الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الأمن الدولي ـ ألمانيا والتحولات الجيوسياسية وحدود الموقف من القضية الفلسطينية

eu isr
سبتمبر 24, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

الأمن الدولي ـ ألمانيا والتحولات الجيوسياسية وحدود الموقف من القضية الفلسطينية

أعلنت فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا اعترافها بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 23 سبتمبر 2025. كما اعترفت المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بفلسطين. وبهذه القرارات التاريخية، يرتفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 156 دولة. من ناحية أخرى، ترفض الولايات المتحدة الاعتراف رفضًا قاطعًا، وكذلك إسرائيل. وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الخطوة بأنها “مكافأة على الإرهاب” لحركة حماس. بالنسبة للسلطة الفلسطينية، بقيادة رئيسها محمود عباس، فإن الاعتراف من جانب هذه الدول المهمة سيكون بمثابة انتصار، وهزيمة دبلوماسية لإسرائيل، وخاصة الآن مع تصاعد الصراع في غزة.

الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني يدعوان ألمانيا إلى اتخاذ إجراءات بشأن إسرائيل

يتزايد الضغط على الحكومة الألمانية لاتخاذ موقف أكثر حزمًا. ودعت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ألمانيا إلى المشاركة في فرض عقوبات على إسرائيل، واقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تعليق المزايا التجارية الممنوحة للاتحاد الأوروبي لإسرائيل. يقول ينس سبان، السياسي الألماني البارز في البرلمان الألماني: “إن هذا يُذكره بأحلك فصل في التاريخ الألماني”. وصرّح: “ما هي العواقب؟ لقد مررنا بكل ذلك من قبل”، مُلمّحًا إلى دعوات النازيين لمقاطعة الشركات اليهودية في ثلاثينيات القرن الماضي.

حذّر سبان من أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وغزة، “يُفقد التوازن بسرعة كبيرة في ألمانيا، ويتحول إلى معاداة للسامية”. ويتزايد الضغط على الصعيد المحلي، فالحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) من يسار الوسط، المشارك في الحكومة الائتلافية، منفتحٌ بلا شك على فكرة فرض عقوبات، بل إن حزب الخضر المعارض قد ذهب إلى أبعد من ذلك.

صرّحت فرانزيسكا برانتنر، الزعيمة المشاركة للحزب: “على ميرز ووزير الخارجية يوهان فادفول، أن يقررا: هل سينحازان إلى من يعملون من أجل السلام لجميع الناس في إسرائيل وفلسطين؟ أم سيقفان مكتوفي الأيدي ويشاهدان حكومة إسرائيلية، بعضها يمينية متطرفة، تواصل الانتهاكات في غزة، مما يجعل احتمال السلام وإطلاق سراح الرهائن بعيد المنال؟”. كما أطلق تحالف يضم العشرات من منظمات المجتمع المدني عريضة تطالب الحكومة الألمانية باتخاذ إجراءات ردًا على انتقاداتها لإسرائيل.

استطلاع: الأغلبية الألمانية تؤيد الاعتراف

أما الاعتراف بفلسطين كدولة، فهو أمر آخر. يبدو أن المستشار الألماني متمسك بموقفه في هذه النقطة، رغم معارضة أغلبية الشعب الألماني له بوضوح. ففي استطلاع رأي أجراه المعهد الألماني لأبحاث الرأي العام (فورسا) مطلع أغسطس 2025، أيد 54% من المشاركين الاعتراف، بينما عارضه 31%. وفي الوقت نفسه، تتقلص جبهة الدول المعارضة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وتجد برلين نفسها في موقف دفاعي متزايد.

ألمانيا تبحث عن “حل الدولتين”

لن تتخذ الحكومة الألمانية هذه الخطوة “على المدى القريب”، كما صرّحت رسميًا. وصرّح المستشار فريدريش ميرز في أغسطس 2025، خلال زيارة رئيس الوزراء الكندي مارك كارني: “لن ننضم إلى هذه المبادرة”. وكان تبرير ميرز شكليًا إلى حدّ ما، إذ أكد: “لا نعتبر أن شروط الاعتراف بالدولة مُستوفاة بأي شكل من الأشكال في الوقت الحالي. يجب أن يكون الاعتراف الخطوة الأخيرة في عملية سلام تُفضي إلى حل الدولتين”. تكمن الصعوبة في أن حل الدولتين بعيد المنال. ويبدو أن فرصة قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل قد تضاءلت إلى حدّ كبير منذ بداية حرب غزة. ويرى المحللون أن “الحكومة الألمانية تطرح هذا الشرط المسبق غير الواقعي للاعتراف فقط لتجنّب اتخاذ قرار”.

مكافحة معاداة السامية أمر أساسي بالنسبة لميرز

تواجه الحكومة الألمانية معضلةً خاصة فيما يتعلق بإسرائيل والدولة الفلسطينية. فنتيجةً للهولوكوست، تشعر برلين بمسؤولية خاصة تجاه أمن إسرائيل، حتى إنها أعلنت أن هذا الأمر من “منطق الدولة”. بالنسبة للمستشار الألماني، من الواضح أن هذا ليس مجرد كلام فارغ. ففي سبتمبر 2025، وخلال خطاب ألقاه في إعادة افتتاح كنيس يهودي في ميونيخ دمره النازيون، أوضح: “منذ 7 أكتوبر، نشهد موجة جديدة من معاداة السامية، بأشكال قديمة وجديدة، سافرة ومخفاة، قولًا وفعلًا، على وسائل التواصل الاجتماعي، في الجامعات، وفي الأماكن العامة”. وتابع: “أود أن أعبّر لكم عن مدى خجلي من هذا، بصفتي مستشارًا لجمهورية ألمانيا الاتحادية”.

حاول ميرز فصل مكافحة معاداة السامية عن تقييمه للسياسات الإسرائيلية، وفوق كل شيء، عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وقد انتقد بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية والكارثة الإنسانية التي نتجت عنها، وخلال عام 2025 أوقف جميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل التي كان من الممكن استخدامها في حرب غزة. وأكّد ميرز: “إن انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية يجب أن يكون ممكنًا، بل قد يكون ضروريًا. إن الاختلاف في هذه القضية لا يُعدّ خيانةً لصداقتنا”.

النتائج

تعكس التحركات الدولية الأخيرة، وخاصة اعتراف فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وغيرها بدولة فلسطين، تحولًا جذريًا في ميزان الشرعية الدبلوماسية داخل الأمم المتحدة، حيث ارتفع عدد الدول المعترفة إلى 156 دولة. في هذا السياق، تجد ألمانيا نفسها في موقف دبلوماسي معقد، يمزج بين ضغوط خارجية متزايدة، واعتبارات داخلية متجذرة في التاريخ والهوية السياسية.

رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أغلبية الشعب الألماني (54%) تؤيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن الحكومة، بقيادة المستشار فريدريش ميرز، لا تزال متمسكة بموقفها الرافض، مبررة ذلك بغياب “شروط الاعتراف” وبضرورة تحقيق “حل الدولتين” أولًا. لكن هذا الموقف بات يُنظر إليه من قِبل شرائح واسعة في الداخل والخارج باعتباره تبريرًا لتجنّب اتخاذ قرار سياسي جريء، لا سيما في ظل واقع ميداني يتجه بعيدًا عن أي تسوية سياسية محتملة.

على الصعيد الأوروبي، تواجه ألمانيا ضغوطًا غير مسبوقة من شركائها في الاتحاد الأوروبي، ومن المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، لاتخاذ موقف أكثر توازنًا تجاه الصراع في غزة والانتهاكات الإسرائيلية. وتبدو محاولات الحكومة الألمانية للفصل بين “الدعم التاريخي لإسرائيل” و”نقد سياساتها” مقبولة نظريًا، لكنها تواجه اختبارًا عمليًا في ظل استمرار العمليات العسكرية وسقوط الضحايا المدنيين في غزة.

في حال استمرار الحكومة الألمانية في موقفها الحالي، فإنها قد تواجه عزلة سياسية متزايدة داخل الاتحاد الأوروبي، وتآكلًا في مصداقيتها الدولية كوسيط محايد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع اتساع رقعة الاعتراف الدولي بفلسطين، يُرجّح أن تضطر برلين إلى إعادة تقييم موقفها في السنوات القليلة المقبلة، خاصة إذا تراكمت الضغوط الشعبية والبرلمانية. وفي حال اتخاذ قرار بالاعتراف، فسيكون ذلك تحولًا نوعيًا في السياسة الخارجية الألمانية، يُعيد رسم علاقتها بإسرائيل، ويمنحها دورًا جديدًا في إعادة تشكيل معادلة السلام في الشرق الأوسط.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=109747

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...