المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد : سهام عبدالرحمن، باحثة في المركز الأوروبي، مختصه في الإرهاب الدولي
الإرهاب في فرنسا و سويسرا . 2021 وشكل الإرهاب في 2022.
قطعت معظم الدول الأوروبية شوطاً لايستهان به في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف خلال عامي 2020و2021، فيما بدت النتائج إيجابية نسبياً في عدد من الدول التي نجحت في تحجيم الخطر أو منع انتشاره وتوغله بحد أدنى، ولكن المحاولات المستمرة من جانب تلك التنظيمات لإعادة التمحور وفرض تواجدها باستغلال طرق بعضها قانونية وأخرى غير مشروعة، ساهم بشكل كبير في تعقيد المواجهة.
خلفيات التشريعات والسياسات الجديدة
- تنامي وتيرة العمليات الإرهابية في عدد من الدول منها فرنسا التي شهدت عدة وقائع، منها على سبيل المثال حادث ذبح المدرس الفرنسي صمويل باتي على يد متطرف إسلاموي في 16 أكتوبر عام 2020، وحادث نيس في 29 أكتوبر من نفس العام، وهجمات فيينا في النمسا في 2نوفمبر من العام 2020.
- الصدمة الأوروبية بشأن أعداد مواطنيها المنتمين للتنظيمات الإرهابية والذين تجاوزا الآلاف بحسب التقديرات الخاصة بالمفوضية الأوروبية، وعلى وجه التحديد تنظيم داعش، والذي تم تجنديهم بطرق مختلفة سواء من خلال الانترنت، أو التواصل المباشر عن طريق المنظمات والمساجد التي يسيطر عليها متطرفون في قلب المدن الأوروبية.
- الصحوة الأوروبية بالتزامن مع زيادة تدفقات الهجرة خلال السنوات العشر الماضية، وما شكله ذلك من تأثيرات ديموغرافية مباشرة على بنية المجتمع الأوروبي وأفكاره، خاصة في ظل استغلال تيارات متطرفة ومنظمات للمهاجرين إلى جانب الجاليات الإسلامية، كطبقة رخوة لتقبل الأفكار المتطرفة، نظرا للكثير من العوامل الإنسانية والنفسية وأيضاً المادية.
- سقوط تيارات الإسلام السياسي من الحكم في المنطقة العربية، منذ عام 2013، وما تبعه من محاكمات لقيادتها بتهم إرهابية، فضلاً عن موجة الإرهاب التي اجتاحت بعض البلدان منها مصر وليبيا واليمن وغيرهم من الدول وتورط فيها أذرع مسلحة تابعة للإخوان، دفعت الدول الأوروبية بلاشك إلى إعادة التفكير في وضع هذه الجماعات خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة لحركتي حسم ولواء الثورة الإخوانيتين على قوائم الإرهاب الأمريكة في الأول من فبراير عام 2018.
- استخدام ورقة الإسلام السياسي وكذلك اللاجئين كأداة ضغط من جانب بعض الدول على أوروبا، وضعها تحت المجهر بشكل كبير، للبحث عن دورها في لعبة التوازنات الإقليمية والدفع للتأثير على الأنظمة.
كل هذه الأسباب دفعت الاتحاد الأوروبي إلى مناقشة الأمر الذي بات غاية في الخطورة ويمثل “قنبلة موقوتة” على جميع الدول الأعضاء، وكان التوصل إلى “استراتيجة شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف” في عام 2020 ترعاها كافة الدول الأوروبية هو الحل الأمثل لبدء مواجهة متواصلة وعلى تنسيق أمني واستخباراتي غير مسبوق، تستهدف بشكل أساسي تطويق الإرهاب وتجفيف منابع تمويله ومنع انتشاره في القارة الأوروبية، وبالرغم من التطور النسبي في آليات المواجهة والتي سمحت به الاستراتيجية كآلية مضافة للجهود تستهدف توسيع نطاق العمليات ضد التيارات المتطرفة وفصلها عما هو حقوقي وقانوني، ومن ثم إخراج المنظمات المرتبطة بشبهات التطرف خارج إطار المنظومة القانونية للدولة والتعامل معها باعتبارها “خطر” و”خارج عن القانون”.
تحديات مكافحة الارهاب والتطرف
- أن معظم المؤسسات المرتبطة بالتيارات المتطرفة نمت وازدهرت وتوغلت في تلك المجتمعات باستغلال الحريات وتحت غطاء القانون ومن الصعب التعامل معها باعتارها متهم إلا بعد وضعها تحت مراقبة طويلة الأمد وإثبات تورطها.
- أليات التجنيد تتم عادة باستخدام أدوات تكنولوجية ومواقع مشفرة يصعب تتبعها ومراقبتها، فيما يمكن اعتباره جزءا من التهديدات السيبرانية، وبالتالي كان من الضروري استحداث طرق للمواجهة تتواكب مع ذلك التطور.
وتسلط الدراسة الضوء على فرنسا وسويسرا كنموذج في التعاطي الأوروبي مع ظاهرة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى محورين رئيسيين في عملية المواجهة، يرتبط الأول بخريطة انتشار المؤسسات التي تمثل بؤر نشر الفكر المتطرف في هذه الدول وفهم طبيعة عملها، ويتمثل الثاني في مفهوم المواجهة، وما سيترتب عليه من احتمالات للمستقبل بخصوص الظاهرة.
فرنسا
الجماعات الإسلاموية المتطرفة
- جماعة فرسان العزة
- خلية مدينة لينيل
- اتحاد المنظمات الإسلامية في باريس“UOIF”
- جمعية الإخاء الإسلامي سنابل”
- فرنسيون ومسلمون
- مجموعة تطبيق تلغرام
- اتحاد الفرنسيين المسلمين
- حزب مسلمى فرنسا
- ـمركز الزهراء فى فرنسا
اليمين المتطرف
اليمين المتطرف في فرنسا، ممثل بحزب الجبهة الوطنية ذو الإتجاه المعادي للمهاجرين وكل ما لا يدعم الثقافة العامة الفرنسية. شكل الحزب قائدة السابق جان ماري لوبان وهو الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات الفرنسية مع الرئيس السابق جاك شيراك. يترأس الحزب في الفترة الحالية مارين لوبان خلفا لوالدها مؤسس الحزب، وهي تقود لواء حزبها وكل المنظمات مثال: “النازيين الجدد” الداعية لعداء الاجانب والمنحدرين من الثقافات الإسلامية والشرق أوسطية. نمي حزب “التجمع الوطني”، ممثل اليمين المتطرف في المشهد السياسي الفرنسي، في 28 يونيو 2021ـب هزيمة قاسية في الانتخابات الإقليمية، كبحت طموحه في أن يحكم منطقة لأول مرة في تاريخه، استعدادا لخوض السباق الرئاسي 2022 بمعنويات عالية. ورغم أن مسؤولي الحزب حاولوا التقليل من ثقل هذه الخسارة، وسعوا لعزل هذه الانتخابات عن الانتخابات الرئاسية، إلا أن محللين لا يستبعدون أن تكون لها تداعيات عليها، بحسب ما نشره موقع فرانس 24.
التهديد السيبراني
نجحت وحدة معنية بمكافحة القرصنة في فرنسا يطلق عليه “الجيش الإلكتروني” وفقاً لـ إذاعة “فرانس.إنتر” 1 سبتمبر 2020في صد هجمات ضد (850) ألف جهاز كمبيوتر حول العالم. وفقاً لـ “BBC”. واتهم “نيقولاي باتروشيف” سكرتير مجلس الأمن الروسي الاستخبارات الأجنبية وفقاً لـ “روسيا اليوم “في 15 أكتوبر 2019 ، بترقب الفرص لشن هجمات إلكترونية ضخمة على البنى التحتية للمعلومات في روسيا.وتشير التوقعات إلى ان الحروب الإلكترونية والهجمات السيبيرانية باتت تطيح أكثر فأكثر بالحروب التقليدية العسكرية ومن المتوقع أن تندلع أكثر فأكثر بين الدول.
سويسرا
الجماعات الإسلاموية المتطرفة
1 ـ “الجماعة الإسلامية”: تقع في مدينة “كانتون”، وأسست عام 1992م، وتعتمد في تمويلها على والتبرعات ، والهدف الأساسي لها هو توفير المساعدات للأعضاء للوفاء بواجباتهم تجاه أنفسهم وأسرهم والتعاون مع الجمعيات الإسلامية والهيئات الأخرى.
2 ـ “مجلس الشورى الإسلامي السويسري” : تأسس مجلس الشورى الإسلامي السويسري عام 2009 على يد عدد من المثقفین السويسريین الذين اعتنقوا الاسلام، وعمل المجلس على التصدي لما أسماه مضايقات تعرض لها المسلمون في سويسرا.
3 ـ “مركز الثقافة الاجتماعية للمسلمين”: ويقع المركز في مدينة “لوزان”، وتأسس عام 2002م، والغرض الأساسي لإنشاء ذلك المركز هو الترويج الثقافي والاجتماعي والديني والتعاون مع مؤسسات أخرى لها نفس الغرض.
4 ـ”مؤسسة التأثير الاجتماعي والثقافي”: أنشئت مطلع 2010م، هي إحدى المؤسسات الإخوانية تروج لدعاية الدعوة والاخوان .
5 ـ “رابطة المنظمات الإسلامية”: تأسست عام 1996م، في مدينة “زيورخ”K وكان الهدف الأساسي منها هو بناء مركز إسلامي ومقبرة إسلامية وقت التأسيس، ولكنها تغيرت إلى التنسيق بين المنظمات الإسلامية.
6 ـ “مؤسسة الجماعة الإسلامية”: تأسست عام 1994م، في مدينة “زيورخ”،تمويلها الرسمي يعتمد على رسوم الاشتراك السنوية بخلاف دعم الجمهور والتبرعات وإيرادات الأنشطة المختلفة التي تقوم بها الجمعية.
التهديد السيبراني
قاما المعهدان التقنيان الفدراليان بسويسرا بتدشيّن برنامجا مشتركا في مجال الأمن السيبراني وفقاً لـ”swi” في 21 مارس 2019 .حيث يتلقي الطلاب تدريبا في مجال الحوسبة وتكنولوجيا المعلومات، نوهت “Zscaler” شركة أمن سيبرانية متخصصة في مكافحة عمليات الخداع الإلكتروني، أنّ منسوب تهديدات القرصنة ارتفع( 15 %) شهرياً منذ بداية 2020، نتيجة تفشي كورونا، وقفزت النسبة إلى (20 % )مع بدايات شهر أبريل ” وفقا لـ “أندبيندنت ” 12 أبريل 2020. ويتوقع مراقبو الأمن السيبراني أن الهجمات السيبرانية ستستمر مع استمرار جائحة كوفيد-19، وستكون الفئات الأضعف علمياً والمنظمات التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية بياناتها الأكثر عرضة للهجمات.
اليمين المتطرف
يحظى التطرف الأصولي باهتمام إعلامي كبير، مع تنامى ظاهرة التطرف اليساري واليميني في سويسرا.، وذلك وفقا لدراسة أعدتها المدرسة العليا للعمل الاجتماعي في مدينتي فريبورج وزيورخ عن تطور ظاهرة التطرف في صفوف الشباب في الكنفدرالية وشارك فيه ما مجموعه 8317 شابًا وشابة تتراوح أعمارهم بين 17 و 18 عامًا من عشرة كانتونات، وقالت ساندرين هايموز ، الأستاذة في المعهد العالي للدراسات الاجتماعية في فريبورج، التي شاركت في إعداد الدراسة أنه “يجب أن يكون الشباب قادراً على المشاركة بشكل أكبر في العملية الديمقراطية، والإشارة إلى أن التطرف اليساري هو الأكثر انتشاراخاصة وأن 7٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع يمكن اعتبارهم من المتطرفين اليساريين، كما أنهم يرتكبون معظم أعمال العنف، مثل الأعمال التخريبية ضد الشركات متعددة الجنسيات. وفق الدراسة الشباب المتطرفون اليمينيون يشكلون 5.9٪ الإسلاميون المتطرفون 2.7٪.
مخاطر التهديدات الإرهابية في 2022
لا يمكن تجاوز أو نكران الجهود الأوروبية في مجال مكافحة التطرف خلال العامين 2020 و2021 على مختلف المستويات الفكرية والأمنية والقانونية، لكن المخاطر لا تزال قائمة وقابلة للتطور وربما تمثل خطورة أكبر على المجتمعات الأوروبية للأسباب الأتية:
- المواجهة الأوروبية مع التنظيمات المتطرفة ستدفع الأخيرة بلا شك لحشد قواها للرد والتصدي، ويمكن أن يتمثل ذلك في عمليات انتقامية عن طريق الخلايا المسلحة التي قد تستهدف المصالح الأوروبية في الداخل أو الخارج.
- تشير التحذيرات إلى أن العمليات الإرهابية المتوقعة في عام 2022 ستبدأ مبكراً، وبالتزامن مع أعياد الميلاد، لذلك بدأت الدول الأوربية في تعزيز خطتها الأمنية لمواجهة أي عمليات قد ينفذها الذئاب المنفرد أو أي تنظيمات أخرى داخل القارة بالتزامن مع احتفالات بداية العام.
- مواجهة المؤسسات المتطرفة لابد أن تحدث وفق سياق قانوني، ولتفادي الإطار الذي تأسست تحت غطاءه تلك المؤسسات يتطلب الأمر سن مزيد التشريعات والقوانين لمواجهة تلك المناورات.
تجدر الإشارة إلى أنه في حال نجح تنظيم داعش في إعادة التمحور من جديد، والمعطيات جميعها تشير إلى أن ذلك قد حدث بالفعل، خاصة بعد التطور النوعي في العمليات داخل سوريا والعراق، وهذا يعني أن أوروبا أيضا في مرمى النيران، ولابد أن تحشد قواها لمواجهة نسخة أكثر ضراوة من هذا التنظيم.
الإجراءات الأوروبية بوجه عام تمكنت بشكل كبير من خفض وتيرة العمليات الإرهابية، وبدأت تدريجيا تؤتي ثمارها في إطار التعاون والتنسيق المتكامل بين الدول الأوربية لمواجهة خطر التطرف الإسلاموي، إلا أن الأمر يحتاج مزيداً من التعاون والعمل التيار السلفي الجهادي وعودة المقاتلين الأجانب.
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الرابط المختص: https://www.europarabct.com/?p=79151
الهوامش:
موقع فرانس 24، فرنسا: أبرز قوانين مكافحة الإرهاب منذ اعتداءات باريس الدامية في 2015
مكافحة الإرهاب.. سويسرا تعزّز ترسانتها القانونية
لماذا يرى اليمين المتطرف في أوروبا المسلمين سببا لمشكلات في بلاده؟
استراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف للاتحاد الأوروبي.. الوقاية والمقاضاة والحماية
سويسرا.. الحكومة ترد على تقرير حول تهديد محتمل لأمن البلاد – RT Arabic
فرنسا: مشروع قانون جديد حول مكافحة الإرهاب يعرض أمام مجلس الوزراء بعد أيام من اعتداء “رامبوييه”
الاتجاهات الجديدة في الإرهاب الأوروبي: فرنسا نموذجاً
https://trendsresearch.org/ar/insight/