هكذا يعمل العملاء العرافون السريون داخل الاستخبارات الروسية
ترجمة : أ . ع اللغة الروسية ، المركز الاوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ المانيا وهولندا
تقوم الاستخبارات العسكرية بتدريب مختصين نفسيين خاصين يسمون بـ ( العرافون ) لغرض الاستفادة منهم في تنفيذ الواجبات السرية , و حسب شهادة احد الضباط العرافين الروس حول هذا الموضوع و كيفية تهيئة هؤلاء العرافين , قال بأنه تم تدريسنا في احد الاقسام السريه في احدى الاكاديميات العسكريه في اطراف موسكو و يستطرد و يقول , قبل هذا لم اكن انسانا خارقا و لم اتميز باي شئ غير طبيعي , و لكن في طفولتي عندما كنا نلعب لعبة الاختفاء كنت اعرف كل واحد من اصدقائي في المجموعة التي تلعب معي اين كان يختفي , و لم اعر لهذا اي اهتمام و في الامتحانات التي يخيروني فيها اختيار مجموعة اسئلة في ظرف من وسط عدة مجاميع في ظروف اخرى يقع اختياري دائما على الاسئله التي سبق ان حفظت اجاباتها .
بعد تخرجي من الكليه العسكرية خدمت في الوحدات لفترة من الزمن , و لتسريع التدرج في المناصب سعيت لاكمال الدراسة الاكاديمية , و بالفعل تقدمت الى احدى الاكاديميات لاكمال الدراسة ,و بعد اجتيازي الاختبارات التمهيدية , تم تنظيم ما يسمى بالانتقاء و الذي تلخص بأن تقوم لجنه من الخبراء بمشاهدة صورتك ( و انت غير موجود ) و من خلالها يتم رسم صورة نفسية لكل متقدم تتضمن الامكانيات , نقاط الضعف , الشخصية و كل التفاصيل الدقيقه , و من ثم اخضعونا الى امتحانات متعددة و مقابلات شفويه مكثفة.
و هكذا تم قبول مجموعة من 12 ضابط , تضمنت هذة المجموعة من كانت لديهم قابليات ابداعيه و امكانيات نفسية و التي تتوفر عادة عند كل الناس و لكن بمستويات مختلفة , و لكن هذه القابليات تتميز عند بعض الاشخاص في حالات نادره جدا , و لغرض الاستفادة من هذة القابليات يتطلب صقلها بطرق علمية خاصة .
في اول محاضرة القيت علينا تم تنبيهنا الى ان هذا العمل يتطلب منا بذل جهود كبيرة و مضنية خلال فترة طويلة , و في المرحلة الاولى يجب علينا التدريب على الاستشعار عن بعد , اي تحسس اين تقع الاشياء و الاجسام و في نهاية السنة الثالثة التدريبية يجب علينا ان نرى ماذا يحدث في مكان ما بعيد علينا .
في البداية دخلنا فصل دراسي خاص بالتحسس الباراسيكلوجي الفائق ( extrasensory ) و في المحاضرات تم التطرق الى امثلة شيقة فمثلا لا يخطر على بال احد انه في منتصف القرن العشرين كان قد بني مختبر سري في القسم الخاص في ( الادارة السياسية الحكومية المتحدة في زمن الاتحاد السوفياتي السابق ) لغرض اجراء البحوث عن كيفية مقدرة الجهاز العصبي للانسان على استقبال مختلف انواع الطاقه (الرسائل ) العصبية من المحيط و رد فعله عليها ( neuro energy) , اشرف على هذا المختبر ( الدكتورالكساندر فاسيلوفج بارجينكو) و الذي كان قد استقدم شخص عراف من فلندا له القابلية على معرفة مكان تواجد اي شخص و ماذا يفعل هذا الشخص من خلال النظر فقط على صورة لهذا الشخص .
في احد الايام مدير القسم الخاص (كليب بوكي ) دبر مؤامره ضد معاون مدير الادارة السياسية الحكومية المتحدة في ذالك الوقت حيث عرض صورته على العراف الفلندي و سأله ماذا يفعل هذا الشخص الان و فورا قال العرافون بأن هذا الشخص عاري الان على سرير واسع في شقه و يلهو , عند التحقق اثبتت مصداقية العراف بشكل كامل .
تم اطلاعنا كذلك عن نتائج التجارب التي نفذها الخبراء الامريكان في هذا الموضوع بأستخام اثنين من العرافين بصفة جواسيس وهميين اسميهما ( سفونا و برايس ) , و الذين تم ادخالهما افتراضيا الى احدى قواعد الدفاع الجوي الروسية و الى احدى القواعد الامريكيه , حيث قام العراف ( برايس ) بوصف القاعدة الروسية بشكل تفصيلي و وصف كل الاسلحة المنتشره داخل القاعدة و التي لم يمضي وقت طويل على نشرها في هذه القاعدة في ضواحي منطقة الاورال .
هؤلاء العرافون استطاعوا كذلك قرأة مقتطفات من تقرير مدير الاستخبارات الامريكي ( الفريق اول دانيال كريكما ) و الذي جاء فيه بأن عرافون امريكان استطاعوا بدقة متناهية تحديد موقع قاعدة غواصات سوفيتية سرية في منطقة ( كمجاتكي ) و التي لم تستطع اقمار التجسس تحديد موقعها .
في تجربة اخرى قام العرافون بتحديد احداثيات 20 نفق بنتها كوريا الشمالية بدقة عالية في المنطقة الحدودية المحايدة , و في احدى التجارب قام الامريكان بأستخدام العرافين لغرض تقييم الكفاءه الامنية لاحدى قواعد الصواريخ الستراتيجية ( MX ) و التي داخلها تم بناء تحت الارض عدة ملاجئ للصواريخ و تم نشر الصواريخ داخل قسم من هذة الملاجئ لغرض تضليل العدو عن معرفة في اي ملاجئ تتواجد الصواريخ , و استطاع العرافون معرفة الملاجئ التي تحتوي على الصواريخ من خلال حركة الاشخاص , حيث بعد ذلك امتنعت الولايات المتحدة عن نشر صواريخها تحت الارض و تلجأ دائما الى نشرها ها فوق الارض .
بعد سماعنا لهذه القصص تم تكثيف الدراسة من قبلنا , و كان برنامج الدراسة غني بالمواد كعلم النفس و الفلسفة و التنجيم و علم الغموض , و تم تدريبنا على كيفية الحصول على المعلومة و تحليلها و استيعابها و حفظها .
من الخطأ التخيل بأن العراف يستطيع رؤية ما يرغب , و الحقيقة فأن العراف يجب ان يدخل في نوع من السكون يشابه النوم و عند هذه الحالة تبدأ الصور بالمرور امام مخيلة العراف بسرعة , و على العراف التدرب على تذكر هذه اللقطات بشكل جيد و بعكسه سوف تذهب هواء في سدى .
و على العراف التدرب على كيفية ايقاف حركة هذه الصور في الوقت المناسب لمشاهدة الحدث المطلوب بالتفصيل , وذلك لكون الصور اغلبها غير مفصلة و بسرعه تختفي من الذاكرة عندما يتوقف العراف عن التركيز عليها , و فن العرافون يتلخص باستخراج المعلومة من مجموعة من الصور الافتراضية التي يراها العرافون و هذا الفن يتم التدرب عليه لمئات الساعات المجهده .
و كما ذكرت انفا في المراحل الاولى للتدريب تم تعليمنا كيفية معرفة مكان الاشياء , بغض النظر هذا الشئ حي او غير حي , و في الدروس العمليه كانت تدخل المدرّسة و تقول عليكم ايجاد شئ انا اخفيته , و لغرض ايجاد هذا الشئ نحاول في البداية الاسترخاء لغرض الدخول في الوعي الاخر و من ثم ننتقل الى حالة الوصف الكلامي للاشياء لكي تظهر صورته امام نظرنا الافتراضي و من ثم ننتقل الى ايجاد مكان هذا الشئ من خلال طرح سؤال في داخلنا و انتظار الجواب نعم او لا و حالة الانتظار كانت تختلف من شخص الى اخر فالبعض يتخيل البندول و الاخر يتخيل ظهور اطار و الثالث ينتظر رساله و حسب ما يناسب العراف.
و خلال بضعة اشهر تعلم كل منا رؤية الاشياء عن بعد و وصف مكانها , فمثلا نقول بأن السلاح ذو العيار المعين يقع في وحدة المدفعية الواقعة في الغابة الفلانية , او المنصه المسرفه الصاروخية تقع في داخل جملون معدني , و من ثم انتقلنا للعمل على الخرائط و تحديد مواقع الاشياء عليها .
في احدى المرات سقطت طائرة روسية في احدى الغابات و لم يؤدي البحث عنها الذي استمر 10 أيام الى ايجادها , و جلبوا لنا اخر تسجيل صوتي للطيار في اللحظات الاخيرة لاختفاءها من شاشات الرادار , من كل مجموعتي التي تكونت من 12 ضابط استطعت انا فقط تحديث احداثيات حطام الطائرة على الخريطة , اما الاخرين فكانت توقعاتهم تبتعد عن المكان المحدد من قبلي بمسافات مختلفة .
عندما تطورت امكانياتنا اصبحت الواجبات التي تعطى الينا معقدة جدا , فمثلا في احدى المرات كان الواجب ايجاد خارطة لعدو افتراضي و نقل المعلومات منها على خرائط فارغه مشابهه اعطيت الينا مسبقا , علما بأن لا احد يعرف اين تقع هذه الخريطة , هل هي بجوارنا في احد دواليب الاكاديمية ام تبعد مئات الكيلومترات في مكان ما , و كان علينا في البداية ايجاد الخريطة افتراضيا ( عقليا ) ومن ثم نقل ما مؤشر عليها الى الخرائط الفارغه المشابهه التي سلمت الينا , و يتم تحديد دقة اجابتك ( درجتك ) من خلال ما تم تثبيته من قبلك على الخارطة الفارغة التي لديك مقارنة بما مثبت على خارطة العدو الافتراضي .
في الكورس الثالث ابتدأت تدريبات مكثفة سريعة خاصه بالمشاركة في العمليات العسكرية لغرض اشراكنا في المعارك الدائرة في الشيشان في منتصف التسعينات .
كان علينا في هذه التدريبات التعلم على كيفية تحديد الاهداف المهمه و تصحيح رمي المدفعية و رمي الطيران ما يصب في مساعدة القاده في الميدان , و بشكل عام كان يخصص لنا وقت جدا قصير لتنفيذ المهام ( من 30 ثانية الى 15 دقيقة ) .
و في عدة مرات شاركنا في معارك حقيقة و نحن جالسين في موسكو , و كنا نحدد مكانات تجمع المسلحين و من ثم المساعدة في رمي المدفعية و الطيران , و كانت مشاركاتنا ناجحة جدا بشهادة الاستخبارات العسكرية الميدانية .
مشاركتنا في العمليات العسكرية في الشيشان انخفضت بسبب تعقيد و بطأ ايصال المعلومة الى القطعات الميدانية و تغير الموقف الميداني بسرعة كذلك , و تم القرار على ارسالنا الى الميدان لنكون قريبين من الوحدات العسكرية , و لم يتحقق ارسالنا في قتها لتغير الظروف .
احيانا يتوارد سؤال ان هذه الموهبة هدية من الله سبحانه و تعالى لبعض الاشخاص فهل يحق لهم الحاق الاذى بالاخرين او حتى حرمانهم من الحياة , و كان المدرسين يذكروننا بأن الموهبة التي نمتلكها عبارة عن سلاح و المسؤولية الاخلاقية التي تترتب على استخدامه عالية .
كل اساتذتنا كانوا مدنيين و لم يكن لدى ايا منهم موهبة ( العرافة ) و كانو يساعدوننا فقط في تنمية هذه الموهبة من خلال القاء الضوء على الخطوط العريضة و وضع الاسئلة و الواجبات اما الحلول فكانت توضع من قبلنا و لكل منا كانت طريقه تختلف عن الاخر .
و بشكل عام فأن نسبة التنبؤ الصحيحة لدى العرافين كانت تشكل 82% و هذا النسبة تعتبر عالية جدا , و بنسبة 18% كنا نفشل و ذلك لكوننا بشر و لا نستطيع التخلص من احساس التوتر و الاضطراب و التي تؤثر بشكل كبير على النتائج .
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-4bB
https://www.europarabct.com/?p=16095
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات