أمن قومي ـ أبوظبي تطلق إطار عمل للسلامة في الذكاء الاصطناعي، شركة G42
خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
أطلقت شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية G42 إطار عمل جديدًا للسلامة في مجال الذكاء الاصطناعي تحت اسم “إطار السلامة للذكاء الاصطناعي المتقدم”، وذلك لضمان تطوير ونشر التكنولوجيا المتقدمة بشكل مسؤول وسط المخاطر والمخاوف المتعلقة بالسلامة.
يهدف الإطار إلى مواكبة التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي، وسيساعد الشركة، التي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها، على بناء استراتيجية للذكاء الاصطناعي مدعومة بمعايير “صارمة” تتعلق بالأمان، والاستقلالية، والاعتبارات الأخلاقية عبر مختلف مجالات عملياتها، وفقًا لما ذكرته G42 في تقريرها الصادر يوم السادس من فبراير 2025. وأوضحت الشركة أن الإطار “يحدد بروتوكولات واضحة لتقييم المخاطر، والحوكمة، والإشراف الخارجي لضمان تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة بطريقة آمنة ومسؤولة”.
كما يجعل هذا الإطار G42 واحدة من أوائل شركات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط التي تقدم إطارًا شاملاً للسلامة في هذا المجال، مما يعزز مكانتها كأبرز شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات، مع إمكانية أن تكون نموذجًا يُحتذى به من قبل الجهات الأخرى. وقالت الشركة: “تم تصميم هذا الإطار خصيصًا لمعالجة التحديات والمخاطر الفريدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي عالي القدرات، وذلك استنادًا إلى أفضل الممارسات في الصناعة ووفقًا للمبادئ الراسخة للذكاء الاصطناعي المسؤول”.
وأضافت أنه “يركز على تحديد المخاطر بشكل استباقي والتخفيف منها، مع التركيز على مراقبة القدرات، والحوكمة القوية، وضمانات متعددة الطبقات لضمان أن تكون نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة مبتكرة وآمنة في آنٍ واحد”. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النهج المنهجي للكشف المبكر عن التهديدات وإدارة المخاطر سيدعم G42 في “تحقيق فوائد الذكاء الاصطناعي المتقدم بطريقة آمنة وأخلاقية”، وفقًا لما جاء في التقرير.
يُعتبر هذا الإطار تتويجًا للالتزامات التي تعهدت بها G42 في قمة سيول للذكاء الاصطناعي العام الماضي، وكذلك بموجب إعلان بليتشلي، وهو اتفاق دولي تم التوصل إليه خلال قمة سلامة الذكاء الاصطناعي 2023 في المملكة المتحدة، يهدف إلى تعزيز التعاون العالمي لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي. وقال بينغ شياو، الرئيس التنفيذي لمجموعة G42، في بيان منفصل: “مع هذه القوة الكبيرة تأتي مسؤولية كبيرة. يعكس هذا الإطار التزامنا بسلامة الذكاء الاصطناعي، مما يضمن أن يستمر الابتكار مع وجود الضمانات المناسبة في مكانها”.
الذكاء الاصطناعي التوليدي
لطالما استُخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من قطاعات المجتمع، لكنه أصبح محور الاهتمام مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي في عام 2023. ومع ذلك، أدى غياب هيئة تنظيمية رسمية إلى ظهور تحديات كبيرة، مثل انتشار المعلومات المضللة وإمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي لأغراض ضارة.
وقد أصبحت هذه القضايا كبيرة لدرجة أن هناك دعوات “لإيقاف التجارب الضخمة على الذكاء الاصطناعي”، حيث أشار معهد مستقبل الحياة، وهو منظمة غير ربحية مقرها كاليفورنيا، إلى أن “أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تمتلك ذكاءً منافسًا للذكاء البشري قد تشكل مخاطر عميقة على المجتمع والبشرية”، كما أظهرت الأبحاث الواسعة.
بدوره، تحدث جيفري هينتون، المعروف بـ”عرّاب الذكاء الاصطناعي” وأحد رواد التعلم العميق، عن المخاطر المحتملة التي قد تشكلها بعض إبداعاته، بما في ذلك القضاء على الوظائف، وإمكانية أن يصبح الذكاء الاصطناعي واعيًا بذاته من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات بشكل مستقل.
G42 ـ أنظمة ذكاء اصطناعي تتماشى مع المبادئ
لذلك، تسعى الشركات والحكومات إلى ضبط التكنولوجيا. وقد التزمت G42، من خلال إطارها الجديد، بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تتماشى مع المبادئ التي تعطي الأولوية للإنصاف، والموثوقية، والسلامة، والخصوصية، والأمن، والشمولية للحفاظ على القيم المجتمعية.
ويتضمن الإطار عدة خطوات لتحقيق هذا الهدف، بدءًا من إجراء تحليل داخلي للمخاطر، بمشاركة خبراء خارجيين في سلامة الذكاء الاصطناعي، لتحديد القدرات الأمنية المحتملة عبر عدة مجالات، بما في ذلك المخاطر البيولوجية، وأمن الفضاء الإلكتروني، والعمليات المستقلة في المجالات المتخصصة.
وسيتم بعد ذلك تنفيذ تدابير للتخفيف من المخاطر، بحيث تحمي المنتجات التي يتم نشرها خارجيًا من إساءة الاستخدام، خاصة مع وصول نماذج الذكاء الاصطناعي إلى مستويات متقدمة من القدرات والمخاطر.
كما أنشأت G42 مجلس حوكمة مخصصًا للذكاء الاصطناعي المتقدم، بقيادة أندرو جاكسون، كبير مسؤولي الذكاء الاصطناعي المسؤول في الشركة، للإشراف على تنفيذ هذا الإطار. وسيتم أيضًا تطبيق تقارير شفافية داخلية وخارجية، إلى جانب عمليات تدقيق خارجية. سيتم تنفيذ الإطار على مراحل: خلال الأشهر الستة الأولى، سيتم وضع بروتوكولات الأمان الأساسية. وخلال 12 شهرًا، سيتم نشر العمليات التشغيلية. وبعد ذلك، سيتم العمل على التحسين المستمر والتوسع.
الخطوات الأولى في الذكاء الاصطناعي
اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال بناء علامة تجارية قوية تُظهر أنها منصة اختبار لهذه التكنولوجيا. ويأتي هذا من خلال إبرام اتفاقيات مع شركات دولية لتأسيس خبراء في الدولة، مما يتيح التنسيق للوصول إلى تطبيقات أنظمة البيانات المحلية. هذا يتطلب من الحكومة اتخاذ زمام المبادرة في تقديم خدمات معززة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك خطوات أولية لبناء أسس أقوى في مجالات المواهب، البحث، البيانات، والحوكمة. وقد بدأت بالفعل دورات تدريبية في الذكاء الاصطناعي متاحة للجمهور بالتعاون مع شركاء تقنيين عالميين. كما توفر المناقشات الدولية حول الاستخدام الإيجابي للذكاء الاصطناعي منصة لتحسين حوكمة هذه التقنيات. مع مرور الوقت، ستتوسع أنشطة الذكاء الاصطناعي لتشمل برامج أكثر أهمية، مثل تمويل إثبات المفاهيم وإنشاء مسرعات الذكاء الاصطناعي المحلية. كما سيتم التركيز على تنمية جيل جديد من المواهب المتمكنة في الذكاء الاصطناعي، مع وجود مستمر للباحثين العالميين في هذا المجال في دولة الإمارات، إلى جانب دور قيادي في مبادرات الحوكمة الدولية.
سوف تلعب الجهات الحكومية في الإمارات، إلى جانب الهيئات الدولية والمؤسسات التعليمية وشركات الذكاء الاصطناعي العالمية، دورًا حيويًا في تحقيق هذه الأهداف. وسيساهم “مكتب الذكاء الاصطناعي” التابع لحكومة الإمارات في تعزيز الشراكات الجديدة، خاصة في مجالات التعليم والحوكمة. يهدف مكتب الذكاء الاصطناعي إلى دعم الوزارات الأخرى لتحقيق أقصى استفادة من التقنيات الرائدة عالميًا، وكذلك تدريب جيل جديد من المواهب القادرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات.
إن رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي لا تعني السعي إلى الريادة في جميع التقنيات والقطاعات، بل تركيز الدولة على المجالات التي يمكنها أن تمتلك فيها أصولًا رائدة عالميًا وفرصًا فريدة. لذلك، فإن مهمة هذه الفترة الوزارية الأولى هي تحويل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال الاستثمار في الأشخاص والصناعات التي تشكل مفتاح نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة.
لقد حددت دولة الإمارات العربية المتحدة قطاعات ذات أولوية – وستكون هذه هي محور الأنشطة الأولي.. هذا لا يعني أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستتوقف عن العمل على حلول الذكاء الاصطناعي في قطاعات أخرى حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم فوائد أخرى للمجتمع.