المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
بون. وحدة التقارير والدراسات (27)
الإخوان المسلمون في ألمانيا: الهيكل التنظيمي ومصادر التمويل
تمثل جماعة الإخوان المسلمين خطراً متجذراً داخل المجتمعات الأوروبية وعلى وجه التحديد في ألمانيا النمسا، فبالرغم من كافة الإجراءات التي أقرتها الحكومات الأوروبية خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ مطلع عام 2021، إلا أن الجماعة ما تزال تمثل أحد أخطر التهديدات على الأمن الأوروبي، خاصة أنها تعمل دائماً على إعادة التمحور والتخفي تحت غطاءات ثقافية ودينية هرباً من الملاحقة الأمنية وإجراءات تتبع الأنشطة ومحاصرة تمويل التنظيم.
ينظر غالبية الساسة والنشطاء في ألمانيا والنمسا، إلى الإسلام السياسي باعتباره تهديد لقيم الحرية، كما أنه بيئة خصبة لزراعة التطرف، وممارسة الإرهاب، ونشر الأفكار المتطرفة في المجتمعات، وقد تسببت أحداث فيينا الدامية في النمسا عام 2020، في تحريك التحذيرات ضد مخاطر تنظيمات الإسلام السياسي داخل المجتمعات الأوروبية، خاصة أن المتهم الأول في الحادث أثبتت التحقيقات صلته المباشرة مع عدد من تنظيمات التطرف في الداخل، وبعض تنسيقات لانضمامه لتنظيم “داعش”، لذلك أقرت دول الاتحاد الأوروبي مجموعة إجراءات في ضوء خطة عمل متكاملة لمواجهة أنشطة التطرف والإرهاب، تشمل العمل على مراقبة الأنشطة، وتتبع مصادر التمويل، استحداث آليات للمراقبة الرقمية، وأيضاً تعزيز منظومة التشريعات.
أولاً: جماعة الإخوان في ألمانيا.. أبرز القيادات
كشفت الاستخبارات الألمانية في ولاية شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية بألمانيا، عن تزايد عدد قيادات جماعة الإخوان في ألمانيا، لتصل إلى (350) في بداية العام 2022. وتملك جماعة الإخوان المسلمين مواقع الكترونية وظهوراً متزايداً على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الألمانية، كما تحذر تقارير الاستخبارات من زيادة النفوذ الخاص بالجماعة في مختلف الولايات، من خلال توظيف الخطاب الديني للانتشار بين الجاليات المسلمة وتجنيد أكبر عدد من الشباب والمراهقين. وفيما يلي أبرز قيادات الإخوان في ألمانيا ملف: الإخوان المسلمين في ألمانيا ـ مساعي حكومية للحد من أنشطة الجماعة
– إبراهيم الزيات: يحمل الجنسية الألمانية وشغل عدة مناصب في العديد من المنظمات الإسلامية في ألمانيا وأوروبا ويحاضر بانتظام حول قضايا الاندماج والهوية الإسلامية في البلدان الأوروبية ، فضلاً عن التمويل والاقتصاد الإسلاميين.
– محمد طه صبري : يعد من أهم قيادات الإخوان المسلمين في ألمانيا وأحد كوادر “المركز الثقافي للحوار”، والآن هو إمام مسجد السلام في حي “نويكولن” في برلين.
– خضرعبد المعطي : لعب دوراً هاماً في دعم تنظيم الإخوان المسلمين أثناء وصولهم للحكم في مصر. ومن أهم القيادات الإخوانية على المستوى الدولي ويعد المنسق العام للمجلس الأوروبي للأئمة والوعاظ في أوروبا.
فريد حيدر وخالد صديق: أحد قيادات “المركز الثقافي للحوار” التابع للإخوان المسلمين في ألمانيا. ويلعبا دوراً هاماً في جذب واستقطاب وتجنيد شباب الجاليات المسلمة واللاجئين والمهاجرين.
– جعفر عبدالسلام: ترأس مركز “الرسالة” لتعليم اللغة العربية ومقره برلين وحرص “جعفر” على تنامي أنشطة تنظيم الإخوان وتوسيع نفوذهم من خلال المركز واستغلال الأطفال والجاليات المسلمة.
قيادات الإخوان النسائية في ألمانيا
– رشيدة النقزي: تعد أبرز القيادات النسائية لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا. تونسية الأصل و تقيم في مدينة “ Bonm” تترأس قسم المرأة باتحاد المنظمات الإسلامية واحد أهم القيادات النسائية قى جماعة الإخوان المسلمين.
– ليديا نوفل: أشار الباحث في شؤون التنظيمات الإسلامية “كارستن فريرك” في 2 أبريل 2021 أن الناشطة ليديا نوفل تلعب أدواراً متشعبة لكنها متكاملة، لخدمة أهداف الإخوان في ألمانيا حيث شاركت في شاركت نوفل في تأسيس مجموعة العمل الإسلامية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لتسمح للإخوان باختراق ثاني أكبر أحزاب ألمانيا.
– نينا موهي: تعد ثاني وجه نسائي في الإخوان يخترق مؤسسة ألمانية. وتلعب موهي دوراً أخطر عبر منظمة “كليم”، التي تُستخدم من قبل جماعة الإخوان في مهاجمة منتقديها وشيطنة مواقفهم، والضغط على الحكومة الألمانية لتحقيق أهدافها، عبر ادّعاء المظلومية والتعرّض لانتهاكات واعتداءات عنصرية.
المنظمات الإخوانية في ألمانيا
– منظمة الإغاثة الإسلامية: صرحت الحكومة الألمانية أن هناك “صلات وروابط وثيقة” بين منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا وتنظيم الإخوان المسلمين وأوقفت تمويلها. وكتب نائب رئيس البرلمان الأوروبي “نيكولا بير” إلى المفوضية الأوروبية إنه من غير المقبول أن تتلقى الإغاثة الإسلامية تمويلاً إذا كانت لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين.
– جمعية إنسان: طالبت العديد من الأحزاب الألمانية داخل البرلمان الألماني في 11 أبريل 2022 بتجفيف التمويل الألماني لجمعية “إنسان” الخاضعة لرقابة هيئة حماية الدستور والمدرجة ضمن “الجمعيات المقربة من الإخوان”. وتلقت الجمعية تمويلاً حكومياً يبلغ نصف مليون يورو في الفترة بين 2010 و2020 و(116) ألف يورو من الأموال الحكومية في 2021 كما مولت ولاية “برلين” مشروعاً للجمعية بمبلغ قدره (165) ألف يورو بين عامي 2020 و2021.
– مراكز إخوانية في برلين ( IKEZ،BFmF، ZMD): يتمتع أعضاء منظمة إنسان بصلات شخصية مع مركز الثقافة والتعليم الإسلامي في برلين (IKEZ) ، والذي يعتبر وفقاً لتقرير الحماية الدستورية لعام 2017 في برلين مكاناً لاجتماع أنصار حماس في برلين في 9 أبريل 2021. ويتلقى (BFMF) مركز اجتماعات وتدريب (النساء المسلمات) ومقره في “كولونيا”، أموالاً عامة من مصادر مختلفة ويتم دعمه سياسياً على نطاق واسع، ويقول مؤسسه، أثناء حصوله على جائزة في عام 2011 ، أن منظمته قريبة من المجلس المركزي للمسلمين أو (Zentralrat der Muslime ZMD).
مصادر تمويل الإخوان في ألمانيا
تمثل مؤسسة (Europe Trust) الأداة المالية الرئيسية للإخوان المسلمين في أوروبا ويصنف أعضاءها في ألمانيا على أنهم من أتباع ما يسمى بـ”الطيف الإسلامي”، وهي جماعات من الإسلام السياسي تلتزم بالقانون ظاهرياً ولكنها تهدف إلى تأسيس مجتمع مواز من خلال اختراق مؤسسات المجتمع بدلاً من “الجهاد” لتحقيق أهدافها في 20 ديسمبر 2021. تملك “Europe Trust” هيكلاً يشبه “المافيا” وسط صعوبات في رصد تعاملاتها المالية وتتخذ المنظمة من العمل الخيري والتنموي في أوروبا ستاراً لجمع التبرعات وتوفير الموارد لصالح اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا. كما تمتلك أصولاً عقارية تزيد قيمتها على (8.5) مليون جنيه إسترليني وترسل إيرادات الإيجار من ممتلكاتها إلى شبكة غير رسمية من المنظمات المرتبطة بالإخوان في جميع أنحاء القارة الأوروبية لا سيما ألمانيا. الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ تأثير الجماعة داخل المجتمعات الألمانية
كما تمول بعض القوى الإقليمية تنظيم الإخوان المسلمين في ألمانيا، ففي 25 سبتمبر 2022 تم الكشف عن تمويل خارجي مسجد ومركز “دار السلام” المرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين، وتلقى فرع الإغاثة الإسلامية في ألمانيا وفقا لنظام الشفافية المالية للمفوضية الأوروبية أكثر من نصف مليون يورو دعماً في عام 2019 من ميزانية الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2018 دفعت المفوضية (400) ألف يورو لمنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية و (340) ألف يورو لفرعها التابع للإغاثة الإسلامية في ألمانيا في 28 يوليو 2022.
طبيعة هياكل الإخوان المسلمين في ألمانيا
نجحت جماعة الإخوان المسلمين في تكوين شبكة علاقات قوية مع الاتحاد الإسلامي التركي والمجلس الأعلى للمسلمين ومن ثم التجمع الإسلامي ومنظمة الجالية المسلمة بألمانيا، ما منحها فرصة التواجد بين المسلمين الألمان والسيطرة بشكل أوسع على المساجد ونشر أفكارها بشكل تدريجي بهدف عدم إثارة الشكوك حولها، إضافة إلى محاولة كسب ثقة المجتمع والساسة الألمان والنأي بنفسها عن الأفكار المتشددة الصادرة من باقي التنظيمات المتطرفة، والعمل عبر خلايا سرية لاستقطاب الشباب والفئات غير القادرة على الاندماج بالمجتمع والفئات الأقل تعليما، ليصبح للجماعة ثقل كبير وممتد داخل المجتمع الألماني منذ عقود طويلة.
تدابير المواجهة الألمانية
مع تزايد مخاطر تمدد نفوذ الإخوان المسلمين، تعالت الأصوات داخل البرلمان وبعض الأحزاب الألمانية للمطالبة بإصدار قرار حظر نشاط الجماعة وتعقب أنشطتها المتطرفة. وفي 15 مارس 2022 قدم حزب البديل من أجل ألمانيا للبرلمان مشروع قرار يستهدف تشديد الرقابة على مصادر تمويل تيار الإسلام السياسي وتجفيف منابع تمويل الإخوان. ونشر البرلمان الألماني في 9 يونيو 2022 وثيقة عن طلب إحاطة من قبل حزب البديل عن بعض منصات الإسلام السياسي، وكشفت الوثيقة عن وجود داعمين داخل الحكومة وبعض مؤسساتها الإعلامية وحزبي اليسار والخضر.
ثانياً: الإخوان في النمسا.. القيادات
تأسست شبكات الإخوان المسلمين في النمسا في الستينيات، على يد عدد من أعضاء التنظيم المصريين المهاجرين. ومن أبرزهم يوسف ندى، وأحمد القادي، الذي لعب دوراً حاسماً في الوجود الإخواني في الولايات المتحدة. وعمل “ندى” على إنشاء إمبراطورية مالية إخوانية بين الشرق الأوسط وأوروبا، قبل أن يتولى منصب رئيس العلاقات الخارجية في التنظيم انطلاقاً من النمسا. وقد اعتبر الكثيرون قصر “ندى” في منطقة “كامبيوني ديتاليا” بمثابة وزارة خارجية غير رسمية للإخوان.جماعة الإخوان في النمسا .. مراكزهم جمعياتهم وقياداتهم
مراكز تنظيم “الإخوان” في النمسا
الهيئة الدينية الإسلامية فى النمسا : يعد أنس الشقفة أحد أبرز قياديها أنتخب رئيسا لـ “الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا”، و التي تخدم مقاطعات: (فيينا و النمسا المنخفضة و بورغنلاند)، وتتألف من (4) هيئات جهوية هن :
- الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في فيينا.
- الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في لينز.
- الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في بريغنز.
- الهيئة الدينية الإسلامية الجهوية في جراتس.
- منظمة الشباب النمساوي المسلم: تعد التركية “دودو كوتشكجول” أحد أهم كوادرها ، وقادت حملة اعلامية قوية ضد “تعديل قانون الاسلام في النمسا.
- جمعية المللي جروس: وهي هيئة إسلامية تركية ،وتعني بالتركية “الرؤية الوطنية”” لها عدة فروع فى أوروبا يتواجد مقرها الرئيسي في “كولون” الألمانية.
- المجمع الإسلامي للحضارات: يتعاون مع الاتحاد الاسلامي التركي “المللي جروس” ولهم مساجد يعترف بها رسميا لدى الهيئة الإسلامية الرسمية وتوزع منشورات السلفي الألماني المتطرف بيير فوجل.
تدابير مواجهة الإخوان في النمسا
أقيم منتدى “فيينا الثاني لمكافحة التطرف” في 5 ديسمبر 2022، بتنظيم وزيرة الاندماج النمساوية سوزان راب ومشاركة نحو (150) سياسياً ودبلوماسياً من أوروبا، وركز المؤتمر على التعاون الدولي على المستويين السياسي والمهني بشأن شبكات الإسلام السياسي ومكافحة أنشطتهم في أوروبا. بعد حظر النمسا لشعارات الإخوان في الأماكن العامة في 2021، توالت الإجراءات لتحقيق اندماج المسلمين بالمجتمع ومكافحة التطرف، وخصصت النمسا ميزانية (4.7) مليار يورو لمكافحة الإرهاب، مع تجهيز وحدات متطورة لمواجهة أي تهديدات، وفي 9 ديسمبر 2022 شدد مركز ” توثيق الإسلام السياسي” (حكومي) من مراقبة أنشطة الإخوان داخل المجلس الإسلامي ومسجد الهداية بفيينا، بعد نحو عام من نشر “خريطة الإسلام” التي وضعت (623) مسجداً وهيئة إسلامية تحت الرقابة وتحديد علاقاتها بالخارج.
تقييم وقراءة مستقبلية
– أدركت دول الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص ألمانيا والنمسا، مخاطر تنامي وتوغل تيارات الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة الإخوان، داخل المجتمعات في ضوء الهجمات الإرهابية التي استهدفت عدة عواصم أوروبية بشكل متزامن في عام 2020، وما تبعها من تقارير وتحذيرات أمنية واستخباراتية من خطورة استمرار انتشار تنظيمات التطرف داخل البلدان الأوروبية.
– في ضوء تلك التحذيرات، بدأت دول الاتحاد الأوروبي في انتهاج سياسة أكثر صرامة فيما يتعلق بالتعامل مع تنظيمات التطرف، بفرض رقابة صارمة على نشاطها، وحظره، وتتبع مصادر التمويل، وتشديد العقوبات الخاصة بالإرهاب مع تعزيز منظومة القوانين لتحقيق مواجهة أكثر حسماً.
– على الرغم من جديتها، لا تزال المواجهة الأوروبية لم تثمر عن الأهداف المرجوة منها حتى اليوم، وهناك ضرورة لتعزيز سبل وآليات التصدي لنشاط الإخوان ويمكن تفنيد عدد من المحاور يمكن أن تسهم في تحقيق مواجهة ناجزة.
– تحتاج الدول الأوروبية إلى فرض مراقبة كاملة على جماعة الإخوان وجميع المؤسسات والهياكل التنظيمية التي يشتبه في صلاتها بها، وقطع مصادر التمويل الحكومي أو الخارجي عنها على الفور، وعدم السماح لها بالاندماج في المجتمع.
– محاسبة الأشخاص الذين ثبت تورطهم بصلات مع تنظيم الإخوان في الشرق الأوسط، باعتباره مدرج على قوائم الإرهاب في عدد من الدول العربية، ويتهم هؤلاء بتمويل عمليات إرهابية حدثت في مصر ودول أخرى خلال السنوات الماضية.
– توثيق التعاون الأمني والاستخباراتي مع الدول التي تضع الإخوان على قوائم الإرهاب، وتتبع المعلومات المتاحة لرصد الأنشطة والأشخاص على صلة بالتنظيم والتعامل معهم في ضوء الاتهامات الموجهة إليهم.
– أيضاً تعزيز القوانين والتشريعات للسماح للسلطات الأمنية والاستخباراتية من تتبع الأنشطة، واستجواب المتهمين بالنشاط الإرهابي لتحقيق مقتضيات الأمن العام دون المساس بالحريات.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=88835
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
هوامش
Oportunas medidas de Alemania contra la Hermandad Musulmana
http://bitly.ws/Gy9w
The Muslim Brotherhood in Germany
http://bitly.ws/Gyb7
How German conservatives are waging a crusade against Muslim civil society
http://bitly.ws/Gybs
What is behind Austria’s plan to outlaw ‘political Islam’?
http://bitly.ws/GyiB
محاربة التطرف في أوروبا ـ دور المؤسسات الإسلامية في الاندماج الاجتماعي
http://bitly.ws/Gy7c