المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
إعداد : رشا عمار صحفية وباحثة مختصة بالإسلام السياسي والإرهاب
إخوان أوروبا – صراع النفوذ والانقسام
تكشفت الكثير من المعلومات عن طبيعة النشاط التنظيمي للجماعة خارج منطقة الشرق الأوسط، مع احتدام الصراع القيادي داخل جماعة الإخوان، ولعل الملمح الأهم في الصراع الأخير المتفاقم منذ أكتوبر 2021، يتمثل في النطاق الجغرافي، فبرغم كونه تنافسغير محموم بين القيادات (جميعهم من أصل مصري) للسيطرة على مراكز السلطة والمال داخل التنظيم، إلا أن حلقاته جميعها تدور بين لندن وإسطنبول، وتعكس طبيعة النفوذ والتوغل الإخواني داخل القارة الأوروبية.
تفجرت أزمة الإخوان للعلن في 10 أكتوبر 2021 بعد قرار من القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير، وهو أحد أبرز قيادات التنظيم الدولي ويقيم في لندن منذ عقود، بفصل 6 من قيادات مكتب إرشاد مصر على رأسهم الأمين العام محمود حسين، ومدحت الحداد ومحمد عبدالوهاب وهمام علي يوسف ورجب البنا وممدوح مبروك، واتهامهم بقضايا أخلاقية وفساد، بحسب بيان صادر عن جبهة منير، ثم توالت الأحداث بعد ذلك حيث أعلن محمود حسين في 26 نوفمبر 2021 قرار عزل إبراهيم منير من منصبه واعتبار قراراته غير سارية، بحسب فيديو نشره الموقع الرسمي للجماعة.
إخوان أوروبا جزء من الجماعة “الإرهابية”
لكن حالة الصراع تعود بدايتها إلى عام 2014، بعد سقوط الجماعة عن الحكم في مصر إثر ثورة 30 يونيو 2013، وما تبعها من انقسام وصراع بين القياديين محمود عزت، القائم بأعمال المرشد أنذاك ومحمد كمال عضو مكتب الإرشاد والمشرف على التنظيم الخاص أو الجناح المسلح، هدأت بعد مقتل الأول في مداهمة للشرطة المصرة عام 2016، ثم عادت للتوهج بعد القبض على الثاني في أواخر عام 2020، ومن ثم ظهور الخلافات بين إخون مصر الهاربين فيتركيا بقيادة محمود حسين، وقيادات التنظيم الدولي في أوروبا بقيادة إبراهيم منير، وحاول الطرفين السيطرة على السلطة المركزية داخل التنظيم بتوجبه كلاً منهما اتهامات للآخر بالفساد والخروج عن الجماعة، لم تنتهي حتى الوقت الراهن.
وأظهرت حالة الصراع الراهن حقيقة حاولت الجماعة إنكارها على مدى العقود الماضي، حول علاقة التنظيم الدولي بالجماعة، المُصنفة “إرهابية” في مصر وعدة دول عربية، منذ عام 2014، وأثبتت مدى ارتباط هؤلاء بتنظيم الإخوان في الداخل المصري وأنهم جميعاً يدورون في فلك التنظيم نفسه. وهو ما دفع الدول الأوروبية إلى مراجعة أنشطة التنظيم على أراضيها ووضعه تحت مراقبة دقيقة والشروع في إجراءات لتتبع أنشطته ومراقبة مصادر تمويله.
أبرز قيادات التنظيم في أوروبا
حذرت الاستخبارات الألمانية في 17 أغسطس 2020 من تنامي تزايد أعداد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا، وأشار التقرير الاستخباراتي إلى أن التنظيم يعمل على فرض نظام يتناسب مع تفسيرهم المنغلق للشريعة الإسلامية”. من أجل تقويض النظام الديمقراطي ونشر الأفكار المتطرفة، كذلك اتخذت النمسا إجراءات متسارعة لحظر أنشطة التنظيم ورموزه في 8 يوليو 2021، فيما أعلنت فرنسا إجراءات مشابهة لتقويض نشاط التنظيم على مدار عامي 2020 و2021.
- إبراهيم الزيات: يحمل الجنسية الألمانية وشغل عدة مناصب في العديد من المنظمات الإسلامية في ألمانيا وأوروبا ويحاضر بانتظام حول قضايا الاندماج والهوية الإسلامية في البلدان الأوروبية ، فضلاً عن التمويل والاقتصاد الإسلاميين.
- محمد طه صبري: يعد من أهم قيادات الإخوان المسلمين في ألمانيا وأحد كوادر ” المركز الثقافي للحوار”. والأن هو إمام مسجد السلام في حي “نويكولن” في برلين. ففي 3 أبريل 2020. قبالة مسجد “دار السلام”.
- خضر عبد المعطي: الذي لعب دورا هاما في دعم تنظيم الإخوان المسلمين أثناء وصولهم للحكم في مصر. ومن أهم القيادات الإخوانية على المستوى الدولي ويعد المنسق العام للمجلس الأوروبي للأئمة والوعاظ في أوروبا.
- فريد حيدر وخالد صديق: أحد قيادات “المركز الثقافي للحوار” التابع للإخوان المسلمين في ألمانيا. ويلعبا دورا هاما في جذب واستقطاب وتجنيد شباب الجاليات المسلمة واللاجئين والمهاجرين
- جعفر عبدالسلام: ترأس مركز “الرسالة” لتعليم اللغة العربية ومقره برلين وحرص “جعفر” على تنامي أنشطة تنظيم الإخوان وتوسيع نفوذهم من خلال المركز واستغلال الأطفال والجاليات المسلمة.
- عبد الحكيم صفريوي: مغربي الأصل يحمل الجنسية الفرنسية بدأ أنشطته منذ الثمانينيات ، أطلق على نفسه عام 2000 لقب “إمام”، أنشأ جماعة “الشيخ ياسين” في عام 2004وأدار دارا لنشر الكتب في الدائرة 11 لباريس.
- أحمد جاب الله : تونسي الأصل ويملك علاقات وطيدة مع حركة النهضة التونسية ورئيسها” راشد الغنوشي” عمل كرئيسا سابقا لـ” منظمة مسلمي فرنسا” اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF) سابقا والمرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين في فرنسا.
- طارق رمضان: أحد القيادات الاخوانية في أوروبا ومن أكثر الشخصيات المؤثرة فيها.
- هاني رمضان: حفيد “حسن البنا” مؤسس جماعة الاخوان المسلمي معروف بميوله السلفية. يرى أن جماعة الإخوان المسلمين هي الأحق بالحكم ويحث الجماعة على التمسك بالسلطة والعمل على استقطاب وتجنيد كوادر وخبرات في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها.
- رشيدة النقزي: تعد أبرز القيادات النسائية لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا. تونسية الأصل و تقيم في مدينة ” Bonn” تترأس قسم المرأة باتحاد المنظمات الإسلامية واحد أهم القيادات النسائية قى جماعة الإخوان المسلمين.
- ليديا نوفل :أشار الباحث في شؤون التنظيمات الإسلامية “كارستن فريرك” في 2 أبريل 2021 أن الناشطة ” ليديا نوفل” تلعب أدواراً متشعبة لكنها متكاملة، لخدمة أهداف الإخوان في ألمانيا حيث شاركت في شاركت نوفل في تأسيس مجموعة العمل الإسلامية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لتسمح للإخوان باختراق ثاني أكبر أحزاب ألمانيا. وتستغلّ نوفل شبكات علاقاتها وتغلغلها بالمجتمع للضغط من أجل ضخّ تمويل حكومي للجمعيات الإسلامية التي يسيطر الإخوان على جانب كبير منها، ومنها جمعية إنسان التي تتلقى أموالاً ضخمة من جيب دافع الضرائب الألماني.
- نينا موهي: تعد ثاني وجه نسائي في الإخوان يخترق مؤسسة ألمانية. وتلعب موهي دوراً أخطر عبر منظمة “كليم”، التي تُستخدم من قبل جماعة الإخوان في مهاجمة منتقديها وشيطنة مواقفهم، والضغط على الحكومة الألمانية لتحقيق أهدافها، عبر ادّعاء المظلومية والتعرّض لانتهاكات واعتداءات عنصرية.
من يحكم صراع الإخوان؟
تتعدد السيناريوهات المستقبلية الحاكمة للصراع الراهن داخل جماعة الإخوان، لكن جميعها مرتبط بحالة التشظي التنظيمي المحتملة والانهيارالكامل للهيكل التنظيمي، فيما تشير التقديرات إلى احتمال تحول الجماعة إلى “تيار عام”، لتفادي التلاشي الكامل.
وحتى الوقت الراهن لايمكن الحكم على الصراع بأنه انتهى، لكنه هدأ في خضم الكثير من الأحداث والتداعيات، وعلى الأرجح قد تمكنت مجموعة مصر بقيادة محمود حسين من حسم الصراع لصالحها، لعدة أسباب، أهمها أنها تسيطر على غالبية مصادر التمويل داخل الجماعة، وأيضاً تتحكم في جميع المنصات الإعلامية “الرسمية” التابعة له وهى أداة غاية في الأهمية لمخاطبة قواعد التنظيم أو إيصال رسائل بشأن الوضع الراهن داخل التنظيم.
التقييم
كشفت أزمة الإخوان الأخيرة، وتحديداً ما يتعلق بالصراع القيادي بين أعضاءه، حقيقة ارتباط التنظيم في أوروبا بالجماعة الأم في مصر، بل كشفت بعض المعلومات تباعاً، أن إخوان أوروبا هم المسؤولين عن تمويل ودعم أنشطة الجماعة داخل مصر، وبالتالي تنبهت الدول الأوروبية للخطر الذيتمثله أفرع التنظيم على أراضيها، وبدأت بتبني خطط للمواجهة وتحجيم النفوذ وتتبع مصادر التمويل.
يسعى تنظيم الإخوان ومنذ عشرات الأعوام لإنشاء مجتمعات متوازية ومنغلقة في أوروبا، هدفها الأساسي العمل على معارضة النظام الديمقراطي القائم ومعادات الحريات العامة، وكل ذلك استثماراً بالبيئات العربية والمسلمة في أوروبا ومن خلال تلك المراكز الدينية والتعليمية، ومن هنا أتت الصحوة الأخيرة للحكومات الأوروبية وبريطانيا بفرض عقوبات وقيود جديدة وشديدة على تنظيم الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي، وحظر بعض مقراتهم، تمهيداً لحظر الجماعة في أوروبا ومنعهم من ممارسة نشاطاتهم المتطرفة التي تشجع على الإرهاب والقضاء على النظام الديمقراطي في البلاد”.
رابط مختصر ……https://www.europarabct.com/?p=81077
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات