الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ موقف دول أوروبا “الترويكا” من البرنامج النووي الإيراني

مايو 28, 2025

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (25)

لعبت الدول الأوروبية، ولا سيما أعضاء الترويكا (المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا)، لسنوات، دورًا حاسمًا في الجهود الدبلوماسية لتنظيم البرنامج النووي الإيراني ، إلا أن غياب مشاركتها المباشرة في جهود إحياء الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتخدة يُثير الشكوك حول مستقبل المحادثات والدور الذي ستلعبه أوروبا في هذا المشهد الدبلوماسي الجديد.

دول “الترويكا”: الدور الوسيط وتفادي التصعيد

شكلت أوروبا ممثلة بدول الترويكا :المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا (E3) طرفًا محوريًا كمفاوض بين إيران والولايات المتحدة في الفترة التي سبقت خطة العمل الشاملة المشتركة، داعيةً إلى الحوار بدلًا من المواجهة. وعلى عكس موقف الولايات المتحدة الأكثر عدوانية، سعى الاتحاد الأوروبي إلى الموازنة بين المخاوف الأمنية والحلول الدبلوماسية، ويتجلى ذلك في دوره في التوسط في خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015 التي وقعت عليها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والصين . واعتبر الاتحاد الأوروبي الاتفاق خطوة حاسمة نحو منع الانتشار النووي مع الحفاظ على العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إيران.  ومع ذلك، فإن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، وما تلاه من تسريع إيران لتخصيب اليورانيوم، قد أثقل كاهل هذه الجهود، مما وضع الاتحاد الأوروبي في موقف صعب بين الحفاظ على نهجه الدبلوماسي ومعالجة المخاوف الأمنية.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها القوى الأوروبية، وخاصة فرنسا، لإعادة الولايات المتحدة وإيران إلى طاولة المفاوضات، إلا أن هذه المحاولات فشلت بسبب انعدام الثقة بين الطرفين. وفي ظل العقوبات الأمريكية الشديدة، أنشأت أوروبا آلية اتصال INSTEX وهي اختصار لـ “أداة دعم التبادلات التجارية”. لتجاوز العقوبات، لكن هذه الآلية فشلت بسبب التحالف الاقتصادي لأوروبا مع الولايات المتحدة.

ورغم هذه المحاولات، أوقفت إيران التزامها عام 2019 ومنذ ذلك الحين، أصبح التصعيد هو السائد.  وقد أشار الاتحاد الأوروبي في أكثر من مناسبة إن إيران تخلت تدريجيًا عن التزاماتها المتعلقة بالبرنامج النووي بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة منذ 1 يوليو 2019، وزادت من انتهاكاتها المنهجية للخطة على أساس “القانون النووي الاستراتيجي” الذي صدر في ديسمبر 2020. زادت إيران إنتاجها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وبدأت في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المائة، وتخلت عن الحدود المتفق عليها للبحث والتطوير على أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، واستأنفت تخصيب اليورانيوم في محطة فوردو تحت الأرض، وقللت من الشفافية فيما يتعلق ببرنامجها النووي من خلال تقييد وصول المفتشين وبدأت تجارب لاستخراج معادن اليورانيوم دون مبرر مدني معقول.

عقب إعلان الإدارة الأمريكية برئاسة بايدن عزمها على العودة إلى الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات الثانوية المتعلقة بالملف النووي التي فرضتها الإدارة السابقة، عُقدت مفاوضات بين المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة والولايات المتحدة في فيينا من أبريل إلى يونيو 2021 ومن نوفمبر 2021 إلى مارس 2022، حيث تم خلالها وضع الخطوط العريضة لاتفاق بشأن هذه القضايا. ومع ذلك، رفضت إيران في نهاية المطاف حزم التسوية التي قدمتها هيئة العمل الخارجي الأوروبي في مارس وأغسطس 2022 كمنسق، مما حال دون استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة. ونظرًا لانتهاكات إيران الكبيرة والمستمرة لخطة العمل الشاملة المشتركة، أبقت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث على العقوبات المتعلقة بالملف النووي على مستوى الاتحاد الأوروبي وبموجب قانون المملكة المتحدة، على الرغم من أنه كان من المقرر إلغاؤها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة في يوم الانتقال 18 أكتوبر 2023. ولا تعني هذه الخطوة نهاية خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكن يمكن التراجع عنها إذا أوفت إيران بالتزاماتها بموجب الاتفاق.

تدهورت العلاقات الثنائية بين إيران والدول الأوروبية تدريجيًا. وتراجعت الثقة المتبادلة، مع تصاعد التوترات عقب حرب أوكرانيا واتهام طهران  بنقل مساعدات عسكرية لدعم روسيا.

التصعيد بالموقف الأوروبي وزيادة الضغط على إيران

أصبح انعدام الثقة بين الجانب الأوروبي والحانب الإيراني  واضحًا عندما دفعت دول مجموعة الثلاث في 21 نوفمبر 2025 بمشروع قرار يأمر مفتشية الطاقة النووية بإعداد تقرير شامل عن الأنشطة النووية الإيرانية ــ وهي الخطوة الضرورية لتمكين الدول الأوروبية في  خريف 2025 من إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي فرضت على إيران قبل توقيعها على الاتفاق النووي لعام 2015.

وقد عبّر رئيسا جهازي الاستخبارات الفرنسي والبريطاني عن قلقهما من برنامج إيران النووي في   30 نوفمبر 2024 ، مُصرّحين بأن برنامج طهران النووي “يُهددنا جميعًا”. قال رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية، نيكولا ليرنر، إنه من المتوقع أن يكون خطر الانتشار النووي الإيراني “التهديد الأشد” في الأشهر المقبلة. وأضاف مور أن طموحات النظام الإيراني النووية “لا تزال تهددنا جميعًا” على الرغم من سلسلة الضربات التي وُجهت في الأشهر الأخيرة إلى أذرع طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

أصدرت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا في ديسمبر 2024، بيانا أعربت فيه عن قلقها الشديد إزاء قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم. وأضافت “نحن نحث إيران بشدة على التراجع عن هذه الخطوات ووقف التصعيد النووي على الفور”. وجاء هذا البيان بعد أن أعلن رافائيل جروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى (60%)، وهو ما يقترب من مستوى (90%) اللازم لإنتاج سلاح.

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يناير 2025، إن تسريع البرنامج النووي الإيراني “يقربنا كثيرا من نقطة الانهيار”، مضيفا أن شركاء الاتحاد الأوروبي في الاتفاق النووي يجب أن يفكروا في إعادة فرض العقوبات إذا لم يكن هناك تقدم من جانب طهران في معالجة المخاوف.

وكانت قد ظلت الرقابة والتحقق المناسبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبرنامج إيران النووي غائبتين لسنوات. إلا أن تقرير الوكالة الصادر في مارس 2025 أفاد بأن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة مقلقة بلغت (50%). علاوة على ذلك، فإن إجمالي مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران يبلغ الآن نحو (40)  ضعف الحد الذي وافقت عليه بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.

لم يُجامل وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي في 28 أبريل 2025، حيث قال: “إذا تم المساس بمصالح الأمن الأوروبي، فلن نتردد لحظة واحدة في إعادة فرض جميع العقوبات التي رُفعت قبل عشر سنوات”. وقد فُسّرت هذه العبارة في طهران على أنها إنذار صارم. أمن دولي ـ مستقبل البرنامج النووي الإيراني في ظل الإدارة الأميركية الجديدة

مفاوضات أمريكية إيرانية ثنائية 

مع ولاية ترامب الجديدة، تدفع الولايات المتحدة نحو اتفاق شامل مع إيران. وقد هدد ترامب بشن ضربات عسكرية على المواقع النووية الإيرانية إذا فشلت الدبلوماسية. وبدأت المفاوضات رفيعة المستوى في 12 أبريل 2025 في عُمان . ومع ذلك، استمر الجانبان في التهديد باستهداف المواقع العسكرية واللوجستية المهمة لبعضهما البعض. وإذا فشلت الدبلوماسية، فقد أصدر ترامب تهديدات مبطنة بضربات عسكرية من قبل إسرائيل على المواقع النووية الإيرانية تحت إشراف الولايات المتحدة. وفي المقابل، تعهدت طهران بالرد إذا تعرضت مواقعها النووية للتهديد ، مما أثار مخاوف الدول الأوروبية. ومع انشغال أوروبا بحرب أوكرانيا والتعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، فإن أي حرب جديدة محتملة في الشرق الأوسط تزيد من تهديدات الطاقة والأمن في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

ردّ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، على المفاوضات غير المباشرة الجارية في عُمان في 29 ابريل 2025 بأنّ فرنسا،  بالتعاون مع ألمانيا والمملكة المتحدة وحلفاء آخرين، ستضمن توافق أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة مع المصالح الاستراتيجية الأوروبية، لا سيما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وأضاف: “ننتظر تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة، وهو تقرير من شأنه أن يُوضّح بدقة مستوى التقدم المُحرز في هذا البرنامج”، مُشدّدًا على ضرورة الشفافية والرقابة في هذه العملية.

المخاوف الأوروبية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية

لدى مجموعة الترويكا (E3)  مخاوف جدية بشأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية. من ناحية، يخشون أن يكون الاتفاق النووي المستقبلي ضعيفًا للغاية من الناحية الفنية. قد تسمح القيود الغامضة على التخصيب أو إجراءات التحقق الضعيفة لإيران ببناء أسلحة نووية دون اكتشافها. كما يعتقدون أن إدارة ترامب قد تفوت فرصة وضع ضوابط على الأنشطة الإيرانية الأخرى، بما في ذلك صواريخها ومنع نقل الأسلحة إلى روسيا. على العكس من ذلك، تخشى مجموعة الترويكا الأوروبية أيضًا من أن تنهار هذه المفاوضات بسبب المطالب الأمريكية المتطرفة والرسائل المتضاربة ونقص الخبرة الفنية وتراجع اهتمام ترامب. قد يمهد هذا الطريق لهجمات عسكرية إسرائيلية أمريكية مشتركة ضد إيران، والتي قد تكون عواقبها مزعزعة للاستقرار مثل الغزو الأمريكي غير المدروس للعراق عام 2003. أمن دولي ـ ما أسباب تهميش الأوروبيين في محادثات أميركا وإيران حول الملف النووي؟

الترويكا الأوروبية واستئناف المحادثات مع إيران

في ظل المفاوضات النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن، التقى نائبا وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، بنظرائهم الأوروبيين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ما يُعرف بمجموعة الترويكا الأوروبية في الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) في 16 مايو 2025 في إسطنبول. وقد ركّزت النقاشات على مستقبل الاتفاق النووي لعام 2015، ووضع المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والجهود الجماعية لتفادي مزيد من التصعيد عبر الدبلوماسية.

رغم أن ثلاث جولات سابقة من المشاورات بين طهران والترويكا الأوروبية عُقدت في 29 نوفمبر 2024، و13 يناير و24 فبراير 2025، شكّل اجتماع إسطنبول لحظة محورية: أول تواصل منذ استئناف الحوار غير المباشر بين إيران والولايات المتحدة. الأمر الجوهري هو أن الاتحاد الأوروبي، تمامًا كما في عملية السلام الأوكرانية، وجد نفسه مُستبعدًا من قِبل واشنطن. وقد زاد هذا الإقصاء من إلحاح بروكسل لاستعادة دورها ضمن إطار المفاوضات النووية، حتى ولو عنى ذلك لعب دور المخرّب.

في صميم قمة إسطنبول تكمن “آلية العودة التلقائية” (الزناد)، أداة مضمّنة في الاتفاق النووي تتيح لأي طرف موقّع إعادة فرض جميع العقوبات الأممية التي كانت قائمة قبل توقيع الاتفاق عام 2015. وقد كان من المفترض أن تكون هذه المادة ضمانًا، لكنها باتت اليوم تهديدًا جيوسياسيًا.

ومع اقتراب انتهاء أمد الاتفاق في تشرين الأول/أكتوبر 2025، تخشى طهران أن تبادر الترويكا الأوروبية إلى تفعيل الآلية هذا الصيف، متذرعة بتجاوز إيران نسبة تخصيب 60% وتراكم مخزونها من اليورانيوم المخصب.

سيناريو تفعيل “آلية العودة التلقائية”

مع اقتراب موعد أكتوبر 2025، سرّعت إيران وتيرتها في الانخراط مع أعضاء مجموعة 4+1 المتبقين—الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا، وألمانيا. وقد عززت الاجتماعات الثلاثية مع موسكو وبكين استراتيجية طهران لبناء مظلة دبلوماسية متعددة الأطراف في وجه الضغوط الأمريكية والأوروبية.

ومع ذلك، تبقى آلية العودة التلقائية أقوى ورقة في يد الترويكا الأوروبية. فبحسب المادة 36 من الاتفاق النووي، يمكن لأي طرف تصعيد نزاع يتعلق بالامتثال إلى مجلس الأمن الدولي، دون الحاجة إلى تصويت أو توافق، ما يُبطل فعليًا أي فيتو روسي أو صيني. وإذا ما تم تفعيل الآلية، فستُعاد تلقائيًا جميع العقوبات الأممية السبعة التي كانت قد رُفعت، وهو سيناريو ستكون له تداعيات كارثية على الاقتصاد الإيراني واستراتيجيتها الإقليمية الأشمل.ونظرا لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران فإنها لا تستطيع تفعيل آلية “العودة السريعة” للعقوبات، المعروفة باسم “سناب باك”، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهذا يجعل الترويكا الأوروبية، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، الدول الوحيدة المشاركة في الاتفاق القادرة على السعي إلى تفعيل هذه الآلية.

ويُرجّح محللون أن تسعى الترويكا الأوروبية إلى تفعيل الآلية في يوليو أوأغسطس، بهدف تعظيم الضغط الدبلوماسي وكسب الوقت للتأثير على الرأي العام الدولي. وإن حدث ذلك، فمن المرجّح أن تفعّل طهران تهديدها بالخروج من معاهدة حظر الانتشار، وهو تهديد تكرّر منذ عام 2019. أمن دولي ـ محادثات أوروبية إيرانية بشأن البرنامج النووي

تقييم وقراءة مستقبلية

ـ تلعب الترويكا الأوروبية دورًا محوريًا في الملف النووي الإيراني بصفتها طرفًا رئيسيًا في اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015. ورغم العقوبات والنكسات الدبلوماسية، بدءًا من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، وما تلاه من تسريع إيران لتخصيب اليورانيوم،  واصل الاتحاد الأوروبي الدعوة إلى الحوار، مُدركًا أن استقرار إيران أمرٌ حيويٌّ للأمن الأوروبي والمصالح الاقتصادية.

ـ تحاول أوروبا الترويكا الحفاظ على خط التوازن بين منع انهيار الاتفاق النووي ومنع إيران من تطوير سلاح نووي، إلا أن تشدد واشنطن ومراوغة طهران يضعفان أدواتها ويقيدان تأثيرها، مما يرجّح تراجع دورها مستقبلاً لصالح المحور الأميركي-الإسرائيلي.

ـ شكلت رئاسة ترامب الثانية تحديًا لأوروبا بشأن المخاوف الأمنية المتعلقة بحلف الناتو وأوكرانيا، وفرضت في الوقت نفسه رسومًا جمركية على الدول الأوروبية. ورغم أن أوروبا والولايات المتحدة تتشاركان مخاوف مشتركة بشأن حرب غزة والبرنامج النووي الإيراني، إلا أن الرئيس ترامب فضّل المحادثات الأحادية الجانب مع إيران على الدبلوماسية متعددة الأطراف. وبما أن سياسات ترامب تعكس بشكل متزايد أولويات التعامل، ينبغي على أوروبا تبني سياسة أكثر حزمًا واستقلالية في الشرق الأوسط.

ـ في غياب خطة العمل الشاملة المشتركة واتفاق بديل، قد تُقرر طهران المضي قدمًا في برنامجها النووي. ويبدو هذا الاحتمال أكثر ترجيحًا بعد عام شهد تقويضًا حادًا لقدرة إيران على الردع، حيث ضعفت قوى “محور المقاومة” بقيادة طهران، مثل حماس وحزب الله، بشكل ملحوظ بسبب صراعاتها مع إسرائيل. وانهار نظام الأسد الموالي لإيران في سوريا. وأظهرت الضربات الإسرائيلية في أبريل وأكتوبر 2024، التي استهدفت الدفاعات الجوية الإيرانية، مدى انكشاف طهران نفسها. فيما زادت إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة من حدة التوتر بعدما أعاد فرض عقوبات الضغط الأقصى في أسابيعه الأولى في منصبه. في غضون ذلك، ضغطت إسرائيل على إدارته لدعم توجيه ضربات مباشرة للبرنامج النووي الإيراني، مما يُنذر بتصعيد عسكري كبير.

ـ تهميش الأوروبيين في المحادثات الأميركية-الإيرانية قد يؤدي إلى اتفاقات منفصلة لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأوروبية، ويضعف قدرة الاتحاد الأوروبي على التأثير في قضايا الأمن الإقليمي. ومع ذلك، فإن الأوروبيين يستطيعون استعادة دورهم من خلال استثمار أوراقهم الاقتصادية والشرعية الدولية، والتحرك بفعالية كمجموعة موحدة في أي تسوية مستقبلية.رغم الدور التقليدي الذي لعبته أوروبا، ولا سيما الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، في المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى تهميش متزايد للدور الأوروبي في أي مفاوضات أميركية-إيرانية محتملة، خصوصًا في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية. وقد بدا واضحًا أن واشنطن وطهران تتجهان إلى صيغة محادثات ثنائية، تتجاهل إلى حد بعيد الأوروبيين الذين يمتلكون ورقة ضغط اقتصادية ودبلوماسية مهمة.

ـ تخوض الترويكا الأوروبية سباقاً بين الحل الدبلوماسي، أو فرض عقوبات جديدة على إيران، إذا لم تصل المحادثات النووية بين طهران والولايات المتحدة من جانب، والأوروبيين من جانب آخر إلى “نهاية سعيدة”. إذ يهدّد الأوروبيون بفرض عقوبات عليها من دون الحديث عن أي عمل عسكري، وهو ما يتمايزون به عن واشنطن، التي ما زالت تستخدم سياسة العصا والجزرة مع طهران.

ـ بعد استئناف المحادثات الأوروبية الإيرانية، فإن الدول الأوروبية في وضع جيد لإعادة ترسيخ دورها التاريخي كوسيط بين إيران والولايات المتحدة. وبالبناء على خبرتها الممتدة لعقود في التعامل مع طهران، وإيجاد أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة، يمكن لأوروبا أن تبدأ مفاوضات جديدة حول اتفاق جديد. ويمكن لعلاقاتها القوية مع إسرائيل ودول الخليج العربية أن تساعد في تحقيق توافق إقليمي لتجنب مآزق الماضي وبناء اتفاق أكثر مرونة.

ـ كل ما سبق يجعل عام 2025 عامًا حاسمًا لبرنامج إيران النووي ولأمن منطقة الشرق الأوسط عمومًا. فبدون مخرج، قد تُسارع إيران إلى تسليح برنامجها النووي، أو قد تتعرض لهجوم، أو كليهما.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=104725

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

هوامش

Recent US-Iran talks on a new nuclear deal

https://2u.pw/dUEGh

Iran, Europeans hold nuclear talks, agree to more, diplomats say

https://2u.pw/l7Cdp

Iran, European powers meet amid tensions over nuclear deal

https://2u.pw/S8ngX

The US and Iran are on the road to escalation. Europe can and should create an off-ramp

https://2u.pw/2OqQB

How Europe can influence Trump’s deal-making with Iran

https://2u.pw/P4hnF

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...