المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)
أمن قومي ـ الاستخبارات والدولة العميقة في عهد ترامب
حرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب وصوله للبيت الأبيض في يناير 2025، على تنفيذه وعوده بشأن إحداث تغييرات في أجهزة الأمن والاستخبارات والمؤسسات الحكومية، رافعاً شعار “مواجهة الدولة العميقة”، ويبرر دونالد ترامب هذه السياسات، بأنها ضرورة لضرب نفوذ الدولة العميقة بالولايات المتحدة، وتحرير الأمريكيين من البيروقراطية، ما خلق حالة من الانقسام في الداخل الأمريكي، بين مؤيد للخطوة كونها تحمي الأمن القومي وتحل النزاعات السياسية، ومعارض لهذه القرارات كونها تهدد الحوكمة الأمريكية، وتفقد الأمريكيين الثقة في مؤسسات الدولة، وتؤثر على أداء الأجهزة الأمنية في داخل وخارج الولايات المتحدة.
مفهوم “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة
تقول الباحثة في قسم العلاقات الدولية والسلام بجامعة سانت جوزيف “غلينس وينونا” إن فكرة الدولة العميقة تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وغيرت من استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الأمن القومي، لذا تأسست وكالات رئيسية مثل “وزارة الأمن الداخلي، ومجلس الأمن القومي، ووكالات الاستخبارات المركزية”، للقيام بمهام محددة وتنفيذ السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، منوهة إلى أهمية وكالة الاستخبارات المركزية في الأمور المتعلقة بالأمن القومي.
أعادت هجمات 11 سبتمبر 2001 الحديث في الولايات المتحدة، حول دور وكالات الاستخبارات والأجهزة الأمنية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وآليات التواصل والتعاون بينهم، حيث اعتبر خبراء أن الفشل الاستخباراتي كان نتاج ممارسات الحوكمة الأمريكية، وخيارات السياسة الخارجية الأمريكية وقتها التي انعكست على الأمن القومي الداخلي.
يعني مصطلح “الدولة العميقة” في الخطاب السياسي الأمريكي، الشبكة المتجذرة من النخب البيروقراطية وأجهزة الاستخبارات وجماعات المصالح النافذة التي تعمل خارج نطاق الرقابة الديمقراطية المباشرة. وخلال الولاية الأولى لترامب زاد الاهتمام بهذا المصطلح، حيث تم تصوير هذه المجموعات والأجهزة التابعة للدولة العميقة، بأنها قوة تعمل على تقويض السياسيين، خاصة وأن ترامب وضع نفسه كشخصية معارضة للمؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وتضمنت خطاباته انتقادات متكررة لها، ما خلق حالة من الصراع بين السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية.
تجدد الجدل حول الدولة العميقة بتولي ترامب الولاية الثانية، لاسيما وأنه ذكر في خطابه أن وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي يعارضان خططه، وأن إدارته تتعرض لهجمات من قبل جهات نافذة في الوكالات الفيدرالية. وقال المستشار السابق لترامب “ستيف بانون”، في فبراير 2025، إنه سيكون هناك معركة كل يوم لتفكيك الدولة الإدارية. هذا التصريح فسره مراقبون بأن أهداف ترامب تتمثل في تقليص اللوائح وخفض الضرائب وتقليص دور الحكومة. تكرر مصطلح “البيروقراطية الفيدرالية الأمريكية” في خطابات مسؤولي إدارة ترامب الثانية، وقال نائبه جيه دي فانس، إنه ينبغي طرد آلاف الموظفين الحكوميين واستبدالهم بموالين لشعار “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً”. الاستخبارات الأمريكية خلال عهد ترامب، تغييرات مؤسسية وسياساتية
سياسات التعيين والتطهير في عهد ترامب
منذ بداية ولايته الثانية، استهدف دونالد ترامب مسؤولين سابقين في الأمن القومي والاستخبارات، وطرد موظفين من الحكومة الفيدرالية، كجزء من انتقاد سياسة وإدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. وفي 21 يناير 2025، طرد ترامب وفريقه الرئاسي مسؤولين من وزارة العدل، ويتعلق عملهم بالإشراف على محاكم الهجرة، مع إعادة تعيين نحو (20) مسؤولاً كبيراً بالوزارة نفسها. وسحب تفاصيل الخدمة السرية من مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون، والتصاريح الأمنية لـ (51) شخصاً تحدثوا في تحقيقات قضية هانتر بايدن في 2020. أما بالنسبة للتعينات في إدارة ترامب، كلف جون راتكليف مديراً لوكالة المخابرات المركزية “CIA” في 23 يناير 2025، وصادق مجلس الشيوخ في 13 فبراير 2025، على تعيين تولسي غابرد مديرة للاستخبارات الوطنية “DNI“ رغم التشكيك في خبرتها وانتقادها لمؤسسات رقابية.
قرر ترامب في 27 يناير 2025، طرد نحو (12) مفتشاً عاماً فيدرالياً، من بينهم مراقبين لوزارات الخارجية والدفاع والعمل والصحة والخدمات الإنسانية، ومارك لي غرينبلات الذي عينه ترامب في ولايته الأولى وشغل منصب رئيس مجلس المفتشين العامين للنزاهة والكفاءة. وتسبب الأمر في إثارة الجدل حول قانونية القرار، خاصة وأن الكونغرس يمنح صلاحيات وهيكلة للمفتشين العامين لضمان دورهم الرقابي واستقلاليتهم، ويطلب من الرئيس إخطاره قبل (30) يوماً من إقالة المفتش العام.
أكدت إدارة ترامب على أن هذه الإجراءات بهدف إبعاد “الدولة العميقة” عن الحكومة الفيدرالية، ولضمان ولاء العاملين بالحكومة، في ضوء اتهامات ترامب لمسؤولين في قطاعات العمل الفيدرالية بتقويض إدارته الأولى، وزعمه أنه سينهي تسليح نظام العدالة لمنع اضطهاد المعارضين السياسيين. توالت عمليات الفصل خلال يناير 2025، بإعلان ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي بإزالة أكثر من (1000) من المعينين السياسيين في إدارة بايدن، و(4) أفراد من المجالس الاستشارية الرئاسية، مثل “رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي كيو براون، ورئيسة العمليات البحرية الأدميرال ليزا فرانشيتي”.
أقالت وزارة العدل في 31 يناير 2025، عدداً من كبار قادة مكتب التحقيقات الفيدرالي ” FBI” ضمن مساعي لإعادة تشكيل وكالة إنفاذ القانون تحت حكم ترامب، ومن بينهم العميل الخاص المسؤول في ميامي جيفري فيلتري، والمدير المساعد المسؤول عن مكتب واشنطن الميداني ديفيد سونبرج، وتم تعيين برايان دريسكول مديراً بإلانابة لمكتب التحقيقات، بعد استقالة مدير “FBI” كريستوفر راي، وتقاعد نائبه بول أباتي، بعد أن أبدت إدارة ترامب عزمها لتعيين جدد، وتم تعيين كاتش باتيل مديراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي بعدها.
طالت عمليات الفصل خفر السواحل ووزارة الخارجية، وتمت إقالة قائدة خفر السواحل الأمريكي الأدميرال “ليندا فاجان”، نظراً للفشل في معالجة تهديدات أمن الحدود والتركيز المفرط على سياسات الإدماج، بحسب تصريحات مسؤول بوزارة الأمن الداخلي. وعقب تولي ماركو روبيو منصب وزير الخارجية، طلب من (12) مسؤولاً التنحي عن أدوارهم. واعتبر دبلوماسيون أن الخطوة بهدف تطهير كبير للوزارة والاستيلاء على الخدمات الخارجية المهنية.
أقال ترامب، في 3 أبريل 2025، مدير وكالة الأمن القومي الجنرال تيموثي هوج ونائبه، و(12) موظفاً بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، وتعد هذه الوكالة، وكالة الاستخبارات السيبرانية النافذة بالولايات المتحدة، ما يعد تغييراً جذرياً في مجتمع الاستخبارات الأمريكي. وفي 1 أغسطس 2025، أصدر ترامب أمراً بإقالة مفوضة إحصاءات العمل إريكا ماكينتارفر، عقب إصدار تقرير أشار إلى التباطؤ في وتيرة التوظيف. وبعد أسابيع من رفض البيت الأبيض لمراجعة تقييمية بشأن تأثير الضربات الأمريكية على إيران، أقال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث في 23 أغسطس 2025، رئيس وكالة الاستخبارات في البنتاغون جيفري كروس، نظراً لأن ترامب ينظر إلى الاستخبارات كاختبار للولاء وليس ضماناً لأمن بلاده.
عقب تغيير اسم وزارة الدفاع لوزارة الحرب، وفي 4 أكتوبر 2025، أجرى بيت هيغسيث، تغيرات هيكلية في الوزارة، بإقالة رئيس أركان البحرية جون هاريسون الذي تمتع بنفوذ كبيرة بالوزارة، وأشار هيغسيث إلى أن مهمة الجيش الأولى الاستعداد للحرب، ما يعني إجراء إصلاحات شاملة بالقيادة العسكرية. الدفاع ـ هل تخضع أوروبا لضغوط ترامب أم تعيد رسم أولوياتها الدفاعية؟
قضايا قانونية وسياسية في عهد ترامب
يبدو أن وعود دونالد ترامب بالانتقام ممن يفترضهم أعداءه بدأ في تنفيذها، ووجهت هيئة محلفين كبرى لائحة اتهام إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق “جيمس كومي”، في 25 سبتمبر 2025، عقب دعوة ترامب لوزارة العدل علناً لتوجيه التهم إلى خصومه، وإعلان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل عملية تطهير سياسي، بطرد أعلى المسؤولين في المكتب وآلاف من عملاء المكتب الذين حققوا في التهم التي وجهت لترامب سابقاً. يعد جيمس كومي خصماً لترامب منذ فترة طويلة، وهو أول مسؤول حكومي كبير يواجه اتهامات في إحدى أكبر القضايا بالنسبة لترامب، والمتعلقة بالتحقيق الذي أجري في 2016، بشأن ما إذا كانت حملة ترامب الرئاسية الأولى تواطأت مع روسيا. وتوجه وزارة العدل لكومي، تهم عرقلة إجراءات الكونغرس والإدلاء بتصريحات كاذبة.
تسعى وزيرة العدل بام بوندي، للتأكيد على أن هذه القضية تثبت أن لا أحد فوق القانون، وأن الوزارة ملتزمة بمحاسبة من يضلل الأمريكيين، كنوع من إبعاد شبهة التعرض لضغوط من ترامب، لتقديم لائحة اتهامات إلى خصومه السياسيين. في السياق نفسه، أعلنت وزارة العدل في 29 سبتمبر 2025، إجراء تحقيقاً في الأمن القومي حول قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي عندما كان كريستوفر راي مديراً له. وتجرى التحقيقات مع عدد من كبار قادة المكتب في الفترة (2020-2024)، بشأن المعلومات الاستخباراتية التي استخدمتها وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية في 2016.
وعلى الفور خضعت وزيرة العدل في 7 أكتوبر 2025، لجلسة استجواب بمجلس الشيوخ اتهمها أعضاء فيه، بتحويل وزارتها لأداة يستخدمها دونالد ترامب لاستهداف من يعتبرهم أعداءه، وفي المقابل ندد ترامب بدخول السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال في نقاش مع وزيرة العدل أثناء جلسة الاستماع، داعياً لفتح تحقيق بشأن مبالغته في سجله العسكري.
تقييم أدلة ملاحقة السياسيين في عهد ترامب
تفتح سياسة التطهير والإقالات وملاحقة السياسيين، التساؤلات حول مدى قانونية الإجراءات وتبعاتها على المناخ السياسي الأمريكي، إذ تشير تصريحات دونالد ترامب ومساعديه، إلى أن استقلال مكتب التحقيقات والمتطلبات الدستورية التي تلزمه بالقانون، لا قيمة لهما بالنسبة لهم، وركزوا على مواجهة المعارضين، ما يثير مخاوف السياسيين من تهاون ترامب مع الفوضى، واتباع مكتب التحقيقات الفيدرالي سياسة التطهير الداخلي والانتقام من خصوم ترامب.
يتوقع خبراء قانون أن جيمس كومي يمكن أن يقوم بمناورة قانونية نادرة، تسقط التهم التي رفعتها وزارة العدل ضده، بينما يتخوف آخرون من أن التحرك القضائي سيكون أكثر عدوانية في ملاحقة كومي، ويقول القاضي الفيدرالي المتقاعد جون جونز، إن “ترامب لديه فرصة للنجاح في مقاضاة كومي”، خاصة وأنه دعا لاتخاذ إجراءات حازمة ضد كومي والمدعية العامة لنيويورك ليتيشا جيمس، والسيناتور الديمقراطي عن كاليفورنيا آدم شيف، بجانب دعوته لتوجيه اتهامات لمستشاره القومي السابق جون بولتون. بينما ترى القاضية الفيدرالية السابقة شيرا شيندلين أن هذه القضايا انتقامية.
ينظر قانونيون إلى أن طلبات المتهمين برفض القضايا، استناداً على أنهم يتعرضون لملاحقة قضائية انتقائية، ربما ستصبح خاسرة قانونياً بسبب السلطة التي يتمتع بها المدعي العام في توجيه الاتهامات. ويقول المدعي العام الفيدرالي السابق في واشنطن راندال إليسون، إن ” المدعين العامين لديهم سلطة تقديرية لتحديد نوع القضايا التي يجب رفعها، وعلى المتهمين إثبات وجود دوافع سيئة من جانب الادعاء”.
لا تزال الإقالات مسألة تنظرها المحاكم، رفع (80) مفتش عام دعاوى قضائية بزعم إن إقالتهم تنتهك أحكام قانون “استقلال المفتش العام”. وتظهر إقالة العضوين الديمقراطيين في لجنة التجارة الفيدرالية في 18 مارس 2025، خطورة هذه الخطوات لمخالفتها قرار المحكمة العليا لعام 1935، ويقضي بأن الرئيس لا يحق له إقالة أعضاء لجنة التجارة الفيدرالية لأسباب سياسية.
تشير نائب مساعد المدعي العام في مكتب الشؤون التشريعية بوزارة العدل سارة زديب، إلى أن خفض رواتب ونقل محققين ومدعيين من وكالات إنفاذ القانون ووزارة العدل، يهدد معايير عمل الوزارة، ولا يضمن تجاوز دور الوزارة في الانتخابات، ويضر بسمعتها في ظل وجود شبهة دوافع حزبية وراء القرارات، ويهدد مستقبل الموظفين المهنيين بالوزارة.
انعكاسات مستقبلية على سياسات ترامب
– انخفاض الثقة المتبادلة بين وكالات الاستخبارات الأمريكية والشركاء الدوليين، حيث إذا شك المجتمع الدولي والشركاء الأوروبيين، في مهنية وموضوعية المسؤولين الأمريكيين بهذه الوكالات، سيتراجع ثقل التحذيرات والتوصيات الأمنية من الاستخبارات الأمريكية، نظراً لوجود شبهة تسييس التقارير وتوظيف أشخاص لا يصلحون لهذه المهمة.
– تراجع التعاون بين الولايات المتحدة والشركاء، في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية والتقديرات الأمنية لحجم التهديدات ومصادرها، يؤدي لضعف التحالف مع أوروبا في هذا المجال، واتجاه الشركاء لبناء قدرات استخباراتية ومعلوماتية مستقلة، والبحث عن تحالفات بديلة مع كندا وأستراليا وبريطانيا تعويضاً للدور الأمريكي.
– نقص الخبرة وضعف الإمكانيات في وكالات الاستخبارات الأمريكية، قد يؤدي إلى ضعف دور هذه الوكالات، ويؤخر رد الفعل للتعامل مع التهديدات الأمنية غير المتوقعة مثل الهجمات الإلكترونية، ما يؤخر الاستجابة الفورية لأي مستجدات، ويدفع الخصوم السياسيين مثل “روسيا والصين” لاستغلال هذه الثغرات الأمنية. الاستخبارات الأمريكية مابين الولاء السياسي وحماية الأمن القومي في زمن ترامب
تقييم وقراءة مستقبلية
– تعد ولاية ترامب الثانية مختلفة تماماً عن ولايته الأولى، من حيث تداخل صلاحياته مع صلاحيات المؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وفرض سياساته وقواعده الخاصة دون الانتباه إلى القوانين والدستور الأمريكي، خاصة وأنه جاء بنهج “الانتقام السياسي” ممن أطلق عليهم خصومه السياسيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذا الأمر ناتج عن اقتناع ترامب التام بأنه كان يستحق الفوز بانتخابات 2020، وأن التهم التي وجهت له خلال الأعوام الماضية بشأن أحداث الكابيتول كانت سياسية بالدرجة الأولى، لذا ينظر إلى السلطات التشريعية والأمنية بأنها ليست محل ثقة وتحتاج لإعادة تقييم، ويفسر بهذا قرارات الإقالة والتطهير والملاحقات القضائية.
– هذا السجال القائم بين ترامب والدولة العميقة، تبعاته لن تقف عند فترة حكم ترامب فحسب، بل سيمتد أعواماً طويلة على جميع المستويات السياسية والأمنية والقانونية، وعلى المستوى السياسي سيتضرر الحزب الجمهوري بتراجع شعبيته وتمثيله داخل الكونغرس في الانتخابات المقبلة، وربما تنعكس أصداء الأمر على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعلى المستوى الأمني ستعاني وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات من استعادة كسب ثقة الأمريكيين، ودورها في ملفات شديدة التعقيد وترميم صورتها في الداخل والخارج، أما على المستوى القانوني، ستحتاج وزارة العدل إلى إثبات استقلاليتها وسيادة القانون مرة أخرى، عقب التغيرات التي طرأت على تشكيلها وقراراتها.
– لن تصبح قضية جيمس كومي القضية الأولى التي ستواجه مسؤول أمريكي رفيع المستوى، لكن حيثيات القضية والحكم المتوقع بناءً على التهم الموجهة له، سيرسم ملامح المشهدين السياسي والقضائي في الولايات المتحدة الأشهر والسنوات المقبلة، وقد يواصل ترامب تقديم خصومه للمحاكمات بتهم متعددة، وفي المقابل سيبحث قانونيون عن وسائل لعرقلة هذه القضايا حفاظاً على سيادة القانون، وسيشهد الكونغرس تحركات لتعزيز الرقابة البرلمانية المستقلة على هذه التحركات.
– تهميش الأصوات المهنية في المؤسسات، سيضعف من سياسة الولايات المتحدة داخلياً وخارجياً، ويزيد الشكوك حول درجة انتماء المسؤولين المعينيين من جانب ترامب، للولايات المتحدة ورغبتهم في الحفاظ على أمنها القومي، والتزامهم بمنع تسييس وكالات الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل.
– قرارات ترامب الراهنة تضع علاقات بلاده على المحك مع الشركاء الأوروبيين، فهم ينظرون لهذه السياسات على أنها خاطئة، مهددة لمصداقية واشنطن في مجال الاستخبارات، ويتخوفون من تضرر سمعتهم وتوجيه اتهامات لهم بدعم سياسات ترامب المناهضة لمؤسسات الدولة والديمقراطية.
– ينبغي أن تستخدم المؤسسات والوكالات والوزارات، آليات محددة لتوضيح أسباب الإقالات والتعيينات، وفقاً لإجراءات تعتمد على الشفافية ومعايير قابلة للقياس، وتقديم تقارير موثقة دورية للكونغرس، مع مراعاة سرية ما يقتضيه الأمن القومي الأمريكي، كنوع من احتواء حالة الانقسام في الداخل الأمريكي حول سياسات ترامب.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110424
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
الهوامش
Beneath the Veil: Role of Deep State in American Power
Trump’s targeting of ‘enemies’ like James Comey echoes FBI’s dark history of mass surveillance, dirty tricks and perversion of justice under J. Edgar Hoover
Trump fires multiple federal inspectors general in overnight purge
Tracking Trump’s unprecedented—often illegal—firings of political appointees and watchdogs
