المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
أمن قومي ـ الانتخابات الألمانية القادمة ـ قراءة استشرافية – (ملف)
1 ـ أمن قومي ـ تعرف على الأحزاب المتنافسة في الانتخابات الألمانية القادمة
يشهد المشهد السياسي في ألمانيا تحولاً مع تراجع الدعم لأحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا، وهو ما تفاقم بعد انهيار التحالف بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة المستشار أولاف شولتز، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر. وتعتبر نتائج الانتخابات المبكرة في ألمانيا اختبارا حاسما ليس فقط للسياسة الألمانية بل للمستقبل السياسي لأوروبا، وذلك بالتزامن مع تزايد شعبية الأحزاب الشعبوية مثل “البديل من أجل ألمانيا” (AfD).
وفيما يلي أبرز الأحزاب المتنافسة في الانتخابات الألمانية
الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SPD)
يعتبر الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SPD) أقدم الأحزاب في ألمانيا. تأسس الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SPD) في أكتوبر 1890، تشير التقديرات إلى أن عدد الأعضاء داخل الحزاب يبلغ (363000). تعود نشأة الحزب إلى الاتحاد العام للعمال الألمان “ADAV”، الذي تأسس في عام 1863 وحزب العمال الديمقراطي الاجتماعي “SDAP”، الذي تأسس في عام 1869، واللذين اتحدا معا في عام 1875 تحت عنوان حزب العمال الاشتراكي الألماني “SAP”، والذي تحول اسمه في 1890 إلى “SPD”.
يسعى الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SPD) إلى بناء دولة ذات توجهات اجتماعية، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية. ومن أبرز قيادات الحزب السابقين “فيلي برانت” المستشار الاتحادي من 1969 حتى 1974، “هيلموت شميت” المستشار الاتحادي من 1974 حتى 1982، “غيرهارد شرودر” المستشار الاتحادي من 1998 حتى 2005.
أطلق المستشار الألماني “أولاف شولتز” حملته الانتخابية لخوض انتخابات فبراير 2025 المبكرة كمرشح رسمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي وسط دعوات من بعض أعضاء حزبه لتقديم وزير الدفاع “بوريس بيستوريوس” كمرشح بديل، لكن “بيستوريوس” أعلن عن عدم الترشح للانتخابات. أمن دولي ـ هل من ضغوطات أوروبية على إيران بعد تغيير النظام في سوريا؟
الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني “CDU”، الاتحاد الاجتماعي المسيحي “CSU”
تأسس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني “CDU”، وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي “CSU” في ولاية بافاريا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة. يبلغ أ عضاء حزب “CSU” حوالي (126000)، بينما يبلغ عدد أعضاء “CDU” حوالي ( 363000 ). يعتبر حزبا “CDU/CSU” حزبين جماهيريين، يجمع بين مصالح مختلفة ومتفاوتة، ويتمتعا بذلك بالقدرة على تمثيل جزء كبير جدا من المواطنين والتحدث باسمهم وممارسة السياسة نيابة عنهم. يشارك حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني “CDU” في الانتخابات في كافة الولايات الاتحادية، باستثناء بافاريا، التي يفسح فيها المجال لحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي “CSU”.
يعرف هذا الارتباط بين الحزبين عادة باسم “الاتحاد” اختصارا، ويشكل الحزبين في البوندستاغ كتلة نيابية مشتركة. من أبرز القيادات “كونراد آدناور” أول مستشار اتحادي من 1949 حتى 1963، “لودفيغ إيرهارد” المستشار الاتحادي من 1963 حتى 1966، “كورت غيورغ كيسينغر” المستشار الاتحادي من 1966 حتى 1969، “هيلموت كول” المستشار الاتحادي من 1982 حتى 1998، “أنجيلا ميركل” أول سيدة تشغل منصب المستشار الألماني الاتحادي من 2005 حتى 2021. واتفق زعيما الحزبين في ألمانيا على ترشيح الليبرالي “فريدريش ميرز” لمنصب المستشار في انتخابات 2025، لمواجهة الائتلاف الحاكم بزعامة “أولاف شولتز”.
الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا “FDP”
تأسس الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا “FDP” في العام 1948، وتشير الاحصائيات إلى أن عدد الأعضاء يبلغ (72000). يلتزم الحزب بالحريات المدنية، شارك الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا “FDP” في حكم ألمانيا لمدة 46 سنة، بصفته شريكا صغيرا في الحكومات الائتلاف الاتحادية. وعلى مدى حوالي ربع قرن شارك في وضع أسس السياسة الخارجية الألمانية.
كان الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا “FDP” أكبر الدعاة إلى تجاوز الحرب الباردة من خلال التفاهم والحوار، وكذلك من أشد معارضي تقسيم ألمانيا وأوروبا. من أيرز قيادات الحزب “تيودور هويس” أول رئيس جمهورية اتحادي من عام 1949 حتى 1959، “فالتر شيل” وزير الخارجية (1969-1974) ورئيس الجمهورية الاتحادي (1974،1979)، “هانس-ديتريش غينشر” وزير الخارجية (1974،1992).
حزب الخضر
نشأ حزب الخضر من تجمع من مجموعات مختلفة، غالبيتها من اليسار، ومن نشطاء البيئة، والحركات المناهضة للطاقة النووية. يبلغ عدد الأعضاء بحوالي (126000)، يهدف الحزب إلى الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية. في 1985 شكل “يوشكا فيشر” الذي أصبح فيما بعد وزيرا للخارجية، أول مشاركة حكومية للخضر، من خلال تسلمه وزارة البيئة في ولاية “هيسن”. شارك حزب الخضر في حكومات ائتلافية على مستوى الولايات مع جميع الأحزاب الألمانية، ما عدا حزب البديل من أجل ألمانيا “AfD”.
يتطلع الحزب على المدى البعيد إلى جمهورية أوروبا الفيدرالية. ومن أبرز قيادات الحزب “يوشكا فيشر” وزير الخارجية الأسبق. “فينفريد كريتشمان” منذ 2011 رئيس وزراء ولاية “بادن فورتمبيرغ”. أعلن حزب الخضر الألماني ترشيح وزير الاقتصاد “روبرت هابيك” لمنصب المستشار في انتخابات البرلمان الاتحادي في 23 فبراير 2025.
أكدت “أنالينا بيربوك” دعمها لاختيار “هابيك” مرشحا رئيسيا للحزب، واصفة إياه بأنه شخص “براغماتي فوق العادة”، ومشيرة إلى أنه بصفته وزيرا للاقتصاد تمكن من المحافظة على المسار خلال الأزمات، وأنه حرر ألمانيا من الاعتماد على روسيا كمورد للطاقة، متعهدة بدعمه في حملته.
حزب البديل من أجل ألمانيا “AfD”
تأسس حزب البديل من أجل ألمانيا “AfD” في عام 2013، يقدر عدد الأعضاء داخله بحوالي (40000). يتطلع الحزب اليميني الشعبوي إلى خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي وإلى إلغاء التعامل باليورو. كما أنه يرفض الهجرة بشكل كبير وكذلك الإجراءات المتعلقة بحماية المناخ. يتم تصنيف الحزب من قبل المكتب الاتحادي لحماية الدستور على أنه مشتبه فيه بالتطرف اليميني. هذا وتخضع جهات من الحزب للمراقبة بسبب تبنيها أفكارا يمينية متطرفة معارضة للدستور الألماني. يتواجد الحزب في برلمانات جميع الولايات وكذلك في البرلمان الاتحادي وهو يتمتع بالقوة بشكل خاص في الولايات الاتحادية الشرقية.
احتل حزب البديل من أجل ألمانيا المركز الأول في الانتخابات التي جرت في ولاية تورينجيا بشرق ألمانيا في الأول من سبتمبر 2024 بحصوله على (32.8%) من الأصوات. احتل المركز الثاني في ولاية ساكسونيا الشرقية في الانتخابات التي جرت. واختار حزب “البديل من أجل ألمانيا” بالإجماع رئيسة الحزب “أليس فايدل” مرشحة لمنصب المستشار في الانتخابات البرلمانية المبكرة .
أشار “ولفجانج شرودر” أستاذ العلوم السياسية بجامعة “كاسل” إلى أن “موقف حزب البديل يتفق مع أسسه،ـ فقد نشأ الحزب في البداية في عام 2013 كحزب من خبراء الاقتصاد المنتقدين لعمليات الإنقاذ التي قدمها الاتحاد الأوروبي في أعقاب أزمة اليورو. ومنذ ذلك الحين، اتجه الحزب إلى مزيد من اليمين ومعاداة الهجرة، لكن تشككه في أوروبا ظل قائما،ـ وإن كان أقل وضوحا الآن”. أمن دولي ـ الإطار النظري للنظام الدولي الجديد وسياق التطرف والإرهاب
حزب اليسار
تأسس حزب اليسار في عام 2007، ويبلغ عدد الأعضاء حوالي (50000) وتفرض هيئةُ حماية الدستور رقابةً على بعض أعضاء الحزب بسبب الشكوك في ميولهم اليسارية المتشددة، التي تتعارض مع أسس النظام الديمقراطي الحر. يمثّل حزبُ اليسار الاشتراكيةَ الديمقراطية، ويسعى إلى الخروج من حلف الناتو، وإلى تغيير الاتحاد الأوربيّ تغييرا جذريا.
انشق عنه تحالفُ سارة فاغنكنيشت (BSW) في عام 2024، ومن أبرز قيادات الحزب “غريغور غيزي”، “بودو راميلوف” رئيس وزراء ولاية “تورينغن”، أول رئيس وزراء يساري. حقق حزب “BSW” أداء قويا بما يكفي لكي يصبح على الأرجح جزءا من حكومة “ساكسونيا” الائتلافية في العام 2024.
عبرت زعيمة حزب تحالف “سارة فاغنكنيشت “في مدينة “بون” في 15 يناير 2025 عن رغبتها في الاستمرار في المعركة الانتخابية على الرغم من النتائج المخيبة لآمالها في استطلاعات الرأي. وأضافت” إنَّ حزبها ما يزال حديث العهد ولا يوجد لديه حتى الآن ناخبون تقليديون. وأنَّ الكثيرين ما زالوا لا يعرفون لمن يريدون التصويت”. وتابعت “نحن بدأنا للتو هذه المعركة الانتخابية، على أساس البرنامج الانتخابي المعتمد في مؤتمر الحزب.
نتائج الانتخابات المبكرة المقبلة “اختبارا حاسما لأوروبا”
تقول “روبرتا ميتسولا ” رئيسة البرلمان الأوروبي إن نتائج الانتخابات المبكرة المقبلة في ألمانيا ستكون “اختبارا حاسما لأوروبا بأكملها” مع تقدم حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف وحزب BSW اليساري المناهض للهجرة في استطلاعات الرأي. وأعربت “روبرتا ميتسولا” رئيسة البرلمان الأوروبي عن قلقها بشأن الانتخابات الألمانية المقبلة وأشارت إلى أن الأداء القوي للأحزاب الشعبوية قد يكون له عواقب كبيرة على أوروبا.
أشار استطلاع للرأي في يناير 2025 إلى أنه لا يزال حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في المركز الأول متقدما على حزب البديل من أجل ألمانيا، لكنه خسر نقطة مئوية واحدة وحصل على (29%). وكان الاتجاه السلبي أكثر وضوحا بالنسبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي حيث انخفض الحزب إلى (16%). بالإضافة إلى ذلك، يريد (50%) من الذين شملهم الاستطلاع صراحةً عدم مشاركة الديمقراطيين الاشتراكيين في الحكومة المستقبلية. بينما حصل حزب الخضر على (14 %) وهبط حزب BSW إلى (6%). وسيصوت (5%) ممن شملهم الاستطلاع لصالح الحزب الديمقراطي الحر. أمن دولي ـ البلطيق منطقة توتر بعد حرب أوكرانيا
**
2 ـ أمن قومي ـ من هم أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة الألمانية القادمة؟
الانتخابات الألمانية المقرر لها 25 فبراير 2025 محطة حاسمة في تحديد مستقبل البلاد، حيث ستُسفر عن رئيس جديد للحكومة الألمانية خلفًا للمستشار أولاف شولتز. هذه الانتخابات تحمل في طياتها تحديات كبيرة نظرًا للتغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية، والتحديات التي تفرضها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى التحولات المناخية والاجتماعية التي تواجه ألمانيا. وفي هذا السياق، تبرز ثلاثة أحزاب رئيسية لها مرشحون محتملون لرئاسة الحكومة: الاتحاد الديمقراطي المسيحي (الاتحاد الاجتماعي المسيحي)، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر. ستتناول هذه الدراسة خلفيات أبرز المرشحين، برامجهم الانتخابية، ومواقفهم من القضايا الأساسية مثل الاقتصاد، البيئة، السياسات الاجتماعية، والسياسة الخارجية.
مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي (الاتحاد الاجتماعي المسيحي)
يتصدر القائمة في الاتحاد الديمقراطي المسيحي (الاتحاد الاجتماعي المسيحي) زعيم الحزب فريدريش ميرتس. يُعرف ميرتس بخلفيته الاقتصادية القوية وخبرته في القطاع الخاص حيث عمل في مجال التمويل قبل العودة إلى السياسة. يُعتبر من المحافظين التقليديين الذين يركزون على تعزيز دور السوق الحر وتقوية المؤسسات الألمانية. ويركز برنامجه الانتخابي على:
القضايا الاقتصادية: يركز ميرتس على تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة كجزء من خطة شاملة لمواجهة التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي.
قضايا البيئة والطاقة: يدعو ميرتس إلى تحول طاقوي تدريجي يعتمد على التكنولوجيا الجديدة والابتكار، مع تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية.
السياسات الاجتماعية: يسعى إلى تحسين نظام التعليم من خلال توسيع البرامج المهنية وتعزيز الكفاءات الرقمية.
السياسة الخارجية: يتبنى مواقف صارمة تجاه روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا ويدعو إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة النفوذ الصيني.أمن قومي ـ أهمية مشاركة دولة الإمارات العربية في معارض الصناعات الدفاعية والأمنية الدولية
مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي
يُتوقع أن يكون أولاف شولتز، المستشار الحالي، هو المرشح الرئيسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي. شولتز يتمتع بخبرة طويلة في المناصب الحكومية ويُعرف بقدرته على إدارة الأزمات، كما ظهر خلال جائحة كورونا وحرب أوكرانيا. ويشمل برنامجه الانتخابي على ما يلي:
القضايا الاقتصادية: يُركز شولتز على سياسات تهدف إلى زيادة الضرائب على الأثرياء لتمويل البرامج الاجتماعية، مع تقديم دعم مباشر للعائلات ذات الدخل المحدود لمواجهة التضخم.
قضايا البيئة والطاقة: يلتزم بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2045 ويُعزز الاستثمار في الطاقات المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية.
السياسات الاجتماعية: يسعى إلى تحسين نظام الرعاية الصحية وتقليل الفجوات في التعليم من خلال زيادة الإنفاق الحكومي.
السياسة الخارجية: يؤكد شولتز على ضرورة تقوية حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتطوير سياسة خارجية أكثر استقلالية لأوروبا مع الحفاظ على العلاقات التجارية مع الصين.
مرشح حزب الخضر
يتصدر قائمة حزب الخضر روبرت هابيك، نائب المستشار ووزير الاقتصاد الحالي. يتميز هابيك بخلفيته الأكاديمية ككاتب وفيلسوف، كما يُعتبر شخصية كارزمية تمتلك رؤية واضحة حول القضايا البيئية والاجتماعية. ويشمل برنامجه الانتخابي:
القضايا الاقتصادية: يركز هابيك على تحفيز الاقتصاد الأخضر من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المستدامة وتشجيع الابتكار.
قضايا البيئة والطاقة: يتبنى سياسات طموحة تهدف إلى إنهاء استخدام الفحم بحلول 2030 وزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة بنسبة 80% بحلول 2035.
السياسات الاجتماعية: يدعو إلى تحسين سياسات الهجرة وجعل التعليم أكثر شمولية من خلال زيادة الدعم الحكومي.
السياسة الخارجية: يطالب بسياسات أكثر حزمًا تجاه روسيا، مع تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات الجيوسياسية.أمن قومي ـ قوات حفظ سلام ألمانية في أوكرانيا ؟
ما أبرز القضايا في البرامج الانتخابية؟
تمثل القضايا الاقتصادية محورًا رئيسيًا في برامج الأحزاب الثلاثة. الاتحاد الديمقراطي المسيحي يركز على خفض الضرائب ودعم الشركات الصغيرة، بينما يُفضل الحزب الاشتراكي الديمقراطي سياسات إعادة توزيع الثروة عبر الضرائب. أما حزب الخضر، فيرى في التحول إلى اقتصاد أخضر فرصة لتجاوز الأزمات الاقتصادية. ويُعد التحول الطاقوي القضية الأكثر أهمية في ألمانيا. ميرتس يدعو إلى تحول تدريجي يعتمد على الابتكار، بينما يركز شولتز على الاستثمار في الطاقات المتجددة. أما هابيك، فيتبنى أكثر البرامج طموحًا، مع التركيز على إنهاء استخدام الوقود الأحفوري بشكل سريع.
تُظهر الأحزاب اختلافات في سياساتها الاجتماعية؛ فميرتس يركز على تحسين التعليم المهني، وشولتز يدعو إلى تعزيز الرعاية الصحية، بينما يُولي هابيك أهمية خاصة لسياسات الهجرة والتعليم الشامل. تتفق الأحزاب الثلاثة على أهمية دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، لكن تختلف مواقفها تجاه العلاقات مع الصين. ميرتس يُفضل شراكة تجارية حذرة، بينما يسعى شولتز إلى الحفاظ على العلاقات الاقتصادية. أما هابيك، فيرى ضرورة تقليل الاعتماد على الصين.أمن قومي ـ الشرطة الألمانية تحظى بثقة الألمان
السياسات الخارجية للمرشحين: رؤى متباينة تجاه التحديات العالمية
السياسات الخارجية تُعد جزءًا محوريًا من برامج المرشحين الثلاثة لرئاسة الحكومة الألمانية، إذ تواجه ألمانيا تحديات جيوسياسية معقدة تشمل الحرب في أوكرانيا، العلاقات مع الصين، وتعزيز دور الاتحاد الأوروبي. فريدريش ميرتس، مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، يتبنى موقفًا حازمًا تجاه روسيا، مشددًا على أهمية تعزيز العقوبات الاقتصادية ضد موسكو ودعم أوكرانيا بالموارد اللازمة لمواجهة العدوان الروسي. كما يدعو إلى إعادة النظر في العلاقات التجارية مع الصين، محذرًا من الاعتماد المفرط على الاقتصاد الصيني، خاصة في القطاعات الحيوية. يؤمن ميرتس بتقوية التحالفات التقليدية مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) لضمان أمن أوروبا.
أما أولاف شولتز، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمستشار الحالي، فإنه يدعو إلى سياسة خارجية متوازنة. يؤكد شولتز على ضرورة استمرار الدعم لأوكرانيا، لكنه يفضل اعتماد نهج ديبلوماسي يسعى إلى التهدئة والحوار مع موسكو. في العلاقة مع الصين، يدافع عن الحفاظ على الشراكات الاقتصادية دون إغفال الحاجة إلى تقليل الاعتماد التدريجي عليها. كما يشدد شولتز على أهمية استقلالية الاتحاد الأوروبي في القرارات الدولية وتعزيز قوته الاقتصادية والسياسية. يقدم روبرت هابيك، مرشح حزب الخضر، رؤية أكثر تقدمية. يدعو إلى تعزيز العقوبات على روسيا وتقديم دعم شامل لأوكرانيا، بما في ذلك الاستثمار في إعادة إعمارها. يركز هابيك على ضرورة تقليل الاعتماد على الصين في التجارة العالمية، مع السعي لتعزيز العلاقات مع الديمقراطيات الآسيوية الأخرى. كما يدعو إلى استخدام السياسة الخارجية كأداة لتعزيز التحول الأخضر عالميًا، من خلال التعاون مع الدول المتقدمة والنامية لتحقيق أهداف المناخ.
**
3 ـ أمن قومي ـ من سيفوز في الانتخابات الألمانية المقبلة؟
تستعد ألمانيا لإجراء الانتخابات العامة للبوندستاغ في 23 فبراير 2025، رغم أن موعد إقامتها كان محدداً في 28 سبتمبر 2025، إلا أن انهيار الائتلاف الحكومي بقيادة المستشار الألماني أولاف شولتز، جراء الخلافات بشأن سياسة الميزانية وسبل إنعاش الاقتصاد وإقالة وزير المالية زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر، دفع شولتز لدعوة البرلمان الألماني للتصويت على الثقة، وحجب البرلمان في 16 ديسمبر 2024 الثقة عن الحكومة. وتشهد هذه الانتخابات منافسة بين الأحزاب، ويتميز نظام الانتخابات بألمانيا بالتناسبية، ما يجعل مؤشرات استطلاعات الرأي مقياساً لاتجاهات التصويت، التي يترتب عليها تشكيل الحكومة المقبلة، في ضوء تباين شعبية الأحزاب وبرامجهم الانتخابية حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إلى ماذا تشير نتائج استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الألمانية؟
تعد استطلاعات الرأي مؤشراً للسلوك التصويتي للناخبين، ويقول الباحث في استطلاعات الرأي بمعهد فورسا مانفريد غولنر، إن استطلاعات الرأي تحدد المزاج السياسي في وقت إجرائها، وقد تختلف عن التصويت الفعلي في الانتخابات، لأن بعض الناخبين لا يحسمون موقفهم إلا قبل التصويت مباشرة، وقد تؤثر بعض الأحداث الجارية على قرار الناخب، ولكنها تعكس بشكل كبير وموثوق الرأي العام.
بالتزامن مع حجب الثقة عن حكومة شولتز، أشارت استطلاعات رأي إلى أن معظم الألمان يرغبون في أن تجرى الانتخابات بأسرع وقت، ويرون أن بلادهم لا يمكن أن تنتظر لأشهر في ضوء الخلافات السياسية. وفي 14 نوفمبر 2024 كشف استطلاع رأي لمعهد “يوغوف” أن (33%) من الألمان سيصوتون للتحالف المسيحي المعارض بزيادة قدرها نقطة مئوية عن استطلاع مماثل في أكتوبر 2024، وحصل حزبا الاشتراكي الديمقراطي على (15%) والخضر على (11%) بخسارة تقدر بنقطة مئوية، وحصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” على (19%) بزيادة قدرها نقطة مئوية، وحصل تحالف “سارة فاغنكيشت” اليساري على (7%) بتراجع نقطة مئوية، احتفظ حزبا الديمقراطي الحر واليسار على نسبة بنحو (5%) و(3%). وتصدرت الهجرة اهتمامات المشاركين بالاستطلاع بنسبة (23%) بدلاً من (32%) التي كانت في أكتوبر 2024، وجاء الاقتصاد ثاني الاهتمامات بنسبة (14%) بينما كان (8%) في أكتوبر 2024.
كشف استطلاع رأي لمؤسسة “إنسا” أجري في 18و19 ديسمبر 2024، أن الرئيسة المشاركة لحزب “البديل من أجل ألمانيا” أليس فايدل، تصدرت قائمة المرشحين المحتملين لمنصب المستشار بنسبة (24%)، وحصل المرشح من التحالف المحافظ المعارض للاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي فريدريش ميرز على (20%)، وجاء المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز بالمركز الثالث بنسبة (15%)، وحصل نائب المستشار ووزير الاقتصاد الألماني ومرشح حزب الخضر روبرت هايبك على (14%).
نشر حزب البديل من أجل ألمانيا استطلاع رأي على تطبيق “تيك توك”، يشير إلى أنه (28%) من المشاركين بالاستطلاع سيصوتون لصالحه، بينما سيصوت (25%) للاشتراكي الديمقراطي، و(16%) للاتحاد الديمقراطي المسيحي و(14%) لتحالف “سارة فاغنكيشت” اليساري، ويعتبر مراقبون أن هذا الاستطلاع لا يعكس توجهات الناخبين في الانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة وأن مؤسسة “إنسا” أشارت إلي احتمالية تصويت (31.5%) للديمقراطي المسيحي، و(19.5%) لحزب البديل من أجل ألمانيا، و(16.5) للاشتراكي الديمقراطي.
أظهر استطلاع رأي لمعهد “يوغوف” في 4 يناير 2025، أن غالبية الألمان يتبنون موقفاً سلبياً تجاه أي ائتلاف محتمل بمشاركة الأحزاب التقليدية، ويرفض (50%) تحالف الاشتراكي الديمقراطي وكتلة الاتحاد المسيحي، بينما يقبل (41%) بهذا الائتلاف، وفي حال انضمام الحزب الديمقراطي الحر لهذا التشكيل تتراجع الموافقة على التحالف بنسبة (16%) ويعارضه (74%). بينما يوافق (26%) على تحالف الاتحاد المسيحي مع حزب الخضر ويرفضه (64%).
كشف استطلاع نشرته مؤسسة “دويتشه فيله” في 18 يناير 2025، أن (4) من كل (10) ناخبين قلقون بشأن مستقبل بلادهم السياسي، ويرفض (50%) رؤية الحزب الاشتراكي الديمقراطي في أي ائتلاف حكومي مقبل، وتراجعت شعبية الحزب لأدنى مستوى بنسبة (16%) وحصل حزب الخضر الشريك بالائتلاف الحكومي الحالي على (14%)، بينما تصدرت الكتلة المحافظة للاتحاد المسيحي استطلاع الرأي، وتزايدت شعبية حزب “البديل من أجل ألمانيا” الشعبوي، وصعد تحالف “سارة فاغنكيشت” اليساري.
أوضح استطلاع رأي لمؤسسة “إنسا” في 20 يناير 2025، أن الكتلة المحافظة للاتحاد المسيحي حصلت على تأييد (29%) من المشاركين بالاستطلاع، وبلغت نسبة حزب “البديل من أجل المانيا” (21%)، وحصل الاشتراكي الديمقراطي على (16%) وبلغت نسبة حزب الخضر (13%)، وحصل تحالف “سارة فاغنكيشت” على (7%) وكانت نسبة (5%) للحزب الديمقراطي الحر و(4%) لحزب اليسار.أمن ألمانيا القومي ـ كيف يخطط “فريدريش ميرز” لرفع الإنفاق الدفاعي الألماني؟
ما العوامل المؤثرة في تحديد اتجاهات التصويت؟
ترتبط اتجاهات التصويت في الانتخابات الألمانية المقبلة، بمواقف الأحزاب من قضايا الهجرة والاقتصاد ودعم أوكرانيا، وقدرة كل حزب على استقطاب ناخبين جدد والحفاظ على أصوات الناخبين التقليدين للحزب. يمتلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي خبرة في مجال العمل السياسي، ويركز في برنامجه الانتخابي على جذب فئة العمال والشباب والنقابات، لتبني أفكار تطبيق العدالة الاجتماعية، ولكنه فقد شعبيته جراء الأزمة الاقتصادية وانهيار الائتلاف الحكومي.
تصدر الكتلة المكونة من حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي استطلاعات الرأي، تشير إلى شعبيتها لسنوات في حكم ألمانيا، وتجذب فئات أصحاب الأعمال والشرائح المحافظة، وتواجه أزمة داخلية تتعلق بالتوافق حول شكل التحالفات المحتملة وتحديداً مع حزب الخضر، وقدرتها على مواجهة التحدي الاقتصادي بتقوية صناعات وإصلاح سوق العمل.
يعتمد حزب الخضر على أصوات الناخبين من الشباب والطبقات المتعلمة، لتبني خطاباً بشأن قضايا البيئة وتغيرات المناخ، ونجح في المشاركة في حكومات ائتلافية على مستوى الولايات، ويواجه انتقادات حادة من العاملين بالصناعات الثقيلة، لاعتباره سبباً وراء ارتفاع أسعار الطاقة.
يعتمد برنامج الحزب الديمقراطي الحر على دعم قطاعات الاقتصاد وتقليل الضرائب على الشركات وتحرير السوق، ولكن خروجه من الائتلاف الحكومي الحالي يصعب مسألة إعادة الثقة مع الناخبين.
يحصل حزب البديل من أجل ألمانيا على تأييد واسع من شرائح رافضة للأحزاب التقليدية، واستند في برنامجه على انتقاد سياسات الحكومات السابقة في الهجرة، ويتخوف بعض الناخبين من خطابه المعادي للمهاجرين والاتحاد الأوروبي، لذا ترفض الأحزاب الأخرى التحالف معه. يستقطب تحالف “سارة فاغنكيشت” ناخبين اليسار وناخبين اليمين المحافظ، وتتحفظ أحزاب الوسط على غموض برنامجه وافتقاده الخبرة السياسية.اليمين المتطرف في ألمانيا ـ ما هي احتمالات فرض حظر على حزب البديل؟
ماذا تقول نتائج الانتخابات السابقة في ألمانيا؟
أشارت الانتخابات الإقليمية التي أجريت في سبتمبر 2024، إلى صعود حزب البديل من أجل ألمانيا في ولايتي تورينغن وساكسونيا بشرق البلاد، وتراجع أحزاب الائتلاف الحكومي وتصدر الاشتراكي الديمقراطي انتخابات ولاية براندنبورغ بفارق ضئيل عن حزب البديل، وعاد اليسار للظهور في هذه النتائج لتبني مواقف متقاربة من حزب البديل بشأن الهجرة وحرب أوكرانيا.
شهدت الانتخابات العامة لعام 2021، مشاركة أوسع لم تشهدها ألمانيا منذ انتخابات 1972، وزادت نسبة الناخبين الأكبر سناً بشكل ملحوظ مقارنة بالخمسين عاماً الماضية. وفاز الاشتراكي الديمقراطي بنسبة (25.7%)، وحصل تحالف الاتحاد المسيحي على (24.1%)، وفاز حزب الخضر بنسبة (14.8%) وحصل الحزب الديمقراطي الحر على (11.5%)، وفاز البديل من أجل ألمانيا بنسبة (10.3%). انتهت الانتخابات بتشكيل ائتلاف إشارة المرور “الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر والخضر”، ويعد الائتلاف المكون من (3) أحزاب غير معتاد بألمانيا، ولكن فرضت نتيجة التصويت تشكيله، لينهي فترة حكم الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة أنغيلا ميركل التي حكمت (16) عاماً.
كيف تؤثر التحالفات المحتملة على تشكيل الحكومة المقبلة؟
من غير المتوقع أن يحصل أي حزب على الأغلبية في البوندستاغ، فحصة الحزب من المقاعد بالبرلمان تكون أكبر قليلاً عن نسبته من الأصوات الإجمالية، فالأحزاب التي لم تحصل على (5%) من الأصوات لا تحصل على مقاعد، وتترقب الأحزاب شكل التحالف وفقاً للمشهد السياسي.
– الائتلاف المحافظ- الليبرالي: في حالة تطابق استطلاعات الرأي مع نتائج التصويت، ستتصدر الكتلة المحافظة المكونة من الاتحاد الديمقراطي المسيحي و الاتحاد الاجتماعي المسيحي النتيجة، ومن المرجح أن تتجه للتحالف مع الحزب الديمقراطي الحر، وفي حال عدم تجاوز الأخير نسبة (5%)، يصبح الاتحاد المسيحي أمام أزمة لتشكيل الحكومة.
– الائتلاف الكبير المحافظ اليساري الوسط: في حال فشل تشكيل ائتلاف محافظ ليبرالي، يطُرح التحالف بين الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي، ورغم أنه تحالف تقليدي حكم ألمانيا لعدة دورات، فإن سياسيين بالاتحاد المسيحي يرفضونه لتراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي.
– الائتلاف المحافظ– البيئي اليساري: يصبح هذا التحالف خياراً آخر بالتعاون بين الاتحاد المسيحي والخضر، ويعول البعض على نجاح هذه التجربة بولاية شليسفيج-هولشتاين أقصى شمال ألمانيا، بينما يتحفظ آخرون لرفضهم تركيز برنامج الخضر على القضايا الاجتماعية والبيئية.
– ائتلاف جامايكا: في حال تعثر التحالف الكبير والتحالف المحافظ الليبرالي، يمكن أن تندمج أحزاب الاتحاد المسيحي والديمقراطي الحر والخضر، في حال لم يحصل الخضر على عدد مقاعد كافية لتشكيل التحالف.
– ائتلاف إشارة المرور: يعد هذا الائتلاف مستبعداً، لتراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر، إضافة إلى الخلافات بينهم حول مسائل جوهرية، وصعوبة أن يحقق الخضر نتيجة كبيرة بالانتخابات.أمن ألمانيا القومي ـ لماذا تنقسم الأحزاب الألمانية بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا؟
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– تستعد ألمانيا لإجراء انتخابات عامة للبوندستاغ، في فبراير 2024، بعد انهيار ائتلافها الذي يضم الديمقراطيين الاجتماعيين والليبراليين والخضر. ويتسم النظام الانتخابي في البلاد بالتناسبية الشديدة.
– يمثل انهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا وإجراء الانتخابات المبكرة تحولًا كبيرًا في الحياة السياسية الألمانية، ويبدو أن انتخابات 2025 ستكون نقطة تحول في إعادة تشكيل السياسة الداخلية والخارجية لألمانيا.
– من المرجح عدم حصول أي حزب على الأغلبية في البوندستاغ، لذا فإن الأحزاب والناخبين الألمان يفكرون بالفعل في التحالفات التي قد تكون ممكنة، ما يفتح المجال لظهور تحالفات جديدة، وتقدم فرصا للأحزاب التقليدية لتصحيح مسارها.
– يمكن القول أن هناك انقسام عميق في المزاج العام بين الألمان، فعلى الرغم من أن هناك حالة من القلق بشأن الوضع السياسي في ألمانيا، لا تزال بعض الفئات تظهر تفاؤلاً. هذا التباين يعكس حالة من الاستقطاب التي قد تزداد في المستقبل.
– تعكس الانتخابات الألمانية المبكرة تزايد القلق من تنامي التأثيرات الشعبوية في ألمانيا. هذا ينعكس على التحديات التي قد تواجهها ألمانيا في توجيه سياساتها الخارجية والتزامها بمبادئ الاتحاد الأوروبي، حيث قد يعزز فوز هذه الأحزاب التي تروج لقيم معادية للمؤسسات الأوروبية.
**
ــ الانتخابات الألمانية القادمة تمثل نقطة تحول رئيسية في السياسة الخارجية للبلاد، حيث تواجه ألمانيا العديد من التحديات الجيوسياسية التي تتطلب اتخاذ قرارات استراتيجية. مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتصاعد التوتر مع روسيا، ستلعب الحكومة القادمة دورًا محوريًا في تحديد مستقبل العلاقات الألمانية-الروسية ومدى انخراطها في دعم أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا. كما أن العلاقات مع الصين تمثل تحديًا معقدًا في ظل التوترات التجارية والتكنولوجية، وهو ما سيضع السياسات الخارجية لألمانيا تحت المجهر الدولي. نجاح المرشح المنتخب في صياغة سياسة خارجية متوازنة وفعالة سيعزز من مكانة ألمانيا كقوة قيادية داخل الاتحاد الأوروبي وعلى الساحة العالمية.
ــ فريدريش ميرتس، بمواقفه الصارمة تجاه روسيا والصين، يُمكن أن يعزز من التحالفات التقليدية لألمانيا مع الولايات المتحدة وحلف الناتو. ومع ذلك، قد تُثير هذه المواقف توترات مع الشركاء الأوروبيين الذين يفضلون حلولًا دبلوماسية أكثر مرونة. رؤية ميرتس قد تؤدي إلى زيادة التوترات مع الصين إذا تم تنفيذ سياسات تقليل الاعتماد الاقتصادي بسرعة كبيرة. من جهة أخرى، سياساته قد تجعل ألمانيا أكثر قوة واستقلالية في مواجهة التحديات الأمنية، خاصة إذا تمكن من تعزيز الاستثمارات في القدرات الدفاعية الوطنية.
ــ تعكس البرامج الانتخابية للمرشحين الثلاثة تحديات ألمانيا في الفترة المقبلة، مع تنوع الرؤى بين التركيز على الاقتصاد التقليدي، التحول الاجتماعي، أو البيئة. الانتخابات القادمة لن تكون مجرد سباق سياسي بل فرصة لإعادة تشكيل مستقبل ألمانيا في ظل المتغيرات العالمية. ستحدد الخيارات التي يتبناها الناخبون الألمان الاتجاه الذي ستسير فيه البلاد خلال السنوات المقبلة.
ــ أولاف شولتز يسعى لتبني نهج أكثر توازنًا يجمع بين الدعم لأوكرانيا والحفاظ على الشراكات الاقتصادية مع الصين. إذا استمر شولتز في السلطة، فمن المحتمل أن تتبع ألمانيا سياسة خارجية تُركز على تحقيق الاستقرار الإقليمي وتجنب التصعيد مع القوى الكبرى. هذا النهج قد يحقق نجاحًا على المدى القصير في حماية المصالح الاقتصادية لألمانيا، لكنه قد يواجه انتقادات لعدم تبنيه مواقف أكثر وضوحًا تجاه القضايا الجيوسياسية. مستقبل سياسة شولتز الخارجية سيعتمد على قدرته على تحقيق توافق داخلي وأوروبي، خاصة في ظل تزايد الضغوط من حلفائه السياسيين والاقتصاديين.
ــ رؤية روبرت هابيك، التي تجمع بين الاستدامة البيئية والسياسات الحازمة تجاه الأنظمة السلطوية، قد تُحدث تغييرًا كبيرًا في السياسة الخارجية الألمانية. إذا وصل هابيك إلى السلطة، فمن المتوقع أن تُعزز ألمانيا دورها القيادي في مكافحة التغير المناخي على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن مواقفه المتشددة تجاه روسيا والصين قد تؤدي إلى اضطرابات في العلاقات التجارية، خاصة أن الاقتصاد الألماني يعتمد بشكل كبير على التصدير. مستقبل سياسة هابيك سيعتمد على قدرته على تحقيق التوازن بين أهدافه البيئية والطموحات الجيوسياسية، مع الحد من المخاطر الاقتصادية التي قد تترتب على سياساته.
**
– تعد الانتخابات التشريعية 2025 نقطة فارقة في المستقبل السياسي بألمانيا، ومن ثم مستقبل الاتحاد الأوروبي، نظراً لثقل ألمانيا الاقتصادي والسياسي داخل التكتل الأوروبي، وبالتالي أي تغيرات ستطرأ على نتيجة التصويت وشكل الحكومة المقبلة، ستنعكس بشكل مباشر على سياسات الاتحاد بشأن دعم أوكرانيا والتعاون مع الناتو، والعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول الأعضاء، لذا يسارع الحزب الاشتراكي الديمقراطي من أجل إعادة بناء الثقة بين الناخبين بالترويج إلى أنه ضامن للاستقرار والعدالة الاجتماعية، بعد انتقادات وجُهت لحكومة شولتز بشأن إدارة ملفات الهجرة والاقتصاد ودعم أوكرانيا، ويحاول تكتل الاتحاد المسيحي العودة للحكم من جديد، بينما يعتمد حزب البديل من أجل ألمانيا على تصاعد شعبيته الأشهر الماضية، ليحقق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات العامة.
– استطلاعات الرأي هي ترجمة لتقييم الناخبين لسياسات الأحزاب، فأغلب المؤشرات اتجهت نحو الاتحاد المكون من الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي لسببين، السبب الأول يتعلق بتراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي واعتراض الناخبين على حكومة شولتز، والسبب الثاني لتخوف الناخبين من أن تذهب الأصوات إلى “البديل من أجل ألمانيا” وأن يكون جزءاً من الحكومة المقبلة، ما يعني رفضهم لسيطرة اليمين الشعبوي على زمام الأمور وسياسات ألمانيا، لذا من المتوقع أن تحقق كتلة الاتحاد المسيحي نتائج تشبه نتائجه قبل 2021.
– يحدد السلوك الانتخابي في الانتخابات المرتقبة وفقاً لاعتبارات، تقييم الناخبين لأداء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي وأسباب انهيار هذا الائتلاف، ما يعني احتمالية خسارة أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر والخضر أصواتاً، وبرامج الأحزاب في الاقتصاد والهجرة، ما يرجح حصول “البديل من أجل ألمانيا” على أصوات جديدة.
– من المتوقع أن تشهد الانتخابات الألمانية تصويتاً عقابياً للأحزاب التقليدية، ما يصب لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، خاصة وأنه يقدم نفسه كمعارض بديل، ويتضمن برنامجه سياسات التصدي للهجرة ويربط بين الإخفاق الاقتصادي واستقبال عدد كبير من المهاجرين والإنفاق في ملفات البيئة، ما يجعله المستفيد الأول من تغير توجهات سلوك التصويت، وقد يستفيد تحالف “سارة فاغنكيشت” من التصويت العقابي، ويميل له بعض اليساريين واليمينيين لتحفظه على سياسات الهجرة وانتقاده للأزمة الاقتصادية.
– تكشف هذه الانتخابات حجم الخلافات داخل الأحزاب، والانقسامات داخل التكتل الواحد، فعلى سبيل المثال تتباين الآراء في تكتل الاتحاد المسيحي، حول تشكيل الحكومة في حال تصدرهم الانتخابات، والأحزاب التي يتم التحالف معها مثل الخضر والديمقراطي الحر والاشتراكي الديمقراطي. كما يعد تحالف “سارة فاغنكيشت” الذي تأسس في يناير 2024، دليلاً على الانقسام في حزب اليسار، لذا ستشهد المرحلة المقبلة صعود أحزاب وتراجع أخرى بناءً على نتيجة التصويت.
رابط نشر مختصر https://www.europarabct.com/?p=100325
حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI
هوامش
Umfrage zur Bundestagswahl: SPD verliert an Boden
https://tinyurl.com/93dxwru5
BSW faces hard fight in first Bundestag campaign
https://tinyurl.com/2rrr232z
German election 2025 poll tracker: which party is leading and who could be chancellor?
https://tinyurl.com/25va4pjd
**
German election 2025: Who’s ahead in the polls?
German election promises in a nutshell
Elections to the German Bundestag
German Parties’ Vision for Development Policy: 2025 Federal Elections
**
?Polls: a glimpse of the future
?German election 2025 poll tracker: which party is leading and who could be chancellor
?How POLITICO Poll of Polls tracks polling trends across Europe
استطلاع.. التحالف المسيحي يتقدم على باقي الأحزاب الألمانية