خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
أوضح الخبراء إن الهجوم الإسرائيلي على إيران، بما في ذلك برنامجها للأسلحة النووية والباليستية، من غير المرجح أن يضمن أهدافها الاستراتيجية طويلة الأجل، حتى لو تمكن بنيامين نتنياهو من إقناع إدارة ترامب بالانضمام إلى الصراع. وبحسب دبلوماسيين ومتخصصين عسكريين ومحللين أمنيين، من المرجح أن تواجه إسرائيل ورئيس وزرائها “رياحا معاكسة” متزايدة في الحملة، وسط تحذيرات من أنها تخاطر بزعزعة استقرار المنطقة بشكل خطير.
إن هناك شكوك متزايدة حول ما إذا كان استخدام الولايات المتحدة للقنابل الضخمة التي تخترق الأرض سيكون قادرا على تدمير منشأة “فوردو” النووية الإيرانية، والتي تقع على عمق كبير تحت الجبل، كما ظهرت تساؤلات حول قدرة إسرائيل على دعم هجوم بعيد المدى جعل مدنها معرضة لهجمات مضادة بالصواريخ الباليستية. ويفرق الخبراء بين النجاح العملياتي الذي حققته إسرائيل في استهداف المواقع والأفراد الإيرانيين الرئيسيين، وأهدافها الاستراتيجية التي يبدو أنها توسعت لتشمل تغيير النظام في طهران، بالإضافة إلى تدمير برنامجها النووي.
يقول توبي دودج، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: “هناك اتجاه سائد في إسرائيل يعود إلى تشكيل الدولة، وهو يوحي للسياسيين بأن العنف سوف يوفر حلا للمشاكل السياسية”. وتابع: “أشعر أن النظام الإيراني أكثر استقرارا مما يُشاع؛ ولأن لإيران تاريخا طويلا في الالتزام بالتحديث التكنولوجي وانتشار الأسلحة النووية، فهذا أمر لا يمكن القضاء عليه ببساطة بقنبلة”.
يشعر المحللون بالحيرة إزاء الاستراتيجية الإسرائيلية التي يبدو أنها راهنت على إثارة الصراع على أمل دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب للانضمام إلى الصراع، وتزويد إسرائيل بالقوة النارية التي تفتقر إليها من حيث القنابل الضخمة القادرة على اختراق المخابئ. ويقدر الخبراء أن الولايات المتحدة ربما تضطر إلى استخدام العديد من هذه القنابل، التي يتعين إسقاطها على مقربة نسبية من موقع “فوردو”، المحمي بما يصل إلى 90 مترا من الصخور، في عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر ولا يضمن نجاحها، وربما تستدعي ردا انتقاميا من إيران ضد القواعد الأميركية، وهو ما يزيد من المخاطرة بمزيد من التصعيد.
كتب دانيال سي كورتزر، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، وستيفن إن. سيمون، وهو عضو مخضرم في مجلس الأمن القومي، في مجلة الشؤون الخارجية: “إن التعاقد من الباطن على مهمة فوردو من شأنه أن يضع الولايات المتحدة تحت أنظار إيران”. من شبه المؤكد أن إيران سترد بقتل مدنيين أمريكيين. وهذا بدوره سيجبر الولايات المتحدة على الرد بالمثل. وأضافوا: “وبعد فترة وجيزة، سوف تصبح الأهداف الوحيدة المتبقية أمام واشنطن لضربها هي قادة النظام الإيراني، وسوف تعود الولايات المتحدة إلى عملية تغيير النظام، وهي عملية لم يعد يرغب سوى عدد قليل للغاية من الأميركيين في الانخراط فيها”.
إن احتمال تغيير النظام، ربما بقتل المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، والذي أثاره مسؤولون إسرائيليون، ويقال إن ترامب استخدم حق النقض ضده، يسبب بالفعل قلقا متزايدا في المنطقة. وأدلى آية الله علي السيستاني، المرجع الديني الأبرز في العراق، بتدخل نادر، محذرا من المخاطر العميقة التي تهدد المنطقة.
ومن بين المتشككين الآخرين أندرياس كريج، الأستاذ المشارك في قسم دراسات الدفاع في كلية كينجز لندن، الذي عمل على نطاق واسع في الشرق الأوسط، والذي يشكك في أن القوة الجوية وحدها قادرة على تحقيق التأثير الذي تسعى إليه إسرائيل، سواء من حيث تدمير المعرفة النووية الإيرانية أو تغيير النظام الديني. وأوضح: “إنها ليست الحل الأمثل، لقد تعلمنا درسا مفاده أن القوة الجوية وحدها لا تُجدي نفعا، ثم تعلمنا في العراق وأفغانستان أن حتى الأعداد الهائلة من القوات البرية لا تُجدي نفعا”.
تابع أندرياس كريج: “إن ما نراه ليس نهجا استراتيجيا بل نهجا عمليا يستخدم القوة الجوية، والنهج العملي هو البدء في استهلاك النهج الاستراتيجي الذي يتعلق بالهدف السياسي النهائي”. وأضاف أندرياس كريج: “إن أفضل ما يمكن لإسرائيل أن تأمل فيه هو شيء يشبه الحملة ضد حزب الله، والتي ربما حققت نجاحا قصير الأمد، حيث نجحت بشكل كبير في تفكيك شبكة حزب الله”.
إيران تُشبهها كثيرا من حيث أن استراتيجيتها الدفاعية مبنية على شبكة لامركزية، لا يُجدي استئصال هذا النوع من الشبكات نفعا. يُمكن القضاء على عُقد رئيسية، لكن أقصى ما يُمكن أن تأمله إسرائيل من قتل خامنئي هو إثارة أزمة خلافة، وهو أمر كان مُتوقعا على أي حال.
في حالة فشل التدخل الأميركي لدعم الحملة الإسرائيلية، فمن المرجح أن تواجه إسرائيل تحديات متزايدة وسط مؤشرات على أن مخزونها من بعض أنظمة الاعتراض الصاروخي بدأ ينخفض. ومن المرجح أن يؤدي إرهاق الطاقم أثناء الطلعات الجوية طويلة المدى، ودورات صيانة الطائرات، واستنفاد قوائم الأهداف المعدة مسبقا إلى إضعاف قدرة إسرائيل على الحفاظ على صراع مطول بالمستوى الحالي المرتفع من الشدة. وسوف تستغل طهران أي انخفاض في الإمدادات للإيحاء للإيرانيين بأنها نجحت في تجاوز أسوأ ما في العاصفة.
حتى لو أُرغمت إيران على التوصل إلى اتفاق نووي، فإن إسرائيل قد تجد أن هذا الاتفاق يأتي بتكاليف خفية باهظة، ليس أقلها إمكانية بقاء نظام لديه كل الأسباب ليكون أكثر عداء لإسرائيل والإسرائيليين، وربما الكشف عن حدود القوة العسكرية الإسرائيلية.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=105324