خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ECCI، وحدة الدراسات والتقارير “1”
ترى الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) بعد الهجمات التي نفذها الجيشان الإسرائيلي والأمريكي على إيران، أن إيران قد تتمكن من استئناف تخصيب اليورانيوم في غضون أشهر قليلة فقط. فقد صرّح المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، في مقابلة مع قناة CBS الأمريكية يوم 27 يونيو 2025، بأن البرنامج النووي الإيراني لم يُدمّر بالكامل، وذلك بحسب نص المقابلة الذي نُشر يوم 28 يونيو 2025.
وقال غروسي إن الإيرانيين يمكنهم أن يستأنفوا تشغيل بعض سلاسل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم “في غضون أشهر” أو حتى “أقل من ذلك”. وأضاف أنه لا يُعرف حتى الآن ما الذي حدث بعد القصف بحوالي 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية تصل إلى 60%، والتي كانت إيران قد خزّنتها سابقًا. وأردف: “نحن لا نعرف أين يمكن أن يكون هذا المادة الآن”.
وأشار غروسي إلى أنه إذا تم تخصيب هذا اليورانيوم إلى مستوى 90%، فإنه يكفي لصناعة تسع قنابل نووية على الأقل. وأوضح أن جزءًا من هذا المخزون ربما دُمّر في الهجمات، لكنه أضاف: “من الممكن أن يكون قد تم نقل جزء منه إلى مكان آخر”، في مقابلة ستُبث كاملة يوم الأحد على قناة CBS. وأكد أن مسألة تحديد مكان هذه المواد النووية لا تزال بحاجة إلى توضيح.
وفي خطوة تصعيدية، صوّت البرلمان الإيراني على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفضت طهران السماح لمفتشي الوكالة بزيارة المنشآت النووية التي تضررت خلال الهجمات. وكانت إسرائيل قد شنت هجومًا واسع النطاق على إيران في 13 يونيو، معللة ذلك بتقدم البرنامج النووي الإيراني وتطور برنامج الصواريخ. وردًا على ذلك، شنت إيران موجات من الهجمات المكثفة على إسرائيل.وفي وقت لاحق، دخلت الولايات المتحدة الحرب بين إيران وإسرائيل، ونفذت ضربات جوية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية في فوردو، نطنز، وأصفهان. وفي أعقاب ذلك، تم التوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجانبين بعد 12 يومًا من القتال.
ولا يزال الجدل قائمًا حول مدى الضرر الذي ألحقته الهجمات بالبرنامج النووي الإيراني. فقد أفادت وسائل إعلام أمريكية، استنادًا إلى تقارير استخباراتية أولية، أن الهجمات لم تُؤخر البرنامج النووي الإيراني سوى لبضعة أشهر فقط، وأن أجهزة الطرد المركزي والمخزونات من اليورانيوم المخصب لم تُدمر بالكامل. في المقابل، رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه التقارير، واعتبرها “أخبارًا كاذبة”، مؤكدًا أن البرنامج الإيراني تراجع لعقود نتيجة الضربات.
وجدد ترامب يوم 28 يونيو 2025 موقفه، وقال إن إيران لم تنقل مخزونها من اليورانيوم قبل الهجمات. وأضاف في مقتطفات نُشرت مسبقًا من مقابلة مع برنامج “صنداي مورنينغ فيوتشرز” على قناة فوكس نيوز: “هذا أمر صعب للغاية، ونحن لم نعطِهم أي إنذار مُسبق تقريبًا”، مؤكدًا: “لم ينقلوا شيئًا على الإطلاق”. من جانبه، دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم السبت إلى إرسال مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران. وقال في منشور له على منصة X (تويتر سابقًا) إن الولايات المتحدة تدعم عمليات التحقق والمراقبة التي تقوم بها الوكالة الدولية على البرنامج النووي الإيراني، مشيدًا بـ “الجهود والمهنية العالية” التي يبديها غروسي وفريقه.
ربما لا تزال إيران قادرة على إنتاج قنبلة نووية
أكد جاكوب كيركيغارد خبير في السياسة الخارجية والباحث البارز في معهد بروغل: “أنه رغم الضربات الأمريكية، قد لا تزال إيران قادرة على امتلاك برنامج نووي”. وأضاف: “أن العديد من الدول الأوروبية تُرحّب بالعملية سرا، مما يُضعف روسيا”. وأكد كيركيغارد: “إن تغيير النظام وحده هو الذي سيحيد تماما التهديد الذي تشكله إيران بتطوير الأسلحة النووية، مهما كانت عملية مطرقة منتصف الليل ناجحة، على الرغم من أنها ستعزز الدعم لترامب محليا”.
بحسب الخبير كيركيغارد: “إن إيران قد تختار الرد إما على القواعد الأميركية بقتل عدد من الجنود الأميركيين، أو على منشآت النفط الخام، إما بضرب وسائل النقل عبر مضيق هرمز أو بعض المنشآت في دول الخليج العربية المجاورة لإيران”. لكن كيركيغارد يعتقد: “أن كلا الخيارين احتمال ضعيف لأن إيران في وضع عسكري ضعيف تقريبا”.
يرى كيركيغارد: “إن وكلاء إيران، مثل حماس وحزب الله والحوثيين، أصبحوا أضعف، وقد تنضم الولايات المتحدة إلى حملة عسكرية أوسع إذا ضربت إيران أهدافا أميركية”. وتابع: “هذا هو خطر أن يعلم الإيرانيون أن ترامب أثبت استعداده للضغط على الزناد، وعليهم أن يأخذوا الأمر على محمل الجد، لا أعتقد أننا نتجه نحو مزيد من التصعيد، ولكن من ناحية أخرى، هل يُقرّب هذا من التوصل إلى تسوية سلمية تفاوضية أو العودة إلى نظام مراقبة نووية دولي متفق عليه، أشبه باتفاقية نووية مشتركة ثانية؟”.
وتأبع قائلا: “يكمن الخطر في اعتقادي في أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية سترغب الآن في اتفاقية نووية مشتركة أكثر شمولية، قد توافق عليها إيران أو لا توافق عليها، لذا أعتقد أن إمكانية تسريع التحرك السلمي قائمة، ولكنها غير مؤكدة على الإطلاق”.
أوضح كيركيغارد: “لا أحد يعلم حجم الضرر الذي لحق بالمواقع النووية الإيرانية، وأنه في حال تعطيل منصتي نطنز وأصفهان، فسيُصعّب ذلك تخصيب اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة، لكن هذا قد لا يكون ذا أهمية كبيرة”.تشير أحدث البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران تمتلك حوالي 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، بنسبة تصل إلى 60%. وهذا إذا زاد تخصيبه، يكفي لإنتاج سلاح نووي، شريطة امتلاك الخبرة التقنية اللازمة لذلك. لا توجد معلومات كافية إن كانت إيران تمتلك هذه الخبرة، ولكن حتى لو نجح في تدميرها، لن يُدمر البرنامج النووي الإيراني.
أضاف كيركيغارد: “أن إيران ربما لا تزال قادرة على صنع قنبلة نووية، وذلك بفضل وجود كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية مخبأة في البلاد. وتظل إيران قوة على عتبة الطاقة النووية، ربما ليست قريبة من ذلك تماما كما كانت قبل، ولكنها دولة قادرة، إذا قرر النظام أن يبذل قصارى جهده لإنتاج قنبلة نووية، على أن تظل قادرة على القيام بذلك”.وأوضح كيركيغارد: “أنه نتيجة لذلك، لن يكون هناك حل عسكري للبرنامج الإيراني إلا إذا حدث تغيير في النظام في البلاد. وإنه على الرغم من تطلع ترامب إلى أن يكون صانع سلام في أوكرانيا، فإنه سيُذكر باعتباره الرئيس الذي قصف إيران”.
يقول كيركيغارد: “الشيء الوحيد الذي أعتقد أنه سيبقى مترددا بشأنه، وهو ليس أكثر ترددا من أي رئيس آخر، هو أنه لن يكون هناك تدخل بري، ولن يكون هناك غزو أمريكي فعلي لإيران، وهو أمر سيكون كارثة على جميع الأطراف المعنية”.أكد جاكوب كيركيغارد: “إن أوروبا لن تكون ذات أهمية في الصراع، لكن العديد من الزعماء في القارة سعداء لأن إسرائيل، إلى جانب الولايات المتحدة، تعمل على تدمير البرنامج النووي والصاروخي الإيراني”.
يعتقد كيركيغارد: “أنه يجب علينا القول إن الفرصة القصيرة للدبلوماسية الأوروبية التي أتيحت لنا مع اجتماع جنيف لم تُسفر عن أي نتيجة. أبلغ الإيرانيون وزراء خارجية مجموعة الدول الأوروبية الثلاث أنهم غير مهتمين بالسعي إلى اتفاق يُجمّد تخصيب اليورانيوم تماما، والحقيقة هي أن أوروبا غير ذات صلة بهذا الصراع”. أضاف كيركيغارد: “أن أوروبا منقسمة بشدة بشأن هذه القضية”.