خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI.
اعتمد وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي في بروكسل أهدافا جديدة للقدرات العسكرية لأعضاء الحلف البالغ عددهم 32 عضوا. وتمثل هذه الأهداف زيادةً ملحوظةً في القدرات العسكرية للشركاء الأوروبيين. وتُحدد هذه الأهداف كل أربع سنوات، وتتضمن إرشاداتٍ لكيفية تطوير الحلفاء لقواتهم المسلحة بشكل أكبر لتحقيق مهامهم ضمن الحلف.
الدفاع الجوي والصاروخي والأسلحة بعيدة المدى
تفاصيل الأهداف سرية للغاية. ومع ذلك، وبالنظر إلى التهديد الذي تشكله روسيا، تحدث الأمين العام لحلف الناتو مارك روته عن أهداف “طموحة” تمثل “قفزة هائلة إلى الأمام”. وينصب التركيز على الدفاع الجوي والصاروخي، والأسلحة بعيدة المدى، والخدمات اللوجستية. ووفقا لأجهزة الاستخبارات، ورغم الحرب المستمرة ضد أوكرانيا، قد تكون روسيا مستعدة لحرب ضد دولة عضو في الناتو في غضون بضع سنوات.
وصف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس المشروع بأنه “مشروع ضخم”. وقال بيستوريوس في بروكسل: “إن الجيش الألماني وحده سيحتاج إلى ما يصل إلى 60 ألف جندي إضافي في الخدمة الفعلية لتلبية متطلبات حلف شمال الأطلسي. ووفقا لوزارة الدفاع الألمانية، يخدم 182 ألف رجل وامرأة في الجيش الألماني.
هل يعود التجنيد الإجباري؟
تابع بيستوريوس قائلا: “إن ألمانيا ستُشكّل وحدات عسكرية كبيرة جديدة في السنوات القادمة وتُجهّزها تجهيزا كاملا”. ومن غير الواضح ما إذا كان بالإمكان تلبية الاحتياجات الإضافية من الأفراد من خلال الخدمة العسكرية التطوعية. ومع ذلك، قال بيستوريوس: “إن التجنيد الإجباري غير مُجد إطلاقا؛ لأننا لا نملك الإمكانيات اللازمة سواء في الثكنات أو في التدريب”.
في اجتماعهم في بروكسل، يستعد وزراء الدفاع لقمة حلف شمال الأطلسي، التي ستعقد في لاهاي في الفترة من 24 إلى 26 يونيو 2025. وسوف يتركز التركيز هناك على زيادة الإنفاق الدفاعي في الدول الأعضاء الأوروبية.
يتوقع وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أن يتفق أعضاء حلف الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من ناتجهم الوطني، كما طالبت واشنطن. وصرح هيجسيث في بروكسل: “أن هذا سيحدث، فالجاهزية القتالية شرط أساسي لنجاح التحالف”. بعد توليه منصبه في يناير 2025، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حلفاء الناتو بوقف المساعدات إذا انخفض إنفاقهم العسكري بشكل كبير.
إسبانيا وبلجيكا تعارضان
يدعو اقتراح قدّمه الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، دولَ الحلف إلى إنفاق ما لا يقل عن 3.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الإنفاق الدفاعي، و1.5% من ناتجها الاقتصادي على البنية التحتية المتعلقة بالدفاع بحلول عام 2032. وقد وافقت ألمانيا وفرنسا بالفعل على هذا الاقتراح. وتُعتبر دول مثل إسبانيا وبلجيكا معارضةً لهذه الأهداف الطموحة.
معارضة دول مثل إسبانيا وبلجيكا تُنبئ بصراع داخلي مستقبلي في الحلف حول تقاسم الأعباء وأولويات الإنفاق؛ لإنها تعتقد أن رفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% وربما 5% من الناتج المحلي، كما تطالب الولايات المتحدة، سيخلق ضغوطا مالية هائلة على الاقتصادات الأوروبية.
يسعى القادة الأوروبيون جاهدين لتعزيز دفاعاتهم ضد أي هجوم روسي محتمل، بعد أن أوضحت إدارة ترامب منذ توليها السلطة أن الولايات المتحدة لم تعد راغبة في أن تكون الضامن الرئيسي لأمن أوروبا.
أوضح أنطونيو كوستا: “إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، التركيز على القضية الرئيسية”. وتابع كوستا: “القضية الرئيسية هي رغبة الولايات المتحدة في إعادة التوازن في تقاسم أعباء الدفاع الأوروبي. هذه هي القضية الرئيسية الحقيقية”.
وأضاف كوستا: “لقد قررت الولايات المتحدة، أن لديها أولويات استراتيجية جديدة، وعلينا أن نتفق معها على كيفية إعادة التوازن في تقاسم أعباء الدفاع الأوروبي خلال السنوات القادمة بأكثر الطرق عدلا وفعالية، مع مراعاة مخاوف بالغة الأهمية، عدم تقويض التأثير الرادع للمادة الخامسة من معاهدة الناتو”.
أكد كوستا: “قبل بضع سنوات، كان يُنظر إلى تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية على أنه تقويض لحلف الناتو، لكن هذا الإجراء نفسه يُنظر إليه الآن على أنه أفضل سبيل للحفاظ على العلاقة عبر الأطلسي”.
يعتقد مخططو حلف شمال الأطلسي أن الأهداف يجب أن تتحقق في غضون خمس إلى عشر سنوات، نظرا للسرعة التي تبني بها روسيا قواتها المسلحة، والتي سوف تتسارع إذا تم التوصل إلى أي اتفاق سلام لإنهاء حربها في أوكرانيا.
يمكن القول أن الحلف الأطلسي يدخل مرحلة جديدة من “الردع المتعدد الأقطاب”، حيث تتشارك الولايات المتحدة والدول الأوروبية في الحفاظ على الأمن الجماعي، دون أن تكون واشنطن وحدها مسؤولة عن ذلك.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=104982