الاتحاد الأوروبي وواشنطن ـ المصالح الإستراتيجية والتحديات
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات-ألمانيا و هولندا
إعداد: وحدة الدراسات و التقارير “3”
تتقاسم المصالح الاستراتيجية ومواجهة نفس التحديات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في مجالات مكافحة التطرف والإرهاب والقضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك. وبعد سنوات من فتور العلاقات و الكثير من الأزمات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، بدأ الطرفان في رسم خارطة طريق جديدة لإعادة الثقة المتبادلة ووضع ميثاقا تأسيسيا جديدا من أجل أوروبا أقوى ومن أجل ولايات متحدة أقوى.
أبرز الاتفاقات الأمنية بين ضفتى الأطلسي -الاتحاد الأوروبي
اتفاقية “درع الخصوصية”: تم بدء العمل باتفاقية “درع الخصوصية” في أغسطس 2016 ونصت الاتفاقية على حماية البيانات الشخصية المنقولة من الاتحاد الأوروبي إلى واشنطن. وذلك عبر تشكيل هيئة للتعامل مع شكاوى مواطني التكتل الأوروبي بشأن الأميركيين الذين يتجسسون على البيانات الخاصة بهم. وفي عام 2017 أعد البرلمان الأوروبي مشروع قرار يتعلق بتوفير ضمانات كافية لحماية البيانات الشخصية. وفي 16 يوليو 2020 أبطل القضاء الأوروبي اتفاق ” درع الخصوصية” بسبب ما تمثله برامج المراقبة الأمريكية من مخاطر على حماية هذه المعطيات.
الأجواء المفتوحة: تم إقرار المعاهدة في عام 1992 في فنلندا بالعاصمة هلسنكي و تضم الاتفاقية( )35 دولة . وفي يناير 2002 بدأ العمل بالمعاهدة. وتهدف الاتفاقية إلى السماح لجيش بلد عضو فيها بتنفيذ عدد محدد من الرحلات الاستطلاعية غير المسلحة في أجواء بلد عضو آخر بعيد إبلاغه بالأمر.وفي عام انسحبت 2020 الولايات المتحدةرسميا من معاهدة “الأجواء المفتوحة” الدفاعية، و في 15 يناير 2021 انسحبت روسيا من المعاهدة مأثار قلق ومخاوف الدول الأوروبية .
ويرى الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية “كورنتين برستلان” في 23 مايو 2020 أن “النتائج السلبية الوحيدة للانسحاب ستكون على حلفاء الولايات المتحدة”. لكن وإن سمح الخروج من معاهدة الصواريخ الأرضية المتوسطة المدى للأمريكيين بصناعة أسلحة ونشرها مستقبلاً، فإنهم لن يحصلوا هذه المرة “على أي فائدة عملانية”
التعاون الأمني والدفاعي بين اللاولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا -الاتحاد الأوروبي
أعرب بيان مشترك للولايات المتحدة الأمريكية والمفوضية الأوروبية لتعزيز التعاون لمكافحة أسلحة الدمار الشامل في 15 يونيو 2021 عن القلق البالغ من الخطوات الإيرانية التي تنتهك بنود الاتفاق النووي. وأكد البيان المشترك على العمل بكل قوة من أجل التصدي لانتشار أسلحة الدمار الشامل.وأوضح البيان، مواصلة تعزيز التعاون بشأن استخدام العقوبات لتحقيق الأهداف المشتركة في قضايا السياسة الخارجية والأمن.
بحث وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في 6 فبراير 2021 تعزيز وتعميق العلاقات بين بلدانهم والتعاون في مجالات الأمن والدفاع “إحياء العلاقات العابرة للأطلسي الوثيقة.
وقعت واشنطن مع ألبانيا في بروكسل في مجال أمن التقنيات والشبكات مذكرة تفاهم في مجال أمن تقنية شبكات اتصال الجيل الرابع والخامس (4G5G) في 14 يونيو 2021. وأبرمت الولايات المتحدة الأمريكية مع النرويج في 16 أبريل 2021 اتفاقية لتعميق التعاون الدفاعي وتعزيز التعاون الأمني الثنائي، وتعزيز عمليات الناتو، وزيادة الأمن عبر الأطلسي.
ووقعت الولايات المتحدة الأمريكية وقبرص في سبتمبر 2020 مذكرة تفاهم بشأن لتعزيز وتكثيف التعاون الأمني والعسكري بين الطرفين. ويشمل التعاون بين البلدين بإنشاء مركز للأمن البري والبحري والموانئ في قبرص، بحيث يضمن المركز تقديم الدعم الفني في مجالات أمن الحدود. وفي وراسو وقعت السلطات الأمريكية اتفاقية تعاون دفاعي جديدة مع الخكومة البولندية في 16 أغسطس 2020 تهدف إلى تُنقل قوات أمريكية من ألمانيا إلى بولندا.
التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب
أكد الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في 25 فبراير 2021 ” التهديدات التي واجهناها قبل الوباء لا تزال موجودة، الإجراءات العدوانية التي تنتهجها روسيا، وأشكال الإرهاب الأكثر وحشية فضلا عن الهجمات الإلكترونية المتطورة ، وصعود الصين ، والتداعيات الأمنية لتغير المناخ. لذلك لا يمكن لأي دولة أو قارة مواجهة هذه التحديات بمفردها ، لا أوروبا وحدها ، ولا أمريكا الشمالية بمفردها ، ولكن من خلال تعاون مشترك بين أوروبا وأمريكا الشمالية.”
بالرغم من تعزيز التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لكن توجد نقطة خلاف عميقة في هذا الملف وهي ضغوطات الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بشأن إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوروبا والتي تتعارض مع المقاربات الأمنية لعدة دول أوروبية االتي ترفض إعادتهم وتطالب بمحاكمتهم في البلدان التي يشتبه بأنهم ارتكبوا جرائم فيها
لا يزال التعاون بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإرهاب وتمويله مستمرا . ففي الفترة بين عامي 2016 و2018 جرى التحقيق في (70) حالة بعضها مرتبط بالهجمات الإرهابية على أراضي الاتحاد الأوروبي بما في ذلك التي وقعت في استوكهولم وبرشلونة وغيرهما. كثف الاتحاد الأوروبي التعاون الأمني بين الأجهزة المعنية في برامج تتبع تمويل الإرهاب، وتبادل المعلومات المعلومات حول الإرهابيين لاستخدامها في التحقيقات والمحاكمات. مكافحة الإرهاب في أوروبا ـ سياسات حظر الجماعات المتطرفة
تجسس أمريكي على أوروبا
أجرت هيئة الإذاعة الدنماركية، تحقيقا يشمل الفترة من 2012 حتى 2014 بالتعاون مع شبكات إعلامية أخرى أشار إلى استخدام وكالة الأمن الأمريكية كابلات دنمركية خاصة بالمعلومات للتجسس على مسؤولين كبار في دول أوروبية (السويد والنرويج وفرنسا وألمانيا) منهم ” أنغيلا ميركل” المستشارة الألمانية و” فرانك فالتر شتاينماير”الرئيس الألماني وقتما كان وزيرا للخارجية، و” بيير شتاينبروك “زعيم المعارضة السابق في ألمانيا. وفي عام 2015 كشفت عن تنصت وكالة الأمن القومي الأمريكية على المستشارة الألمانية “انغيلا ميركل”والوسط المحيط بها.
وصرح ” توماس فيغنر فريس” خبير الاستخبارات والأستاذ في “جامعة جنوب الدنمارك” في 31 مايو 2021، بأن ما تم الكشف عنه هو “قطع جديدة من اللغز”.وأضاف “هذه بالضبط الفضيحة نفسها المتصلة بمساعدة الاستخبارات الالمانية الاميركيين على التجسس قبل بضع سنوات”.
تقييم الى واقع التعاون الامني بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا -الاتحاد الأوروبي
– لايمكن فصل الإستراتيجية الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية عن أمن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، فهناك العديد من التهديدات والمخاطر التي تهدد أمن ضفتي الأطلسي مثل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل والصراعات الإقليمية والهجرة وجميعها تؤدي الى تفاقم المخاطر الأمنية بشكل أكبر.
– بدأ الاتحاد الأوروبي في رسم خارطة طريق لتعزيز التعاون التاريخي بين ضفتي الاطلسي، وإعادة الثقة المتبادلة بينهما. وحددت المفوضية الأوروبية مجالات عمل للتعاون الجديد، في مطلعها تعزيز التعاون الدفاعي والأمني لمواجهة تهديدات روسيا والصين وفي مجال مكافحة الإرهاب. لذلك يدرك الاتحاد الأوروبي أهمية وحدة ضفتي الأطلسي لممارسة أشدّ ضغط ممكن على موسكو، في ظل تطورات الأوضاع الأمنية في كلٍّ من أوكرانيا وجورجيا. أمن الاتحاد الأوروبي ـ التعاون الأمني و تبادل المعلومات
– نجد مع هذه المساعي لتوحيد الصف بين ضفتي الأطلسي إلا أنه توجد خلافات عميقة بين دول أوروبا من جهة وبين دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى حول الاستقلالية الدفاعية لدول الاتحاد عن الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى تعارض المقاربات الأمنية لعدة دول أوروبية الرافضة لاستعادة مقاتليها الأجانب والولايات المتحدة المطالبة لإعادتهم. فضلا عن الخلاف القديم القائم والذي لم ينته بشأن زيادة ميزاينة دول أوروبا الدفاعية داخل حلف شمال الأطلسي إلى (2 %) الذى لم تلتزم به سوى (10) دول من حلف الناتو.
– تكمن المشكلة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في إعادة الثقة المتبادلة بين الطرفين بعد فضائح تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على قادة أوروبيين. أنفقت دول أوروبية مليارات الدولارات مليارات من أجل جماية مؤسساتها وأفرادها والرد على الأنشطة التجسسية لأمريكا. ويبدو أن مهما تخذ الدول الأوروبية من من جهود فهي لا تستطيع التماشي والمحاكاة مع إمكانيات وقدرات الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في مجال تجسس الفضاء والإنترنيت.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=76047
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
مراجعة حازم سعيد
الهوامش
القضاء الأوروبي يبطل “درع الخصوصية” اتفاق نقل البيانات الشخصية بين دول الاتحاد والولايات المتحدة
أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تبحث تفعيل العلاقات بينها لمواجهة التحديات العالمية
كل ما يجب أن تعرفه عن معاهدة “الأجواء المفتوحة” التي انسحبت روسيا منها
من ضمنهم ميركل.. باريس تعتبر تجسس واشنطن على الأوروبيين “خطيرا للغاية”