المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “3”
“الإخوان” وحزب اليسار في ألمانيا ـ تخادم وتبادل مصالح
تُُقدر أعداد الجاليات المسلمة في ألمانيا بين (3.8) و(4.5 ) مليون نسمة. ويشكل الأتراك غالبية المسلمين بينهم إذ تقدر نسبتهم بأكثر من (50%). وتتصاعد المخاوف في ألمانيا بشأن جماعات وأحزاب الإسلام السياسي والتنظيمات المرتبطة بها كتنظيم الإخوان المسلمين. حيث تسعى تيارات الإسلام السياسي إلى استغلال الجاليات المسلمة بهدف التقرب إلى صانعي القرار الألماني والأحزاب السياسية واستغلال حرية الديمقراطية ليس فقط لتحقيق أهداف سياسية ولكن لإعادة تشكيل المجتمع الألماني.
التأثير على صانعى القرار الألماني
رصدت الاستخبارات الألمانية في 24 فبراير 2022 تزايد عدد عناصر الإخوان القيادية في العاصمة برلين، بشكل كبير، محذرة من نشاط هذه المجموعة. وهناك تحذيرات من هيئة حماية الدستور صدرت في 10 يناير 2022 من خطر انتشار تنظيم الإخوان المسلمين في البلاد، حيث ارتفع عدد العناصر الرئيسية لتنظيم الإخوان في ألمانيا من (1350) في عام 2019 إلى (1450) في 2020. وباتت أيدلوجية الإخوان لا تتوافق أبدا مع المبادئ التي يكفلها الدستور الألماني، كما أنها لا تهتم بإجراء انتخابات حرة، أو المساواة في المعاملة، وحرية التعبير والحرية الدينية.
تحرص جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا على تقديم نفسها كجماعة تهتم بالانشطة الاجتماعية وليست لها علاقة بالسياسة وتقوم باستغلال نساء الجماعة كغطاء للظهور بصورة المؤسسات الإسلامية السلمية ذات الأغراض الاجتماعية وليس السياسية. فعلى سبيل المثال؛ في سبتمبر 2020 تم تعيين عدد من النساء في الفرع الألماني للمجلس الأوروبي للفتوى والبحوث من أجل التأثير على صانعي القرار السياسي في ما يتعلق بتمكين المرأة.
استبعد المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا جمعية صنفتها الاستخبارات الألمانية على أنها تابعة لشبكة الإخوان المسلمين. والقناعات الأساسية للجمعية تتضمن إقامة أنظمة سيادة إسلاموية لا تتوافق مع مبادئ ديمقراطية مثل حرية الرأي والسيادة الشعبية والمساواة. وتلك المجموعات والجماعات جزء من مما يطلق عليه الطيف القانوني والمقصود به المجموعات التي لا تسعى إلى تحقيق أهدافها عن طريق شن هجمات إرهابية بل عن طريق إحداث تغيير على المدى البعيد سياسيا استنادا إلى القوانين المحلية. .
العلاقات بين الإخوان وحزب اليسار
إن بعض الأراء السياسية في ألمانيا تحتج بأنه من خلال السماح برفع الأذان بصوت مسموع لعامة الناس، تتم ‘مغازلة ممثًّلي الإسلام السياسي‘ من قِبَل الدولة الألمانية أيضاً. في 9 يونيو 2021 نالت أحزاب اليسار الألماني العديد من الاتهامات بسبب طريقة التعامل مع أحزاب الإسلام السياسي لاسيما الأحزاب المرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين في البلاد. حيث لاتدرك هذه الأحزاب تدرك مد خطورة التساهل مع هذه جماعات الإسلام السياسي. إذ تؤثر العلاقات السياسية مع جماعات الإسلام السياسي بدورها على استراتيجية ألمانيا لمكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف. وعادة ما تتهم أحزاب اليسار الألماني بالتعاطف مع تنظيمات الإسلام السياسي مثل الإخوان وغيرها، وتبني مواقف ضعيفة حيال أنشطتها لا تقارن بمواقف اليمين المتطرف المتشددة. الإسلام السياسي في فرنسا.. إستغلال الجمعيات الخيرية واجهات عمل
تؤكد تقارير الاستخبارات الألمانية إن تنظيم الإخوان المسلمين يوهم الحكومة الألمانية أنه بعيد كل البعد تبتعد عن الأجواء السياسية الألمانية لكنه يسعى لتعزيز الروابط والعلاقات مع الجهات السياسية وصانعي القرار، بهدف توسيع النفوذ. ولوحظ أن هناك أنشطة سرية داخل المدن الألمانية وعلى المواقع الإلكترونية وتقديم المساعدات الاجتماعاية للجاليات المسلمة لحضد أصواتهم الانتخابية وتقديم المساعدات لللاجئين أمام دوائر اللجوء والهجرة والسكن.
تمويل الإخوان في ألمانيا
نشرت صحيفة “دي فيلت” الألمانية في ديسمبر 2021 تقريراً يشير إلى تزايد التمويل الذي تتلاقاه جمعيات مرتبطة بـ”الإخوان المسلمين” من منظمات شبيهة مقرها بريطانيا. وتعمل تلك الجمعيات “في هياكل أشبه بالمافيات”. وإن منظمة مقرّها بريطانيا تُدعى “أوروبا تراست” استحوذت على مبنى في منطقة “فيدينغ” في برلين بقيمة (4) ملايين يورو، وإن جمعيات ومنظمات عدة انتقلت إلى برلين، والآن باتوا يخضعون لمراقبة المخابرات الألمانية الداخلية.
التقارير الصادرة عن البرلمان الأوروبي في نوفمبر 2021، بشكلٍ مُفصل توضح خريطة التغلغل الإخواني في (10) دول أوروبية، فهناك عدة أفكارٍ تمثّل المرجعية الإرهابية لدى التنظيم، وهي مشروع التمكين الإخواني السياسي في أوروبا والاختلافات العقائدية ومفهوم الوطنية لدى التنظيم والتمويلات. فبشكلٍ واضحٍ تشكا جماعة الإخوان لوبيات عدائيّة ضد الدول ونشر الفكر المتطرّف واستغلال القوانين والتشريعات لصناعة اقتصاديات ضخمة بغرض توفير منابع تمويل للتنظيم.
ترى الخبيرة الألمانية في شؤون الإخوان “سيغريد هيرمان مارشال” أن منظمات الإخوان ستكثف مناوراتها في الفترة المقبلة، وتحاول النأي بنفسها عن المنظمة الأم لتفادي الضغط وانتزاع بعض حرية الحركة. وتتمثل الحيلة ببساطة في عدم الإشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين بالإخوان المسلمين. وأن المنظمات التي تخفي روابطها بالإخوان خلف وجه الاندماج وغيره من الأهداف المدنية، ستجد طريقا للتعاون مع المؤسسات الحكومية والحصول على تمويل عام. الإسلام السياسي في ألمانيا والنمسا ـ التحذيرات والتدابير
سياسات جديدة
الاقتراحات الصادرة عن حزب الديمقراطيين المسيحيين (CDU) وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) في 13 أبريل 2021 ، تشدد على قطع جميع الإعانات والدعم والتعاون مع جماعات الإسلام السياسي التي تراقبها وكالة المخابرات المحلية الألمانية هيئة حماية الدستور. ويؤكد ذلك “كريستوف دي فريس” عضو البرلمان الألمانى “البوندستاج” بإن” الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد المسيحي الاجتماعي سيتخذ موقفًا واضحًا في محاربة الإسلام السياسي”. وهناك مطالب برلمانية منذ عام 2020 لإحزاب اليسار بإنهاء صمتها عن “إرهاب الجماعات”، ورفض أي تسامح مع تنظيمات الإخوان وحماس وحزب الله، بالإضافة إلى مطالبات حزب الخضر باتخاذ إجراءات قوية ضد جماعاتالإسلام السياسي.
التقييم
الحقائق تشير إلى أن هناك تخادم ما بين بعض الأحزاب الألمانية كحزب اليسار وحزب الخضر من جهة و تيارات الإسلام السياسي من جهة أخرى وفي مقدمتها تنظيم الإخوان المسلمين. إذ يعطي تنظيم الإخوان أصواتهم وأصوات الجاليات المسلمة للاحزاب السياسية مقابل الاحتماء بأحزاب اليسار لتخفيف الضغوط الواقعة عليها، والحصول على على الدعم السياسي والدعم المالي، باعتبار أن التنظيم يضع نفسه “بديلا” للجاليات المسلمة في ألمانيا.
نجد أن محاولات تنظيم الإخوان المسلمين التقرب من الأحزاب والشخصيات السياسية الألمانية وتعزيز نفسها في المجتمعات الإسلامية الأوروبية من خلال المشروعات الاقتصادية والاجتماعية خدمة لمشروع التنظيم الدولي. ويعكس الموقف المتشدد الذي يتخذه أحزاب اليسار الألماني مؤخرا ضد تيارات الإسلام السياسي استفاقة تجاه تلك التيارات وبداية مرحلة جديدة في مكافحة الإسلام السياسي و مسايرة دول الاتحاد الأوروبي إزاء التيارات المتطرفة.
الإجراءات والتدابير التي باتت تتخذها ألمانيا ترجح تقويض أنشطة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي داخل الولايات الألمانية وكذلك في أوروبا، بالتزامن مع الانقسامات والخلافات داخل تنظيم الإخوان المسلمين الدولي.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=80376
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
1- تقرير ألماني يحذر من خطر الإخوان.. “الذئب في ثياب الحملان”
https://bit.ly/3LTw44T
2- نساء الإخوان المسلمين: أخوات في الظل
https://bit.ly/2Z1PLU9
3- Germany: Conservatives seek to isolate Islamist groups
https://bit.ly/3vdCDta