المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
ملف الاتحاد الأوروبي ومصرـ شراكة ومقاربات أمنية
1 ـ الاتحاد الأوروبي ومصر ـ التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة
يشهد التعاون بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه تطوراً مستمرا. خاصة في ظل الأزمات الإقليمية والدولية المتصاعدة. برز دور جمهورية مصر العربية كعنصر إيجابي في جهود التهدئة وإعادة الإعمار. امتدت الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي لتشمل الدفاع، الأمن لاسيما الاستقرار في شرق المتوسط. فضلا عن ولهجرة الغير منظمة. وتؤكد هذه الشراكة على مكانة جمهورية مصر العربية كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في إدارة الأزمات.
الاتحاد الأوروبي يدعم خطة مصر بشأن حرب غزة
أكدت “كايا كلاس” مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في فبراير 2025 “إن الاتحاد استأنف مهمته المدنية لمراقبة معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر وهو نقطة دخول وخروج رئيسية للأراضي الفلسطينية” وذلك بعد موافقة الحكومة المصرية حيث يمكن أن تلعب البعثة “دورا حاسما” في دعم اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة “حماس”.
دعم الاتحاد الأوروبي الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة والترتيبات الأمنية حيث أكد “أنطونيو كوستا” رئيس المجلس الأوروبي في مارس 2025 إن “الاتحاد الأوروبي يدعم ومستعد لتقديم دعم ملموس للخطة المصرية لإعادة إعمار غزة التي تمت مناقشتها واعتمادها في القمة الاستثنائية لزعماء دول جامعة الدول العربية”.
يقول “جون ب. ألترمان” مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ودانييل بايمان، زميل أول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في أكتوبر 2023 ” يُعدّ التعاون المصري ضروريًا للغاية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة، بما في ذلك ضمان إمدادها بالوقود والأدوية عبر معبر رفح. وأضافا “على المدى البعيد، تلعب مصر دورًا حاسمًا في تسهيل أي اتفاق سياسي ينشأ في غزة، وبصفتها الدولة العربية المواجهة، ستلعب مصر حتمًا دورًا في إنفاذ هذا الاتفاق” . وتابعا “يمكن لجمهورية مصر العربية أن تلعب دورًا قياديًا مهمًا، من خلال قيادة الحكومات العربية في إضفاء الشرعية على أي اتفاق”.
حماية الاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط
وقعت اليونان و جمهورية مصر العربية اتفاقية “شراكة استراتيجية” في مايو 2025 في إطار سعيهما إلى تعزيز التنسيق السياسي للمساعدة في حماية الاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي القضايا الإقليمية، تتبادل اليونان وجمهورية مصر العربية التعاون حول التطورات في شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الأوضاع في غزة وسوريا وليبيا.
زارت “دوبرافكا سويكا” مفوضة شؤون المتوسط للاتحاد الأوروبي جمهورية مصر العربية في الثاني من مارس 2025 في إطار سلسلة من المشاورات رفيعة المستوى التي أجرتها “سويكا” لصياغة الميثاق الجديد للمتوسط. يهدف لميثاق، إلى معالجة التحديات المشتركة، من خلال تعزيز العلاقات وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين. وتؤكد هذه الزيارة على العلاقات القوية بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية، كما أنها بمثابة فرصة لتقييم تنفيذ الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
أوضح “فيليو كونترافوري” من صحيفة “Greek reporter” في السابع من مايو 2025 “يؤكد الإعلان على التوافق القائم على القانون الدولي في معالجة التحديات الإقليمية وتعزيز الاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط، ويسلط الضوء على مجالات التعاون والتنسيق، بما في ذلك الآليات السياسية والتجارة والاستثمار والبنية التحتية ومشاريع الاتصال – وخاصة مشروع الربط الكهربائي بين اليونان ومصر GREGY – فضلاً عن الدفاع والهجرة “.
الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية
وقّع الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية في 17 مارس 2024 إعلانًا مشتركًا بعد دخول اتفاقية الشراكة حيز النفاذ عام 2004، بشأن شراكة استراتيجية وشاملة. تتألف الاستراتيجية من حزمة من الالتزامات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، مبنية على ستة ركائز أساسية. يُعدّ الأمن والدفاع والهجرة أحد ركائزها، ويدل اعتماد الاستراتيجية على تنامي التعاون الأمني والدفاعي بين الاتحاد الأوروبي ومصر في سياق الشراكة الاستراتيجية والشاملة، سيتم تخصيص (200) مليون يورو لإدارة مسألة الهجرة.
تقول “فيكتوريا ريتيغ” مديرة برنامج الهجرة في الجمعية الألمانية للعلاقات السياسية “هناك تعاون بين الطرفين منذ عدة سنوات. فمنذ عام 2004 هناك اتفاقية شراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، تنظم العلاقة ببينهما. وبحسب المفوضية الأوروبية تم حتى الآن الموافقة على ما مجموعه 171 مليون يورو لإدارة ملف الهجرة، ودعم مصر في إدارة الحدود ومكافحة الاتجار بالبشر والتهريب، وتشجيع العودة الطوعية للمهاجرين”.
يعد التعاون بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية في مجال مكافحة من الهجرة الغير شرعية أكثر نجاحا من التعاون مع البلدان الأخرى، ويرجع ذلك لاعتماد الحكومة المصرية ضوابط وتدابير أكثر صرامة لضمان أن يكون عدد القوارب التي تنطلق من مصر قليلا جدا ،وملاحقة المهربين وشبكاتهم. لا سيما بعد إطلاق الحكومة المصرية ” استراتيجية وطنية جديدة لمكافحة الهجرة غير الشرعية ” للفترة 2016-2026
واجهت مصر انتقادات حول حقوق الإنسان بشأن الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، بالرغم من إشادة “سيلين إيمارت” في 11 يناير 2025 عضو البرلمان الأوروبي بجهود السلطات المصرية في تعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمساواة وتكافؤ الفرص. الاستخبارات والحروب الهجينة ـ الاغتيالات ضد روسيا كسلاح في الحرب الأوكرانية
التعاون الدفاعي بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية
اعتمد المجلس الأوروبي إجراء مساعدات في إطار مرفق السلام الأوروبي بقيمة (20) مليون يورو لصالح القوات المسلحة المصرية. يساهم هذا الإجراء في تعزيز قدرات القوات المسلحة المصرية و تعزيز الأمن والاستقرار الوطني والإقليمي، وبالتالي تعزيز قدرات تعزيز القوات المسلحة المصرية على الاستجابة للتهديدات الأمنية.و اتفق الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية على ضرورة تعميق تعاونهما، من خلال حوار مكافحة الإرهاب، وتعزيزه في مجال منع ومواجهة التهديدات والتحديات الأمنية، بما في ذلك تهديدات الأمن السيبراني.
التقى “عبدالمجيد صقر” الفريق أول القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بوزير الجيوش الفرنسية، “سيباستيان لوكورنو” والوفد المرافق له. ناقشا الطرفان عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون العسكرى بين البلدين ومناقشة أهم المستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية .
نفذت القوات البحرية المصرية والفرنسية التدريب البحرى المشترك المصرى الفرنسى (كليوباترا- 2024) بنطاق الأسطول الشمالى بالبحر المتوسط، وذلك بمشاركة عناصر من القوات البحرية مصرية والفرنسية . تضمن التدريب تنفيذ تدريبات خاصة بالدفاع الجوى ضد الأهداف الجوية المعادية وكذا التدريب على الإمداد والتزود بالوقود في البحر.
أشار تقرير في السابع من مارس 2025 إلى إن العلاقات الدفاعية المصرية الفرنسية تعتمد في المقام الأول على أهداف السياسة الخارجية المشتركة ويتميز التعاون العسكري بين البلدين بسلسلة من التحالفات والاتفاقيات الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية من خلال “مسؤولون مصريون وفرنسيون يشرفون على العلاقات الدفاعية، واستمرار التعاون الدفاعي بين البلدين، فضلا عن تكثيف مجالات التعاون الدفاعي المستقبلية، و التغلب على العقبات التي تواجه العلاقات الدفاعية المصرية الفرنسية”. أمن أوروبا ـ كيف تستعد أوروبا للحرب العالمية الثالثة؟
التعاون الشرطي بين جمهورية مصر العربية واليوروبول
أجري الاتحاد الأوروبي مفاوضات بشأن اتفاقية عمل بين اليوروبول ومصر في يناير 2025، وذلك لتعزيز التعاون بين وكالات إنفاذ القانون الأوروبية والمصرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية والاستراتيجية. ووصفت المفوضة الأوروبية السابقة “إيلفا يوهانسون”: “مصر بأنها شريك استراتيجي حقيقي للاتحاد الأوروبي، وللاستقرار في المنطقة”. ينصّ اتفاق العمل الموقع بين جمهورية مصر العربية واليوروبول في العاشر من ابريل 2025 على تبادل منظم ومُحسّن للمعلومات بشأن الجرائم العابرة للحدود والجريمة المنظمة ولمكافحة الإرهاب. ستتمكن وزارة الداخلية المصرية من إرسال ضباط اتصال للانضمام إلى فريق ضباط الاتصال التابع لليوروبول في مقرها الرئيسي في لاهاي. أمن قومي ـ أهم التهديدات الأمنية الحالية لدول الاتحاد الأوروبي
**
2 ـ الاتحاد الأوروبي ومصر، شراكة استراتيجية، الهجرة غير النظامية وضبط الحدود
أدت الزيادة المتواصلة في عدد المهاجرين من مصر وموقعها في مفترق طرق الوفود المهاجرة إلى قيام أوروبا بعقد شراكة مع مصر من أجل توفير مراقبة خارجية للحدود. من جهتها، استعانت مصر بأدوات مؤسسية وقانونية متعددة، تشهد على تشديدها الأمني في مجال إدارة الهجرة. كما يتم الآن استخدام وسائل للحد من الهجرة من مصر، سواء من قِبَل المواطنين أو الأجانب المقيمين.
مصر كدولة “عبور واستقرار للمهاجرين“
تعرضت مصر باعتبارها دولة مقصد ومعبر وانطلاق، لموجات اللجوء والهجرة غير الشرعية، نتيجة تزايد حالة عدم الاستقرار السياسي والحروب الأهلية في القارة الإفريقية، والحالة التي يشهدها العالم العربي من ثورات وانقسامات وتزايد الصراعات العرقية والطائفية المسلحة خاصة في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان من ناحية، هذا بجانب الأوضاع الكارثية الأخيرة في فلسطين نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
تعد مصر مواطناً لأكثر من (10) مليون أجنبي، من المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من (133) دولة ،بحسب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في 9 ابريل 2025. فيما تعد مصر هي موطن لأكثر من (6) ملايين مواطن سوداني وجنوب سوداني. تشمل مجموعات المهاجرين الأخرى الفلسطينيين والصوماليين والإثيوبيين والإريتريين.
أشار تقرير أعدته لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الأمريكي في مايو 2024 إن عدد اللاجئين المقيمين في مصر يعادل (8.7%) من إجمالي السكان. فبما صرح رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، في ابريل 2025 إن تدفق اللاجئين بسبب الصراعات في الدول المجاورة يكلف مصر أكثر من(300) مليار جنيه ما يقارب (6) مليون دولار سنويا.
تعد مصر هي دولة عبور للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، فبين عامي 2009 و2024، وصل أكثر من (71,200) مهاجر غير شرعي من مصر. سلك (63,700 ) منهم طريق شرق البحر الأبيض المتوسط (عبر تركيا إلى اليونان)، وسلك 7,500 طريق وسط البحر الأبيض المتوسط (عبر ليبيا إلى إيطاليا).
شكّل المواطنون المصريون عام 2024، رابع أكبر مجموعة تصل بشكل غير نظامي إلى وسط البحر الأبيض المتوسط، وثالث أكبر مجموعة في شرقه . وبحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن المصريين يمثلون في نهاية عام 2024 نسبة (7%) من إجمالي (11.990) من المقيمين في مراكز الاستقبال المغلقة في جزر بحر إيجة، ويشكلون ثالث أكبر جنسية بعد السوريين (38%) والأفغان (36%). فيما خلص تقرير نشر في ديسمبر 2024 أنه بسبب تشديد الرقابة والرصد في مصر، يتجه المصريون الراغبون في الوصول إلى أوروبا عادةً إلى ليبيا المجاورة.
جهود الدولة المصرية لمجابهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
تنتهج مصر منذ أكثر من عشرة سنوات سياسة ممنهجة في تعاملها مع ملف الهجرة غير الشرعية ، فما بين إجراءات أمنية وتشريعات للتصدي لعصابات التهريب، وتعاون عابر للحدود بين القاهرة والمؤسسات الدولية والهيئات الأممية ودول الاتحاد الأوروبي، وما بين العمل علي زيادة فرص العمل، وتوفير برامج حماية اجتماعية متنوعة .
نجحت الدولة المصرية في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية وإحكام عمليات ضبط الحدود البرية والبحرية ووضع إطار تشريعي وطني لمكافحة تهريب المهاجرين، فضلا عن استضافة ملايين اللاجئين والمهاجرين من مختلف الجنسيات والتعامل معهم دون تمييز وإدماجهم في المجتمع المصري مع استفادتهم من كل الخدمات الأساسية والاجتماعية أسوة بالمواطنين المصريين . حيث تضمن الدولة المصرية حرية حركة اللاجئين والمهاجرين من مختلف الجنسيات وعدم عزلهم في مخيمات او معسكرات إيواء.
ـ كانت بداية جهود الدولة على المستوى المحلي لمكافحة الهجرة غير الشرعية بإطلاق أول استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2026- 2016)، حيث أعلنت مصر في عام 2016 عدم خروج أي مركب هجرة غير شرعية من السواحل المصرية، بالإضافة إلى إصدار قانون (82) لعام 2016 لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والذي وضع عقوبات رادعة لهذه الظاهرة بتجريمه كل أشكال تهريب المهاجرين، إلى جانب مكافحة نشاط المؤسسات المنخرطة في هذه الجريمة، وكذلك تأسيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر بموجب هذا القانون.
ـ ترأست مصر واستضافت بشرم الشيخ ، في يونيو 2016، الاجتماع الوزاري الثاني لمبادرة الاتحاد الإفريقي والقرن الإفريقي حول الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين. كما استضافت مصر في نوفمبر من نفس العام بالأقصر المؤتمر الأول من نوعه الذي يضم كافة العمليات التي تتناول مسار الهجرة بين إفريقيا وأوروبا .
ـ جرى تأسيس “اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر” رسميًا في 23 يناير 2017، وهي لجنة تابعة لمجلس الوزراء، وتضم (29) وزارة وهيئة، بخلاف رئيس اللجنة واثنين من الخبراء، وتختص اللجنة الوطنية بالعمل على رفع مستوى الوعي العام بمخاطر الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، وتعمل اللجنة أيًضا على تعبئة الموارد اللازمة لدعم جهود مكافحة تلك القضايا، ودعم التنمية كأساس لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، وتوفير البدائل الإيجابية لفرص العمل في مصر، ودعم مسارات الهجرة الشرعية.
ـ بدأت وزارة الهجرة تنفيذ المبادرة الرئاسية “مراكب النجاة”، التي أطلقها رئيس الجمهورية ضمن توصيات النسخة الثالثة من منتدى شباب العالم في ديسمبر 2019، في إطار مشاركة مصر في تنفيذ الاتفاق العالمي للهجرة، الذي شاركت مصر في مراحل إعداده واعتماده بمدينة مراكش المغربية في ديسمبر 2018 . وقد ساهمت “مراكب النجاة” في توعية وتدريب الفئات الأكثر استهدافا للتعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية وبدائلها الآمنة، وفق خطة موضوعة لتشمل (14) محافظة من المحافظات الأكثر توجها للهجرة غير الشرعية، بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل وريادة الأعمال، والزيارات الميدانية وحملات طرق الأبواب لتوعية الأمهات والقُصّر .
ـ استضافت مصر المنتدى الإقليمي الأول لهيئات التنسيق الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في إفريقيا في نوفمبر 2019، بينما تم إطلاق المكون المصري من مشروع تفكيك شبكات الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين في شمال إفريقيا بالتعاون من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وذلك في يوليو 2020 .
ـ وضمن هذه الجهود تأتي مبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري، والتي تساهم بشكل مباشر في رفع جودة الحياة لمواطنينا بالقرى المصدرة للهجرة غير الشرعية، بجانب العمل على تأهيل وتدريب الشباب في هذه القرى وفق احتياجات سوق العمل الأوروبية والمحلية، ويتم ذلك من خلال برامج تدريبية مكثفة بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية ومن بينها المركز المصري الألماني للهجرة .
ـ أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فى إبريل 2022 قرارًا بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين لسنة 2016، من أجل التصدي لهذه الظاهرة حيث تم تغليظ العقوبة لتصبح السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
وبحسب المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينوف إن معدل قوارب الهجرة غير الشرعية من مصر إلى أوروبا انخفض ما يقرب من الصفر، بفضل الإجراءات الفعالة التي اتخذتها الحكومة المصرية. اللجوء والهجرة غير الشرعية في الاتحاد الأوروبي وتداخلها مع التطرف والإرهاب (ملف)
تعاون استراتيجي بين مصر والاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية
يدرك الاتحاد الأوروبي مواجهة مصر ضغوطًا كبيرة للهجرة بسبب موقعها وحدودها سواء الشرقية أو الغربية والجنوبية الملامسة للأزمات الكارثية لدول الجوار، وهذا ما استدعى تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية وقضايا تعاون أخرى مثل الطاقة، والأجندة الخضراء، وأجندة المناخ.
تعود هذه الجهود إلى عام 2004، مع اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية ، التي أبرمها الاتحاد الأوروبي آنذاك مع سبع دول متوسطية. حتى في ذلك الوقت، تناولت الاتفاقية التعاون في منع الهجرة غير النظامية والسيطرة عليها. ومن بين أمور أخرى، تم الاتفاق على إعادة قبول المواطنين المرحلين: نادرًا ما يحصل المصريون على حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي. مهدت إيطاليا الطريق باتفاقية ثنائية عام 2007، بينما ناقش الزعيمان، خلال اجتماع سابق بين ميركل والسيسي في القاهرة عام 2017، ترحيل حوالي ألف مصري من ألمانيا.
تُزوّد الدول الأوروبية مصر بالتدريب والمعدات اللازمة لإبقاء حدودها مغلقة. معظم الاتفاقيات الموقعة ثنائية: تتعاون المملكة المتحدة وفرنسا مع مصر بشكل رئيسي في الشؤون العسكرية، بينما تتعاون ألمانيا وإيطاليا مع مصر في شؤون الشرطة. وقد زوّدت شركة إيفيكو الإيطالية، المُصنّعة للمركبات والشاحنات، الشرطة المصرية بسيارات فان.
تتصدى مصر للهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي من خلال اتفاقيات مع ألمانيا وإيطاليا واليونان وقبرص. التعاون المصري الإيطالي مستمر منذ عام 2000 (مع اتفاقيات أخرى في عامي 2007 و2009). شهد عام 2015 إبرام الاتفاقية المصرية اليونانية القبرصية، وشهد عام 2017 إبرام الاتفاقية المصرية الألمانية، التي ركزت على مكافحة الهجرة غير النظامية والمهربين، ومنع الهجرة غير النظامية العابرة، وخاصة عبر الحدود البرية مع ليبيا، وإعادة قبول المصريين المقيمين بشكل غير قانوني في ألمانيا.
كما وقعت مصر وإيطاليا برتوكول مكافحة الجريمة والهجرة غير الشرعية فى عام 2018 ، ليتم تجديده عام 2020، بما يعكس ثقة أجهزة الأمن الإيطالية والأوروبية بخبرات الأجهزة المصرية وإمكاناتها التدريبية، كما تتعاون مصر وإيطاليا فى مجال التدريب والتأهيل وتصدير العمالة المصرية لسوق العمل الإيطالى بطريقة شرعية ولائقة والتصدى لعمليات الهجرة غير الشرعية ، كما يهدف هذا المشروع لجمع شمل العمال المصريين المقيمين إقامة شرعية فى إيطاليا مع عائلاتهم الموجودة فى مصر .
وقعت مصر في أكتوبر 2018 اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب الأشخاص والإتجار بالبشر، حيث تضمنت الاتفاقية (7) مشروعات في (15) محافظة بقيمة (60) مليون يورو، لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة لظاهرة الهجرة غير الشرعية .
وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع مصر في 17 مارس 2024 تم بموجبها رفع مستوى العلاقات إلى “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” وزيادة التنسيق والتعاون بين الجانبين في مجالات عديدة تتعلق بالهجرة ودعم الاقتصاد المصري، ولأسباب أخرى جيوسياسية.
بموجب الاتفاق، ستحصل مصر من عام 2024 إلى عام 2027 على تمويل بقيمة (7.4) مليار يورو. وهو أكبر من أي دولة أخرى في الماضي، وتشمل هذه المساعدات:
- قروض بشروط مواتية بقيمة (5) مليار يورو
- (1.8 )مليار يورو من الاستثمارات الإضافية، في إطار “خطة الجوار الاقتصادي والاستثماري الجنوبي”
- (600) مليون يورو في شكل منح إضافية، منها (200) مليون يورو مخصصة لإدارة الهجرة
ومن المرجح أن يكون العامل الرئيسي وراء هذا الكرم هو خوف الاتحاد الأوروبي من توجه عدد كبير من النازحين السودانيين إلى أوروبا عبر مصر.
كما تستفيد مصر من تمويل ثنائي وإقليمي من نافذة شمال إفريقيا ضمن الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ لأفريقيا (EUTF Africa). وتتضمن المشاريع الجارية بقيمة (90) مليون يورو حزمة “تعزيز الاستجابة لتحديات الهجرة في مصر”، إضافة إلى برامج إقليمية تتناول الأمن والتنقل واللجوء ودعم الأطفال واللاجئين. وتستفيد مصر أيضًا من صندوق اللجوء والهجرة والاندماج (AMIF) للفترة 2021-2027، الذي يهدف إلى تعزيز قدرات الإدارة الوطنية وتحسين إجراءات إدارة الهجرة.
خصّص الاتحاد الأوروبي في عام 2024 (9) ملايين يورو كمساعدات إنسانية لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء الأكثر ضعفًا في مصر، لا سيما في مجالات التعليم الطارئ وتلبية الاحتياجات الأساسية. كما يقدّم الاتحاد الدعم للاجئين الفارين من النزاع في السودان، من خلال تمويل مساعدات منقذة للحياة تشمل الغذاء والمياه والصرف الصحي، والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال.
زارت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون مصر في سبتمبر 2024، ورحبت بالجهود المصرية الناجحة في منع مغادرة السفن التي تحمل المهاجرين غير النظاميين من مصر عبر البحر الأبيض المتوسط. فيما تم الإعلان عن مزيد من التعاون بين مصر ووكالات الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، مثل وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA)، ووكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية (Frontex)، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في إنفاذ القانون (Europol)، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتدريب على إنفاذ القانون (CEPOL)، ووكالة الاتحاد الأوروبي لمكافحة المخدرات (EUDA).
أطلق السفير كريستيان بيرغر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، في 2 أكتوبر 2024، المنصة المشتركة بشأن المهاجرين واللاجئين. ويهدف البرنامج المشترك للأمم المتحدة الذي تنفذه مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية إلى دعم التزام مصر في إطار شبكة الأمم المتحدة للهجرة كواحدة من ” (25) دولة رائدة في الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية” وكذلك التزام مصر بالميثاق العالمي للهجرة. اللجوء والهجرة غير الشرعية داخل الاتحاد الأوروبي ـ السياسات والتدابير
**
3 ـ الاتحاد الأوروبي ومصر لمواجهة التهديدات الإقليمية في شرق المتوسط؟
يجمع الاتحاد الأوروبي ومصر علاقات ممتدة على مدار عقود طويلة، على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وخلال السنوات الأخيرة شهدت هذه العلاقات طفرة غير مسبوقة، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يعد أهم الداعمين لمصر إقليمياً ودولياً، ويعتبر التكتل الأوروبي مصر ركيزة أساسية في الشرق الأوسط، بشأن حفظ الأمن والاستقرار في ظل توسع الصراعات بالمنطقة. وبرز التعاون بين الجانبين في الزيارات المتبادلة بين المسؤولين، وتوقيع الاتفاقيات حول ملفات الأمن والاقتصاد والهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب. وعززت حربا أوكرانيا وغزة من الحوار المشترك بين مصر ودول التكتل الأوروبي، لتقارب المواقف بشأن ضرورة تغليب الحلول الدبلوماسية على الحلول العسكرية، والتأكيد على حماية المدنيين في جميع مناطق الصراعات بالعالم.
ما طبيعة التحالفات البحرية والأمن الإقليمي بين مصر والاتحاد الأوروبي؟
حماية الأمن البحري والإقليمي
حرصت مصر والاتحاد الأوروبي على تعزيز التعاون الأمني البحري، باستضافة مدينة شرم الشيخ المصرية في 24 فبراير 2019، قمة بين أعضاء الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، وإبرام اتفاقية الأمن البحري وترسيم الحدود البحرية، ووقعت مصر واليونان في 2020، اتفاقية بحرية تمكنهما من القيام بأنشطة استكشاف مشتركة في مياه محددة، وأجرت البلدان تدريبات عسكرية مشتركة وزيارات للموانئ، لمواجهة أي تهديدات أمنية وتدفقات للهجرة غير الشرعية.
انطلقت الجولة الثالثة من الحوار بين مصر والاتحاد الأوروبي في نوفمبر 2021، لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، ومناقشة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، والارتباط بين الهجرة والتنقل القانوني عبر ميثاق الاتحاد الأوروبي للهجرة، الذي من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في 2026.
توافق الاتحاد الأوروبي ومصر، في الاجتماع التاسع لمجلس الشراكة بين التكتل ومصر، في 19 يونيو 2022، على أولويات الشراكة لتوجيه العلاقات حتى عام 2027، بما يتماشى مع أجندة الاتحاد لمنطقة البحر المتوسط، ورؤية مصر (2030) لاستراتيجية التنمية المستدامة، حول الاقتصاد المستدام والسياسة الخارجية وتعزيز الاستقرار.
أجرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للمتوسط دوبرافكا سويتشا، في 2 مارس 2025، زيارة لمصر، للتأكيد على التزام الاتحاد بدعم مصر في التوقيت الراهن، باعتبارها حجر الأساس للاستقرار والأمن الإقليمي. قدمت سويتشا وثيقة ميثاق البحر المتوسط الجديد، ووقعت مع الحكومة المصرية قرضاً بقيمة (90) مليون يورو لصالح مشروع “صمود مصر الغذائي”.
يدرك التكتل الأوروبي، دور مصر في تشكيل الاستقرار الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع بغزة وسوريا والشرق الأوسط وتعزيز التعاون مع الخليج، وأكدت المفوضية الأوروبية، أن مصر شريك استراتيجي في استقرار منطقة البحر المتوسط، خاصة وأنها ليس مجرد فضاء جغرافي، بل تمثل جسر اقتصادي يربط بين القارات الثلاثة، لذا يصيغ الجانبان ميثاق البحر المتوسط الجديد وفقاً للمستجدات الأمنية بالمنطقة.الاتحاد الأوروبي ومصر ـ التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة
مراقبة تهريب البشر عبر البحر
ووقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 17 مارس 2024، شراكة استراتيجية لتغطي العلاقات السياسية والاقتصادية والهجرة والتنقل والأمن الإقليمي. يعمل الاتحاد على حزمة مالية بقيمة (7.4) مليار يورو للفترة (2024-2027)، من بينهم (600) مليون يورو في شكل منح ثنائية و(200) مليون يورو للهجرة.
أكدت مديرة برنامج الهجرة بالجمعية الألمانية للعلاقات السياسية فيكتوريا ريتيغ، أن التعاون في ملف الهجرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر وثيق منذ 2004، حيث دعم الاتحاد مصر في إدارة الحدود ومكافحة الاتجار بالبشر والتهريب، وتشجيع العودة الطوعية للمهاجرين بقيمة (171) مليون يورو، يثق الاتحاد في مصر للسيطرة على الهجرة ووضع ضوابط صارمة لضمان تقليل القوارب التي تنطلق إلى أوروبا.
أكد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، في 2 أغسطس 2024، أن بلاده تهدف من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي إلى تعميق التعاون في مختلف المجالات، والذي انعكس خلال مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي في يونيو 2024، والتعاون بمجالات مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب. تعد هذه الجهود امتداداً للجولة الرابعة للحوار حول الهجرة بين الجانبين في يوليو 2024، والاتفاقية التي وقعت لمكافحة الاتجار بالبشر في أكتوبر 2018، وتضمنت وقتها (7) مشروعات لمعالجة أسباب تدفق المهاجرين لسواحل أوروبا.
أطلقت مصر مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في 30 سبتمبر 2024، برنامجاً مشتركاً لمواجهة تدفق اللاجئين من السودان منذ أبريل 2023، ويدعم الاتحاد الأوروبي البرنامج بـ (12.2) مليون يورو لتوفير الاحتياجات الصحية والتعليمية، وتعزيز القدرة لدى اللاجئين للصمود في مجتمعاتهم المضيفة. وأكد المسؤولون بمصر ودول الاتحاد، على ضرورة تقاسم الأعباء لدعم حقوق اللاجئين السودانيين، واستكشاف فرص إعادة توطينهم، والمسارات الآمنة والقانونية للاجئين في مصر للاتحاد الأوروبي.
ووقع اليوروبول ومصر في 9 أبريل 2025، على اتفاقية التعاون بمجال إنفاذ القانون لمكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات، وتهريب المهاجرين والجريمة المنظمة، وتعد الاتفاقية الأولى من نوعها بشمال أفريقيا، لإنفاذ القانون بين ضفتي البحر المتوسط.
جدد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، في 24 أبريل 2025، تأكيده على التعاون في الأمن الإقليمي والهجرة غير الشرعية، خلال اتصال هاتفي مع مفوضة الاتحاد الأوروبي للمتوسط دوبرافكا سويتشا.
ما آليات التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر في أمن الطاقة؟
أصبحت منطقة شرق المتوسط ذات أهمية استراتيجية لأوروبا، بعد اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي في مياه قبرص ومصر وإسرائيل، لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية. ويتعاون الاتحاد الأوروبي مع مصر عبر منتدى شرق المتوسط في مجال الطاقة، لتعزيز استكشاف الغاز وتصديره، لضمان أمن الطاقة بأوروبا وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
دفعت نزاعات الحدود البحرية بين تركيا واليونان وقبرص، الاتحاد الأوروبي إلى دعم العضوين بالتكتل في هذه المنطقة، و تعزيز التعاون مع مصر في شرق المتوسط كونها شريكاً مهما في مجال الطاقة، خاصة بعد الحرب الأوكرانية وأزمات السودان وغزة، والبحر الأحمر جراء هجمات الحوثيين.
ووقع الاتحاد الأوروبي مع مصر وإسرائيل، في يونيو 2022، مذكرة تفاهم لنقل وتجارة وتصدير الغاز الطبيعي، عقب تقليص روسيا إمدادات الطاقة لأوروبا بنسبة (40%) عبر خط نورد ستريم. بلغت إيرادات مصر من صادرات الغاز نحو (8.4) مليار دولار، بزيادة تقدر بنحو (140%) مقارنة بعام 2021. ووصلت صادرات الغاز في 2023، نحو (2.5) مليار دولار من إجمالي صادرات بترولية (8) مليارات دولار.
أقامت مصر مؤتمر “الاستثمار الدولي” في يونيو 2024، لتعزيز دورها في سلاسل إمدادات الطاقة للاتحاد الأوروبي، وللتأكيد على العلاقات القوية بينهما التي تتجاوز حدود المنطقة الأورو-متوسطية لضمان أمن الطاقة. واستقبلت أوروبا أكثر من (70%) من صادرات الغاز الطبيعي المصرية في 2024.
ووقعت مصر وقبرص وشركة “إيني” الإيطالية للطاقة في 17 فبراير 2025، اتفاقية لتطوير وتصدير الغاز من حقل كرونوس القبرصي، إلى الأسواق الأوروبية عبر البنية التحتية المصرية. وأشارت شركة “إيني” إلى أن الاتفاقية خطوة مهمة في إنشاء مركز للغاز بشرق المتوسط، وللاستفادة من البنية التحية الهيدروكربونية بمصر، مع وضع قبرص منتج ومصدر للغاز.
أكدت مصر واليونان في 7 مايو 2025، خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأثينا، على ضرورة التعاون في قطاع الطاقة وتحديداً الغاز الطبيعي بالمتوسط، ومشروع الربط الكهربائي الذي يربط الدولتين عبر كابل بحري، لنقل الطاقة المتجددة من مصر لليونان ومنها لأوروبا، لدعم أمن الطاقة وأهداف التحول الأخضر.الاتحاد الأوروبي ومصر، شراكة استراتيجية، الهجرة غير النظامية وضبط الحدود
كيف يعزز الاتحاد الأوروبي ومصر التعاون الأمني بالمنطقة؟
شارك الاتحاد الأوروبي مصر، في الجهود الدبلوماسية لمعالجة الصراعات في سوريا وليبيا وفلسطين، عبر تقديم حلول سياسية والدعم الإنساني والاقتصادي لمناطق النزاعات، خاصة وأن الصراعين في سوريا وليبيا تسببا في موجة هجرة ولجوء واسعة لدول التكتل الأوروبي.
زادت الاتصالات والزيارات بين المسؤولين الأوروبيين والمصريين، للتباحث حول الأزمة السودانية والأوضاع في الأراضي الفلسطينية، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في البلدين، ما دفع الاتحاد الأوروبي لدعم التنمية الاقتصادية بمصر والتخفيف من تأثير نزوح اللاجئين السودانيين والفلسطينيين على الاقتصاد المصري. وقدم الاتحاد لمصر حزمة بقيمة (7.4) مليار يورو في شكل منح وقروض حتى نهاية 2027.
دشن الجانبان الأوروبي والمصري، وثيقة أولويات المشاركة المصرية الأوروبية (2021-2027)، والتي تحدد مسارات التعاون لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية في المنطقة والقارة الأفريقية، وتنفيذ مبادرات أجندة البحر المتوسط الجديدة، في أعقاب الأزمات العالمية مثل جائحة “كوفيد-19” والهجرة غير الشرعية والتغيرات المناخية.
يتشارك الاتحاد الأوروبي ومصر في رؤية موحدة تجاه قضايا المنطقة، إذ أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، خلال مشاركته للقمة العربية المنعقدة بالقاهرة في مارس 2025، على دعم جهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة. وفي أبريل 2024 رحبت القاهرة بإعلان المفوضية الأوروبية، البرنامج المالي متعدد السنوات للتعافي الفلسطيني الذي يقدر بنحو (1.6) مليار يورو.
كانت قضايا المنطقة محور نقاشات الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارة ماكرون للقاهرة في 7 أبريل 2025، بالتشديد على ضرورة عودة وقف إطلاق النار بغزة، ورفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وضم إسرائيل لغزة أو الضفة الغربية. واتفق الجانبان على تنسيق الجهود المشتركة لإحلال السلام بالمنطقة، ودعم الخطة العربية لإعادة إعمار غزة.أمن هولندا ـ سياسات تطوير مجالات الاقتصاد والطاقة والمناخ
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– يعكس دعم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه للخطة المصرية بشأن غزة، أهمية دور مصر في حل القضية الفلسطينية، وهذا يأتي في وقت تشهد فيه الدول الأوروبية تهديدات أمنية بسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
– يمكن القول أن التنسيق السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي في القضايا الإقليمية، بما في ذلك الأوضاع في غزة وسوريا وليبيا ، يعكس توازنات جديدة في المنطقة. كما يظهر طموحًا أوروبيًا لاحتواء المنطقة عبر شراكات متوسطة الأجل، و تمثل القاهرة الطرف الأكثر قدرة على ضمان الاستقرار وتنفيذ الاتفاقيات.
– بات متوقعا أن تشهد شراكة الاتحاد الأوروبي الأمنية والدفاعية مع جمهورية مصر العربية تطورا على المدى البعيد، ما يعزز دور الاتحاد الأوروبي ومصر في مواجهة التهديدات الأمنية المشتركة في المنطقة.
– من المحتمل تكثيف التدريبات بين مصر والدول الأعضاء داخل الاتحاد الأوروبي في شرق المتوسط وأفريقيا، وإبرام صفقات تسليح جديدة تركّز على التكنولوجيا الدفاعية والدرونز.
– على الأرجح أن تستمر مؤسسات الاتحاد الأوروبي في التعاون الشرطي مع مصر، خاصة لضبط عملية الهجرة الغير شرعية ومكافحة الإرهاب والجريمة الغير شرعية. وتقديم المزيد من الدعم الفني واللوجستي ضمن مرفق السلام الأوروبي.
**
ـ تُعد مصر وجهةً مؤقتة ودائمة، وبلد عبور لأوروبا مع وجود ما لا يقل عن ثلاثة صراعات نشطة حاليًا على حدودها (ليبيا والسودان وفلسطين) وهذا الازدواج في كون مصر دولة هجرة وافدة وخارجة في نفس الوقت، جعل منها شريكـًا متميزًا للاتحاد الأوروبي .
ـ عززت مصر جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية على مدار العقد الماضي، بما في ذلك إطلاق حملات توعية تهدف إلى تحذير الشباب من مخاطر هذه الخطوة. وتُعد مبادرة “قوارب النجاة” جزءًا من هذه الجهود.ـ يدرك الاتحاد الأوروبي أهمية التعاون الأمني مع دول شمال أفريقيا، لما لهذه الدول من إنعكاسات على أمن أوروبا، لذلك يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز سياساته مع دولتى تونس وليبيا في محاولة منه للحد من موجات الهجرة التي تداخلت مع ملف الأمن في أوروبا.
ـ يتضح أهمية ملف الهجرة غير الشرعية على أجندة التعاون الاستراتيجي بين الاتحاد الأوروبي ومصر التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي شريك مهم ويعول عليها كثيرًا في الحد من هذه الظاهرة ومكافحتها، ويدرك الاتحاد الأوروبي مواجهة مصر ضغوطًا كبيرة للهجرة بسبب موقعها وحدودها سواء الشرقية أو الغربية والجنوبية الملامسة للأزمات الكارثية لدول الجوار، وهذا ما استدعى تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية وقضايا تعاون أخرى مثل الطاقة، والأجندة الخضراء، وأجندة المناخ.
ـ يعتمد التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة على مبادئ الشراكة والمسؤولية المشتركة وتقاسم الأعباء. ويواصل الاتحاد الأوروبي دعم مصر في إدارة الهجرة عبر آلية الجوار والتنمية والتعاون الدولي (NDICI). وتشمل البرامج القائمة معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وتوفير البدائل، وإدارة الحدود، ومكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وضمان العودة الكريمة وإعادة الإدماج، وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين، ودعم اللاجئين السودانيين، وتعزيز الهجرة النظامية والتنقل.
ـ ينبغي على الاتحاد الأوروبي العمل على تحسين وضع المهاجرين، والحد من الهجرة غير الشرعية، ودعم التنمية ، الاجتماعية والاقتصادية في مصر لتصبح وجهةً للهجرة. ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يشترط لصرف أمواله لمصر تحقيق أهدافٍ لتحسين معاملة المهاجرين أو تنفيذ برامج تعليمية تُعزز المواقف المناهضة للعنصرية والمساواة واحترام حقوق الإنسان. من شأن الاستثمارات الكبيرة، والتنمية الصناعية، وتدابير النمو الاقتصادي أن تُولّد فرص عمل للمصريين والمهاجرين. إلا أن التحدي يكمن في ضمان عدم استنزاف النخبة المحلية للأموال المخصصة للاستثمار. علاوة على ذلك، يجب مواصلة التعاون في مكافحة شبكات التهريب، مع مراعاة معاملة المهاجرين بإنسانية أكبر.
ـ بات من المتوقع أن تزيد الحكومات الأوروبية من جهودها عبر توقيع اتفاقيات على المستوي الوطني للحد من الهجرة الغير شرعية وإقناع مصر ودول شمال وغرب إفريقيا بإعادة قبول مواطنيها بمجرد أن يخضعوا لأمر الطرد أو الترحيل.
**
– تمثل مصر دولة ذات ثقل سياسي وأمني واقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط، ويعول الاتحاد الأوروبي عليها في ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي للمنطقة، نظراً لموقعها الجغرافي ولعلاقاتها القوية مع دول الجوار، وبالمثل تنظر مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي كشريك رئيسي في المجالات السياسية والاقتصادية، وداعم مهم لها في مواجهة التحديات الراهنة التي تتصاعد مع تفاقم الأوضاع داخل السودان وليبيا، وعودة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للواجهة مرة أخرى، مع حرب غزة الحالية والتصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.
– التفاهم الواضح والمتبادل بين مصر والتكتل الأوروبي، حول القضايا الرئيسية في المنطقة والمتعلقة بأمن الطاقة ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، صنع رؤية مشتركة بين الجانبين وجعل التحالفات أساس التعاون في البحر المتوسط، نظراً لما يشهده من خلافات إقليمية بين اليونان وقبرص وتركيا، ولاحتوائه على موارد هائلة للطاقة، إضافة إلى استغلال عصابات الاتجار بالبشر هذه المنطقة، لتمرير المهاجرين غير الشرعيين من دول أفريقيا إلى سواحل أوروبا.
– أولت مصر قضية الهجرة غير الشرعية اهتماماً كبيراً خلال العشر سنوات الماضية، وهي نقطة تلاقي مع اهتمامات الاتحاد الأوروبي، لذا أصبحت مصر داعماً لأوروبا للتصدي للمهاجرين غير الشرعيين، عبر المباحثات المشتركة لمنع الأسباب الجذرية وراء تصاعد هذه الظاهرة، الأمر الذي دفع الجانبين الأوروبي والمصري لبحث حلول للصراعات السياسية في أفريقيا، ووضع خطة لمواجهة تداعيات تغيرات المناخ، خاصة وأن أفريقيا القارة الأكثر تضرراً من عواقب التغير المناخي.
– تحولت نظرة الاتحاد الأوروبي إلى مصر من مجرد إحدى الدول المصدرة للطاقة، إلى مصدر رئيسي لموارد الطاقة مثل الغاز الطبيعي المسال، وشريك للتعاون في مسألة التحول نحو الطاقة المتجددة، خاصة بعد اندلاع الحرب الأوكرانية ووقف روسيا خطوط إمدادات الطاقة عبر خط نورد ستريم لأوروبا منذ يونيو 2022، النقطة التي عززت من التعاون بين الجانبين ودعمت العلاقات الثنائية خاصة مع دول اليونان وقبرص وإيطاليا، في قطاعات استكشاف وتصدير الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، ما عزز من مكانة مصر اقتصادياً لدى التكتل الأوروبي على مدار الثلاث سنوات الأخيرة.
– يعول التكتل الأوروبي ومصر على بعضهما البعض في دعم القضية الفلسطينية، حيث تدعم أوروبا الجهود المصرية الدبلوماسية لوقف إطلاق النار بالأراضي الفلسطينية، وتستند مصر على الموقف الأوروبي في رفض تهجير الفلسطينيين واعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين مستقلة، والدعم الأوروبي المقدم للسلطة الفلسطينية لدعم تطبيق حل الدولتين، ومن المتوقع أن يمثل الاتحاد الأوروبي ومصر جبهة موحدة ضد التصعيد الإسرائيلي المتوقع بالمنطقة، ويدفعان للاتجاه نحو الحلول الدبلوماسية وإرساء قواعد السلام والأمن بالمنطقة.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=104405
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
هوامش
EU restarts Rafah border crossing mission, says foreign policy chief Kallas
https://tinyurl.com/3aj9zhzb
Commissioner Šuica visits Egypt to strengthen EU-Egypt Partnership and discuss New Pact for the Mediterranean
https://tinyurl.com/ypdk6u54
Europol signs Working Arrangement with the Arab Republic of Egypt, first agreement with an African country
https://tinyurl.com/yur7d7wc
**
Egypt: The EU’s unexpected ally against migration
Migrants from a migrant state – on migration from Egypt to the EU
The European Union and Egypt
Joint Declaration on the Strategic and Comprehensive Partnership between The Arab Republic Of Egypt and the European Union
**
مصر والاتحاد الأوروبي.. اتفاقية هجرة ذات أبعاد جيوسياسية!
The European Union and Egypt
Europol signs a working arrangement with Egypt
With EU funding: Launch of the Joint UN Programme under the Joint Platform for Migrants and Refugees in Egypt