خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ECCI، وحدة الدراسات والتقارير “1”
أمن دولي ـ وزير الدفاع الألماني: “إن هزيمة أوكرانيا هي تهديدًا لدول الناتو ودول أخرى”
اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا يوم 27 أبريل 2025 بمواصلة تنفيذ مناورات خادعة في الصراع بشأن إنهاء محتمل للحرب، على أساس وساطة أمريكية. وقال في خطابه المسائي عبر الفيديو: “الروس يتحدثون كثيرًا عن استعدادهم المزعوم لقبول المقترحات الأمريكية، لكن حتى الآن لا توجد أي مؤشرات على استعداد الجيش الروسي لوقف فعلي لإطلاق النار.” وأضاف أن روسيا، على العكس من ذلك، قد استأنفت هجماتها منذ عيد الفصح.
وأضاف : ” كل يوم من هذه المعارك على خط الجبهة يثبت أن روسيا تحاول بالفعل خداع العالم، وخداع الولايات المتحدة وغيرها، وإطالة أمد هذه الحرب”، تابع زيلينسكي. وأشار إلى أنه منذ بدء محادثات الاستطلاع الأولية حول السلام المحتمل في 11 مارس بجدة، استخدمت روسيا نحو 8500 قنبلة جوية و200 صاروخ بمختلف الأنواع وأكثر من 3000 طائرة مسيرة انتحارية ضد أوكرانيا. وأكد: “يجب أن يتوقف هذا، يجب على روسيا أن توقف هذه الهجمات دون شروط.” وجدد زيلينسكي في هذا السياق مطالبته بضرورة مواصلة الضغط الدولي على روسيا، مشددًا أن الضغط الدولي، خصوصًا من الولايات المتحدة، هو السبيل الوحيد لدفع روسيا إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء الحرب.
بيستريوس: اقتراح ترامب يوازي الاستسلام
قارن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس ملامح الاقتراح الأمريكي للسلام في أوكرانيا بالاستسلام. وقال السياسي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، مساء يوم 27 أبريل 2025، في برنامج “تقرير من برلين” عبر قناة ARD، إن أوكرانيا تدرك أن السلام الدائم مع روسيا قد يتطلب خسارة بعض الأراضي.وأضاف أن تلك الخسائر لا ينبغي أن تكون بحجم ما ورد في الاقتراح الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
“ما تم طرحه هناك، كان يمكن لأوكرانيا أن تحصل عليه قبل عام تقريبًا، من خلال استسلام كامل.”لذلك، لا يعد هذا الاقتراح مكسبًا إضافيًا لأوكرانيا. وشدد على أن أي تنازلات إقليمية يجب أن ترتبط بضمانات أمنية مستقبلية لأوكرانيا، إذ أن التجربة أثبتت أن الوعود الروسية لا تُؤتمن. وبحسب ترامب، تسعى الولايات المتحدة للاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وتشير خطط السلام إلى التنازل الفعلي عن المناطق الشرقية من أوكرانيا لصالح روسيا.
وحذر بيستريوس من تفسير الاجتماع الأخير بين ترامب وزيلينسكي، الذي جرى على هامش جنازة البابا، كتحول في الموقف الأمريكي، مشيرًا إلى أن “الإشارات متناقضة للغاية، فتارة ودودة جدًا وتارة أخرى عدائية.”
وأكد أن الدعم الأمريكي ضروري: “إذا توقف دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، فستكون ألمانيا وأوروبا مطالبتين ببذل المزيد.”وأوضح أن الهزيمة الأوكرانية ستهدد أراضي الناتو ودولًا مثل جورجيا. واختتم قائلا: “الأمر لا يتعلق بالتضامن مع أوكرانيا فحسب، بل بأمننا وسلامنا في أوروبا.” أما فيما يتعلق بإمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ “توروس”، فلم يعطِ بيستريوس موقفًا حاسمًا، لكنه قال: “صاروخ توروس وحده لن يحسم هذه الحرب.”
لافروف: سنواصل ضرب أهداف عسكرية في أوكرانيا
نشرت قناة CBS الأمريكية مقابلة مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، لبرنامج “Face the Nation”، قال فيها إن روسيا ستواصل استهداف المواقع التي يستخدمها الجيش الأوكراني وبعض المرتزقة الأجانب والمدربين الأوروبيين. وادعى لافروف أن الهجوم الصاروخي الروسي على مبنى سكني في كييف لم يكن يستهدف “هدفًا مدنيًا بحتًا”، رغم مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا جراء القصف. وقد أثار هذا الهجوم انتقادًا نادرًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف لافروف أن روسيا مستعدة لتخزين المواد النووية المخصبة الخاصة بإيران إذا رأت الولايات المتحدة وإيران أن ذلك مناسب.
والتز متفائل بشأن اتفاق الموارد الطبيعية
ذكرت مصادر في البيت الأبيض أن الولايات المتحدة وأوكرانيا واصلتا المفاوضات بشأن إبرام اتفاق للموارد الطبيعية .وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في مقابلة تلفزيونية أمريكية: “صفقة أوكرانيا ستتم، فقد عمل المفاوضون بجد خلال عطلة نهاية الأسبوع”، لكنه رفض تقديم تفاصيل إضافية، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق يمثل أولوية قصوى للرئيس ترامب ووزير الخزانة سكوت بيسنت. ويهدف الاتفاق إلى منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية، وخاصة المعادن النادرة المهمة لصناعة التكنولوجيا المتقدمة. وكان التوقيع على اتفاق إطاري قد فشل في نهاية فبراير 2025 بسبب خلاف بين ترامب ونائبه جي دي فانس مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي. ومع ذلك، اتفق الطرفان لاحقًا على استئناف المحادثات.
وفي منتصف أبريل 2025 ، وقّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا مذكرة تفاهم بشأن اتفاق الموارد. وكان من المفترض أن يتم التوقيع الرسمي على الاتفاق في وقت سابق، لكن أسباب تأجيل التوقيع وعدم وضوح الوضع الحالي ما تزال غير معلومة.
روبيو يضغط من أجل سلام سريع ويهدد بالانسحاب
أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا قريبًا.
وقال روبيو لشبكة NBC: “يجب أن يحدث ذلك قريبًا. لا يمكننا الاستمرار في استثمار الوقت والموارد في هذا المشروع إذا لم يحقق النجاح.” وأشار إلى أن الأسبوع المقبل سيكون “أسبوعًا مهمًا جدًا”، وأن الولايات المتحدة أجلت فرض عقوبات إضافية على روسيا لإبقاء قنوات الدبلوماسية مفتوحة. وأضاف: “إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، لدينا خيارات لاتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين، من وجهة نظرنا، لا يريدون السلام.”
وكان روبيو قد صرح قبل أسبوعين بأن الولايات المتحدة قد توقف جهود الوساطة خلال أيام إذا لم تظهر مؤشرات واضحة على إمكانية التوصل إلى اتفاق. وكان ترامب قد قال في اليوم نفسه: “نريد إنهاء الأمر بسرعة”، لكنه كالعادة لم يفصح عن تفاصيل إضافية.
إستونيا تسمح لناقلة نفط روسية بالمغادرة
قبل أكثر من أسبوعين، أوقفت السلطات الإستونية ناقلة النفط “كيوالا” لأسباب تتعلق بمخاوف قانونية وأمنية، حيث تم اكتشاف 40 خللًا في السفينة خلال عملية التفتيش، وصُنف 29 منها على أنها “خطيرة”.
والآن، باتت السفينة، التي ترفع علم جيبوتي، في طريقها مجددًا إلى روسيا بعد أن تمت معالجة المشاكل الفنية الحرجة، حسبما أفادت إدارة النقل والمواصلات الإستونية.
على عكس حالات سابقة لسفن تابعة لأسطول الظل الروسي التي تم احتجازها للاشتباه في تخريب البنية التحتية في بحر البلطيق، لم يكن هناك أي شك بوجود نية تخريب في حالة السفينة “كيوالا”. يُذكر أن إستونيا كثفت مراقبة أسطول الظل الروسي في منطقة البلطيق بعد سلسلة من حوادث انقطاع الكابلات البحرية. ومنذ يونيو 2025، تم فحص أكثر من 450 سفينة حسبما أعلنت السلطات الإستونية.
ما تفسير موقف بيسترويس وزير الدفاع الألماني؟
موقف بوريس بيستوريوس وزير الدفاع الألماني يحمل عدة أبعاد مهمة، ويمكن تفسيره على الشكل التالي:
ـ رفض الرضوخ لصيغة سلام تقوم على استسلام أو تنازلات كبيرة من أوكرانيا: بيستوريوس اعتبر أن الخطة الأمريكية، أو على الأقل الأفكار المنسوبة إلى ترامب، تعادل عمليًا استسلام أوكرانيا، لأن بنودها، مثل الاعتراف بضم روسيا للقرم والتخلي عن أجزاء من شرق أوكرانيا، كانت ممكنة دون حرب أو قبل سنة بمجرد قبول الهزيمة. بالتالي، فهو يرى أن مثل هذا الاتفاق لا يقدم مكسبًا حقيقيًا لأوكرانيا مقابل التضحيات التي قدمتها.
ـ التأكيد على ضرورة الربط بين أي تنازلات وضمانات أمنية قوية: بيستوريوس يشدد أن أي تنازل إقليمي يجب أن يقترن بضمانات دولية صلبة لأمن أوكرانيا مستقبلاً، نظرًا لأن روسيا لا تلتزم بتعهداتها، وهو تحذير مبطن من الوقوع في فخ اتفاقيات قد تُخترق لاحقًا بسهولة كما حصل مع اتفاقيات سابقة مثل مذكرة بودابست 1994.
ـ الحذر من اعتبار تغييرات الموقف الأمريكي بمثابة تحول كامل: رغم لقاء ترامب مع زيلينسكي، حذر بيستوريوس من أن مواقف ترامب متقلبة (“إشارات متناقضة، مرة ودية ومرة عدائية”)، لذا لا يجب التسرع بالحكم. الأهم هو الأفعال وليس الأقوال.
ـ الإشارة إلى المخاطر الأمنية لأوروبا: بيستوريوس يرى أن هزيمة أوكرانيا لن تعني فقط خسارتها، بل ستعني تهديدًا مباشرًا لدول حلف الناتو ودول أخرى مثل جورجيا. لذا، بالنسبة له، مساعدة أوكرانيا ليست فقط تضامنًا، بل دفاعًا عن أمن أوروبا ذاته.
ـ موقف متحفظ حول إرسال صواريخ توروس: بالرغم من ضغوطات داخلية وخارجية على ألمانيا لتزويد أوكرانيا بصواريخ “توروس”، إلا أن بيستوريوس لم يحسم موقفه، مؤكدًا أن الصواريخ بحد ذاتها لن تغير مسار الحرب.
ـ بيستوريوس يعبر عن موقف ألماني متوازن بين دعم أوكرانيا، والحرص على عدم الانجرار إلى اتفاق سلام صوري يكرّس مكاسب روسيا بالقوة، مع القلق الواضح من تبعات تراجع الدعم الأمريكي مستقبلاً.
موقفه يوحي أيضًا بأن ألمانيا قد تضطر لتحمل عبء أكبر في دعم أوكرانيا إذا انسحبت الولايات المتحدة من المشهد.
ما تأثير موقف وزير الدفاع الألماني بيستوريوس على مستقبل السياسة الألمانية؟
ـ أعطى موقف وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، مؤشراً واضحاً على تحوّل جوهري في مقاربة ألمانيا للأمن الأوروبي ومستقبل الحرب في أوكرانيا. من خلال رفضه لمقترحات السلام الأمريكية التي اعتبرها أقرب إلى “استسلام أوكرانيا”، عكس بيستوريوس توجهاً جديداً نحو تعزيز التزام ألمانيا بدعم أوكرانيا على المدى الطويل، حتى في ظل احتمالات تغير موقف الولايات المتحدة مستقبلاً.
ـ ويؤشر هذا الموقف إلى أن ألمانيا تستعد لتحمل مسؤولية أكبر في الإطار الأوروبي، سواء على المستوى العسكري أو السياسي، عبر زيادة الإنفاق الدفاعي وتعزيز شراكاتها مع دول الاتحاد الأوروبي. كما أن موقف بيستوريوس قد يؤدي إلى بروز تباين محتمل مع إدارة أمريكية مستقبلية، خصوصاً إذا عادت إدارة ترامب إلى السلطة. داخلياً، يُتوقع أن ينعكس هذا التوجه على خارطة القوى السياسية الألمانية، حيث سيعزز من موقف الأحزاب الداعمة لاستمرار الدعم لأوكرانيا، في مقابل تصاعد انتقادات الأحزاب اليمينية والشعبوية التي ترفض تعميق الانخراط الألماني في الحرب.
ـ وبهذا، فإن موقف بيستوريوس يمثل بداية مرحلة جديدة في السياسة الدفاعية الألمانية تقوم على مبدأ أن أمن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من أمن أوروبا، ما يضع ألمانيا في موقع قيادي متقدم ضمن استراتيجية التصدي للتهديدات الروسية.
ـ تشير تصريحات ومواقف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إلى أن ألمانيا تتجه نحو مرحلة جديدة من تحمل المسؤوليات الأمنية في أوروبا، مع توقع ازدياد دورها في دعم أوكرانيا سياسياً وعسكرياً، خاصة في حال تراجع الدعم الأمريكي.
ـ وفي هذا السياق، ينبغي على ألمانياأن وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي التواصل من أجل بناء استراتيجية دفاعية مستقلة ومستدامة، وتعزيز التنسيق الأمني والسياسي لمواجهة أي فراغ محتمل تتركه الولايات المتحدة. كما ينبغي لألمانيا أن توازن بين تعزيز قدراتها الدفاعية والحفاظ على التماسك الداخلي، عبر خطاب سياسي واضح يشرح للمجتمع الألماني أهمية الدور الجديد في حماية الأمن الأوروبي الشامل.