المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا
إعداد : رشا عمار
أمن دولي ـ احتمالات استخدام الأسلحة البيولوجية أو النووية في الحروب
تصاعدت التحذيرات جراء المخاطر المحتملة لاستخدام الأسلحة البيولوجية أو النووية بالتزامن مع الحرب الأوكرانية التي بدأت في24 فبراير 2022، في ضوءالاتهامات المتبادلة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وأوكرانيا من جهة آخرى، باستغلال معامل بيولوجية لحسم الحرب، وأيضاً التهديدات التي جاءت على لسان الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، بشأن احتمالات تطور الصراع إلى حرب نووية، بحسب ما أوردت عدة مواقع روسية في 4 مارس 2022. الأسلحة البيولوجية في النزاعات والحروب ـ أزمة أوكرانيا أنموذج، بقلم حازم سعيد
مخاطر الأسلحة البيولوجية والنووية في الحروب والنزاعات
بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، تعد الأسلحة النووية أخطر الأسلحة على وجه الأرض. ويمكن للمرء أن يدمر مدينة بأكملها، مما قد يؤدي إلى مقتل الملايين، وتعريض البيئة الطبيعية وحياة الأجيال القادمة للخطر من خلال آثارها الكارثية طويلة المدى. مخاطر مثل هذه الأسلحة تنشأ من وجودها ذاته، وبالرغم من أن الأسلحة النووية لم تستخدم إلا مرتين في الحرب، تفيد التقارير أنه لا يزال هناك حوالي (13080) في عالمنا اليوم، وقد تم إجراء أكثر من (2000) تجربة نووية حتى الآن.
أما الأسلحة البيولوجية على عكس السلاح النووي، يمكن أن تكون متاحة باستخدام موارد مادية قليلة وإمكانيات ضئيلة، والسلاح البيولوجي يعد أحد أشكال أسلحة الدمار الشامل غير التقليدية، وهو ما كان يطلق عليه سابقاً سلاح (العقوبات الذكية)، التي تنشر الأوبئة والجراثيم للقضاء على أكبر قدر ممكن من السكان والبيئة. أهمية الوحدات البايلوجية و الكيميائية و النووية داخل أجهزة الإستخبارات
أقبل المجتمع الدولي على حظر استعمال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية بعد الحرب العالمية الأولى وأكد على هذا الحظر مجدداً في عامي 1972 و1993 عن طريق منع تطوير هذه الأسلحة وإنتاجها وتخزينها ونقلها. وجاءت التطورات الحديثة في العلوم الحيوية والتكنولوجيا البيولوجية، فضلاً عن التغييرات في البيئة الأمنية لتزيد من القلق إزاء احتمالات تجاهل القيود طويلة الأمد المفروضة على استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية أو حتى تقويضها، بحسب الموقع الرسمي للصليب الأحمر الدولي.
قالت وزارة الدفاع الروسية، في 20 مارس 2022، إن واشنطن خصصت (32) مليون دولار لنشاط مختبرات عسكرية أوكرانية في كييف وأوديسا وخاركوف، كما خصص “البنتاغون” (2.6) مليون دولار لدراسة انتقال الأمراض من الخفافيش إلى البشر بأوكرانيا وجورجيا، بحسب وكالة “إنترفاكس” الروسية.
وزعمت روسيا أنها كشفت عن مخطط تقوم به أجهزة الاستخبارات الأوكرانية و”كتيبة آزوف”، وهي وحدة تابعة للحرس الوطني الأوكراني معروفة بتعاطفها مع “النازيين الجدد”، لتفجير محطة نووية للأبحاث بمعهد خاركيف للفيزياء والتكنولوجيا؛ وذلك بغرض اتهام روسيا بأنها تسببت في كارثة بيئية.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية وفقاً لـ”روسيا اليوم”، القبض على طيور مرقمة تم إطلاقها من المختبرات البيولوجية في أوكرانيا. وأعلن “إيغور كوناشينكوف” المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، أن الهدف من الأبحاث البيولوجية التي كانت تمولها واشنطن في أوكرانيا إنشاء آلية سرية لنشر مسببات الأمراض الفتاكة. وباتت معروفة تفاصيل لدى موسكو مشروع ” P-4″، الذي تم تنفيذه بمشاركة مختبرات في “كييف وخاركوف وأوديسا” خلال فترة حتى عام 2020.
دور منظمة الصحة العالمية وقت الحروب
تأسست المنظمة قبل أكثر من سبعين سنة لتقوم بدور ريادي لمساعدة الشعوب في الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من الصحة، وتلعب المنظمة دوراً هاماً في تقديم الدعم الصحي للشعوب في أوقات الحروب والنزاعات والكوارث البيئية، كما تقدم المنظمة دعماً خاص للاجئيين من خلال برامج للرعاية وإعادة التأهيل. كما تنشط المنظمة بشكل استثنائي في مناطق الحروب لرصد الاعتداءات المتكررة على مناطق الرعاية الصحية أو متابعة حالات المصابين والمتضررين من الحروب.
دور وكالة الطاقة في الحروب
أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، في11مارس 2022، أن موسكو وكييف “مستعدّتان” للتعاون مع الوكالة لضمان أمن المواقع النووية الأوكرانية التي تواجه مخاطر متزايدة بسبب النزاع العسكري الدائر منذ بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا بحسب العربية. وبالتزامن أعلنت كييف أنها “فقدت كل اتّصال” بمحطة تشيرنوبل للطاقة النووية، بحسب الوكالة التابعة للأمم المتحدة. الأنتربول في مواجهة الإرهاب المعقد، البايلوجي، الكيميائي والنووي
احتمالات سوء استخدام الأسلحة البيولوجية أو النووية في الحروب
حذر البيت الأبيض، في 10 مارس 2022 من إقدام روسيا على استخدام الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية في حربها على أوكرانيا، تحت ذريعة معلومات مضللة تنشرها موسكو، وترددها الصين بشأن وجود مختبرات أسلحة بيولوجية أميركية في أوكرانيا، بحسب موقع الحرة الأمريكي. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن “الولايات المتحدة تمتثل بشكل كامل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية ولا تطور أو تمتلك مثل هذه الأسلحة في أي مكان”، في تغريدة عبر تويتر بتاريخ 11 مارس 2022.
وفي 26 مارس 2022، قال مسؤولون بارزون في الإدارة الأمريكية إن البيت الأبيض شكل فريقاً من الخبراء للخروج بخطط تتعلق بالرد المحتمل للولايات المتحدة إذا ما استخدمت روسيا أسلحة دمار شامل، سواء كيماوية أو بيولوجية أو نووية، خلال غزوها لأوكرانيا. وأثارت روسيا مراراً احتمال استخدام أسلحة نووية في الوقت الذي تكافح فيه للتغلب على الجيش الأوكراني خلال حرب دائرة منذ شهر تصفها الحكومة الروسية بأنها “عملية خاصة”، وقال الكرملين في 20 مارس 2022 إن مثل تلك الأسلحة لن تُستخدم إلا في حالة “التهديد الوجودي”.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج في بروكسل، في 24 مارس 2022، إن هناك مخاوف من أن روسيا ربما تحاول اختلاق ذريعة لأفعالها عن طريق اتهام أوكرانيا وحلفائها باستخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية وكرر ما قاله مسؤولون أمريكيون بأن هذه الاتهامات ذريعة لروسيا للقيام بالمثل. منذ انسحاب واشنطن وموسكو من اتفاقية منع إنتاج ونشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة التي تحمل رؤوساً نووية في أغسطس عام 2019، بات المجال مفتوحاً لسباق التسلح بين دول الحلف وروسيا بعد أن كشفت وثائق مسربة على موقع الجمعية البرلمانية لحلف الأطلسي، أن الولايات المتحدة نشرت (150) قنبلة نووية من طراز “بي 62” في (5) دول تابعة للحلف في أوروبا.
هددت وزيرة الدفاع الألمانية كرامب-كارنباور في 25 أكتوبر 2021 باستخدام الأسلحة النووية لدى الناتو لردع روسيا. وحول مدى احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية تقول الدكتورة باتريشيا لويس مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) إن بوتين صور قراره بشأن القوات النووية على أنه رد فعل دفاعي على فرض العقوبات الاقتصادية على بلاده، ولكن في خارج روسيا ينظر إلى القرار بشكل عام على أنه طريق أمام روسيا لاستخدام أسلحتها النووية في هجوم مفاجىء.
وأوضحت لويس أن أي تحرك لتجهيز ونشر الأسلحة النووية الروسية سوف يكون مرصوداً ومراقباً من جانب الأقمار الاصطناعية للولايات المتحدة وغيرها التي يمكنها الرصد في كل الأجواء رغم وجود سحب أو ظلام دامس. واعتماداً على المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الأخرى – وفي ظل فشل كل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا بالعدول عن تصرفها – قد تقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق تلك الأسلحة بمختلف الوسائل، بحسب تصريحات لموقع دويتش فيله الألماني.
اتفاقيات بين روسيا والناتو حول التسلح النووي
- معاهدة منع التجارب النووية 1963: منع التجارب النووية، أو كما سميت أيضاً بـ “معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية”، هي اتفاقية متعددة الأطراف أُبرمت في العام 1963 بمشاركة 71 دولة – بينهما كل من أمريكا والاتحاد السوفييتي -، ولا تزال سارية حتى يومنا هذا، معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية 1968: نصّت هذه المعاهدة التي وقعت عليها 191 دولة حول العالم، بينها أمريكا والاتحاد السوفييتي، على منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، لتعزيز التعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، أما الهدف البعيد للمعاهدة فهو نزع الأسلحة النووية من جميع الدول مستقبلاً، معاهدة “سالت 1″ و”APM” عام 1972: تعتبر معاهدتا “سالت 1″ و”APM” أول معاهدتين نوويتين مباشرتين تُبرمان بين أمريكا والاتحاد السوفييتي فقط.
- معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى 1987: وقعت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، وتنصّ هذه الاتفاقية على منع دائم وإلغاء فئة كاملة من الصواريخ الباليستية النووية الأمريكية والسوفييتية، التي يراوح مداها بين (500 – 5500) كلم، وبقيت الاتفاقية مستمرة حتى العام 2019، عندما أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب الانسحاب النهائي منها.
- معاهدة “ستارت 1” 1991: تم توقيع اتفاقية “ستارت 1” الثنائية بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا من أجل الحد من الأسلحة النووية الهجومية الاستراتيجية في كل من الدولتين، وقد تم توقيعها في العاصمة الروسية موسكو.
- معاهدة “سورت” 2002: تم التوقيع على معاهدة سورت أو كما سميت بمعاهدة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية في العاصمة الروسية موسكو، وقد اتفقت روسيا وأمريكا خلالها على خفض عدد الرؤوس النووية للصواريخ الطويلة المدى قبل نهاية عام 2012، بمقدار الثلثين، أي بين (1700) إلى (2200 ) رأس نووي. وفقا لتقرير يورو نيووز بعنوات ماهي أبرز المعاهدات النووية الموقعة بين موسكو وواشنطن؟،بتاريخ 22 يونيو 2020
حرب النجوم
تساهم صور تلتقطها أقمار اصطناعية تجارية في بث مجريات الحرب في أوكرانيا بعدما كانت تقتصر سابقاً على وكالات التجسس. وقال كريغ نازاريت، وهو ضابط استخبارات أمريكي سابق بات باحثاً في جامعة أريزونا، لـ”فرانس برس”: “لم تعد الحكومات الطرف الوحيد الذي يمكن الحصول منه على بيانات عالية الدقة من الأقمار الاصطناعية”. وفي بيان، أكد الرئيس التنفيذي لشركة “كابيلا سبيس” Capella Space إنها “تعمل مباشرة مع حكومتي الولايات المتحدة وأوكرانيا وغيرها من الكيانات التجارية لتقديم بيانات حديثة والدعم بشأن النزاع الجاري”. ويذكر ذلك بـ”حرب النجوم”، التي استعرت لسنوات بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، أيام الحرب الباردة، سوى أنها الآن حرب الأقمار الاصطناعية وصُورها عالية الدقة والقادرة على الاتهام وربما الإدانة في مجريات قانونية لاحقة محتملة.
التقييم
في ضوء الحرب الأوكرانية وما فرضته من تهديدات بشأن استخدام الأسلحة النووية والبيولوجية في حسم الصراعات والحروب، تتنامى أهمية الحديث عن اتفاقيات دولية ومعاهدات بشأن تلك الاستخدامات ووضع قيود أكثر صرامة بشأن المخاطر المحتملة للتقليل من احتمالات حدوثها مع التذكير بمدى الخطر الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل على العالم أجمع وليس الدولة أو المنطقة المستهدفة فحسب.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=80929
جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
1- حرب النجوم العرض مستمر!.
https://bit.ly/3DhjGHZ
2- استخدام موسكو أسلحة بيولوجية أو كيميائية في أوكرانيا.
https://arbne.ws/3tSmFnj
3- اتفاقية الأسلحة البيولوجية، موقع الأمم المتحدة.
https://bit.ly/3Ln1L5h
4- وزيرة الدفاع الألمانية تلوح بإمكانية استخدام الناتو “وسائل عسكرية” ضد روسيا.
https://bit.ly/3tF3Gw9
5- هل يمكن أن تلجأ روسيا لاستخدام “النووي”؟ وما سيناريوهات الرد؟
https://bit.ly/3wD0RxD
6- واشنطن تضع خططاً للرد حال استخدام روسيا للنووي أو الكيمياوي.
https://bit.ly/3uqn6UA
7 ـماهي أبرز المعاهدات النووية الموقعة بين موسكو وواشنطن؟