لا يقل عن (242) مقالاً تم نشرها بين فبراير ومنتصف أبريل 2022 تتعلق بالمصالح الجيوسياسية لروسيا، ورافقها تعليقات “استفزازية موالية لروسيا أو معادية للغرب”.
حجبت شركة “يوتيوب” بعض وسائل الإعلام المدعومة من روسيا، ووضع ثيود صارمة لبث القنوات الروسية على تطبيقها ليس فقط في أوروبا بسبب العقوبات الأوروبية. وسبق حظر قناتي “RT” و”Sputnik” الروسيتين في جميع أنحاء أوروبا. وشملت تدابير”يوتيوب” إزالة أي محتوى يقلل من مخاطرالعملية العسكرية على أوكرانيا.” وتعد تحركات ” YouTube ” أحدث دليل على مشاركة عمالقة التكنولوجيا في العالم بشكل مباشر في مواجهة التحرك العسكري الروسي في أوكرانيا، مقارنة بالصراعات العسكرية السابقة في العالم. وقد أزال “يوتيوب” منذ تفاقم الأزمة الأوكرانية حسبما ذكر”العربي اللندنية” في 11مارس 2022 أكثر من (1000) قناة وأكثر من (15000) مقطع فيديو لانتهاكهم عددًا من السياسات المفروضة، والسياسات المتعلقة بالتضليل والمحتوى غير الملائم وغيرها. وقيد موقع “يوتيوب” ومتجر “غوغل بلاي” التابعان لشركة “ألفابت” جميع خدمات الدفع في روسيا، بما في ذلك الاشتراكات، بعد أن بدأت العقوبات الغربية تفرض تحديات مصرفية في البلاد.
انتهاكات حقوق الإنسان في أوكرانيا
اعتمد مجلس حقوق الإنسان في 4 مارس 2022 قراراً يتم بموجبه إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان في سياق الأزمة الأوكرانية. فقد ذكرت الإحصائيات بحسب ” الشرق الأسط” في 1 مارس 2022 أن هناك وفاة (102) مدني بينهم (7) أطفال، وإصابة (304) بجروح منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وسط تحذيرات من أن الأرقام الفعلية هي أعلى. وأنه تم قصف المدنيين قضوا بأسلحة متفجرة ذات شعاع نشاط واسع، خصوصاً قذائف المدفعية وراجمات الصواريخ والضربات الجوية.وأكدت الحكومة الأوكرانية أن وزارة الصحة في كييف أحصت سقوط أكثر من (350) قتيلاً بينهم (16) طفلاً، ونحو (1700) جريح. الأسلحة البيولوجية في النزاعات والحروب ـ أزمة أوكرانيا
التقييم
قبل أن تشن روسيا هجومها على أوكرانيا، انتشرت على الإنترنت أخبار كاذبة وشائعات مضللة. ولكن مع تقدم القوات الروسية أكثر في أوكرانيا، ارتفع مقدار المعلومات المضللة عبر الإنترنت بشكل كبير. واتهمت كل من موسكو وكييف بعضهما البعض بنشر معلومات مضللة وسط حرب الدعاية الإعلامية. ووقع مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي ضحية إشاعات كاذبة ومزاعم لا أساس لها من الصحة.
مقاطع الفيديو والأخبار المفبركة المتعلقة بالحرب في أوكرانيا يتم إخراجها من سياقها ليس فقط من النزاعات السابقة أو التدريبات العسكرية، ولكن من الأحداث التاريخية والعالمية الأخرى. ما دفع البرلمان الأوروبي إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات للحد من و المزاعم الكاذبة عن عمد بشأن الأزمة الأوكرانية. مع انتشار الأخبار المفبركة والمعلومات الكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي، بات من الضروري التأكد من صحتها. ولأن هذا الأمر ليس بالهين ينبغي على وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي أن تتعامل بحذر قبل نشرها وتداولها.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=80673
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
1- مرتزقة واختراق وتضليل.. ما سر حرب روسيا الهجينة ضد أوكرانيا؟
https://bit.ly/3Jc9SB8
2- واشنطن تحاول منع اجتياح روسي لأوكرانيا بكشف أسرار استخباراتية
https://bit.ly/36iAdyW
3- TikTok يعلق البث المباشر في روسيا عملا بالقانون الروسي لمكافحة التضليل الإعلامي
https://bit.ly/3teGSDh
4- روسيا تضع ضوابط للغة الإعلام: ليست غزوا ولا هجوما ولا إعلان حرب
https://bit.ly/3JiMTV0
5- مجلس حقوق الإنسان يدين “عدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا” ويقرر إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة
https://bit.ly/3iidAND
6- غوتيريش يحذر من تصاعد الانتهاكات في أوكرانيا
https://bit.ly/3KPlZ7K
7- دراسة: مؤيدون لروسيا يتسللون إلى التعليقات عبر وسائل الإعلام الأوروبية من أجل “التضليل”
https://bit.ly/36mR4R0
8- يوتيوب يشدّد سياسته تجاه الحرب.. حجب وسائل الإعلام الروسية عالميًا
https://bit.ly/34RiFK0
9- غزو أوكرانيا.. حين تكون الأخبار الكاذبة وقوداً يزيد لهيب الحرب!
https://bit.ly/36kjyuP
10- فرنسا: إطلاق منصة “دي فاكتو” المستقلة لمكافحة التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة
https://bit.ly/3w7Edx7
11- روسيا وأوكرانيا: سيناريوهات التضليل الروسي في سوريا تتكرر في أوكرانيا- التلغراف
https://bbc.in/3JjdRMq