الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

مكافحة التجسس ـ هل تستطيع ألمانيا وأوروبا الحدّ من أنشطة التجسس الروسية GRU في إطار الحرب الهجينة؟

russia-intelligence
أبريل 30, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

مكافحة التجسس: هل تستطيع ألمانيا ودول أوروبا الحدّ من أنشطة التجسس الروسية في إطار الحرب الهجينة؟

الطرود المفخخة وجه جديد للحرب الهجينة

في تصعيد غير مسبوق للحرب الاستخباراتية الدائرة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، كشفت تقارير أمنية وإعلامية متطابقة، عن استخدام غير تقليدي من قبل الاستخبارات الروسية لآلية الطرود البريدية في تنفيذ عمليات تخريبية داخل العمق الأوروبي. إذ لم تعد أدوات روسيا التخريبية تقتصر على القرصنة السيبرانية أو دعم الجماعات المتطرفة أو نشر المعلومات المضللة، بل امتدت لتشمل تهريب متفجرات ومواد حارقة مموهة داخل طرود تجارية يومية كالألعاب الجنسية ومستحضرات التجميل، في ما يبدو أنه تكتيك متعمد لإرباك أجهزة الأمن الأوروبية واختبار جاهزيتها.

هذه “الطرود المفخخة”، التي أُرسلت عبر شركات شحن دولية كـDHL، لم تكن عبثية أو عشوائية، بل مثّلت جزءًا من شبكة معقدة يُعتقد أنها تُدار من قبل جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي (GRU)، وتعتمد على مجندين غير محترفين من أصول أوكرانية أو روسية، مقيمين في أوروبا، يتم استقطابهم عبر قنوات مشفّرة كـ”تلغرام”، تحت غطاء وظائف شحن وتوصيل. وتُظهر الوثائق أن هؤلاء الأفراد لم يكونوا على دراية دائمًا بطبيعة المحتوى الذي ينقلونه، مما يعكس براعة موسكو في استخدام “وكلاء بالوكالة” لتنفيذ مهام تخريبية من دون ترك بصمات مباشرة.

تتعرض ألمانيا مرارًا لهجمات روسية من خلال حملات تضليل إعلامي، وهجمات إلكترونية، وأعمال تخريبية. ويصف الخبراء هذا النهج بـ”الحرب الهجينة”. فكيف تنفذ روسيا هذه العمليات؟يبدو أن الخط الفاصل بين الحرب والسلم أصبح ضبابيًا. فعلى الرغم من أن ألمانيا وروسيا ليستا في حالة حرب رسمية، إلا أن البلاد تشهد مرارًا حرائق، وهجمات على البنية التحتية، ومحاولات للتأثير السياسي – وغالبًا ما تُوجَّه أصابع الاتهام إلى روسيا.تزداد المخاوف في ألمانيا،  من أعمال التخريب الروسية عبر ما يُعرف بـ”العملاء للاستخدام لمرة واحدة”، وهم منفذون مجهولو الهوية يعملون عبر الحدود ويصعب تتبعهم، وتُجنّدهم وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية GRU  لتنفيذ عمليات تخريبية محددة. استخبارات ـ مخاطر التجسس الروسي على ألمانيا والحرب الهجينة

لا تهاجم موسكو الاقتصاد والبنية التحتية الألمانية فحسب، بل تستهدف أيضًا المجتمع، والمؤسسات التعليمية، والسياسة. ومع بداية  حرب أوكرانيا، أصبحت ألمانيا واحدة من أبرز الداعمين السياسيين والعسكريين لكييف، وهذا الدعم لم يمر دون عواقب: إذ تعتبر روسيا ألمانيا بشكل متزايد عدوًا، وتصعد من حربها الهجينة ضد الدول الداعمة لأوكرانيا. فما أثر ذلك على الأمن الداخلي في ألمانيا؟ وما أهداف بوتين؟

كيف تستهدف روسيا ألمانيا؟

الوضع الأمني خطير. فحسب تقرير صادر عن هيئة حماية الدستور الألمانية  :”تقف ألمانيا، بسبب دورها في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ومنظمات دولية أخرى، منذ سنوات في مرمى أجهزة الاستخبارات الروسية.” وبحسب الهيئة، فإن التجسس والهجمات الإلكترونية والتخريب والتأثير السياسي والتحايل على العقوبات هي أبرز مكونات الحرب الهجينة التي تشنها روسيا، بهدف ضرب ما تُسمى بـ”الأهداف المحمية”.

أحد الأهداف المركزية لروسيا هو التأثير على السياسة الألمانية. ويتكرر استخدام التضليل الإعلامي في ذلك.فخلال الحملة الانتخابية، أوردت وسائل إعلام تقارير عن أعمال تخريب: ففي عدة حالات، تم لصق ملصقات تحمل صورة وزير الاقتصاد روبرت هابيك وشعار “كن أكثر خضرة!” على سيارات تم سدّ أنابيب عوادمها برغوة البناء. الهدف الظاهر من هذه الحملة كان التحريض ضد حزب الخضر ومرشحه لمنصب المستشار. وتشير تحقيقات مجلة “دير شبيغل” إلى تورط جهات روسية في التخطيط لهذه الأعمال. كما يتم التحقيق فيما إذا كان بعض منفذي الهجمات التي ارتكبها أشخاص من خلفية مهاجرة قبيل الانتخابات البرلمانية قد تم تحريضهم من قبل روسيا. وبحسب محلل الإنترنت ستيفن بوشارت، ظهرت على الإنترنت عمليات بحث تتضمن الاسم الدقيق وموقع الهجوم في مانهايم قبل وقوعه، وفق ما نقلته قناة ZDF . وتعتقد السلطات أن الهدف كان دعم حزب البديل من أجل ألمانيا  (AfD)، الذي يُصنف جزئيًا كتيار يميني متطرف. كما أن دعم روسيا لأحزاب موالية لها يُرصد في العديد من الدول الأوروبية.أمن ألمانيا القومي ـ لاتزال أنشطة التجسس الروسية في ألمانيا مستمرة

الهجمات على البنى التحتية الحيوية

جانب آخر هو الهجمات الروسية على البنية التحتية الحيوية في ألمانيا)، وتشمل المنشآت والمؤسسات التي لا يمكن للمجتمع الاستغناء عنها. ويحذر الخبراء من تزايد هذه الهجمات، حيث تستعد أجهزة الحماية المدنية لذلك وتعمل على تعزيز معدات الطوارئ. يٌعتقد أن روسيا استخدمت ما يسمى بـ”شبكات الظل” لتخريب كابلات بحرية تحت بحر البلطيق. لكن هجمات الحرب الهجينة لا تقتصر على السياسة والبنية التحتية، بل باتت تشمل الاقتصاد أيضًا.فقد أثار حريق في شركة Diehl  في برلين مؤخرًا الكثير من الانتباه، ويُشتبه بأنه ناتج عن هجوم تخريبي روسي.

تعد هذه الشركة من الموردين الأساسيين لصناعة الدفاع الألمانية، حيث تطور وتنتج معدات متطورة للدفاع الجوي والصواريخ والذخيرة وأنظمة الحماية. وكانت هناك خطط معلنة لاغتيال رئيس شركة راينميتال (Rheinmetall) أرمين بابيرغر في عام 2024. ولا تقتصر الهجمات على الشركات الكبرى، فقد كشفت تحقيقات مشتركة من WDR وNDR وصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” عن منظومة معقدة من التخريب مصدرها الكرملين، حيث تم وضع عبوات حارقة داخل طرود بريدية أُرسلت إلى الولايات المتحدة وكندا وبولندا والمملكة المتحدة. وكان الهدف من هذه الهجمات إشعال الحرائق وتعطيل البنية التحتية. ومؤخرًا، تحطمت طائرة شحن تابعة لـ DHL في ليتوانيا، ويُشتبه أيضًا بوجود عمل تخريبي روسي وراء الحادث.

التضليل الإعلامي الروسي

حتى المجتمع الألماني بات يشعر بآثار هذه الحرب الهجينة. فمن خلال حملات التضليل الإعلامي عبر ما يُعرف بـ”مواقع التوأم” ، يتم نشر محتوى موالٍ لروسيا عبر مواقع تحاكي شكل ومظهر مواقع إخبارية معروفة مثل “شبيغل”، “فيلت”، وt-online. وكانت t-online قد أجرت تحقيقات معمقة في هذه الشبكات في عام 2024. كذلك، تُعد المؤسسات التعليمية والبحثية من أهداف حملات التضليل. ففي عام 2024، تظاهر قراصنة روس بأنهم معهد كيل للاقتصاد العالمي  (IfW)، وقاموا باستخدام الموقع المزيف لنشر برمجيات خبيثة على أجهزة الزوار. الهجمات المعلوماتية والحروب النفسية لها دور أساسي في كسر إرادة الخصم. في حالة أوكرانيا، تمثل الحروب الإعلامية والصراع على الرواية السياسية جزءًا مهمًا

من المسؤول عن هذه الهجمات في روسيا؟ ـ GRU ـ SSD

تُعرف وحدة “المهام الخاصة” داخل مقر الاستخبارات العسكرية الروسية GRU في موسكو باسم SSD، وتقع في ما يُعرف بـ”الأكواريوم” – مقر GRU الرئيسي. وهي مسؤولة عن تنفيذ الحرب الظلية ضد الغرب، وتتراوح مهامها من الاغتيالات والتخريب في الخارج إلى اختراق المؤسسات التعليمية والشركات. ويجري أيضًا تجنيد العملاء في أوكرانيا، صربيا، ودول فقيرة أخرى.استخبارات ـ ما هو مستقبل مكافحة التجسس في ألمانيا؟

حجم التهديدات؟

تطرقت الحكومة الألمانية في استراتيجيتها الأمنية الوطنية إلى خطورة التهديدات:

ـ “يجب على ألمانيا أن تتصدى بفعالية لهذه الأشكال المتعددة من التهديدات الهجينة من خلال تعزيز التعاون الدولي.” كما ينص النص على أن الحرب الهجينة يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من مهام الجيش الألماني:

ـ “مساهمة الجيش في الدفاع الشامل شرط أساسي لقدرة الحكومة على التحرك، وبالتالي لحماية السكان من الأزمات، والحروب، والتهديدات الهجينة.”إلا أن تنفيذ ذلك عمليًا لا يزال غامضًا.

ـ وبحسب رئيس معهد أبحاث سياسة السلام إريك شميت-إينبوم، فإن الصناعة الألمانية تظل هدفًا سهلًا نسبيًا: “تحاول الشركات حماية نفسها من الهجمات الإلكترونية أو التجسس الإلكتروني، لكن هذه المجالات تظل من أولويات الاستخبارات الروسية والصينية، لذا من المرجح استمرار سرقة التكنولوجيا الألمانية إما عبر الوسائل التقنية أو عبر العملاء”.

ـ وحتى المواطنون مطالبون بالإسهام في جهود الحماية. فبحسب تحقيقات  Correctiv، من المزمع تحديث دليل الأزمات الوطني الأساسي، والذي يعود إلى عام 2019 في نسخته السابعة، ولا يزال يخلو من فقرات تتعلق بالحرب الهجينة. وقد حاولت وزارة الخارجية ووزارة الداخلية، خلال الدورة التشريعية السابقة، توعية السكان من خلال فعاليات أمنية. وشددت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك مرارًا على أهمية تعزيز مناعة المجتمع ضد التهديدات الروسية.

ـ وفي اتفاق الائتلاف بين CDU وCSU وSPD، تمت الإشارة في المقدمة مباشرة إلى خطر الهجمات الهجينة. وتنص البنود على ضرورة تعزيز الأمن السيبراني، والدفاع المدني، والحماية من الكوارث. لكن يبقى من غير الواضح مدى سرعة تنفيذ هذه الإجراءات.

ـ تكمن خطورة هذا الأسلوب في أنه يضرب في عمق الحياة المدنية والأنظمة اللوجستية في أوروبا، مستغلاً الثغرات في منظومات الشحن والتوزيع داخل فضاء شنغن المفتوح، حيث يتم تداول ملايين الطرود يوميًا عبر الحدود من دون تفتيش جمركي دقيق. وقد نجحت هذه الخطة في إشعال حرائق في ثلاث منشآت على الأقل، بينما تُشير التحقيقات إلى نية إرسال طرود مماثلة إلى أهداف داخل الولايات المتحدة وكندا، ما اعتُبر تصعيدًا خطيرًا في حرب التخريب الروسية العابرة للحدود.

ـ  تمثل هذه الآلية تطورًا في مبدأ “الحرب الهجينة” الذي تعتمده موسكو، والذي يمزج بين أدوات عسكرية، معلوماتية، واستخباراتية لزعزعة استقرار الخصوم من دون دخول مواجهة تقليدية مباشرة. كما أنها تطرح تساؤلات حساسة حول مدى قدرة الأجهزة الأمنية الأوروبية على كشف مثل هذه التهديدات غير النمطية، وضرورة تطوير آليات رقابة وتعاون أمني أكثر عمقًا على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ـ إن ظهور الطرود المفخخة كأداة روسية جديدة في معركة النفوذ داخل أوروبا يسلط الضوء على تحوّل مقلق في ساحة الصراع، ويضع الدول الأوروبية أمام تحدٍّ أمني واستخباراتي يتطلب استجابات مبتكرة، تتجاوز الأطر التقليدية لمكافحة التجسس أو الإرهاب.

ـ إن اتساع وتطوّر أساليب الاستخبارات الروسية في أوروبا، والتي باتت تعتمد على وكلاء مأجورين، ووسائل غير تقليدية، ووسائل تكنولوجية يصعب تتبعها. وأن الحدود المفتوحة داخل أوروبا، والاعتماد الواسع على شركات الشحن العالمية، يمكن استغلالها بسهولة من قبل الجهات المعادية. الطرود المتفجرة هي جبهة جديدة من الحرب الرمادية التي تخوضها روسيا داخل أوروبا.ومع تصاعد التوترات العالمية، تُظهر قضية بيزروكافي أن المواجهة بين موسكو والغرب لم تعد تقتصر على ساحات المعارك أو شاشات الدعاية، بل وصلت إلى صناديق البريد.

 

**

الاستخبارات الروسية في أوروبا –  حجم التهديدات والقدرات الأوروبية في المواجهة

منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، لم تعد المواجهة بين روسيا والغرب مقتصرة على الميدان العسكري، بل اتسعت لتشمل فضاءً غير نظامي معقّد، يتمثل في “الحرب الهجينة”، حيث تلعب الاستخبارات الروسية، وخاصة جهاز الاستخبارات العسكرية (GRU) وجهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، دورًا رئيسيًا في تنفيذ أنشطة سرية تستهدف زعزعة الأمن الداخلي الأوروبي، وتحديدًا الألماني، عبر التخريب، التجسس، والتأثير في الرأي العام.

ـ ملامح الأنشطة الاستخباراتية الحالية : الحرب الهجينة كعقيدة استخباراتية روسية تشمل أدوات الحرب الهجينة الروسية استخدام وكلاء غير رسميين (عملاء للاستخدام لمرة واحدة)، الهجمات السيبرانية، التضليل الإعلامي، التخريب المادي، والتجسس الاقتصادي. يتم تشغيل هذه الأدوات من خلال شبكات استخباراتية معقدة مثل وحدات النخبة في GRU الوحدة 29155، التي تملك سجلاً في تنفيذ عمليات اغتيال، انفجارات، وتخريب في أوروبا الشرقية والغربية.

 

ألمانيا كهدف رئيسي

موقع ألمانيا السياسي في الناتو والاتحاد الأوروبي يجعلها هدفًا استراتيجيًا.

تعرضت ألمانيا لسلسلة من الهجمات والعمليات، منها حرائق مشبوهة في منشآت صناعية مثل شركة  Diehl،محاولات لتخريب كابلات بحر البلطيق، وحملات تضليل رقمية عبر مواقع مزدوجة دوبلغينغر. وتصاعد الاعتماد الروسي على “العملاء العابرين للحدود”، مما يعقد جهود الكشف. السيناريوهات المستقبلية لنشاط الاستخبارات الروسية في أوروبا:

ـ اتساع رقعة العمليات وتنوع الأدوات، من المتوقع أن تتنوع العمليات الاستخباراتية الروسية لتشمل: الهجمات على سلاسل الإمداد العسكرية. التجسس على برامج الطاقة الخضراء والذكاء الصناعي. محاولات التأثير على الانتخابات المحلية والأوروبية.

ـ نشاط سري مموّه عبر الدول الرمادية استخدام روسيا لدول وسيطة مثل صربيا، أو بعض دول البلقان لتجنيد العملاء وإخفاء مسارات التمويل والتدريب.

ـ توظيف أذرع إعلامية وناشطين مدنيين، سيزداد توظيف منصات إعلامية ناطقة بالألمانية والفرنسية ذات توجهات مؤيدة لروسيا، وتعزيز دور “المنظمات غير الحكومية الوهمية” كغطاء لاختراق المجتمع المدني.

أهمية الجبهة الداخلية خلال الحروب

الجبهة الداخلية لا تشمل القوات المسلحة فقط بل المجتمع المدني، والنظام السياسي، والاقتصاد، والبنية التحتية، والأيديولوجيا الوطنية. في الحروب الحديثة، أصبحت الجبهة الداخلية قوة استراتيجية حاسمة. الحروب لا تُخاض فقط على الجبهات العسكرية، بل أيضًا في أذهان الناس. في أوكرانيا، على سبيل المثال، تمثل معنويات الشعب دعمًا هائلًا للجيش. الحفاظ على الاستقرار الداخلي والمعنويات العليا يمكن أن يكون العامل الفاصل في قدرة الدولة على مقاومة الهجمات واستعادة المناطق التي سُلبت. إن وجود حكومة مستقرة، حتى في ظروف الحرب، هو أمر بالغ الأهمية. في أوكرانيا، تمكنت الحكومة من الحفاظ على وحدة الدولة ويعمل على استقرار الحكومة يوُسهم في تعزيز الثقة المحلية والدولية ويؤثر على التنسيق العسكري والسياسي.تعتبر القدرة الاقتصادية للدولة على توفير الموارد والتمويل أمرًا حاسمًا في الحروب الحديثة. الحرب تتطلب إمدادات مستمرة من المال، السلاح، المواد الغذائية، والطاقة.

ـ تصبح البنية التحتية الحيوية للبلاد هدفًا رئيسيًا للهجمات خلال الحروب. الدفاع عن هذه البنية واستمرار تشغيلها له أهمية كبرى: الطاقة والنقل: الدفاع عن شبكات الطاقة والنقل داخل أوكرانيا يعد أمرًا حاسمًا، حيث أن هذه الشبكات تمثل جزءًا أساسيًا في تمكين الجيش من التحرك ونقل الإمدادات. الإنترنت والاتصالات هو الاخر  في العصر الرقمي، تعتبر الهجمات الإلكترونية جزءًا من الحروب الحديثة. تُعد أوكرانيا واحدة من أبرز الأمثلة على كيف استخدم الأعداء الهجمات الإلكترونية لتعطيل الاتصالات والشبكات الحكومية، في حين أن الدفاع ضدها يمثل تحديًا متواصلًا.

**

آليات وأساليب التجنيد

في سياق الحروب الهجينة والاستخبارات الحديثة، تلجأ روسيا – وخاصة أجهزة استخباراتها مثل الاستخبارات العسكرية GRU والاستخبارات الخارجية SVR وجهاز الأمن الفيدرالي FSB – إلى تجنيد عملاء داخل أوروبا، وخاصة ألمانيا، لتنفيذ عمليات تخريب محددة ولمرة واحدة وغالبًا ما تُستهدف بها البنى التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء، أنظمة النقل، مراكز الاتصالات، أو مستودعات الدعم العسكري لأوكرانيا.

الاستهداف عبر “نقاط الضعف الفردية . تعتمد أجهزة الاستخبارات وهنا الاستخبارات الروسية على نموذج تقليدي في تجنيد الأفراد، والمعروف اختصارًا بـ MICE

ـ التجنيد المادي : استغلال الضائقة المالية لتجنيد موظفين أو فنيين أو عمال صيانة.

ـ تجنيد ايدلوجي ـ استهداف المؤيدين لروسيا، أو معارضي الناتو، أو اليمين المتطرف، أو الجماعات المناهضة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ـ المساومة والضغوطات ـ استغلال معلومات حساسة، صور، أو مخالفات قانونية للضغط على الشخص للتعاون.

التجنيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا متزايدًا في تجنيد العملاء، حيث تعتمد روسيا على:

الوصول إلى الأفراد من خلال مجموعات فكرية أو سياسية مغلقة مثل مجموعات مناهضة للحكومة، أو ضد دعم أوكرانيا، أو حركة السلام.

ـ الحسابات الوهمية  التي تتواصل مع أفراد أوروبيين لخلق علاقات عاطفية أو فكرية.

ـ تطبيقات التشفير والرسائل المشفرة مثل لتجنيد وتوجيه العملاء بعيدًا عن الرقابة.

الإعلانات المباشرة أو غير المباشرة في منتديات القرصنة أو “دارك ويب” لشراء خدمات محددة تتضمن تخريب مقابل مال.

التجنيد الميداني المباشر

ـ بعثات دبلوماسية روسية تعمل كغطاء لضباط استخبارات يتواصلون مع أهداف محتملة في الفعاليات الأكاديمية أو السياسية أو الصناعية.

المؤتمرات والمعارض الدولية حيث يتم التعارف مع موظفين ذوي حساسية أمنية.

الاستغلال الثقافي أو الديني من خلال منظمات أو جمعيات صداقة .

الإنترنت المظلم أو منصات مشفرة، يجهلون هوية الجهة الحقيقية التي كلفتهم بالعملية، ما يصعّب على الأمن الأوروبي كشف الخيوط.

أبرز الأساليب التقنية والتكتيكية المستخدمة: التوجيه عن بُعد عبر Telegram / Dark Web. ونقل الأموال المشفرة عبر عملات مثل Bitcoin. والتعليمات المشفرة عبر مواقع تبدو عادية (مثلاً كود مخفي في إعلان أو رابط Drop Sites” لتسليم أدوات التخريب: يضع المجند الأدوات في موقع، ويُطلب من العميل أخذها، دون لقاء مباشر.

تدابير مكافحة التجسس الأوروبية

ـ رفع جاهزية الأمن الداخلي والاستخبارات المضادة

ـ زيادة ميزانية المخابرات الداخلية (BfV) وتوسيع صلاحياتها لتعقب التهديدات الهجينة.

ـ التعاون الاستخباراتي الأوروبي من خلال تبادل فوري للمعلومات عبر منصات الاتحاد الأوروبي والناتو أبرزها:  EU INTCEN وNATO Intelligence Fusion Centre.

ـ تشديد الرقابة على منح التأشيرات والإقامة للمواطنين القادمين من دول تشكّل “خطرًا استخباريًا”.

ـ تحديث البنية التحتية للأمن السيبراني وتشكيل قيادة سيبرانية أوروبية موحدة.

ـ فرض معايير إلزامية للحماية على المؤسسات العامة والشركات الحيوية .

ـ مكافحة التضليل  من خلال دعم وسائل الإعلام المستقلة ومبادرات “التدقيق الإعلامي”.

ـ تجفيف مصادر التمويل للمواقع الدعائية عبر تقنيات تتبع التحويلات المالية المشبوهة.

ـ حملات توعية شعبية حول التضليل والتجنيد الإلكتروني وإدراج مناهج أمنية في التعليم لتعزيز “الوعي الأمني الوقائي”.

لكن تبقى ألمانيا وأوروبا تواجه جملة تحديات أبرزها:بطء اتخاذ القرار الأوروبي الجماعي في أوقات الطوارئ. والاختلاف في أولويات الأمن القومي بين دول أوروبا الغربية والشرقية. واختراق بعض الأجهزة أو الأحزاب بعلاقات روسية غير موثقة بعد.

رغم إن أوروبا، وبالأخص ألمانيا، تمتلك الموارد والقدرات التقنية والاستخباراتية لمواجهة الاستخبارات الروسية، لكنها بحاجة إلى تكامل أوروبي أكبر وسرعة في الاستجابة، إضافة إلى تعزيز الأمن المجتمعي والسردية الديمقراطية داخليًا. بدون ذلك، سيبقى التهديد الروسي عامل اضطراب دائم في الداخل الأوروبي.

 

https://www.europarabct.com/?p=103697

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...