المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ECCI
بون جاسم محمد، باحث في الأمن الدولي ورئيس المركز الأوروبي ECCI https://x.com/jassim__press
نسخة pdf … الاستخبارات البريطانية الخارجية MI6 تصدر نافذة رقمية للتجنيد ـ قراء استشرافية
الاستخبارات البريطانية الخارجية MI6 تصدر نافذة رقمية للتجنيد ـ قراء استشرافية
في خطوة غير مسبوقة تعكس التحولات المتسارعة في المشهد الاستخباراتي العالمي، أعلن جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني MI6 يوم 20 سبتمبر 2025 عن إطلاق منصة رقمية جديدة تحمل اسم “البريد الصامت” تعمل عبر شبكة الإنترنت المظلم. تهدف هذه المنصة إلى إتاحة قناة آمنة للتواصل مع أي شخص يمتلك معلومات حساسة تتعلق بالإرهاب أو أنشطة استخباراتية معادية، بما في ذلك الأنشطة الروسية، لتكون أداة مبتكرة لتجنيد مصادر وجواسيس حول العالم. الذكاء الاصطناعي نقطة تحول في مفاهيم الأمن القومي
الإعلان الرسمي والتعليمات التقنية
أعلنت الاستخبارات البريطانية الخارجية رسميًا عن هذه المبادرة عبر تصريحات رئيس MI6 الذي وجّه رسالة مباشرة إلى الجواسيس المحتملين مفادها أن الباب الافتراضي مفتوح لهم. وأصدرت الاستخبارات البريطانية تعليمات تقنية للراغبين في التواصل مع المنصة تضمنت ضرورة استخدام متصفح Tor للوصول إلى الإنترنت المظلم، مع تفضيل استخدام أجهزة وحسابات غير مرتبطة بالمستخدم لتجنب أي شبهات، وفي حال كان Tor محظورًا تم التوصية باستخدام شبكات VPN كبديل لتجاوز القيود. التوجيهات نُشرت بعدة لغات، ما يعكس سعي MI6 لاستقطاب شرائح واسعة من المصادر في دول متعددة، وتم بث مقطع فيديو على القناة الرسمية للجهاز على يوتيوب يوضح كيفية الوصول إلى المنصة، في محاولة لإضفاء طابع علني ورسمي على عملية كانت تُدار سابقًا في الخفاء.
تأتي هذه المبادرة في وقت بالغ الحساسية، إذ تتصاعد التوترات مع روسيا ويزداد صعوبة العمل الاستخباراتي التقليدي
لماذا الأن تأتي المبادرة ؟
تأتي هذه المبادرة في وقت بالغ الحساسية، إذ تتصاعد التوترات مع روسيا ويزداد صعوبة العمل الاستخباراتي التقليدي في بيئات تخضع لمراقبة صارمة، ما يجعل من البريد الصامت محاولة لتجاوز القيود الميدانية واستثمار الفضاء الرقمي كوسيلة للتجنيد وجمع المعلومات. وقد أكدت وزيرة الخارجية البريطانية أن هذه الخطوة تمثل ضرورة لضمان بقاء المملكة المتحدة متقدمة بخطوة على خصومها، مشيرة إلى أن أحدث التقنيات أصبحت عنصرًا أساسيًا في عمل الاستخبارات الخارجية.
الدول المستهدفة
روسيا: الهدف الأول في نطاق التجنيد البريطاني مع إطلاق MI6 لمنصة “البريد الصامت” على الإنترنت المظلم، يبدو جليًا أن روسيا تمثل الهدف الأول والأكثر حساسية في برامج التجنيد الرقمي البريطانية. تعكس هذه الخطوة إدراك لندن لطبيعة التحديات الاستخباراتية المرتبطة بالأنشطة الروسية، سواء في الميدان الأمني المباشر أو عبر الشبكات الإلكترونية والتجسس الصناعي. تمثل روسيا بيئة صعبة ومعقدة للعمل الاستخباراتي، حيث تخضع الاتصالات والمصادر البشرية لمراقبة صارمة، ويعد الوصول إلى المعلومات الحساسة محدودًا بشكل كبير. لذا، تأتي المنصة الرقمية كوسيلة لاستقطاب المطلعين على معلومات استراتيجية، سواء كانوا موظفين تقنيين في شركات البنية التحتية، أو مسؤولين في قطاعات حكومية، أو أفرادًا مطلعين على النشاطات الاستخباراتية الروسية.
الصين: تقع الصين ضمن نطاق الاهتمام الاستراتيجي لـ MI6، وإن لم يكن الإعلان البريطاني الرسمي يركز عليها بنفس الدرجة. تأتي هذه الأهمية من كون الصين لاعبًا رئيسيًا في المنافسة التكنولوجية والاقتصادية، وتمتلك معلومات حساسة على مستوى الابتكار العسكري، والشبكات الإلكترونية، والتجسس الصناعي. ومن منظور استخباراتي، فإن الوصول إلى مصادر داخل الصين أو موظفين مطلعين على بيانات استراتيجية يمثل قيمة عالية، رغم المخاطر الكبيرة المصاحبة. تجسس موسكو ـ كيف تؤثر قدرات التجسس الروسية على الأمن الأوروبي؟
احتمالية العملاء المزدوجين وثغرات أمنية
إن فكرة أن تستغل أجهزة استخبارات أخرى منصة “البريد الصامت” لصالحها عبر دفع أشخاص يعملون لديها أو ضباطاً مزوَّرين إلى التحدث مع MI6 بهدف أن يصبحوا “عملاء مزدوجين” لاحقًا ليست افتراضية بحتة بل احتمالٌ واقعياً يستدعي الوقوف عنده بجدية داخل أي تقييم استشرافي لمنصة تجنيد رقمية معلنة.هذه الفكرة تنطوي على بعدين مرتبطين: الأول هو الدافع والقدرة لدى أجهزة معادية أو منافسة على اختبار وابتلاع قنوات تجنيد الخصم كطريقة لإحداث نفوذ مضاد؛ والثاني هو الضعف البنيوي الذي تفتحه المنصات الرقمية علناً أمام عمليات التمويه، الانتحال، والاختبارات المضادة .
يظهر أن المنصة التي تدعو الجواسيس المحتملين” إلى التواصل عبر واجهة رقمية عامة تصبح ساحة ذات قيمة مزدوجة: قيمة استخباراتية محتملة لمن يملك معلومات حقيقية، وقيمة استخبارية مقابلة لمن يريد اختبار ردود فعل الجهاز، رصد آليات التحقق لديه، أو زرع مصادر مضللة داخل منظومة جمع المعلومات البريطانية.أجهزة الاستخبارات تمتلك دوافع استراتيجية للتحكم في معلومات معينة قد ترى في هذه البشرة الرقمية فرصة لإدخال أفراد مدربين لقياس مدى نجاعة آليات الفلترة والتحقق لدى MI6، ولجمع معلومات عن كيفية تعامل الجهاز مع مصادره الرقمية. النتيجة المحتملة الخطرة هي أن MI6، عبر فتح نافذة رقمية واسعة ومعلنة، قد تجهز خصومها بمنصة لاختبار أجهزة الاختبار نفسها، أي أن ما كان يقصد به توسيع قاعدة المصادر يمكن أن يتحول إلى أداة تُستخدم ضدها في مضمار الحرب الاستخباراتية والمعلوماتية.
في سيناريو عملي نمطي يمكن تصوره ضمن إطار التحليل فقط، سيحاول الطرف المضاد إرسال مرشحين “مؤهلين” ظاهريًا: أفراد لديهم سير ذاتية مقنعة ومؤهلات تقنية أو وصول ظاهر إلى جهات أو شبكات تبدو مهمة. الهدف ليس بالضرورة الحصول فورًا على معلومات بالغة الدقة، بل اختبار إجراءات التحقق الأولي، قراءة كيفية تعامل الضباط مع مطالبات الحماية، وتقييم ما إذا كانت قواعد الانخراط تقود إلى لقاءات حقيقية أو إلى منح صلاحيات تتيح الوصول إلى مستويات أكثر حساسية. على المدى المتوسط، ومع تراكم بيانات التفاعل، قد يُكشف نمط سلوكي متكرر يُستخدم بعد ذلك لاستهداف نقاط ضعف في إجراءات التحقق، أو لبناء عملاء مزدوجين يمكن استغلالهم في حملات تضليل أو للتأثير على مجرى معلوماتي أوسع.
يمكن للمنصة أيضاً أن تعمل كـمصيدة اختبارية بوسائل متعددة: نشر أخبار موجهة داخلها لاختبار من يلتقطها، محاولة جر مصادر إلى الكشف عن طرق اتصال جديدة، أو حتى إرسال طلبات مزيفة لقياس رد الفعل. كل هذه الاستخدامات لا تتطلب قرينة تقنية معقدة بقدر ما تتطلب التخطيط الاستخباراتي والصبر والقدرة على دمج النتائج ضمن عمليات مضادة أكبر. لذا فالخطورة الحقيقية ليست أن المنصة نفسها تُسرق أو تُخترق فحسب، بل أن خصوماً ذوي موارد وقدرة على التنظيم يمكنهم استثمارها كأداة لاختبار وقياس نظام تجنيد MI6 ذاته. المغزى العملي والاستراتيجي لهذه المخاطر يفرض على من يقيّم المنصة إدراك أمرين متلازمين: الأول أن الفعالية الاستخباراتية للمنصة لا تُقاس فقط بكمية الرسائل أو بإعلان التقديم بل بقدرة الجهاز على تمييز النوعية الحقيقية من السمّية التمويهية؛ والثاني أن أي منصة معلنة تصبح بحد ذاتها هدفًا لمبادرات مضادة تتطلب منهجية مضادة مضادة متقدمة.
هذا يضع مسؤولية مزدوجة على مصممي السياسة الاستخباراتية: مواصلة الابتكار ضد قيود الميدان، وفي الوقت نفسه بناء جدران رقابية وعملياتية تحول دون استغلال المنصة ضد مصالحهم.
آليات الاستغلال المحتملة
آليات الاستغلال المحتملة :انتحال الهويات، إرسال مرشحين مدرَّبين، نشر محتوى اختبار، محاولات استدراج لالتقاط متى وكيف يتصرف الضابط ، ثم الانتقال إلى توصيف لسياسة مضادة قائمة على مبادئ، لا تفصيلات تشغيلية. من هذه المبادئ تأتي الحاجة إلى طبقات تحقق متدرجة تشمل تطابق البيانات الرقمية مع مصادر مستقلة، فحص الاتساق عبر الزمن قبل الانتقال إلى مراحل عميقة من الانخراط، واستحداث قنوات تحويل موثوقة تجعل من الانتقال من اتصال رقمي إلى لقاء بشري عملية احترازية متعددة الأطراف. ويجب التأكيد في الدراسة على أن الحماية لا تُعنى فقط بالجانب التقني بل بطيف أوسع من الممارسات: احتواء اتصالات البداية بمصنفات معلوماتية محدودة، حصر الوصول إلى المعلومات الحساسة عبر حوارات تمهيدية مبنية على التحقق المتعدد والمصادقة عبر جهات ثالثة، وتدوين سجلات للأحداث تسمح بالتحقيق بعد أي نمط مريب.
وحدة رقابية داخلية متخصصة بمكافحة التجنيد
إقامة وحدة رقابية داخلية متخصصة بمكافحة التجنيد المضاد، مهمتها مراقبة الأنماط المشبوهة، تنسيق تبادل مؤشرات التهديد مع أجهزة الحلفاء، وإجراء اختبارات استجابة محايدة للتأكد من متانة عمليات التحقق، مع توفير آليات رقابية برلمانية أو قضائية مناسبة للتوازن بين السرية والحماية القانونية للمصادر. ينبغي على الاستخبارات البريطانية أن تذكر ضرورة التعاون الدولي لمواجهة استغلال المنصات الرقمية، لأن شبكة من شراكات استخباراتية يمكن أن تساعد في كشف مرشحين ممن يحملون سجلات أو انماطًا سلوكية معروفة لدى شركاء آخرين.
من اللقاءات الميدانية إلى البوابات الرقمية
أرتكز تجنيد المصادر البشرية تاريخيًا على علاقات شخصية مباشرة ولقاءات سرية ووسائل تقليدية لبناء الثقة ونقل المعلومات، ومع بروز الإنترنت في العقدين الأخيرين بدأت أجهزة الاستخبارات في تبني وسائل رقمية من رسائل إلكترونية مشفّرة ومواقع إلكترونية سرية إلى استغلال منصات التواصل الاجتماعي كأدوات لاستقطاب مطلعين أو اختبار ميول مجموعات معينة. ويُعد إطلاق “البريد الصامت” تطورًا نوعيًا لأنه يمثل أول محاولة معلنة لاستثمار الإنترنت المظلم كقناة رسمية للتواصل مع مصادر محتملة، وهو ما لم تشهد له المبادرات السابقة مثيلاً على هذا النطاق من قبل أي جهاز رسمي.
العلاقة بين المجند والوكالة الاستخباراتية
المبادرات السابقة كانت غالبًا أكثر تحفظًا واعتمدت على وسطاء أو قنوات خلفية سرية، بينما قدم MI6 منصة علنية مع تعليمات واضحة ومباشرة، مستهدفًا بشكل مكثف دولًا تخضع لمراقبة مشددة مثل روسيا. هذا الإعلان يغيّر من طبيعة العلاقة بين المجند والجهة الاستخباراتية حيث أصبح جزء من العمل الاستخباراتي يعتمد على واجهة رقمية يمكن تقييمها وتحليلها بسرعة، بما يزيد من سرعة الوصول إلى المعلومات ولكنه يطرح تحديات جديدة تتعلق بالأمان والموثوقية. ركائز الأمن القومي في زمن العولمة. بقلم جاسم محمد
العلاقة الحميمة بين الضابط والعميل في الاستخبارات التقليدية
على الرغم من التحول الرقمي، يظل البُعد الإنساني في الاستخبارات التقليدية حجر الزاوية. اللقاءات المباشرة بين الضابط والعميل تمنح فرصة لتبادل إشارات اجتماعية لا يمكن نقلها رقميًا، مثل النبرة ولغة الجسد والانفتاح التدريجي على تفاصيل شخصية والسلوك تحت ضغط المواقف، وكلها عناصر تمنح الضابط مؤشرات دقيقة عن شخصية العميل ودرجة التزامه.تتيح هذه اللقاءات تقييم الدوافع الحقيقية للمصدر سواء كانت وطنية أو مادية أو إيديولوجية أو شخصية، وتمكن الضابط من اختبار الاتساق الزمني للمعلومات وتقاطعها مع مصادر مستقلة أخرى، بما يؤكد مصداقية المعلومات. وتوفر هذه اللقاءات معطيات غير لفظية تكشف عن الصدق أو التردد، وتمثل فرصة لتعليم العميل مبادئ الأمان وحماية المعلومات مع الحفاظ على الحدود القانونية والأخلاقية للعمل الاستخباراتي. مكافحة التجسس – الأمن القومي في زمن العولمة (ملف)
يظل الاستثمار في بناء علاقة إنسانية ومهنية قائمة على التحقق المستمر من أهم العناصر لضمان الحصول على معلومات موثوقة ومستدامة، بينما الاعتماد فقط على الاتصالات الرقمية قد يوفر معلومات مؤقتة لكنه يفتقد القدرة على خلق مصادر ثقة قادرة على تغيير خارطة المعرفة الاستخباراتية.
النتائج
قد تحقق المنصة نجاحًا إذا تمكنت من الوصول إلى مصادر رقمية حقيقية تمتلك معلومات حساسة، مثل موظفين في شركات البنية التحتية أو مسؤولين يمتلكون وثائق داخلية، ويعجزون عن اللقاء المباشر بسبب الرقابة. إن نجاح المنصة يعتمد على مصداقية الواجهة الرقمية وفعالية إجراءات التحقق الأولي وقدرتها على تحويل الاتصالات الرقمية إلى معلومات موثوقة. في المقابل، يظهر الفشل عند استغلال المنصة من قبل جهات معادية أو محتالين، أو عند وقوع المستخدمين في أخطاء بشرية أو تقنية تكشف هوياتهم، كما أن الإعلان العلني عن البوابة قد يسرع من تحرك الأجهزة المضادة لوضع فخاخ أو شن حملات تشويش وتضليل، فحتى التقنيات المتقدمة مثل Tor لا توفر حصانة كاملة أمام ثغرات المتصفح أو الأخطاء البشرية.
البعد الأخلاقي والقانوني : إن إطلاق قناة رسمية على شبكة يُستخدم فيها النشاط الإجرامي يثير نقاشات أخلاقية وقانونية، إذ يطرح تساؤلات حول مسؤولية الدولة في حماية المصادر المحتملين الذين قد يتعرضون للاعتقال أو الأذى، ويستدعي موازنة دقيقة بين الحاجة الاستخباراتية وحماية الأفراد والالتزام بالمعايير القانونية والدولية.
حماية سلامة المصادر من المخاطر: من الضروري تطوير إجراءات تحقق متعددة، وحماية سلامة المصادر من المخاطر، ومكافحة الانتحال أو النسخ المزيفة، إضافة إلى إنشاء آليات رقابية داخلية محدودة وضمان تنسيق استخباراتي مع الحلفاء لتبادل الخبرات وتجنّب أن تصبح هذه البوابات الرقمية ساحات تنافسية قد تنتهي بتشويش المعلومات.
تحولًا استراتيجيًا في أدوات التجنيد الاستخباراتي : يمثل “البريد الصامت” تحولًا استراتيجيًا في أدوات التجنيد الاستخباراتي، من العالم المادي إلى العالم الرقمي المظلم، ويتيح إمكانية الوصول السريع إلى معلومات استراتيجية، لكنه محاط بمخاطر تشغيلية وأخلاقية جسيمة.
الاستخبارات عملية إنسانية تعتمد على الثقة : إن قياس فاعليته سيبقى رهينًا بمتابعة نتائجه العملية على الأرض، وحالات تجنيد ناجحة أو فاشلة، وردود فعل الدول المستهدفة، وهو ما سيتضح مستقبلاً. وفي الوقت نفسه، يذكّرنا البُعد التقليدي بأن الاستخبارات، مهما تقدمت تقنيًا، تبقى عملية إنسانية تعتمد على الثقة والمصداقية والعلاقات المباشرة بين الضابط والعميل، وهو ما يشكل جوهر نجاح أي برنامج تجنيد مهما كانت أدواته الرقمية متقدمة.
تدابير احترازية محتملة : من المتوقع أن تكون ردود روسيا حازمة وحذرة، مع تكثيف عمليات المراقبة الداخلية وتعزيز الدفاعات السيبرانية. قد تشمل الإجراءات الروسية مراقبة النشاطات الرقمية، تنفيذ حملات مضادة للتجنيد، واستخدام استراتيجيات التضليل للتشويش على المصادر البريطانية المحتملة. كما يمكن أن تسعى الأجهزة الروسية إلى رصد أي محاولات استغلال المنصة لكشف العملاء، سواء من خلال هجمات سيبرانية على نقاط الضعف التقنية أو عبر التسلل إلى الشبكات المجهولة المصدر.
من المرجح أن تكون ردود الصين أكثر تقنية واستراتيجية. فمن الناحية السيبرانية، قد تعتمد الصين على أنظمة مراقبة متقدمة وتحليل البيانات الضخمة لتعقب أي محاولات تجنيد رقمية، بينما تعزز الإجراءات القانونية والسياسات الداخلية لمنع أي تسرب للمعلومات. قد تشمل التدابير الصينية تقييد الوصول إلى الإنترنت المظلم، فرض قيود على استخدام شبكات VPN، وتكثيف الرقابة على الموظفين في القطاعات الحساسة، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى معلومات دقيقة عبر المنصة الرقمية البريطانية.
نجاح التجنيد الرقمي رهينًا بقدرة الاستخبارات: تضع هذه الديناميكية MI6 أمام تحديات مستمرة، فبينما توفر المنصة الرقمية القدرة على استقطاب مصادر لم يكن الوصول إليها ممكنًا في السابق، فإن المخاطر المرتبطة بالكشف عن الهوية أو استغلال المنصة من قبل جهات مضادة عالية. في ظل هذه البيئة، يصبح نجاح أي برنامج تجنيد رقمي رهينًا بقدرة الاستخبارات على تطوير بروتوكولات أمنية دقيقة، وآليات تحقق متعددة المراحل، وتدريب المصادر المحتملة على حماية هويتهم، وإرشادات استخدام آمنة للمنصة.
سلاحاً ذا حدين: أن فتح نافذة رقمية علنية للتجنيد يمثل سلاحاً ذا حدين: هو فرصة لجلب معارف لم تكن متاحة تقليديًا، لكنه في الوقت نفسه دعوة مفتوحة للخصوم لاختبار قدرات الجهاز، وخلق عملاء مزدوجين أو حملات تضليلية قد تضعف فعالية أي جهاز. لذلك فإن دمج فهم هذا الخطر في تقييم “البريد الصامت” لا يقل أهمية عن تقييم عناصر الحماية التقنية أو جدوى جمع المعلومات؛ فبدون بنية قوية لمكافحة التجنيد المضاد، قد تتحول المنصة من مصدر قوة إلى نقطة ضعف استراتيجية قابلة للاستغلال.
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=109639
References
[1]
New dark web portal launched to recruit spies to support UK security
New dark web portal launched to recruit spies to support UK security – GOV.UK
[2]
UK spy agency MI6 launches new portal to recruit foreign informants via dark web
UK spy agency MI6 launches new portal to recruit foreign informants via dark web | Euronews
[3]
MI6 set up New dark web
UK’s MI6 Agency Sets Up New Dark Web Portal to Recruit Spies – Bloomberg
[4]
British spies turn to dark web to recruit Russian agents, access secrets
British spies turn to dark web to recruit Russian agents, access secrets | Reuters
[5]
MI6 puts out call to aspiring spies on dark web
MI6 puts out call to aspiring spies on dark web
[6]
MI6 launches darkweb portal to recruit foreign spies
MI6 launches darkweb portal to recruit foreign spies | The Record from Recorded Future News
