الاتحاد الأوروبي … كيف تعامل مع “قضية” مقتل قاسم سليماني ؟
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “3”
أثار مقتل قائد ميلشيات “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” مخاوف الاتحاد الأوروبي من تهديد أمنها واقتصادها، وتحول العراق إلى ساحة صراع بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جهة، وإيران والقوات الحليفة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن من جهة أخرى. وخصوصا أن هناك تهديد من “يد الله جواني” المساعد السياسي للحرس الثوري الإیرانی ، أن رد إيران على أميركا حسب تعبيره، سيطال أراضي أوروبية من ضمن أهداف أخرى من دون أن يحدد أهدافا معينة.وبالتالي يشكل ذلك تهديد لقواعد الدول الأوروبية الموجودة في العراق. بالإضافة لتهديد مصالح الدول الأوروبية في مضيق هرمز، وإعلان إيران أنها ستتخلى عن القيود على تخصيب اليورانيوم .
موقف الاتحاد الأوروبي في قضية قتل “قاسم سليماني“
دعا الاتحاد الأوروبي بعد مقتل سليماني في 12 يناير 2020 وفقاً لـ “سبوتينك” كل الأطراف الفاعلة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتحمل المسؤولية ، ووقف التصعيد وإعطاء مساحة للدبلوماسية، وخصوصاً بعد احتجازها السفير البريطاني في طهران لفترة قصيرة، بتهمة تحريض طلبة للتظاهر. ونوهت “أورسولا فون دير لاين” رئيس المفوضية الأوروبية ، في بيان باسم الاتحاد الأوروبي في 10 يناير 2020 وفقاً لـ “وكالة الأناضول” عن محاولات تبذلها دول الاتحاد لوقف التصعيد المحتمل وضرورة ضبط النفس والحفاظ على المكاسب التي حققتها في حربها على “داعش” في العراق وسوريا. فيلق القدس
أعلن حلف “الناتو” وعدد من الدول الأوروبية في7 يناير 2020 وفقاً لـ “سكاي نيوز” سحب قواتهم من العراق بشكل مؤقت بعد تعليق مهمته في تدريب القوات العراقية، وذلك عقب التهديدات الإيرانية المتصاعدة. وقال مسئول في الحلف في بيان: “نتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية موظفينا. ويشمل ذلك إعادة تمركز مؤقت لقسم من موظفينا في مختلف المناطق داخل العراق وخارجة”. وسحب الجيش الألماني قسما من جنوده المنتشرين في العراق، لأداء مهمات تدريب، ونقلهم إلى الأردن والكويت. أما بريطانيا، فقالت إنها ستسحب قواتها من العراق، إذا طلبت بغداد ذلك.أما فرنسا “لا تعتزم” سحب جنودها .
كما اعتبرت “أورسولا فون دير لايين” رئيسة المفوضية الأوروبية في 8 يناير 2020 وفقاً لـ “العربية” أن احتواء التوتر بين طهران وواشنطن بعد مقتل ” سليماني” هو “من مصلحة إيران والعراق”. كما دعت إلى إنهاء فوري لاستخدام السلاح في الصراع في الشرق الأوسط بين إيران والولايات المتحدة.
وأفاد “ستيف بلوك” وزير الخارجية الهولندي وفقاً لـ “سبوتينك” باستمرار تعاونهم مع واشنطن، أما بالنسبة لإيران، فهي تلومها لتدخلها السلبي في المنطقة، لأنها تدعم جماعات متطرفة. وأعلنت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندي، أنها ستقترح فتح ممثلية للاتحاد الأوروبي في إيران، وذلك خلال المجلس الاستثنائي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.كما ترى بريطانيا وفرنسا وألمانيا أن أمريكا كانت في حالة دفاع عن النفس.
رد فعل أمريكا من الموقف الأوروبي في قضية قتل “قاسم سليماني”
أوضح “مايك بومبيو” وزير الخارجية الأميركية في 4 يناير 2020 وفقاً لـ “DW” أنه اتصل بمسؤولين في جميع أنحاء العالم لمناقشة مقتل سليماني.وصدم بموقف الأوروبيون حيث قال” لم يكن مفيدين بالقدر الذي كنت أتمناه”. وقال بومبيو إن “البريطانيين والفرنسيين والألمان يجب أن يدركوا أن ما فعله الأميركيون أنقذ أرواحا في أوروبا كذلك” .
موقف الاتحاد الأوروبي من الاتفاق النووي
دعا “دونالد ترمب” الرئيس الأميركي الأوروبيين في 10 يناير 2020 وفقاً لـ “أندبندنت”إلى التخلّي عن الاتّفاق النووي مع إيران، ولكنهم أبدوا رغبتهم في الحفاظ عليه.حيث تحدث “جوزيف بوريل” مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى وزير الخارجية الإيرانية في محاولة وساطة أوروبية لإجراء مباحثات ثنائية في بروكسل حول الاتفاق النووي لم تعلن طهرانموقفها منها رفضا أو قبولا.
وحذر “بوريل” من أنّه يتعيّن على إيران الالتزام بتعهّداتها، تجنّبًا لاحتمال إنهاء الاتّفاق النووي،وأعلن عقب اجتماع استثنائي لوزراء خارجية الاتّحاد الأوروبي وفقاً لـ ” سبوتينك”أنهم راغبون في الحفاظ على هذا الاتّفاق النووي الموقّع عام 2015 قدر الإمكان ، لعدم تحويل الملف إلى مجلس الأمن، وأشار أن الاتحاد الأوروبي سيعتمد على عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقييم العواقب . وكرّر التعبير عن “الأسف” لقرار الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتّفاق عام 2018 وأعادت فرض عقوبات.حيث شكّل ذلك نقطة الانطلاق لأزمة بين واشنطن وطهران.
أبدت المفوضية الأوروبية في 6 يناير 2020 قلقها لكون إيران أعلنت أنها لم تعد تشعر بأنها ملتزمة بالاتفاق حول البرنامج النووي”. وشددت على إيران أنها يجب أن تفهم أن من مصلحتها العودة إلى الاتفاق النووي” .
قررت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في 13 يناير 2020 وفقاً لـ صحيفة “تليجراف” البريطانية ، تدشين آلية فض النزاعات ، بسبب فشل إيران في الالتزام ببنود الاتفاق. وتعني تلك الآلية إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، وإمكانية إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران التي رفعت عنها بفضل الاتفاق، وهي أحد سبل حل النزاعات التي تم النص عليها. وذلك في حال لم تسفر المفاوضات داخل اللجنة المشتركة بغية بحث النزاع عن أي تقدم أو خطوة إيجابية خلال( 15) يوما. بريطانيا.. كيف تعاملت مع “قضية” مقتل قاسم سليماني ؟
تخلي إيران عن التزامات الأتفاق النووى
تقول إيران في 10 يناير 2020 وفقاً لـ “رويترز” إن بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تواصل عمليات التفتيش في مواقعها النووية، تاركة مجالا كبيرا للمناورة الدبلوماسية. وإنها يمكن أن تعدل علي الخطوات التي اتخذتها وتعود إلى الاتفاق إذا عادت واشنطن إليه ورفعت العقوبات، لكن واشنطن فرضت مزيدا من العقوبات عليها.وأعلنت إيران في 6 يناير 2020 إلغاء التزاماتها النووية بشكل كامل، بما فيها عمليات إنتاج وتخصيب اليورانيوم والأبحاث النووية. وذكرت أن طهران لن تلتزم بمحدودية نسبة وكمية تخصيب اليورانيوم بعد الآن.
تهديدات ايران لدول الاتحاد الاووبي
توعدت إيران بريطانيا في 13 يناير 2020 وفقاً لـ ” روسيا اليوم” بـ “رد قوي ومناسب” حال ارتكاب المملكة المتحدة أي “خطأ جديد”، مؤكدة أن عليها تحمل تبعات أي عقوبات ستفرضها على إيران.وذلك بعد تصريحات “دومينيك راب” وزير الخارجية البريطاني، وتهديده بفرض عقوبات على إيران. كما دعت إلى “إنهاء التحركات الاستفزازية التي تمارسها السفارة البريطانية في طهران.بالاضافه أنها تسعي لتنظيم صفوفها من جديد، عبر اتخاذ دول البلقان حديقة خلفية ومحطة رئيسية لاستعادة نشاطها في أوروبا. واعلنت ايران ايضا ان جيوش اوروبا ستكون في خطر في منطقة الشرق الاوسط.
وجّه الرئيس الإيراني روحاني، يوم 15 يناير 2020ء، تحذيراً إلى الجيوش الأوروبية في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية إعلان قادة أوروبيين تفعيل آلية فض النزاع النووي مع طهران. وقال روحاني في اجتماع وزاري “الجندي الأمريكي اليوم في خطر، وغداً قد يكون الجندي الأوروبي في خطر، ويجب على القوات الأجنبية أن تغادر الشرق الأوسط“.وعلى صعيد آخر، رفض روحاني أي عروض من شأنها التوصل إلى اتفاق نووي جديد، مشدداً على ضرورة أن تفي الدول الأوروبية الموقعة على اتفاق عام 2015 بالتزاماتها. أعلن قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تفعليهم “آلية فض النزاع” المدرجة ضمن الاتفاق النووي مع إيران، على خلفية “فشل” طهران في احترام التزاماتها بموجب الاتفاق.
الخلاصه
تعاملت أوروبا بتأني واتزان مع قضية مقتل الجنرال قاسم سليماني، وكانت مواقف دول اوروبا خاصة بريطانيا وفرنسا والمانيا، تدعو الى عدم التصعيد وضبط النفس، رغم ان الموقف الالماني هذه المرة كان اكثر”اندفاعا” وكانه يبرر مقتل سليماني بسبب الاستفزازات الايرانية او الجماعات الموالية لها، وماتقصد به هو مهجمة السفارة الامريكية في بغداد من قبل جماعة حزب الله العراقية الموالية الى ايران.
ردود افعال دول اوروبا كانت تمثل “احباط” الى البيت الابيض، وهذا ماجاء على لسان وزير خارجيتها “بومبيو”، حيث كانت امريكا تعول على تاييد حليفاتها الاوروبية.
إن اوروبا تدرك جيدا ان أي حرب جديدة في المنطقة، ممكن ان تنعكس على امنها واقتصادياتها، خاصة في موضوع الطاقة، الى جانب موجات الهجرة والتطرف والارهاب، لذا هي مازالت تؤكد على الخيار السياسي في حل المشاكل اكثر من التصعيد العسكري.
المواقف الاوروبية، تجاه مقتل قاسم سليماني، هي ليست بعيدة ابدا عن التزامات اوروبا مع ايران حول الملف النووي ، رغم اعلان الاخيرة تخليها عن التزاماتها. وهذا يعني أن مواقف أوروبا تجاه ايران سوف تبقى في هذا “النمط” “المحافظ”، والتي تختلف تماما مع الموقف وردود الاقعال الامريكية.
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=57267
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات