الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الأمن الدولي ـ استهداف إسرائيل لقطر، التداعيات القانونية والأمنية على الشرق الأوسط والعالم

qatar-0909
سبتمبر 10, 2025

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا  ECCI، وحدة الدراسات والتقارير “1”

الأمن الدولي ـ استهداف إسرائيل لقطر، التداعيات القانونية والأمنية على الشرق الأوسط والعالم

شهدت الساحة الإقليمية تطورًا بالغ الخطورة في التاسع من سبتمبر 2025، عندما نفّذت إسرائيل ضربة جوية في العاصمة القطرية الدوحة، استهدفت قادة من حركة حماس كانوا مجتمعين في مقر يعتقد أنه يُستخدم لإدارة عمليات سياسية وأمنية للحركة. الحدث لم يكن مجرد عملية عسكرية محدودة، بل مثّل تحوّلًا نوعيًا في مسار الصراع، لكونه وقع على أراضي دولة خليجية تتمتع بالسيادة، وتلعب دورًا محوريًا في الوساطة بين الأطراف المتصارعة. الضربة أسفرت عن مقتل خمسة من كوادر حماس من الرتبة المتوسطة، إضافة إلى مقتل ضابط أمني قطري وإصابة آخرين، بينما نجا القادة الكبار للحركة. هذا التطور ألقى بظلاله الثقيلة على المشهد الدولي، إذ أثار موجة إدانات واسعة من الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، ودول عديدة، وطرح أسئلة جوهرية حول مدى احترام إسرائيل للقانون الدولي، وحول مستقبل الوساطة القطرية، وأثره على الاستقرار الإقليمي.

الضربة وتداعياتها المباشرة

جاءت الضربة الإسرائيلية تحت اسم عملية “قمة النار”، وبرّرتها تل أبيب بأنها استهدفت مركز قيادة لحماس يُدار من الدوحة ويُستخدم لتنسيق هجمات ضد إسرائيل. إلا أن اختيار قطر، المعروفة بدورها كوسيط بين إسرائيل وحماس في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ، جعل العملية محاطة بتعقيدات سياسية ودبلوماسية. التداعيات المباشرة شملت خسائر بشرية في صفوف حماس والأمن القطري، إضافة إلى خلق حالة من التوتر السياسي والدبلوماسي بين قطر وإسرائيل، في وقت كان من المفترض أن تُستأنف فيه مفاوضات غير مباشرة بوساطة قطرية. الرد القطري جاء حادًا، إذ أعلنت الدوحة أنها لن تتسامح مع هذا “السلوك المتهور” من جانب إسرائيل، في إشارة إلى احتمالية إعادة تقييم دورها كوسيط.

الموقف الأوروبي

أجمع الموقف الأوروبي على إدانة الضربة بوصفها انتهاكًا صارخًا لسيادة قطر وقواعد القانون الدولي.

ـ الاتحاد الأوروبي : أكد أن الهجوم يمثل خرقًا خطيرًا لسيادة دولة ذات سيادة ويهدد بتوسيع دائرة النزاع.

ـ بريطانيا: رئيس الوزراء كير ستارمر وصف الضربة بأنها عمل ينتهك سيادة قطر، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن الرهائن، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية.

ـ فرنسا : الرئيس إيمانويل ماكرون اعتبر الضربة غير مقبولة مهما كانت المبررات، وأكد تضامن بلاده مع أمير قطر.

ـ ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا: عبّرت عن قلقها البالغ، محذّرة من أن توسيع نطاق الحرب ليشمل أراضي عربية أخرى قد يقوّض الاستقرار في المنطقة.

الموقف الأوروبي لم يقتصر على الجانب السياسي، بل ارتبط أيضًا برغبة الاتحاد الأوروبي في حماية دور الوسطاء الإقليميين، وعلى رأسهم قطر، في محاولة إبقاء قنوات التفاوض مفتوحة.

البعد القانوني الدولي

من منظور القانون الدولي، تُعد الضربة الإسرائيلية انتهاكًا صريحًا لعدة مبادئ ومعاهدات:

ميثاق الأمم المتحدة:

ـ المادة 2(4) تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. الضربة داخل الدوحة تنطبق عليها هذه المخالفة.

ـ المادة 51 تمنح الدول حق الدفاع عن النفس في حال تعرضها لهجوم مسلح، وهو ما لا ينطبق على إسرائيل في هذا السياق، إذ لم يصدر عن قطر أي عمل عدائي ضدها.

ـ مبدأ السيادة وسلامة الأراضي: أي قصف عسكري على أراضي دولة دون موافقتها يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

ـ القانون الدولي الإنساني اتفاقيات جنيف 1949 : حتى لو كانت الأهداف عسكرية، فإن العملية تخضع لمبدأي التناسب والتمييز، حيث لا يجوز تعريض المدنيين والبنية التحتية المدنية لخطر غير مبرر.

ـ القانون الجنائي الدولي: يمكن توصيف العملية بأنها عمل عدواني، أحد الجرائم الجوهرية ضمن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

بناء على هذه الأسس، تملك قطر الحق في رفع القضية إلى محكمة العدل الدولية، والمطالبة بفتح تحقيق عبر المحكمة الجنائية الدولية.

الانعكاسات المستقبلية

ـ مستقبل الوساطة القطرية: الضربة قد تُضعف موقع قطر كوسيط موثوق بين إسرائيل وحماس. وإذا انسحبت قطر من هذا الدور، فإن المفاوضات ستتعثر، مما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في غزة.

ـ التصعيد الإقليمي: العملية قد تفتح الباب أمام مزيد من الاستهدافات خارج غزة، بما يزيد من احتمالية تحول الصراع إلى مواجهة إقليمية أوسع.

ـ المعادلة الأوروبية ـ الأمريكية: أوروبا اتخذت موقفًا قانونيًا واضحًا، بينما من المتوقع أن تدعم الولايات المتحدة إسرائيل أو تبرر الضربة في سياق “مكافحة الإرهاب”. هذا التباين يعمّق الفجوة بين ضفتي الأطلسي.

ـ مجلس الأمن الدولي: من المرجح أن تدعو قطر إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن. ستقف الدول الأوروبية إلى جانبها، لكن الولايات المتحدة قد تستخدم الفيتو لمنع أي قرار يدين إسرائيل.

ـ ردود قانونية ودبلوماسية: قطر قد تتجه إلى محكمة العدل الدولية، وقد تطالب منظمات حقوقية دولية بفتح تحقيق في جريمة عدوان. كما قد يلوّح الاتحاد الأوروبي بإجراءات سياسية أو اقتصادية ضد إسرائيل إذا تكرر الأمر.

ـ انعكاسات على النظام الدولي: استمرار مثل هذه العمليات يعزز فكرة أن النظام الدولي في حالة تآكل، حيث تتراجع مكانة القانون الدولي أمام القوة العسكرية، وهو ما سيدفع أوروبا ودول المنطقة للبحث عن استقلالية أكبر في سياستها الخارجية.

ماذا عن قاعدة العديد الأمريكية، هل كان يتوجب عليها حماية الاراضي القطرية؟

عندما وقعت الضربة الإسرائيلية في الدوحة، قفز اسم قاعدة العديد الجوية إلى الواجهة باعتبارها أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، تضم عشرات الطائرات وآلاف الجنود من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتشكل مقر القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة.

التساؤل الذي برز على الفور كان: إذا كانت هذه القاعدة تملك أحدث منظومات المراقبة والإنذار المبكر، ألم يكن من المفترض أن تكشف التحرك الإسرائيلي أو تمنع استهداف الأراضي القطرية؟

من الناحية المبدئية، وجود قاعدة عسكرية أجنبية لا يعني بالضرورة التزامها المباشر بحماية الدولة المضيفة. فالمسؤولية الأساسية عن الدفاع تقع على عاتق القوات المسلحة القطرية، بينما تقتصر وظيفة القاعدة الأمريكية على خدمة المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وإدارة عملياتها في الشرق الأوسط. بمعنى آخر، القاعدة وُجدت لخدمة أجندة واشنطن أكثر مما وُجدت كدرع دفاعي لقطر. إلا أن هذا التفسير القانوني والسياسي لا يمنع الإحراج الذي شعرت به الدوحة، إذ بدا وكأن وجود أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة لم يردع إسرائيل عن انتهاك سيادتها.

أما من الناحية التقنية، فمن شبه المؤكد أن أنظمة المراقبة والإنذار المبكر في قاعدة العديد رصدت التحرك الإسرائيلي. فالأقمار الصناعية الأمريكية والرادارات المتطورة قادرة على تتبع أي نشاط جوي في المنطقة بدقة. لكن السؤال هو: هل كانت واشنطن راغبة في التدخل لمنع الضربة؟ الإجابة المرجحة هي لا. القوات الأمريكية تتجنب مواجهة إسرائيل، وهو أمر يتناقض مع طبيعة التحالف الاستراتيجي القائم بين الطرفين. بمعنى آخر، حتى لو علمت واشنطن مسبقًا، فإنها لم تكن لتخاطر بردع إسرائيل عن عمل ترى فيه مبررًا أمنيًا يخدم مصالحها.

هذا الواقع يفتح الباب أمام بعد سياسي شديد الحساسية. فبالنسبة للدوحة، الضربة مثلت ضربة مزدوجة: من جهة انتهكت إسرائيل سيادة قطر، ومن جهة أخرى أظهرت القاعدة الأمريكية وكأنها عاجزة أو غير معنية بحماية أراضي الدولة التي تستضيفها. هذه المعادلة تضع قطر في موقع تفاوضي جديد مع الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن تطالب الدوحة بتوضيح طبيعة الالتزامات الدفاعية الأمريكية، وأن تسعى للحصول على ضمانات أمنية أقوى مقابل استمرار استضافة القاعدة.

من جانب واشنطن، قد يكون الحل هو محاولة امتصاص الغضب القطري عبر خطوات سياسية ودبلوماسية، مثل دعم دور قطر في الوساطة بين إسرائيل وحماس، أو توسيع التعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات بشأن الإنذارات المبكرة. لكنها على الأرجح ستتجنب تقديم التزام صريح بالدفاع المباشر عن الأراضي القطرية، حتى لا تجد نفسها يومًا ما مجبرة على مواجهة حليفها الإسرائيلي.

النتائج

إن الضربة الإسرائيلية على الدوحة لا يمكن اختزالها في بعدها العسكري فحسب، بل تمثل اختبارًا حقيقيًا للنظام الدولي برمته. فهي تكشف عن هشاشة قواعد القانون الدولي حين تُستخدم القوة ضد دولة ذات سيادة دون تفويض أو مبرر قانوني. أوروبا، التي رفعت صوتها بالإدانة، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد: هل تكتفي بالبيانات السياسية، أم تمضي نحو أدوات ضغط ملموسة لحماية القانون الدولي؟

المستقبل القريب سيحدد ما إذا كانت هذه الحادثة ستبقى مجرد حلقة في مسلسل التصعيد، أم أنها ستفتح فصلًا جديدًا من إعادة تشكيل معادلات القوة في الشرق الأوسط، وسط تراجع فعالية المؤسسات الدولية وتزايد الفجوة بين أوروبا والولايات المتحدة.

في كل الأحوال، فإن استهداف الدوحة مثّل نقطة تحوّل استراتيجية قد تنعكس آثارها لسنوات طويلة قادمة، سواء على مستوى الوساطة القطرية، أو مكانة القانون الدولي، أو مستقبل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ما جرى يوضح أن قاعدة العديد، رغم أهميتها الاستراتيجية، لم تكن درعًا يحمي قطر من الضربة الإسرائيلية، بل أظهرت حدود الدور الأمريكي على الأراضي القطرية. وهو ما قد يدفع الدوحة في المستقبل إلى تعزيز دفاعاتها الجوية الذاتية، وربما المطالبة باتفاقات أوضح مع واشنطن تضمن عدم تكرار مثل هذا الإحراج الذي مسّ جوهر السيادة القطرية.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=108966

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI

 

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...