بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات
يتناول الملف بالعرض والتحليل موقف دول الاتحاد الأوروبي من التصعيد ما بين إسرائيل وإيران، كما يتطرق الملف إلى ردود الأفعال الأوروبية من اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، واغتيال قيادات في حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى موقف ودور دول الاتحاد الأوروبي من تهديد جماعة الحوثيين للملاحة البحرية في البحر الأحمر والخليج، ويستعرض الملف مخاوف دول الاتحاد الأوروبي من تصعيد المواجهة مابين إسرائيل وإيران. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:
- أمن دولي ـ ما هو موقف ألمانيا من التصعيد ما بين إسرائيل وإيران؟
- أمن دولي- ما هو موقف هولندا وبلجيكا من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
- أمن دولي ـ ما هو موقف فرنسا من التصعيد ما بين إسرائيل وإيران؟
- أمن دولي ـ ما موقف الاتحاد الأوروبي من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
1- أمن دولي ـ ما هو موقف ألمانيا من التصعيد ما بين إسرائيل وإيران؟
تعمل ألمانيا بالتنسيق مع الدول الكبرى والشركاء الإقليميين في الشرق الأوسط لتعزيز جهود الوساطة، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي. تؤكد برلين على ضرورة تجنب المزيد من التصعيد واتساع النزاع إقليميا، بالتزامن مع الدعوات للمشاركة عسكريا في تحالف حماية لإسرائيل بقيادة الولايات المتحدة ضد إيران، و كذلك استعدادات الجيش الألماني لإخلاء الألمان من لبنان، إذا تصاعد الوضع في الشرق الأوسط.
جهود الوساطة الألمانية في الشرق الأوسط
سعت الاستخبارات الألمانية في الثاني من يوليو 2024 إلى تعزيز جهود الوساطة بين حزب الله وإسرائيل الرامية الى تفادي تحول الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب إقليمية شاملة. زار نائب رئيس الخارجية للمخابرات الألمانية لبنان حيث التقى مسؤولين في حزب الله على رأسهم نائب الأمين العام لحزب الله “نعيم قاسم” في اطار الجهود الألمانية الرامية إلى منع توسع عمليات القصف والقصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله.
عرض الوفد الألماني خلال الزيارة وجهة نظر مفادها أنه يريد تفادي الانزلاق إلى حرب شامله سواء عن قصد او عن طريق الخطأ، إضافة إلى ضمان رجوع الإسرائيليين الى مناطقهم في شمال إسرائيل.
قامت وزيرة الخارجية الألمانية بزيارة إلى الشرق الأوسط بهدف الوساطة في حرب غزة. ومنذ زيارتها لايزال هناك تأزم في وضع المنطقة أكثر. وقد كانت ألمانيا أعلنت في 13 أكتوبر 2023 دعمها للجهود الدبلوماسية التي تبذلها بعض دول المنطقة لتهدئة الصراع بين إسرائيل وحركة “حماس” الفلسطينية.
يقول الدكتور “ميشيل لودرز” وهو أستاذ جامعي زائر في العديد من الكليات الألمانية في الثامن أغسطس 2023 “أنه لا ألمانيا ولا الاتحاد الأوروبي قادران على لعب أي دور في جهود الوساطة في الشرق الأوسط. الولايات المتحدة هي صاحبة الأهمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع إسرائيل. أضاف “ميشيل لودرز” لكنني أعتقد أن ألمانيا تخاطر بالفعل بخسارة سمعتها في أجزاء أوسع، ليس في العالم العربي أو الإسلامي فقط، بل كذلك لدى دول الجنوب عامة”.
موقف ألمانيا من اغتيال “إسماعيل هنية” في طهران
علقت وزارة الخارجية الألمانية في في 31 يوليو 2024 على مقتل “إسماعيل هنية” رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الفلسطينية بالقول إن: “منطق الانتقام ليس المسار السليم” في الشرق الأوسط. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية “سيباستيان فيشر” أنه “من الضروري تجنب المزيد من التصعيد واتساع النزاع إقليميا” داعيا “كل الأطراف الى الحفاظ على الهدوء وإبداء الحد الأقصى من ضبط النفس”.
دعت وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بيربوك” إلى ضبط النفس لتجنب مزيد من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط بعد اغتيال “إسماعيل هنية” في طهران. وأضافت وزيرة الخارجية الألمانية ” أن أي قرار يتم اتخاذه الآن قد يؤدي إلى تهدئة الوضع أو تأجيجه بشكل أكبر، ودعت جميع أطراف الصراع إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف التصعيد لصالح شعوب المنطقة”.
ترى “كيلي بيتيلو” الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن “واقعتي اغتيال هنية وفؤاد شكر “سيكون لهما التأثير الكبير على المنطقة بأكملها.” وأضافت أنه “من السابق لأوانه تحديد النتائج، لكن العواقب تنذر بأن الأمور قد تنزلق نحو الأسوأ”. وأوضحت “بيتيلو” أن مقتل “هنية وشكر” سوف يساهمان في تعزيز نفوذ حماس وحزب الله. الجدير بالذكر أن حزب الله ينظر إلى حماس كحليف، فيما تحظى المنظمتان بدعم إيراني.
ألمانيا تدعو لمغادرة المواطنين الألمان من لبنان
أصدرت ألمانيا بيانا مشتركا مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في 12 أغسطس 2024 دعت فيه إيران وحلفاءها إلى “الامتناع عن شن هجمات من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات الإقليمية وأن تعرّض فرصة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن للخطر”.
ألمانيا لم تصدر موقفا رسميا محددا بشأن اغتيال “فؤاد شكر”، القيادي في حزب الله، الذي اغتالته إسرائيل في أواخر يوليو 2024. ومع ذلك، يمكن الاستنتاج أن موقفها من اغتيال “شكرالله” يتماشى مع سياستها العامة تجاه حزب الله، والذي تصنف الحكومة الألمانية على قائمة التطرف منذ عام 2020.
ألمانيا تواصل المساعدة في حماية حرية الملاحة ضد الحوثيين
دعا المستشار الألماني “أولاف شولتس” الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان” في أغسطس 2024 إلى العمل على تجنيب منطقة الشرق الأوسط المزيد من التصعيد العسكري. وترى ألمانيا في السابع من مارس 2024 أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية المدنية تخالف القانون الدولي وتعيق بشكل كبير سلامة الملاحة الدولية. حيث إنها تهدد الملاحة على طرق التجارة العالمية وتؤثر سلبا على المصالح الأمنية الألمانية والدولية.
توكد ألمانيا على أن هجمات الحوثيين غير مقبولة على الإطلاق ويجب أن تتوقف فورا. وأكدت أنها ستواصل ألمانيا المساعدة في حماية حرية الملاحة وضمان سلامة طرق الشحن كجزء من عملية الأمن البحري التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي “ASPIDES”.
أعلن الجيش الألماني في السادس من أبريل 2024 أن الفرقاطة الألمانية “هيسن” صدت هجوما على سفينة شحن مدنية في البحر الأحمر، حيث “تم التمكن من تدمير صاروخ متجه نحو سفينة”. يشار إلى أن الفرقاطة “هيسن” تعمل في البحر الأحمر منذ نهاية فبراير 2023 كجزء من مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية “ASPIDES” قبل انتهاء مهمة الفرقاطة الألمانية وانسحابها في أبريل 2024.
يتوقع “هانز ياكوب شيندلر”، خبير شؤون الشرق الأوسط في المنظمة الدولية لمشروع مكافحة التطرف في 11 يناير 2024، حدوث “مشكلة اقتصادية دولية حادة”، ويضيف إذا استمر هذا الوضع “لا نستطيع الاستغناء عن قناة السويس لمدة عام”. وتدرك ألمانيا مدى خطورة الوضع، وقد تنضم قريبا إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في البحر الأحمر ضد الحوثيين.
دعوات إلى المشاركة عسكريا في تحالف حماية لإسرائيل
دعا خبير السياسة الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في السابع من أغسطس 2024 “روديريش كيسفيتر” ألمانيا إلى المشاركة عسكريا في تحالف حماية لإسرائيل بقيادة الولايات المتحدة. ويقول الخبير “كيسويتر” “في ضوء الهجوم الإيراني الوشيك، وتابع “كيسويتر” يجب على الحكومة الفيدرالية أن تستيقظ وتقدم الدعم العسكري لإسرائيل للدفاع عن نفسها”. في القوت الذي استبعد فيه وزير الدفاع الاتحادي “بوريس بيستوريوس” في البداية تورط جنود ألمان في الصراع بمنطقة الشرق الأوسط.
كشف استطلاع رأي في 11 أغسطس 2024 إن (57%) من المشاركين يعتقدون أن رد إسرائيل على هجمات أكتوبر 2023 كان مبالغا فيه. وفي المقابل، رأى (21%) فقط أن العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة ملائمة. وقد أشار الاستطلاع إلى أن أكثر من (68%) من المشاركين أنهم يعتقدون أنه من الخطأ أن تقدم ألمانيا الدعم العسكري لإسرائيل، في حين أن (19%) فقط يؤيدون هذا الدعم العسكري.
يقول “بيتر لينتل” الخبير في مؤسسة برلين للعلوم والسياسة في 22 أكتوبر 2023 “إسرائيل نفسها لا تريد أي محاولات للوساطة. ومن المحتمل أن يرفضوا العروض في الوقت الحالي”. هدف إسرائيل هو إنهاء حكم حماس. “إن الوساطة تتعارض مع هذا الهدف.” الوساطة أمر مرغوب فيه عندما يتعلق الأمر بإطلاق سراح الرهائن. ولكن أبعد من ذلك، فإن الوساطة ليست مرغوبة”. إستراتيجية أمن ألمانيا .. وتحديات الأمن القومي. بقلم جاسم محمد
تداعيات التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على ألمانيا
لايزال الوضع في الشرق الأوسط متوتر للغاية، ولذلك يستعد الجيش الألماني في السابع من أغسطس 2024 لإخلاء الألمان من لبنان. إذا تصاعد الوضع في الشرق الأوسط، فقد يتحول الوضع من حالة التوتر إلى خطر داهم – بما في ذلك على آلاف الألمان المتواجدين في المنطقة. لدى الجيش الألماني جنود وطائرات ومواد جاهزة لإنقاذ مواطنيها. تعد هذه المهمة جزءا من الاستعداد الوطني للأزمات التابع للقوات المسلحة الألمانية (NatKV) ومع ذلك، ليس من الضروري بالضرورة نشر الجنود.
وكانت قد أعلنت وزارة الخارجية الألمانية في 12 أبريل 2024 أنه “ينبغي على المواطنين الألمان الموجودين في المنطقة الانتباه إلى تعليماتنا الأمنية. وهناك تحذير من السفر إلى إيران وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، وبالنسبة لإيران هناك أيضا مطالبة بمغادرة الألمان لهذا البلد”.
تقول “هيلين رانغ” المديرة التنفيذية لجمعية الشرق الأدنى والأوسط الألمانية “إن العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا ودول الشرق الأوسط ذات أهمية استراتيجية حيث يعد التقارب الجغرافي من بين العوامل الرئيسية فضلا عن تزايد المبيعات حيث تعتبر أسواق الشرق الأوسط كبيرة من الناحية الاستهلاكية نظرا للتعداد السكاني الضخم”. وأشارت إلى “وجود مشاريع بنية تحتية ضخمة تقوم بها شركات ألمانية بتنفيذها في الشرق الأوسط خاصة في مدينة نيوم المستقبلية في السعودية التي تقدر تكلفتها بقرابة (500) مليار دولار”. وأضافت رانغ “نأمل ألا يكون لهذا الصراع المتصاعد تأثير كبير على التعاون الاقتصادي”. أمن ألمانيا ـ تحديات استراتيجية صناعة الأسلحة
**
2- أمن دولي- ما هو موقف هولندا وبلجيكا من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
يشكل التصعيد المحتمل بين إسرائيل وإيران تحديًا كبيرًا أمام الدول الأوروبية التي تسعى للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحماية مصالحها الاقتصادية. في ظل الأوضاع المتوترة، تتزايد مخاوف أوروبا من تأثيرات هذا التصعيد على أمنها القومي، خاصة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة والتجارة العالمية. كما تزيد تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز من القلق حول التأثير المحتمل على حركة الشحن البحري وأسعار الطاقة. في هذا السياق، تحاول الدول الأوروبية من بينه هولندا وبلجيكيا استخدام الوسائل الدبلوماسية لتجنب التصعيد العسكري، مع إدراكها للتحديات الاقتصادية والأمنية التي قد تواجهها.
الموقف الأوروبي من التصعيد المحتمل بين إسرائيل وإيران
تتبنى دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام موقفًا متوازنًا عندما يتعلق الأمر بالصراع بين إسرائيل وإيران أو حلفائها في المنطقة مثل الفصائل الإيرانية في سوريا والعراق. الاتحاد الأوروبي يركز عادةً على دعم الاستقرار الإقليمي والدعوة إلى حلول دبلوماسية بدلاً من التصعيد العسكري. وقد وقعت 48 دولة من بينها هولندا وبلجيكا في أبريل 2024 على بيان مشترك للممثلين الدائمين في الأمم المتحدة يدين الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل. وورد في البيان المشترك: “ندين بشكل لا لبس فيه الهجمات التي شنتها جمهورية إيران الإسلامية وشركاؤها من المقاتلين على دولة إسرائيل يوم 13 أبريل 2024، وهي هجمات اشتملت على إطلاق عدة مئات من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة استهدفت عدة أهداف، وكان من الممكن أن يتسبب هذا الهجوم واسع النطاق بأضرار كبيرة وخسائر في الأرواح”. كذلك أدان البيان أيضا كون الأسلحة التي وجهت إلى إسرائيل قد انتهكت المجال الجوي لعدة دول في المنطقة، مما عرض حياة الأبرياء فيها للخطر، وبدا أنها اجتازت المجال الجوي القريب من الأماكن المقدسة في القدس.. نرحب بالجهود الرامية إلى تجنب المزيد من تصعيد أعمال العنف في المنطقة بعد الجهود المنسقة الناجحة للدفاع بمواجهة الهجوم على إسرائيل.أمن دولي ـ لماذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل؟
التوترات ما بعد مقتل إسماعيل هنية
أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بيانا مشتركا، في أغسطس 2024 أيدوا فيه أحدث جهود الوسطاء قطر ومصر والولايات المتحدة للتوسط في اتفاق لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس. ودعا الزعماء الأوروبيون أيضا إلى إعادة عشرات الرهائن المحتجزين لدى حماس وتسليم المساعدات الإنسانية “دون قيود”، وطلبوا من إيران وحلفائها الامتناع عن الانتقام الذي من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية بعد مقتل الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في يوليو 2024. ولم تؤكد إسرائيل أو تنف دورها في الاغتيال، لكنها تعهدت في وقت سابق بقتله وقادة آخرين من حماس على خلفية الهجوم الذي شنته المجموعة في 7 أكتوبر2024 على جنوب إسرائيل والذي أشعل فتيل الحرب في غزة.
رفضت طهران دعوة الدول الأوروبية الثلاث إلى الامتناع عن أي ضربات انتقامية ضد إسرائيل من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات الإقليمية. قال الرئيس الإيراني لرئيس الوزراء البريطاني إن النظام في طهران يعتبر الرد على إسرائيل بسبب اغتيال إسماعيل هنية، المسؤول في حركة حماس، في يوليو2024، حقا ووسيلة لردع أي عدوان مستقبلي. وفي اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية البلجيكية حاجة لحبيب، أدان وزير الخارجية الإيراني باقري كاني إسرائيل بسبب أفعالها المزعزعة للاستقرار في غرب آسيا، مشيرا إلى الضربات على غزة ولبنان واغتيال إسماعيل هنية. وأكد أن إيران، دفاعا عن سيادتها الوطنية وأمنها، ستتخذ الإجراءات اللازمة لجعل إسرائيل “تدفع ثمن” أفعالها، التزاما بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وأعربت وزيرة الخارجية البلجيكية عن قلقها العميق إزاء تصعيد الوضع في المنطقة، محذرة من أن غياب السيطرة قد يؤدي إلى “حرب شاملة”. وأكدت دعم بلجيكا لحق الفلسطينيين في تقرير المصير وأدانت استمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية. وأشارت إلى أنه نظرا لاحتمال تدهور الوضع في المنطقة، يتعين على جميع الأطراف ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، مؤكدة على ضرورة استمرار المشاورات بين طهران وبروكسل.
كما أجرى باقري كاني مناقشة مماثلة مع وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب. وركز الحديث على اغتيال إسرائيل لهنية وانتقد باقري كاني الدول الغربية لصمتها إزاء تصرفات إسرائيل، التي قال إنها كانت ستثير إدانة واسعة النطاق لو ارتكبتها أي كيان آخر. وأكد حق إيران في الرد على هذه الاستفزازات، داعياً الحكومة الهولندية إلى إدانة تصرفات إسرائيل. وأعرب فيلدكامب عن مخاوفه بشأن التوترات المتصاعدة في غرب آسيا، ووصف الهجوم على المدرسة بأنه “مفجع” ودعا إلى تقديم مساعدات إنسانية فورية ووقف إطلاق النار.أمن دولي ـ ألمانيا وأوروبا في مرمى الصواريخ الروسية
التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
عبرت هولندا وبلجيكا عن قلقهما المتزايد من التصعيد المحتمل بين إسرائيل وحزب الله، وهو تصعيد يمكن أن يشعل المنطقة بأكملها في ظل الأوضاع المتوترة بالفعل بسبب النزاعات القائمة. تتخذ هولندا موقفًا داعمًا للجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى منع نشوب صراع شامل، وتؤكد على أهمية الحوار والتفاوض كأدوات أساسية للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. بلجيكا، من جانبها، تشدد على ضرورة ضبط النفس من جميع الأطراف المعنية وتدعو إلى تعزيز التعاون الدولي لتجنب كارثة إنسانية محتملة. كلا البلدين يتفقان على أن أي تصعيد إضافي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني في الشرق الأوسط، ويزيد من معاناة المدنيين في المنطقة.
وتزايدت التوترات بين إسرائيل وحزب الله منذ 7 أكتوبر 2023، حيث شهدت الحدود الشمالية لإسرائيل سلسلة من الحوادث التي ساهمت في رفع درجة الخطورة. ردت إسرائيل بتهديدات قوية واتخاذ تدابير أمنية إضافية واغتيال عدد من قيادات الحزب بالضاحية الجنوبية. وقد عبر الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك هولندا وبلجيكا، عن قلقه البالغ من هذه التوترات، داعياً إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لتجنب تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى كارثة إنسانية وأمنية على نطاق واسع. يسعى الاتحاد الأوروبي إلى لعب دور الوسيط الذي يعزز الحوار ويحث جميع الأطراف على ضبط النفس وتجنب الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد عسكري غير محسوب. وتظل الأولوية بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي هي تجنب اندلاع نزاع واسع النطاق يمكن أن يؤثر سلبًا على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.
خلال قمة الاتحاد الأوروبي 18 أبريل 2024. حثّ وزير الخارجية الألماني أنالينا بيربوك على التهدئة مشيرًا إلى أن التصعيد “لن يخدم أحدًا”، ودعا إلى التركيز على الحلول الدبلوماسية لتجنب كارثة إقليمية. أكد الرئيس الفرنسي، على ضرورة “توسيع العقوبات ضد إيران” وذلك في سياق التصعيد الأخير، مشيرًا إلى أهمية ضبط النفس للحيلولة دون تفاقم الوضع. أعرب مارك روته، رئيس وزراء هولندا، أعرب عن دعمه لإدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي، لكنه أشار إلى وجود عقبات قانونية تعوق هذا القرار حاليًا. وشدد جوزيب بوريل، مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، شدد على أهمية العقوبات ضد برنامج الطائرات المسيرة الإيراني، لكنه أكد أن الحل الدبلوماسي هو السبيل الأمثل لتفادي التصعيد.أمن دولي ـ ماهي القوة البحرية المتعددة الجنسيات ؟
التوترات في البحر الأحمر وتهديدات الحوثي
حذر بيان مشترك من حكومات الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وبلجيكا وكندا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة في 13 ديسمبر 2023 من استمرار الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر نتيجة التوترات الإقليمية . وكذلك بيان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 1 ديسمبر 2023، الذي أدان هجمات الحوثيين على السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر، وفي ضوء الهجمات المستمرة الهجمات، بما في ذلك التصعيد الكبير الذي استهدف السفن التجارية بالصواريخ والقوارب الصغيرة، ومحاولات اختطافها، حذرت الدول الغربية الحوثيين من شن المزيد من الهجمات، وقال البيان إن هجمات الحوثيين المستمرة في البحر الأحمر غير قانونية وغير مقبولة وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير. ولا يوجد أي مبرر قانوني لاستهداف السفن المدنية والسفن البحرية عمداً. إن الهجمات على السفن، بما في ذلك السفن التجارية، باستخدام الطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة والصواريخ، بما في ذلك الاستخدام الأول للصواريخ الباليستية المضادة للسفن ضد هذه السفن، تشكل تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة التي تشكل أساس التجارة العالمية. في أحد الممرات المائية الأكثر خطورة في العالم.
**
3- أمن دولي ـ ما هو موقف فرنسا من التصعيد ما بين إسرائيل وإيران؟
تسعى فرنسا إلى تجنب حرب إقليمية في الشرق الأوسط في الوقت الذي أدى فيه اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) في طهران إلى دفع التوترات إلى حافة الهاوية، وتزايد الخوف من قيام إيران بضربة انتقامية وإثارة تصعيد غير مسبوق للعنف في المنطقة. وقد تواصلت فرنسا مع نظيراتها في لبنان وإسرائيل وإيران في محاولة لإقناعها بضبط النفس.
الموقف الفرنسي من الحرب على غزة
جاء الموقف الفرنسي على النقيض من المواقف الأوروبية المنحازة لإسرائيل ليبلور نوعًا من التوازن إزاء التصعيد الإسرائيلي على غزة، الذي تشكل عقب هجوم السابع من أكتوبر 2023، حيث عدلت فرنسا بهدوء موقفها تجاه الحرب في غزة بشكل لم يكن متوقعا. ففي بداية الهجوم، سارعت فرنسا إلى الانضمام إلى نظرائها في الاتحاد الأوروبي، وأعلنت دعمها الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما أضاء برج إيفل بألوان العلم الإسرائيلي. ومن بين كل الحلفاء، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشكيل تحالف دولي ضد حركة “حماس” الموضوعة على قائمة التطرف داخل دول الاتحاد الأوروبي، على غرار التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، وفي الوقت ذاته حظرت على أراضيها التجمُّعات المؤيدة لفلسطين.
ولكن الدور الفرنسي لم يَسِر على الوتيرة نفسها، ففي غضون أقل من ثلاثة أسابيع، هدأت نبرة ماكرون الداعمة لإسرائيل، وخرجت تصريحاته نسبيا عن الاصطفاف الأوروبي، فكانت فرنسا أول دولة غربية كبرى تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة. ففي “الأمم المتحدة”، صوتت لصالح القرارين البرازيلي والإماراتي بشأن هذا الموضوع، على الرغم من استخدام الولايات المتحدة حق النقض على هذين القرارين. كما وافقت على القرارين الأردني والمصري اللذين تبنتهما “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، على عكس بعض الدول الأخرى في “الاتحاد الأوروبي”.
شدد المسؤولون الفرنسيون بشكلٍ متزايدٍ على أن اتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية هو أمر لا بد منه لأي تسوية سياسية في “اليوم التالي” بعد انتهاء حرب غزة. كما أدانوا تصريحات الوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير التي تدعو إلى التهجير القسري للفلسطينيين، وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في غزة، وبناء (1800) وحدة استيطانية في القدس الشرقية.
وسعت فرنسا إلى الاضطلاع بدورٍ نشطٍ على الجبهة الإنسانية أيضاً، ونظمت فرنسا المؤتمر الإنساني الدولي الأول لغزة في 9 نوفمبر2023، وزادت بشكلٍ كبيرٍ مساعداتها الأحادية إلى ما مجموعه (100) مليون يورو لعام 2023، من بينها (77) مليون يورو لمؤسسات الأمم المتحدة.
ولتفسير هذا التأرجح الواضح بين تقديم الدعم الكامل لإسرائيل واتباع “نهج أكثر عدالة”، لاحظ بعض المراقبين واقع كَون المجتمعين اليهودي والمسلم في فرنسا من بين أكبر المجتمعات في أوروبا. ومع ذلك، يمكن فهم تصرفات فرنسا أيضاً على أنها بمثابة تكتيك دبلوماسي متعمد يهدف إلى إبقاء القنوات مفتوحة مع أكبر عدد ممكن من الجهات الفاعلة.
موقف فرنسا من التصعيد الإيراني الإسرائيلي
تربط باريس بين التصعيد الإيراني ــ الإسرائيلي المباشر الحالي، وبين الحرب الدائرة في غزة، وترى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستئناف العمليات الإنسانية «لحماية المدنيين” سيكون له دوره في استبعاد التصعيد بين دولة نووية هي إسرائيل وأخرى وصلت، وفق عدد كبير من المراقبين، إلى الحافة النووية.
وفي أية حال، تعد مصادر فرنسية أن أي حرب قد تنشأ بين طهران وتل أبيب يمكن أن تمتد سريعاً إلى دول أخرى مثل العراق ولبنان وسوريا؛ ما سيشكل حريقاً على مستوى الشرق الأوسط لا أحد يريده. وأوضح الرئيس الفرنسي ماكرون أن فرنسا تتحدث مع كل دول المنطقة، وتحاول أن تكون “قوة وساطة”، مشدداً على الدور الأميركي “لاحتواء إيران”.
وعلى إثر التخوفات من هجوم إيراني محتمل في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة طهران، طالب ماكرون إيران بالدعوة إلى ضبط النفس، قائلا في 8 أغسطس 2024 إن أي حرب جديدة ستكون لها “عواقب مدمرة على المنطقة”، التي تعيش بالفعل حالة من التوتر نتيجة حرب إسرائيل في قطاع غزة. ودعا ماكرون الرئيس الإيراني بيزيشكيان إلى “بذل كل ما في وسعه لتجنب تصعيد عسكري جديد، وهو ما لن يكون في مصلحة أحد، بما في ذلك إيران، ومن شأنه أن يلحق ضررا دائما بالاستقرار الإقليمي”.
فيما رد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الولايات المتحدة وأوروبا عليهما حث إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار في غزة لتقليل التوترات في الشرق الأوسط. وتشير تصريحات بزشكيان إلى مسار دبلوماسي لخفض التصعيد .
وكانت فرنسا قد دعت في الثاني من أغسطس 2024 رعاياها الذين يزورون إيران إلى المغادرة فورا خوفاً من خطر التصعيد العسكري في المنطقة. أمن دولي ـ ماهو موقف ألمانيا من التصعيد مابين إسرائيل وإيران؟
هل ستساعد فرنسا إسرائيل في ضرب إيران
واجهت إيران تحذيرا صارما من زعماء فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا في بيان مشترك في 12 أغسطس 2024 من أن إيران “ستتحمل المسؤولية” عن أي هجمات ضد إسرائيل والتي “من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات الإقليمية” وتعريض فرصة وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن للخطر.وفي بيان ثاني، أعربت فرنسا إلى جانب القوى الغربية الكبرى (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا) في 15 أغسطس 2024 عن دعمها للدفاع عن إسرائيل ضد أي هجوم إيراني وضد هجمات الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
بينما عبر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في 16 أغسطس 2024 أثناء اجتماعه مع وزيري الخارجية البريطاني والفرنسي إن إسرائيل تتوقع أن تنضم بريطانيا وفرنسا وحلفاء آخرون للولايات المتحدة إليها في اتخاذ إجراء عسكري ضد إيران إذا شنت الجمهورية الإسلامية هجوما وعدت به على إسرائيل للانتقام لمقتل إسماعيل هنية.
لكن فرنسا والمملكة المتحدة قللتا من أهمية مثل هذا الاحتمال، حيث أكدت المملكة المتحدة على الحاجة إلى كسر “الدورة المدمرة الحالية من العنف الانتقامي” في الشرق الأوسط. وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني في مؤتمر صحفي في القدس في 15 أغسطس 2024 إنه سيكون “من غير المناسب” الحديث عن “رد أو استعداد لرد إسرائيلي” في الوقت الذي تجري فيه المحادثات الدبلوماسية.
بالمقابل، أظهرت فرنسا بالفعل أنها ستقف إلى جانب إسرائيل عسكرياً، عندما اعترضت الطائرات الفرنسية طائرات بدون طيار وصواريخ إيرانية فوق المجال الجوي الأردني في 14 أبريل2024. إذ أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون حينها إن الطائرات الفرنسية المرابطة في الأردن في إطار القوة الدولية لمحاربة تنظيم “داعش” قد شاركت في التصدي للمقذوفات الإيرانية “بناءً على طلب الأردن”.
ولا يستبعد الجنرال السابق في الجيش الفرنسي فرانسوا شوفانسي إعادة نفس سيناريو الهجوم الإيراني الأول في أبريل 2024. و يفسر شوفانسي تموضع القوات الفرنسية في البحر الأحمر قائلا إن أسطول القوات الفرنسية يندرج ضمن مهمة “أسبيدس” ويتمتع بقدرة مضادة للصواريخ،
فيما أوضح ضابط الاستخبارات البريطاني السابق فيليب إنغرام أن فرنسا قادرة على استخدام طائرات رافال التابعة لسلاح الجو من قاعدتها العسكرية في الأردن. ويضيف “بينما تم استخدام الطائرات البريطانية والأميركية في الهجوم الإيراني الأول، أعتقد أن قرار مشاركة باريس باستخدام طائراتها يظل قرارا سياسيا. أمن دولي ـ عوامل تصعيد العنف في الشرق الأوسط، حرب غزة
خطة فرنسية لعزل إيران
تعمل باريس على منع التصعيد بين إيران وإسرائيل. وقد انخرطت فرنسا، على أعلى المستويات في الدعوة إلى الامتناع عن التصعيد بين إسرائيل وإيران بعد الهجمات الإيرانية بالمسيّرات والصواريخ على تل أبيب في إبريل 2024. داعيا إسرائيل إلى التخلي عن استهداف إيران عسكرياً، والبحث عن سبيل آخر للرد على الهجمات التي ضربتها.
وما يثير قلق الرئيس الفرنسي عنوانه “خطر اندلاع حريق إقليمي كبير”. ولذا، فإنه يطرح حلولاً بديلة عن ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية ضد إيران وداخل الأراضي الإيرانية. وما يريده هو العمل على إقناع إسرائيل بأنه «لا ينبغي لنا أن نرد بالتصعيد، بل بعزل إيران، وأن ننجح في إقناع دول المنطقة بأن إيران تشكل خطراً».
و قد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 ابريل 2024 عن خططه التي طرحها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 15 ابريل 2024، إن إسرائيل “يجب ألا ترد بالتصعيد، بل بعزل إيران، وإقناع الدول في المنطقة بأن إيران تشكل خطرا، وزيادة العقوبات، وتعزيز الضغوط على الأنشطة النووية، ثم إيجاد طريق للسلام في المنطقة”. وقال ماكرون “علينا أن نكون إلى جانب إسرائيل لضمان حمايتها إلى أقصى حد، ولكن أيضا للدعوة إلى وضع حد لتجنب التصعيد”.
مبادرة فرنسية لخفض التصعيد بين حزب الله وإسرائيل
تحاول فرنسا منذ نهاية يناير 2024 المنصرم، احتواء التصعيد على الحدود بين إسرائيل ولبنان والتي تهدد بالانتشار. وتبدو المخاطر عالية بشكل خاص إلى باريس، التي تنشر مئات الجنود ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، في المنطقة الجنوبية من البلاد حيث تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق النار بشكل متكرر منذ أكتوبر 2023.
وكانت باريس قد قدمت مبادرة أولى إلى الطرفين، لكن تم تعديلها في بداية مايو 2024، بناء على طلب بيروت، التي اعتبرت النسخة الأولى “مواتية للغاية” للأطروحات الإسرائيلية. وتنص المبادرة الفرنسية التي قُدمت ، على انسحاب مقاتلي “حزب الله” وحلفائهم إلى مسافة تراوح بين (10 إلى 12) كيلومتراً من الحدود ووقف الانتهاكات الجوية الإسرائيلية، كما تقترح إنشاء لجنة رباعية تضم فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان لمراقبة وقف الأعمال العدائية.
ويقضي المقترح أيضاً بأن يتم نشر ما يصل إلى (15) ألف جندي من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان، وهي معقل سياسي لحزب الله حيث يندمج مقاتلو الجماعة منذ فترة طويلة في المجتمع في أوقات الهدوء. وفي 13 يونيو 2024 تم الإعلان عن تشكيل لجنة ثلاثية تضم إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، لبحث خارطة الطريق الفرنسية لنزع فتيل التوتر بين حزب الله في لبنان، وإسرائيل.
ويرفض حزب الله الخوض في أي مفاوضات من هذا النوع، مشترطاً وقفاً دائماً لإطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة. فيما عكست تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت رفض أي وساطة فرنسية في المواجهات الجارية على الجبهة الشمالية مع حزب الله. إذ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في 14 يونيو 2024، إن إسرائيل لن تكون طرفاً في الإطار الثلاثي الذي اقترحته فرنسا.
فيما تشير تقديرات المراقبين أن الهجوم الإسرائيلي على فرنسا، سببه منع باريس مشاركة إسرائيل في معرض عسكري، احتجاجاً على عملية رفح. حيث استبعدت فرنسا ، في 31 مايو 2024، (74) شركة إسرائيلية من المشاركة في معرض “يوروساتوري” 2024، أحد أكبر المعارض الدولية للأسلحة والمعدات العسكرية، والذي تنطلق فعالياته في السابع عشر من يونيو الجاري.
المشاركة الفرنسية في حماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين
كانت فرنسا من ضمن الدول التي سارعت إلى انتقاد هجوم الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، وانضمت فرنسا إلى قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات في ديسمبر 2023 لحماية السفن من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وشاركت بسفينتين حربيتين سفينة ألزاس وسفينة لانغدوك والتى تقومان بدوريات في مضيق باب المندب مهمتها مرافقة السفن المرتبطة بفرنسا.
على صعيد آخر، أعلنت فرنسا عدم الانضمام للضربات التس تشنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على الحوثيون في اليمن ، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 17 يناير 2024 أن بلاده قررت “عدم الانضمام” إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في توجيه ضربات ضد “الحوثيين” في اليمن وذلك “لتجنّب التصعيد” في المنطقة.
وفي 24 مارس 2024 وأعلنت هيئة الجيوش الفرنسية، الأحد، تدمير مسيرتين حوثيتين في البحر الأحمر كانتا متجهتين نحو الفرقاطة متعددة المهمات “لانغدوك” العاملة في البحر الأحمر، لتنضم باريس بذلك إلى مهمة الاكتفاء بالتصدي للتهديدات الحوثية دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع الجماعة. أمن دولي ـ عوامل توسع رقعة الحروب وانعكاساتها على أمن الخليج العربي
**
4- أمن دولي ـ ما موقف الاتحاد الأوروبي من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
وضع التصعيد الحالي في منطقة الشرق الأوسط، الاتحاد الأوروبي في حيرة للتعامل مع تداعيات التوترات التي بدأت بهجوم السابع من أكتوبر 2023 وما تبعه من تصعيد إسرائيلي في غزة، وصولا إلى هجمات البحر الأحمر والمواجهات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ومازاد الأمر تعقسداً استمرار الدعم العسكري لإسرائيل، خاصة وأن سلسلة الاغتيالات التي انتهجتها إسرائيل مؤخراً تجاه قيادات حزب الله وحركة حماس، عقدت الأمور ومسار المفاوضات أكثر بكثير عن الأشهر الماضية. وهذا دفع بزيادة الضغوط على الاتحاد الأوروبي للدخول على خط الوساطة ومناشدة الأطراف المتصارعة لوقف أي تصعيد قد يدفع المنطقة إلى صراع أوسع، ويهدد الأمن والسلم العالميين في التوقيت الراهن.
ما موقف الاتحاد الأوروبي من اغتيال قيادات حماس وحزب الله؟
العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل من ناحية، والاتحاد الأوروبي وإيران من ناحية أخرى، تجعلها الكيان الأنسب للعب دور الوسيط وممارسة ضغوط مباشرة على الطرفين، لمنع وقوع أي هجوم إيراني محتمل ضد إسرائيل رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والهجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القيادي بحزب الله فؤاد شكر، وإقناع إسرائيل بضرورة وقف التصعيد في غزة والجبهة اللبنانية والاتجاه نحو المفاوضات. طالب الاتحاد الأوروبي في 31 يوليو 2024 ، جميع الأطراف بالالتزام بأكبر قدر من ضبط النفس وتجنب أي تصعيد جديد، وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو، إن موقف التكتل الأوروبي يقضي برفض الإعدامات خارج إطار القضاء، ويدعم دور القانون بما في ذلك القضاء الجنائي الدولي، مؤكداً أنه لا مكسب لأي بلد من تصعيد جديد في الشرق الأوسط. وأجرى أحد أكبر الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، محادثات حاسمة مع مسؤولين بطهران بعد اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر، لإقناع إيران بعدم الرد ملقياً اللوم على إسرائيل في هذه التوترات.
يخشى الاتحاد الأوروبي من تطور الأحداث بعد التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران ووكلائها بالمنطقة المتمثلين في حزب الله وحماس والفصائل المسلحة في العراق وسوريا واليمن. أصدر زعماء أوروبيون في 12 أغسطس 2024 بياناً حول جهود الوساطة لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة، وأبدى المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، تأييدهم للمباحثات حول إنهاء الحرب في غزة، داعيين إلى إعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس، وتسليم المساعدات الإنسانية دون قيود، وطالبوا إيران بالامتناع عن الرد الذي سيؤدي لتصعيد التوترات الإقليمية.
قبل سلسلة الاغتيالات لقيادات حماس وحزب الله، أكد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال زيارته للبنان في يناير 2024، أن الأولوية هي تجنب التصعيد الإقليمي وتهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم في المنطقة. أبدى التكتل الأوروبي في 4 يونيو 2024 قلقه من الدمار المتزايد والنزوح القسري للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ويدعم الاتحاد الأوروبي قرار مجلس الأمن الدولي رقم “1701” المتعلق بالنزاع بين لبنان وإسرائيل، لذا يطالب بالانخراط في الجهود الدبلوماسية الدولية خاصة والتي تقودها فرنسا والولايات المتحدة.
تعليقاً على تهديدات زعيم حزب الله حسن نصر الله، لقبرص التي اتهمها باستضافة مناورات مع قوات إسرائيلية، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو، إن أي تهديد للدول الأعضاء غير مقبول ويعد تهديداً للاتحاد ككل، منوهاً إلى متابعة الوضع على الجبهة اللبنانية ورفض الاتحاد دخول لبنان لحرب طويلة الأمد. وأوضح المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي للشرق الأوسط سفين كوبمانز، في 20 يونيو 2024، ضرورة وضع حد للمعاناة في غزة، والعمل على تجنب اندلاع حرب إقليمية ستشمل لبنان تحديداً وإعادة إطلاق عملية السلام. وجدد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تحذيره في 24 يونيو 2024، من مخاطر امتداد رقعة الصراع من غزة للبنان، عقب اغتيال إسرائيل لقيادياً بارزاً جنوب لبنان.التطرف في أوروبا ـ حرب غزة تزيد الإسلاموفوبيا
كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى هجمات الفصائل المسلحة بالعراق وسوريا؟
أبدى الاتحاد الأوروبي رفضه للتصعيد بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة والفصائل المسلحة في العراق وسوريا من جهة أخرى، وفي 16 أبريل 2024 طالب مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، دول التكتل بتوسيع العقوبات على إيران رداً على هجومها على إسرائيل الذي جاء رداً على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق. ووضعت الولايات المتحدة جميع قواعدها العسكرية في أوروبا في 30 يونيو 2024، في حالة تأهب قصوى مع رفع مستوى حماية القوة إلى ثاني أعلى مستوى وسط مخاوف من وقوع هجوم إرهابي قد يستهدف أفراداً أو منشآت عسكرية أمريكية. لذا شجع الدبلوماسيون الأوروبيون الفصائل المسلحة في العراق وسوريا على وقف الهجمات ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية، كنوع من دعم جهود التهدئة في المنطقة، قبل إعلان هذه الفصائل استئناف هجماتها ضد إسرائيل وأهداف أمريكية في المنطقة في يوليو 2024.
كيف يتعامل الاتحاد الأوروبي مع التصعيد بالبحر الأحمر؟
يحرص الاتحاد الأوروبي على التواجد في البحر الأحمر لحماية مصالحه، ورغم مشاركة بعض الدول مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا والنرويج والدنمارك بقوات محدودة وفرقاطات في تحالف “حارس الازدهار”، إلا أنه في 19 فبراير 2024 أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة عسكرية جديدة “أسبيدس” لاعتراض الهجمات وحماية الملاحة وحرية السفن دون المشاركة في ضربات ضد الحوثيين، بجانب عملية “أتلانتا” في الصومال، التي توسع دورها في مرافقة السفن في البحر الأحمر مع تصاعد هجمات الحوثيين في هذا الممر المائي، إضافة إلى استمرار عملية “أجينور” لتأمين مضيق هرمز، والتي تمتد شمالاً إلى الخليج العربي بأكمله، وجنوباً إلى منطقة المحيط الهندي قبالة سواحل عمان.يسعى الاتحاد الأوروبي إلى خفض حدة التصعيد، بحماية السفن الأوروبية التي تعبر من خلال البحر الأحمر، والتنسيق المستمر بين جميع العمليات الأوربية وأيضاً الأمريكية المتواجدة في هذه المنطقة، وأعلن في 19 أغسطس 2024 تأمينه (300) سفينة تجارية في البحر الأحمر خلال (6) أشهر.الاتحاد الأوروبي ـ كيفية التعامل مع تداعيات حرب غزة؟
ما مخاوف الاتحاد الأوروبي من تصعيد المواجهة بين إسرائيل وإيران؟
يتخوف الاتحاد الأوروبي من عواقب التهديدات الإيرانية والإسرائيلية المتبادلة، لارتباط مصالحه بشكل مباشر باستقرار حركة الملاحة في البحر الأحمر، حيث يمر به نحو (40%) من حجم التبادل التجاري بين أوروبا وآسيا، ما يجعله من أهم الممرات المائية بالنسبة للتكتل الأوروبي. وعلى وقع هجمات الحوثيين غيرت معظم شركات الملاحة الكبرى مسار سفنها بعيداً عن البحر الأحمر، الأمر الذي يؤدي إلى عبور السفن المنطلقة من الشرق الأوسط نحو أوروبا عبر إفريقيا بأكملها من خلال طريق رأس الرجاء الصالح بجنوب إفريقيا، ما يستغرق وقتاً طويلاً إضافياً يصل إلى أسبوع ومسافة تصل إلى (35) ألف ميل بحري إضافي.
يضع التكتل الأوروبي احتمالات استهداف بعثاته الدبلوماسية وسفاراته في الدول التي تقع في دائرة التوترات، لذا وجه تحذيرات لرعاياه من السفر إلى لبنان وإيران، وطالبت البعثات الدبلوماسية الرعايا الأوروبيين بمغادرة الدولتين بعد تصاعد حدة التصريحات بين المسؤولين الإيرانيين والإسرائيليين. وفي 12 مايو 2024 قال مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون، إن دول الاتحاد تواجه خطراً هائلاً من وقوع هجمات جراء الحرب في غزة. بعد تسجيل حوادث متطرفة في فرنسا وألمانيا. تتخوف دول التكتل من الانخراط في صراع الشرق الأوسط وتوسعه، ما يدفعها لزيادة الإنفاق العسكري وإبرام المزيد من التحالفات العسكرية، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية على كاهل الحكومات الأوروبية في توقيت تعاني فيه من تداعيات الحرب الأوكرانية الاقتصادية والأمنية.محاربة التطرف في أوروبا ـ تدابير وسياسات في أعقاب حرب غزة
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– تميل ألمانيا، كعضو في الاتحاد الأوروبي، عادة إلى الدعوة لضبط النفس والعمل على خفض التصعيد في النزاعات الإقليمية، وهو ما يعكس موقفها العام من التصعيدات في الشرق الأوسط.
– لم تلق الهجمات الإسرائيلية ضد المدنيين الأبرياء في غزة، سوى انتقادات قليلة نسبيا من السياسيين والأحزاب الألمانية، ولم تؤثر تلك الانتقادات بشكل جوهري العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل.
– يمكن القول أن أمريكا لا تريد التصعيد، كذلك إيران وحزب الله ، بخلاف الحكومة الإسرائيلية برئاسة “بنيامين نتنياهو” فهى تريد التصعيد وتوسع رقعة الحرب، وربما ذلك لتخفيف الضغوطات عليها عسكريا وسياسيا في غزة.
– تنظر ألمانيا إلى تصعيد الصراع في الشرق الأوسط بعين القلق، خوفا من استهداف جنودها ومواطنيها في المنطقة مستقبلا، كذلك استهداف سفاراتها ومصالحها الاقتصادية، لا سيما في ظل التوترات المتزايدة بعد اغتيالات “إسماعيل هنية وفؤاد شكر الله”.
– من المرجح ان تستمر المواجهة ما بين إسرائيل وإيران، الرد والرد المضاد، بدون حرب وكذلك الحال مع حزب الله، ويبقى الحوثيين القوة التي لا يمكن الحد من تهديداتها لأسباب الجغرافية وجيوسياسية.
**
– التصعيد المحتمل بين إسرائيل وإيران يثير قلقًا عميقًا في الأوساط الأوروبية، حيث تدرك الدول الأوروبية أن أي تفاقم في النزاع قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل كبير. أوروبا، التي تواجه بالفعل تحديات اقتصادية وسياسية، ترى في هذا التصعيد تهديدًا لأمنها القومي وأمن حلفائها في الشرق الأوسط. الدول الأوروبية تسعى جاهدة لتهدئة التوترات عبر القنوات الدبلوماسية، محذرة من أن أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق لا تُحمد عقباها.
يخشى الأوروبيون أيضًا من تأثير هذا التصعيد على الاقتصاد العالمي، خاصة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة. فإيران تلعب دورًا رئيسيًا في أسواق النفط والغاز، وأي اضطراب في هذه الأسواق يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة. هذا الأمر يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد الأوروبي، الذي يعاني بالفعل من تداعيات الأزمات العالمية مثل جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا. الدول الأوروبية تحاول تجنب أي سيناريو يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، مما قد يؤثر سلبًا على قدرتها التنافسية.
– تتأثر التجارة الأوروبية بشكل مباشر بسبب تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله نسبة كبيرة من النفط العالمي. إغلاق المضيق أو حتى التهديد بذلك قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري، ويعرقل حركة التجارة الدولية. الشركات الأوروبية، التي تعتمد بشكل كبير على الواردات من آسيا والشرق الأوسط، ستكون من بين الأكثر تضررًا، مما سيؤدي إلى تباطؤ اقتصادي وربما إلى ركود في بعض الدول الأكثر اعتمادًا على تلك الواردات.
– كما أن المخاوف الأمنية في الشرق الأوسط تدفع الدول الأوروبية إلى زيادة إنفاقها على الدفاع، مما قد يؤثر على ميزانياتها الوطنية. أوروبا التي تحاول تعزيز اقتصاداتها بعد سنوات من التقشف، قد تجد نفسها مضطرة إلى تخصيص موارد إضافية لمواجهة التهديدات الأمنية الجديدة. هذا الإنفاق الإضافي قد يأتي على حساب الاستثمارات في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، مما يزيد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية داخل الدول الأوروبية.
– ستظل أوروبا، في المستقبل القريب، تسعى إلى تجنب تصعيد النزاع بين إسرائيل وإيران عبر تكثيف جهودها الدبلوماسية، قد تلجأ إلى فرض عقوبات إضافية على إيران للضغط عليها، لكن هذا الخيار ليس بدون مخاطره. العقوبات قد تؤدي إلى ردود فعل غير متوقعة من قبل إيران، مما يعمق الأزمة بدلاً من حلها. في ظل هذه المعطيات، سيكون على أوروبا أن تجد توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على أمنها القومي والاقتصادي وبين دعم الاستقرار في الشرق الأوسط.
**
– تربط باريس بين التصعيد الإيراني الإسرائيلي الحالي، وبين الحرب الدائرة في غزة، وترى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، سيكون له دوره في استبعاد التصعيد بين الدولتين.
– ما يثير قلق باريس “خطر اندلاع حريق إقليمي كبير”. بالتالي تطرح حلولاً بديلة عن ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية الإيرانية من خلال خطط عزل إيران هكذا يتبدى المنهج الفرنسي بطرح مقايضة العقوبات على إيران وعزلها، بشرط أن تمتنع إسرائيل عن أي إجراءات تفتح الباب لحرب واسعة بالمنطقة.
– ادانت فرنسا بشدة الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في البحر الأحمر، ضد السفن الامريكية والبريطانية والأسرائيلية، وانضمت إلى القوة البحرية الأوروبية لحماية الملاحة في البحر الأحمر والتصدي لهجمات الحوثيين .
– تحاول فرنسا احتواء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله جنوب لبنان، وقدمت وساطتها بطرح مبادرات دبلوماسية لخفض التصعيد إلا أنها لم تنجح في تهدئة الأوضاع على الحدود الشمالية لإسرائيل.
– من المرجح أن تشارك فرنسا في صد أي هجوم إيراني مرتقب على إسرائيل من خلال المضادات الجوية، في حين من المستبعد أن تشارك مع إسرائيل في أي هجوم رد فعل تشنه تل أبيب على طهران تحسباً من إشتعال المنطقة.
**
– رغم أن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه بعض صراعات الشرق الأوسط التي اندلعت مؤخراً اتسم بالجمود، إلا أنه سارع في إعلان موقف تجاه حرب غزة خاصة في ظل التصعيد المتواصل من جانب إسرائيل ضد المدنيين، وتوسع دائرة التوترات بسياسة الاغتيالات التي تتبعها إسرائيل ضد قيادات حماس وحزب الله، حتى أن حالة الانقسام بين مسؤولي الاتحاد وبعض الدول تجاه مسألة استمرار تقديم الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل والاعتراف بدولة فلسطين مستقلة، لن تدوم طويلاً نظراً للتغيرات السياسية التي شهدتها أغلب دول الاتحاد ومؤسسات التكتل جراء الانتخابات الأوروبية الأخيرة. ومن هنا تتحول استراتيجية الاتحاد الأوروبي من المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، إلى ممارسة ضغوط على كافة الأطراف المتصارعة للتوقف عن التصعيد بالزيارات لدول مثل إسرائيل وإيران ولبنان، وفتح قنوات التواصل المباشرة مع كافة حكومات هذه الدول، بعد أن أخذ التوتر منحى جديد يهدد أمن واستقرار المنطقة وبالتالي ينعكس على الأمن الأوروبي.
– يتبنى الاتحاد الأوروبي سياسات مختلفة تماماً عن سياسات الولايات المتحدة نحو الحرب في غزة على عكس باقي الملفات والصراعات الدولية، وفي الوقت الذي تظهر واشنطن دعمها الثابت تجاه تل أبيب، وتلعب دوراً في جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل، يسعى التكتل الأوروبي لدعم الفلسطينيين بإعادة تمويل وكالة الأونروا رغم اتهامات إسرائيل لها بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر2023. والضغط على إسرائيل للقبول بحل الدولتين عبر تصريحات المسؤولين ومواقفهم في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وربما يكون هذا الموقف الأوروبي هو الأول منذ عقود الذي لا يسير وفقاً للرؤية الأمريكية، ما يشير إلى رغبة الاتحاد القوية في رسم سياسات أكثر استقلالية لا ترتبط دوماً بتحركات وأغراض واشنطن.
– يتوافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن رفض التصعيد بين إيران ووكلائها في المنطقة مع إسرائيل، بعد سلسلة الاغتيالات التي استهدفت قيادات بارزة في حماس وحزب الله، والترقب للرد الإيراني على التصعيد الإسرائيلي، لذا سارعت أوروبا وواشنطن للمطالبة بالتهدئة والتحذير من انزلاق المنطقة لحرب إقليمية واسعة، قد يطيل أمدها وتدخل العالم في دائرة صراع جديدة، لاسما وأن إيران ستدخل على خط الأزمة بشكل مباشر في حال شن هجوم على إسرائيل.
– العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإيران تمر بمراحل مهادنة ومواجهة مختلفة، تفرضها مستجدات الأمور المتعلقة بالملف النووي، ورغم توقيع الاتحاد عقوبات ضد إيران بعد الهجوم على إسرائيل في أبريل 2024، إلا أن الدعوة لمسؤولي التكتل لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في 30 يوليو 2024، دليلاً على استمرار التواصل على المستوى السياسي، ما يمنح الاتحاد ميزة نسبية عن باقي الدول الغربية في التعامل مع التهديدات الإيرانية ضد إسرائيل، ولعب دور الوسيط بين جميع أطراف الصراع لتقريب وجهات النظر في ضوء المفاوضات الحالية.
– يعتبر التكتل الأوروبي أن الصراع في الشرق الأوسط يحمل في طياته مخاطر غير متوقعة، فاتساع التوترات وتحولها إلى حرب مفتوحة بين إسرائيل وإيران في المنطقة. وذلك يعني دخول أطراف دولية وإقليمية أخرى إلى الصراع، ما يجعل الشرق الأوسط ساحة تنافس وتجاذب عالمية بين الغرب وإسرائيل من جانب وروسيا وإيران والصين من جانب آخر. الأمر الذي يمثل عبئاً على الاتحاد الأوروبي، لأنه يمتلك مصالح سياسية واقتصادية مع بعض هذه الأطراف، وانشغاله في الوقت الراهن بالحرب الأوكرانية التي باتت تتجه إلى تصعيد جديد عقب التوغل الأوكراني في كورسك الروسية، وتركيز سياساته على المسائل الخلافية في الداخل الأوروبي في أعقاب صعود اليمين الشعبوي في المؤسسات الأوروبية. لذا من المتوقه أن تكثف دول التكتل جهودها لاحتواء المشهد بين إيران وإسرائيل والدفع لإتمام مفاوضات وقف الحرب على غزة، والدفع إلى تنفيذ القرار الأممي “1701” الخاص بحل النزاع بين لبنان وإسرائيل، نظراً لأن الجبهة اللبنانية باتت مهددة بالاشتعال لاستمرار المواجهات بين حزب الله وإسرائيل وتجاوز الأمر حدود قواعد الاشتباك.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=96043
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
هوامش
UK, France and Germany ask Iran to refrain from attacks against Israel
https://tinyurl.com/2wh4jy2t
German Chancellor Scholz talks to Iranian president on the phone
https://tinyurl.com/3j56hdfr
Germany’s Middle East diplomacy reaches limits
https://tinyurl.com/348ajmmr
**
Israel will be held accountable for ‘destabilizing’ crimes: Iran
https://bit.ly/4dp3qpJ
Why Iran Will Escalate
https://bit.ly/3X5C81E
Joint Statement on Houthi Attacks in the Red Sea
https://bit.ly/46QAfZX
Iran dismisses European leaders’ call to refrain from retaliating for Hamas leader’s killing
https://bit.ly/3At0PMV
**
France involved in multilateral diplomacy to prevent Iran from attacking Israel
https://n9.cl/zjv2hg
Muted response from UK and France after Israeli FM calls for retaliation to any Iran strike
https://n9.cl/kl8lab
France’s Diplomatic Role in the Middle East Post-October 7
https://n9.cl/9dlpk
It’s never too late for peace in the Middle East – we must break the cycle of violence
https://n9.cl/qnn26
**
Iran dismisses European leaders’ call to refrain from retaliating for Hamas leader’s killing
https://bit.ly/3M7tHN1
EU calls for ‘maximum restraint’ after Hamas leader Ismail Haniyeh’s assassination
https://bit.ly/4dsvnN6
بروكسل وبرلين تحذران من خطر التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
https://bit.ly/4cvreqo
EU faces ‘huge’ risk of terrorist attacks, says official
https://bit.ly/3SRsUUr
القواعد العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء أوروبا ترفع حالة التأهب القصوى
https://bit.ly/4dnwZYL