المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد : وحدة الدراسات و التقارير “3”
بات ملف قضية اندماج المهاجرين المسلمين والعرب في المجتمع النمساوي ، إحدى الملفات الشائكة التي تغذي حركات اليمين المتطرف لاسيما بعد هجوم فيينا العام 2020. كما أثارت “خريطة الإسلام” التي وضعتها الحكومة النمساوية حفيظة المسلمين في النمسا. وخلقت الخريطة انقساما كبيرا داخل الطبقات السياسية والمجتمعية في النمسا، لما قد يشكله من تهديد للاندماج والتماسك المجتمعي.
الجالية المسلمة في النمسا
يعتنق الدين الإسلامي في النمسا (8%) من عدد السكان أى ما يقارب من (800) ألف نسمة من أصل (8.9) مليون يقطنون النمسا وهو من أعلى المعدلات في دول الاتحاد الأوروبي. تشير الإحصائيات في 10 يناير 2016 إلى أن عدد المسلمين في النمسا ازداد أكثر من (31) مرة خلال 45 عاما.ففي عام 1971 كان عدد المسلمين في النمسا(22) ألف شخص فقط، وبلغ المؤشر في عام 2016، (700) ألف شخص.
صندوق الاندماج النمساوي
يدير الصندوق مراكز الاندماج الواقعة في أنحاء النمسا والتي تقدم المعلومات والخدمات الاستشارية. يعد شريك للوزارة الاتحادية للشؤون الأوروبية وشؤون الاندماج والشؤون الخارجية جنباً إلى جنب مع العديد من الجهات المسؤولة عن الاندماج والهجرة في النمسا. يركز صندوق الاندماج النمساوي نشاطه على
- اللاجئين المعترف بهم والمستفيدين من الحماية المؤقتة ورعايا البلدان الثالثة
- الأشخاص من أصول مهاجرة
- المؤسسات والمنظمات وجهات الاتصال الرئيسية في مجال الاندماج والشؤون الاجتماعية والتعليم
- المجتمع النمساوي
يقدم صندوق الاندماج النمساوي دورات في اللغة لضمان نجاح عملية الاندماج وللاعتراف بالمؤهلات الأكاديمية ودورات في تكنولوجيا المعلومات وصفوف دراسية في مجالات مهنية محددة كالتمريض أو دورات في اللغة لكبار المتحدثين في مجالات الدين والمجتمع والصحة. وتسعى هذه الخدمة لتلبية احتياجات المهاجرين من أجل تعزيز فرص نجاحهم في التعليم، وفي العمل، وفي حياتهم المهنية من خلال توفير أشكال متخصصة وحديثة للدورات. تتوافر معلومات شخصية حول أشكال الدورات ومواعيدها إلى جانب معلومات عن التسجيل من خلال مكاتب الترحيب التابعة لصندوق الاندماج النمساوي.
جهود للحفاظ على التماسك المجتمعي والاندماج
تأسيس مراكز للحفاظ على التماسك المجتمعي: على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف أعلنت ” سوزان راب” وزيرة الاندماج النمساوية في 13 يناير 2021 البدء في تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي تقدر الميزانية الأولية للمركز بقيمة (500) ألف يورو. من أهم مهامه مراقبة تنظيم الإخوان والمؤسسات والمساجد ومنصات التواصل الاجتماعي في النمسا والتنظيمات الموالية لتركيا. وحذر المركز من خطورة التنظيم على الاندماج والتماسك المجتمعي في النمسا، ووصف التنظيم أنه سبب شرخ في المجتمع النمساوي.
خطة عمل وطنية للاندماج: وضعت الحكومة النمساوية خطة عمل وطنية للاندماج منذ عام 2010 من خلال دمج أو تعزيز الإدماج الاجتماعي للسكان ذوي الأصول المهاجرة. تم تصميمه من قبل وزارة الداخلية الاتحادية ، بالتعاون مع مجموعة تضم الوزارات الأخرى ذات الصلة والسلطات المحلية والشركاء الاجتماعيين والعلماء ومنظمات المجتمع المدني. تركز خطة العمل على اللغة والتعليم ، والعمل والتوظيف ، وسيادة القانون والقيم ، والحوار بين الثقافات ، والصحة والقضايا الاجتماعية ، والرياضة والترفيه ، وكذلك الإسكان.
الوصايا العشر: ألزمت ولاية النمسا السفلى في 13 مايو 2019 طالبي اللجوء بالتوقيع على (10) وصايا للهجرة. من أهم ماجاء في الوصايا تعلم اللغة الألمانية واحترام حرية الأديان. الالتزام بحضور مشاريع الاندماج و”دورات القيم” لمعرفة القيم المجتمعية والثقافة النمساويةبالإضافة إلى “الامتنان للنمسا”.
طالبت مبادرة “التدريب المهني بدل الترحيل” الحكومة النمساوية في 28 يناير 2019 الاستفادة من اللاجئين في سد النقص في الأيدي العاملة الخبيرة ووقف ترحيلهم عندما يقومون بتدريب مهني اتباعا للنموذج الألماني “3+2”. وتحدّث أصحاب الشركات عن اندماج طالبي اللجوء في شركاتهم وعن حاجتهم للمزيد من الأيدي العاملة الخبيرة.
مبادرة “أنتيجرا”: أطلقت النمسا بالتعاون مع إيطاليا مبادرة تحمل عنوان “أنتيجرا” في 26 أغسطس 2019. ومن أهداف المبادرة تعزيز الاندماج من خلال إيجاد حلول بطريقة مبتكرة لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء المتواجدين في المناطق الحدودية بين البلدين على إيجاد فرص عمل، ومواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.
تعزيز دور المساجد في عملية الاندماج: دعت السلطات النمساوية في 5 أكتوبر 2017 التزام المساجد بأحكام قانون “الإسلام الجديد”. وطالبت مكتب الأديان التابع للمستشارية النمساوية بالمزيد من الموظفين حتى يتمكن من مراقبة المساجد والمراكز الإسلامية ومعرفة ما إذا كانت تطبق هذا القانون بشكل دقيق لتمكين المساجد من تعزيز دورها في عملية الاندماج
خريطة الإسلام في النمسا وتاثيرها على الاندماج
وضعت الحكومة النمساوية “خريطة الإسلام” لتحديد مواقع المساجد والمؤسسات الإسلامية. وحددت الخريطة أسماء ومواقع أكثرمن (600) مسجد ومؤسسة وجمعية ومسؤولين وروابطهم المحتملة، موجة من رفض المسلمين في البلاد. وانتقدت جمعية “IGGÖ” الإسلامية الخريطة وأشارت إلى أن الحكومة النمساوية أظهرت نيتها في وصم جميع المسلمين الذين يعيشون في النمسا بأنهم خطرمحتمل.
شددت ” سوزان راب ” وزيرة الاندماج على أن الغرض من الخريطة “ليس وضع المسلمين بشكل عام في موضع الشك”، وانما هدفها “مواجهة العقائد السياسية وليس الدين”. إن الخريطة تسهم في تحقيق الشفافية، وأضافت أن هناك أسئلة مهمة يجب طرحها. وأشارت إلى أن هناك آراء أو مواقف معادية للنساء أو للسامية، أو تتسم بالعنصرية، أو مناهضة للاندماج، تطرأ في بعض الأحيان.
اعتبرت” فائقة النجاشي” المتحدثة في شؤون الاندماج في الحزب الخضر أن المشروع “غير مجد” وأن المشروع الذي يخلط بين المسلمين والإسلامويين هو عكس ما يجب أن تبدو عليه سياسة الاندماج، حسب تعبيرها.
اليمين المتطرف في النمسا وتأثيره على الاندماج
اختار حزب “الحرية” اليميني المتطرف في النمسا ” هربرت كيكل” وزير الداخلية السابق زعيما للحزب في 7 يونيو 2021 . كان ” هربرت هربرت” وراء حملات دعائية استهدفت المسلمين في النمسا من خلال خطابات وصورا مناهضة للإسلام. بالإضافة إلى إشادته ودعمه لحركات يمينية متطرفة كـ”حركة الهوية” ونظيراتها السياسية.اليمين المتطرف في النمسا ـ المخاطر والتهديدات
تورطت حركة يمينية متطرفة في النمسا في لصق لافتات تحريضية ضد المسلمين على عدد من المساجد في العاصمة “فيينا” ومنطقتي “مايدلينج” و”ليبولدشتادت”. وكشفت الأجهزة الأمنية النمساوية في تقرير لها 3 يونيو 2021 أن اللافتات التحريضية ضد المسلمين مصدرها حركة “الهوية” اليمينية المتطرفة. وكانت قد خلصت دراسة فى فبراير 2019 إلى أن نسب معاداة الإسلام في النمسا شهدت ارتفاعا بشكل ملحوظ. وأضافت الدراسة أن بعض كبار السياسيين النمساويين شاركوا في (20) حملة سياسية وحادثة، تتضمنت خطابات دعائية محتويات إقصائية وعنصرية ضد المسلمين في النمسا خلال عام 2018.
التقييم
يتم تنفيذ خطة العمل النمساوية بشكل أساسي من خلال برنامج تكامل إلزامي حيث تشمل دورات لغة التربية المدنية التدريب المهني بالإضافة إلى فهم متعمق للقيم الأساسية للنظام القانوني والاجتماعي في البلاد. يتم تقييم خطة عمل الاندماج رسميًا بناءً على مؤشرات محددة مسبقًا ومن قبل الخبراء والمتخصصين.
أثارت “خريطة الإسلام في النمسا” قلق ومخاوف المسلمين. يري المسلمين في النمسا أن الخريطة قد تكون ذريعة من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة لممارسة التمييز والعنصرية ضدهم وتنفيذ عمليات إرهابية.
تقع النمسا بين مطرقة الجماعات اليمينية المتطرفة وسندان الجماعات الإسلاموية التي تمثل تهديدا للقيم المجتمعية. فعلى سبيل المثال رغم حظر تنظيم الإخوان رسميا في النمسا لكن ممارسته السابقة من خلال استقطاب الشباب وتجنيده في صفوفها ساهمت في شرخ داخل المجتمع النمساوي وخلق مجتمع مواز. وستحتاج السلطات النمساوية المزيد من الوقت والجهد لمعالجة تلك الأثار التي تمثل عائقا أمام المؤسسات النمساوية الرسمية والغير رسمية من أجل تعزيز قيم التعايش والاحترام المتبادل بين المواطنين والمهاجرين واللاجئين.
ينبغي على السلطات النمساوية منع اللافتات التحريضية وخطابات الكراهية ضد الجاليات المسلمة كذلك الممارسات العنصرية والتمييز ضدهم، وضرورة التعامل معها بشكل أكثر جدية. حيث أن هذه الممارسات تؤجج مشاعر الكراهية وتؤثر بالسلب في عملية اندماج المسلمين في المجتمع النمساوي.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=76364
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
الهوامش
“خريطة الإسلام” تثير الجدل في النمسا وأنقرة ترفضها
تزايد عدد المسلمين في النمسا 31 مرة خلال 45 عاما
ولاية نمساوية تريد أن تلزم اللاجئين بـ”الوصايا العشر”
مبادرة إيطالية نمساوية مشتركة تساعد اللاجئين في إيجاد فرص للعمل
Governance of Migrant Integration in Austria