بلجيكا…إجراءات وقوانين جديدة لمكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف خلال عام 2018
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا وحدة الدراسات والتقارير “4”
احتلت بلجيكا راس قائمة دول اوروبا المصدرة للمقاتلين الاجانب نسبة الى مساحتها الجغرافية وعدد سكانها، وقد بلغ عدد مقاتليها في سوريا والعراق ب 450 شخص، في اعقاب الفوضى في سوريا والعراق عام 2011. وشهدت بلجيكا منذ سنوات طويلة ظهور تطرف اسلاموي يتبنى ايدلوجية “جهادية” ورغم أن بلجيكا لم تشهد سوى هجمات محدودة، فإن الكثير من”الجهاديين” البلجيكيين شاركوا في عمليات ارهابية في عواصم اوربية ودول منطقة الشرق الاوسط. وربما يعود السبب الى تراخي الحكومة في مواجهة التطرف وكبح عوامل الارهاب.
واجهت اجهزة الامن وتحديدا جهاز استخبارات بلجيكيا جملة انتقادات، والتي وصفت بانها الحلقة الاضعف في اجهزة الاستخبارات الاوربية. ويقول “الن وينانت” رئيس جهاز المخابرات من 2006 إلى 2014 ان الساسة لم يأبهوا فيما يبدو للجهاز حتى بداية وربما يعود ذلك الى التركيبة الديموغرافية الى بلجيكا والتي تقوم على اساس الاصول الفرنسية والهولندية واصول اخر.
وتعتبر قضية صلاح عبد السلام تعتبر، افضل نموج لفشل الإستخبارات الاوروبية، تحديدا، البلجيكية والفرنسية، في قضايا مكافحة الإرهاب، فبعد سنتين من اعتقاله، لم تستطع اصدار الحكم ضده، ولم تستطع التعامل مع القضية كما يفترض وكما ينتظر من اجهزة الإستخبارات.
حالة التأهب الأمني
مازالت بلجيكا تعيش حالة من الترقب، مما وضعها أمام تحديات أمنية ، تفرض عليها المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب للحفاظ على أمنها، في اعقاب موجات الارهاب التي ضربت بلجيكا وعواصم أوروبية خلال عام 2016 و 2017.
وهذا ما جاء بقرار الحكومة البلجيكية بنشر عناصر الجيش استجابة لتوصية من “مركز تحليل المخاطر” وأيضا من اللجنة الاستراتيجية للاستخبارات والأمن، ويأتي ذلك في ظل استمرار حالة التأهب الأمني في بلجيكا على الدرجة رقم (3)، وهي الدرجة الأقل من حالة الطوارئ؛ أي الدرجة (4). وكان أول انتشار لعناصر الجيش في الشوارع في إطار مواجهة المخاطر الإرهابية، في منتصف يناير عام 2015. وبناء على تقرير قدمه مركز تحليل المخاطر الإرهابية قبل ايام فإن الفرصة كبيرة لتراجع حالة الاستنفار إلى الدرجة الأقل وهي الدرجة الثانية.
سياسات بلجيكا فى مكافحة الإرهاب
شددت أجهزة الاستخبارات والأمن العام الإجراءات الأمنية ليكون لها دوراً أكثر ووضوحًا ونفوذاً في مكافحة الإرهاب ومن هذه الإجراءات الحق في مراقبة المكالمات الهاتفية إلى بلدان أخرى وتمكين عناصر المخابرات من الاستفادة من هويات وهمية لحماية عملائهم. وأيضًا اتباع نظام تدريجي لعزل الأشخاص المشتبه في تطرفهم، ووضعهم في زنازين منفردة داخل السجون لتفادي نشر التطرف بين سجناء آخرين.
وافق البرلمان البلجيكي على تعديلات تشريعية تعطي لإدارة شؤون الأجانب والهجرة الحق في طرد الأجانب الذين يهددون الأمن العام والأمن الوطني، حتى لو كان هؤلاء الأشخاص قد ولدوا على التراب البلجيكي، أو نشأوا فيها.
و في إجراء أخر شكل سابقة في بلجيكا، جمدت الحكومة البلجيكية أصول أشخاص يشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية في اعتداءات بروكسل وباريس،. ,ومنعت الحكومة البلجيكية بيع مواد كيميائية يمكن أن تستخدم في إنتاج متفجرات يدوية الصنع مثل “بيروكسيد الاسيتون”، المفضل لدى تنظيم “داعش” وفي حال المخالفة تصل العقوبة إلى السجن خمس سنوات وغرامة قد تصل إلى مئة ألف يورو ، كما بدأت السلطات البلجيكية في تطبيق نظام حماية وتأمين لمطار بروكسل، أطلقت عليه اسم «درع الكاميرا» لمراقبة كل طرق الوصول إلى المطار.
صلاحيات جديدة لإجهزة الإستخبارات
القوانين الجديدة منحت اجهزة الاستخبارات والشرطة الكثير من الصلاحيات، تسمح لرجال الأمن بتفتيش منازل المشتبه بهم أو فتح الطرود البريدية ، كما يحق لرجال الأمن زرع أجهزة التنصت أو الكاميرات حسبما ذكر مكتب وزير العدل البلجيكي، وأضاف أنه في بعض الحالات، وعندما تتوفر أدلة قوية عن وجود أطراف خارجية في ملف التحقيقات، يحق لرجال الأمن مراقبة عمليات تمويل للمساجد.
وافق البرلمان البلجيكي على تعديلات تشريعية تعطي لإدارة شؤون الأجانب والهجرة الحق في طرد الأجانب الذين يهددون الأمن العام والأمن الوطني، حتى لو كان هؤلاء الأشخاص قد ولدوا على التراب البلجيكي، أو نشأوا فيها.
بات ضروري ضخ موارد مالية جديدة اضافية الى أجهزة الشرطة والاستخبارات مع التركيز بصفة خاصة على المخابرات وتعيينات اضافية والإنفاق على وسائل المراقبة الفنية والالكترونية. وتخفيض حالة التأهب ونشر القوات على الارض واعتماد نظام معلوماتي يقوم على مراجعة سجلات المتورطين في جرائم جنائية وكذلك الارهاب المنظم. وبات ضروريا ايجاد آلية لتبادل المعلومات بين وحدات الشرطة واجهزة الامن والاستخبارات من جانب وكذلك مع اجهزة استخبارات اوربية واقليمية لمكافحة الارهاب والتطرف.
التوصيات
ان مكافحة الارهاب ومحاربة التطرف، لايقوم فقط على المداهمات والعمل العسكري، اوعلى مسك الحدود الخاارجية والداخلية، ولاينتهي الارهاب والتطرف، بالقضاء على المقاتلين الاجانب في الخارج، بل عليها معالجة الارهاب والتطرف داخليا باعتماد حزمة اجراءات مجتمعية. ما تحتاجه بلجيكا الى محاربة التطرف مجتمعيا، من خلال وضع سياسات، تستوعب الجاليات المسلمة وغيرها، ومنحهم فرص دراسة وعمل، وان تعطي اهمية الى احياء الجاليات المسلمة في اوروبا وفي اطرافها، تتمثل بالخدمات والانفتاح.
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-bVU