المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
إعداد: الدكتور محمد الصالح جمال – باحث غير مقيم بالمركز الأوروبي ECCI ـ
Email: mohammedsalahdjemal@outlook.fr
المزيد على الرابط https://www.europarabct.com/?p=75946
أمن دولي: قمة بايدن-بوتين و تحدّي الإستقرار الإستراتيجي. الدكتور محمد الصالح جمال
تعقد يوم 16 يونيو 2021 قمة بايدن-بوتين في جنيف (سويسرا) ، في ظل توتر ديبلوماسي معروف بين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا. القمة تأتي في سياق دولي و اقليمي متأزم بداية من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ، النفوذ الصيني المتصاعد ، التهديدات السيبيرانية ، و كذلك أزمة فيروس كورونا التي أخذت أبعادا جيوبوليتيكية و ديبلوماسية. تدهورت العلاقات الأمريكية-الروسية بداية من سنة 2014 عندما قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم ، يليها التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أسفرت عن تقلّد الرئيس السابق دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الابيض.
يرى مراقبون أن هذا اللقاء لن يأتي بالكثير في مسألة المضيّ بالعلاقات الأمريكية-الروسية إلى أعلى مستوى ، خاصة و أن العلاقات الديبلوماسية بين واشنطن و موسكو في أدنى مستوى لها.. فقد قام كل منها بطرد متبادل للديبلوماسيين و فرض عقوبات على رجال أعمال .لذلك سيقتصر الأمر بالنسبة للقوتين النوويتين على “تحديد بعض الخطوط الحمراء” بهدف تحقيق الحد الأدنى من “التوازن” في النظام الدولي الراهن.
الأمن السيبيراني.. اتهامات أمريكية لروسيا بشن هجمات الكترونية
في 25 سبتمبر 2020، قدم بوتين مجموعة كاملة من المقترحات حول التعاون في مجال الأمن السيبراني بين روسيا والولايات المتحدة و كانت من بين تلك المقترحات ، تبادل الهاكرز المطلوبين لدى كل من الحكومتين الأمريكية و الروسية ، في خطوة من شأنها إعادة الثقة و تهدئة التوتر بين القوتين بشأن ملف الهجمات السيبيرانية. وفي أبريل2021، ألقت إدارة بايدن باللوم على موسكو في عملية اختراق دامت شهورا وأثرت على تسع وكالات فيدرالية وأكثر من 100 شركة خاصة، حيث اخترق العملاء – الذين تعتقد الحكومة الأمريكية على نطاق واسع أنهم جزء من SVR الروسية – برامج من شركة SolarWinds الأمريكية من أجل اختراق أنظمة البريد الإلكتروني الحكومية .
لكن لطالما أنكرت روسيا مسؤوليتها في شن هجمات الكترونية ضد أهداف أمريكية ، و دائما ما يصف بوتين ذلك في وسائل الإعلام بالقول أن الاتهامات الأمريكية بقيام موسكو بهذا السوك “سخيفة” و “بدون معنى” .
التسلح النووي و الاستقرار الإستراتيجي : التحدي المشترك
اصدر مسئولون نوويون سابقون وخبراء فى الحد من التسلح فى الولايات المتحدة واوروبا وروسيا معا سلسلة من التوصيات حول كيفية احياء حوار رسمى للحد من الخطر النووى . وكتب بعض الخبراء ضمن مجموعة القيادة الأمنية الأوروبية الأطلسية في تحديد سلسلة من المبادئ لتوجيه بايدن وبوتين: “لقد زعزعت المصالح الوطنية المتضاربة، وعدم كفاية الحوار، وتآكل اتفاقيات الحد من الأسلحة، وأنظمة الصواريخ المتقدمة، والأسلحة الإلكترونية والأسلحة الجديدة فوق الصوتية، التوازن القديم وتزيد من خطر نشوب صراع نووي”.
إن برامج التحديث النووي الجارية، والتكنولوجيات الناشئة في الجيش، والخطاب العدائي المتزايد بين الدول المسلحة نوويا تزيد ببطء من خطر الاستخدام النووي، عن قصد أو عن طريق الصدفة. حتى مع انخفاض المخزون العالمي الإجمالي من الأسلحة النووية منذ عام 2020، فإن كمية الأسلحة القابلة للنشر التشغيلي آخذة في الازدياد، وفقا لتقرير جديد صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وفي عام 2020، أنفقت الدول التسع المسلحة نوويا أموالا أكثر من أي وقت مضى على ترساناتها النووية، بلغ مجموعها 73.6 مليار دولار.
ويكمن جوهر التحديات المشتركة التي تواجه واشنطن و موسكو في تعزيز “الاستقرار الإستراتيجي”، وهو الشرط الذي ساعد على تأمين العالم ضد الحرب النووية لعقود من الزمن. وقد تشكل هذا الاستقرار من خلال مجموعة من اتفاقيات و معاهدات الحد من الأسلحة المتجذرة في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي التي ركزت إلى حد كبير على الأسلحة النووية الاستراتيجية. بيد أن معظم تلك الاتفاقيات استبعدت الصين وفقدت فعاليتها مع توسيع القدرات العسكرية الصينية ونمو الترسانات النووية بين الدول الأخرى غير الموقعة على هذه المعاهدات. كما أن كل من واشنطن و موسكو قررا مع بداية عام 2021 الإيقاء على معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية إلى غاية عام 2026.
المخرجات: ما الذي يمكن توقّعه خلال القمة ؟
من المرجح أن لقاء بايدن- بوتين لن يحقق تقدما كبيرا و سيكون فقط فرصة للقوتين النوويتين لإبراز العضلات الديبلوماسية و وضع “الخطوط الحمراء” حول التدخل في قضايا معينة، من بينها مسألة حقوق الإنسان ، التي تركز عليها دائما الولايات المتحدة عندما تريد الضغط على روسيا. لذلك فإن التوصل إلى إقامة علاقات أمريكية-روسية متينة لاسيما فيما يتعلق “بالاستقرار الإستراتيجي” يتطلب جهودا و مفاوضات حقيقة، متينة و أيضا منهكة. قد تكون الولايات المتحدة وروسيا مستعدتين أيضا للبدء في إعادة البنية التحتية الدبلوماسية اللازمة لدعم العلاقات بين الدولتين، لكن مع “تحديد مجموعة من النقاط التي لا يجب تجاوزها” بشأن المعاملة المقبولة للدبلوماسيين ومواطني بعضهم البعض بشكل عام.
ومن مجالات التوافق التي من المرجح أن يتفق عليها الزعيمان بدء عهد جديد من تحديد الأسلحة. وكان الرئيس السابق دونالد ترامب، سلف بايدن، قد سحب الولايات المتحدة من معاهدة الأجواء المفتوحة، لكن الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على تمديد معاهدة ستارت الجديدة لخفض الأسلحة بعد أيام من تولي بايدن منصبه في كانون الثاني/يناير. وقد يجد الزعيمان أيضا توافقا في الآراء في العمل معا في ملف التغير المناخي. فقد شارك بوتين في قمة بايدن للمناخ في البيت الأبيض في نيسان/ أبريل، حيث قال إن روسيا مستعدة لاقتراح مجموعة كاملة من المشاريع المشتركة في ملف المناخ، بما في ذلك دعوة الدول بشكل خاص إلى التعاون في إزالة ثاني أكسيد الكربون.
رابط مختصر…https://www.europarabct.com/?p=75937
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارت