الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

التجسس ـ كيف تستقطب روسيا عملاءها في ألمانيا؟

russian Foreign Intelligence
أكتوبر 30, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

التجسس ـ كيف تستقطب روسيا عملاءها في ألمانيا؟

تقوم الأجهزة الروسية في ألمانيا من خلال تطبيق “تيليغرام” وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، بتجنيد ما يُعرف بـ”العملاء القابلين للتخلص منهم” لتنفيذ أعمال تخريبية صغيرة، أو مراقبة، أو استفزازات. إذ يمكن أن يؤدي مجرد نقرة إعجاب أو مشاركة إلى وضع المستخدم تحت مجهر أجهزة الاستخبارات الروسية. يقول رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND) مارتن ييغر، خلال الجلسة العلنية السنوية لرؤساء أجهزة الاستخبارات في البرلمان: “إنّ أوروبا تعيش حالة سلام بارد يمكن أن تتحوّل في أي لحظة إلى مواجهة ساخنة في نقاط محددة”، محذّراً من أنّه “علينا الاستعداد لمزيد من التصعيد في الأوضاع”. اتفق معه النائب عن حزب الخضر، كونستانتين فون نوتس قائلاً: “التهديدات الناجمة عن التجسس وأعمال التخريب من قبل الأنظمة السلطوية أصبحت منذ زمن مشكلة أمنية خطيرة للغاية”. ودعا نوتس إلى “أخذ تقييمات أجهزة الاستخبارات على محمل الجد، وتنظيم رد فعل قانوني ضد تصاعد تلك التهديدات”.

كثّفت موسكو منذ حرب أوكرانيا في فبراير 2022 هجماتها الهجينة ضد الغرب، سواء عبر قطع كابلات بحر البلطيق أو تحليق الطائرات المسيّرة أو الطرود المتفجرة، إلى جانب أنشطة التجسس والتخريب. ويُعزى جزء من هذه الهجمات إلى ما يُعرف بـ”العملاء القابلين للتخلّص منهم” أو ما يُطلق عليهم “العملاء منخفضو المستوىLow-level Agents”. هؤلاء الأشخاص غالباً ما يتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقابل مبالغ مالية زهيدة لتنفيذ أعمال تخريب صغيرة، مثل تصوير منشآت عسكرية أو بنى تحتية حساسة، أو تنفيذ حرائق متعمّدة، أو رسم كتابات وجرافيتي استفزازية على الجدران.

أصدرت أجهزة الاستخبارات الداخلية (BfV) والاستخبارات الخارجية (BND) والشرطة الجنائية الفيدرالية (BKA) وجهاز مكافحة التجسس العسكري (MAD) تحذيرًا مشتركًا حثت فيه الناس على عدم السماح لأنفسهم بأن يتم تجنيدهم كـ”عملاء منخفضي المستوى” من قبل جهات أجنبية. أوضح الدكتور كريستوفر نهرينغ، خبير المعلومات المضللة ومدير معهد الاستخبارات السيبرانية: “أن العملاء منخفضي المستوى يُكلفون عادةً بمهام ملموسة”، مضيفًا: “أنهم لا يُعتبرون جواسيس بالمعنى التقليدي، لأن التجسس يتطلب جمعًا سريًا للمعلومات، عادةً لا يُكلفون بجمع معلومات استخباراتية”.

هل يكفي الدافع الأيديولوجي ليصبح الشخص عميلًا؟

يقول الدكتور هانز ياكوب شيندلر، خبير الإرهاب ورئيس مشروع مكافحة التطرف: “إن هؤلاء العملاء يُستأجرون لغرض واحد فقط، ما يعني أنهم لا يدركون طبيعة الهيكل الاستخباراتي الروسي في ألمانيا أو أوروبا. وهم لا ينشطون في ألمانيا فحسب، بل في جميع أنحاء القارة”. أضاف ياكوب: هؤلاء العملاء غالبًا ما يكونون رجالًا ذوي تعليم محدود يُتواصل معهم لاحقًا ويتم تجنيدهم”. متابعًا: “الأمر كله يتعلق بالعثور على شخص لديه دافع أيديولوجي أو مصلحة مالية ويفضَّل أن يجمع بين الاثنين، وأن الدوافع الأيديولوجية البحتة نادرة، لأن المال عادةً ما يكون عاملًا أساسيًا، فالظروف الاقتصادية الصعبة إلى جانب التوجه الأيديولوجي تشكّل المزيج المثالي”. الميزة الرئيسية للجهات الأجنبية، بما فيها روسيا، هي السرية، إذ يُختار معظم هؤلاء عبر قنوات “تليغرام” المؤيدة لروسيا، بعد أن يعبروا عن مواقف مؤيدة لموسكو.

نشر الروايات الموالية لروسيا على “تيليغرام”

من بين مختلف وسائل التواصل، تُستخدم تطبيقات مثل تيليغرام بشكل مكثّف لتجنيد “العملاء القابلين للتخلّص منهم”. إذ يُتيح التطبيق الانضمام إلى قنوات عامة أو إرسال رسائل خاصة، ولا يتطلّب سوى رقم هاتف للتسجيل، بينما يُعرض للآخرين فقط اسم المستخدم. يضم “تيليغرام” عدداً لا يُحصى من القنوات المؤيدة لروسيا، بعضها يحظى بعشرات أو مئات الآلاف من المتابعين. من أبرز هذه القنوات قناة المدونة الألمانية “ألينا ليب” التي تخضع لعقوبات من الاتحاد الأوروبي. قناتها “أخبار من روسيا” تضم أكثر من 175 ألف مشترك تنشر لهم بانتظام محتوى ينقل الرواية الروسية الرسمية. تقوم ليب بترجمة المحتوى من الدردشات الروسية إلى الألمانية، لينتشر لاحقاً في مجموعات ألمانية أخرى، مما جعلها منذ بداية حرب أوكرانيا من أبرز الأصوات المؤيدة لروسيا في الفضاء الألماني على “تيليغرام”.

أظهرت تحقيقات موقع Correctiv أن قناتها تشكّل شبكة من المجموعات الروسية والألمانية التي تتبادل المحتوى فيما بينها، لتشكّل ما يشبه “غرف الصدى” التي تتكرّر فيها الدعاية الروسية دون وجود آراء مضادة تُذكر. وفي تلك القنوات، تُنشر مقاطع فيديو وأخبار ومعلومات غالباً حول حرب أوكرانيا أو قضايا مثل الهجرة إلى أوروبا ووضع اللاجئين الأوكرانيين ويمكن للمستخدمين التعليق أو الإعجاب بالمشاركات، ما يجعل التفاعل فيها نشطاً للغاية.

من نقرة إعجاب إلى تجنيد

وفقاً لخبير الأمن السيبراني الأوكراني كوستيانتين كورسون يمكن لمجرد التفاعل داخل قنوات “تيليغرام” أن يضع المستخدم تحت رصد الاستخبارات الروسية. إذ يمكن للأجهزة الروسية متابعة المحادثات العامة وتحديد المستخدمين والإداريين من خلال معرفاتهم (IDs)، ومتابعة القنوات التي يشتركون فيها. يوضح كورسون: “بهذه الطريقة تُنشأ تلقائياً ملفات شخصية مفصّلة لملايين الأشخاص. وتتيح برامج متخصصة للأجهزة الروسية مراقبة آلاف القنوات في الوقت نفسه وتحديد درجة ولاء المستخدمين لروسيا أو مواقفهم السياسية”. ويضيف: “بناءً على هذه المعلومات، يمكن تقدير عدد الأشخاص الذين قد يكونون مثيرين لاهتمام الاستخبارات الروسية”، موضحاً: “أن الخطوة التالية هي التواصل الأولي، فعندما تنشر قناة ما محتوىً إيجابياً تجاه روسيا، يستطيع العملاء تحديد المتابعين الأكثر تفاعلاً، ومن ثمّ الاتصال بهم بشكل علني أو خاص، وربما تجنيدهم لاحقاً”.

يشرح كورسون أن المرحلة الأولى تتمثل في تقييم نفسي للشخص المستهدف: هل يمكنه جمع معلومات أو التقاط صور أو تقديم دعم ميداني؟ وإذا اعتُبر مناسباً، تنتقل المحادثة من تيليغرام إلى تطبيقات مشفّرة مثل Signal أو Wire ويضيف أن هذه الطريقة باتت معروفة حتى لدى الاستخبارات الألمانية، التي تتابع أنشطة التجنيد عبر الإنترنت. من جهتها، تؤكد إدارة “تيليغرام” أنه لا يمكن لأي جهة غير مالك القناة معرفة هوية المشتركين فيها أو الاطلاع على القنوات التي يتابعها المستخدم. ويستطيع جهاز الاستخبارات الألماني وهيئة حماية الدستور (Verfassungsschutz) مراقبة القنوات العامة وتحليل محتواها دون خرق القوانين، لكن بمجرد انتقال التواصل إلى الدردشات الخاصة أو المشفّرة، تتعقّد المهمة بسبب العوائق التقنية والقانونية خصوصاً في حالة “تيليغرام”.

موقف “تيليغرام” من التعاون الأمني

أكد التطبيق في بيان أن “الدعوات إلى العنف أو إتلاف الممتلكات محظورة بشكل صريح على تيليغرام، ويتم حذفها فور اكتشافها”. وأضاف أن فريقاً من المشرفين المدعومين بأدوات ذكاء اصطناعي يراقب القنوات العامة بشكل استباقي ويحذف ملايين المنشورات الضارة باستمرار. لكن الشكوك لم تتوقف بشأن احتمال تعاون “تيليغرام” مع الاستخبارات الروسية، فالتطبيق الذي أسسه الأخوان بافل ونيكولاي دوروف عام 2013 أصبح واحداً من أكثر تطبيقات المراسلة استخداماً عالمياً، بعد تجاوزه مليار مستخدم في مارس 2025 وتدور منذ سنوات تكهّنات بأن دوروف قد يسلّم بيانات إلى السلطات الروسية، لكن لم تثبت هذه المزاعم بأي أدلة قاطعة. في منشور على “تيليغرام”، أكد بافل دوروف: “أن التطبيق “لم يفصح في تاريخه الممتد 12 عاماً عن أي بايت واحد من الرسائل الخاصة”. وأضاف: “أن “تيليغرام، وفق قانون الخدمات الرقمية الأوروبي، لا يكشف سوى عن عناوين IP وأرقام هواتف المشتبه بهم عند وجود أمر قضائي رسمي لكنه لا يشارك محتوى الرسائل نفسها”.

من يدير البنية التقنية لتيليغرام؟

كشفت تحقيقات مشروع Organized Crime and Corruption Reporting Project (OCCRP) أن البنية التقنية لـ”تيليغرام” تُدار فعلياً من قبل مهندس شبكات غامض يُدعى “فلاديمير فيدينيف”، وتدير شركته الأجهزة والخوادم والبنية التحتية للتطبيق ولديها تفويض للتعامل باسم “تيليغرام” مع مزودي الخدمات. ولا توجد أدلة تثبت تعاون شركته مع الحكومة الروسية، لكن شركتين أخريين على صلة وثيقة به نفذتا عقوداً حكومية حساسة منها مشاريع مع جهاز الاستخبارات الروسي (FSB)، ومركز أبحاث مختصّ بـ”كشف هوية مستخدمي الإنترنت”، ومختبر تابع للهيئة الروسية للطاقة النووية. ورد “تيليغرام” موضحاً أن “شركة فيدينيف”،Global Network Management Inc (GNM)، هي واحدة من عشرات الشركات التي تقدم خدمات تقنية محدودة مثل استضافة الأجهزة أو تركيبها، تحت إشراف مباشر من تيليغرام، دون أي وصول إلى البيانات أو مفاتيح التشفير أو الأنظمة الداخلية”. وأضاف البيان أن “إدارة الشبكات ومسارات الإنترنت لتطبيق تيليغرام تُدار حصرياً من قبل فريق الهندسة التابع للشركة”.

على الرغم من القيود المفروضة على عمل أجهزة الاستخبارات الألمانية في مراقبة “تيليغرام”، يرى خبير المعلومات المضللة ومدير معهد الاستخبارات السيبرانية الدكتور كريستوفر نيرينغ: “أنه يمكن عرقلة جهود التجنيد الروسية عبر إجراءات مضادة مثل التجسس التقني العكسي. ويشرح نيرينغ أنه يمكن الولوج إلى القنوات الروسية نفسها، كما تُرصد منتديات الجماعات الإرهابية، وذلك لتحديد آليات التجنيد أو حتى نشر (Honeypots) أي حسابات وهمية مخصّصة لإغراء ضباط الاستخبارات الروس والتشويش عليهم”. ويضيف: “أن ذلك ممكن بفضل ملفات تعريف وهمية تُنشأ بالذكاء الاصطناعي يمكننا نشر مئات من هذه الحسابات الوهمية التي تشغل القائمين على التجنيد، مما يستهلك وقتهم وجهدهم”، لكنه يعترف بأن هذه ليست حلاً دائماً، بل فقط وسيلة لإبطاء نشاط الخصم. يوضح نيرينغ: “أن هذه الطريقة تثير جدلاً قانونياً في ألمانيا لأنّها قد تتعارض مع القوانين المحلية. أما أجهزة الاستخبارات الأجنبية، فهي غالباً ما تملك حرية أكبر في تنفيذ هجمات مضادة إلكترونية تصل إلى تعطيل خوادم الخصوم”.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=111089

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...