بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات
يتناول الملف بالعرض والتحليل مواقف وأدوار الاتحاد الأوروبي من الصراع ما بين إسرائيل وحزب الله، ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية :
- أمن دولي ـ ما هو دور الاتحاد الأوروبي في الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟
- أمن دولي ـ ما هو دور ألمانيا في الصراع ما بين حزب الله وإسرائيل؟
- أمن دولي ـ ما هو دور فرنسا في الصراع ما بين حزب الله وإسرائيل؟
- أمن دولي ـ ما هو دور هولندا وبلجيكا في الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟
1ـ أمن دولي ـ ما هو دور الاتحاد الأوروبي في الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟
يسعى الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا، إلى لعب دور الوسيط في الصراع بين حزب الله وإسرائيل، محاولين التوصل إلى حلول سلمية من خلال الحوار والتفاوض. و تستخدم الدول الأوروبية قنوات الضغط على الأطراف المعنية لتجنب التصعيد ومع عدم الاستجابة لقرار الأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار، قد تضطر الدول الأوروبية إلى إعادة تقييم سياساتها تجاه الشرق الأوسط لمنع تحول الصراع إلى حرب شاملة.
الاتحاد الأوروبي يحذر من مخاطر الصراع
حذّر “جوزيب بوريل” مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في 22 سبتمبر 2024، من أنّ الصراع بين إسرائيل وحزب الله يهدد الشرق الأوسط بحرب شاملة. وجدّد بوريل الدعوة إلى وقف لإطلاق النار على طول الخط الأزرق الفاصل بين إسرائيل ولبنان. وتابع “هذا هو الوقت المناسب لفعل شيء ما. يجب على الجميع أن يفعلوا كلّ ما بوسعهم لوقف ما يحصل، معترفاً بفشل الجهود الدبلوماسية حتى الآن في وقف حرب غزة”. وكان قد استنكر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بيان صادر عن بعثة الاتحاد لدى لبنان الهجمات التي استهدفت أجهزة اتصال لاسلكية جماعة حزب الله ، قائلا إن المسؤول عنها يهدف إلى “نشر الرعب في لبنان”.
ودعت الولايات المتحدة و10 من حلفائها منها دول أوروبية ـ الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ـ وقف إطلاق النار “الفوري” والذي من شأنه أن “يوفر مساحة للدبلوماسية نحو التوصل إلى تسوية دبلوماسية”. أدانت مجموعة اليسار في البرلمان الأوروبي في 24 سبتمبر 2024 الهجمات الإسرائيلية على لبنان. ودعت المجموعة إلى تعليق اتفاقية التجارة والشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وفرض حظر فوري وغير مشروط على الأسلحة على إسرائيل.
دعا الاتحاد الأوروبي المجتمع الدولي في 26 سبتمبر 2024 إلى “التعبئة لدعم الجهود الدبلوماسية الجارية لتحقيق إلى وقف إطلاق النار”، وأكد “نشيد ونؤيد بقوة الجهود التي تبذلها فرنسا والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار عن طريق التفاوض”، ودعا “جميع الأطراف إلى حماية ودعم المهمة التي تضطلع بها قوات اليونيفيل”. وخلص البيان إلى أن “الاتحاد الأوروبي يؤكد دعمه القوي للمؤسسات الحكومية في لبنان، بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية، ويقف على أهبة الاستعداد لمساعدته على الخروج من المأزق السياسي الذي يعيشه” مشيرا إلى أن دوله الأعضاء “تتمتع بتقليد طويل في دعم لبنان”.
ألمانيا تشدد على ضرورة خفض التصعيد
أكدت ألمانيا على أن التصعيد في الصراع على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية أمر صادم وشددت على ضرورة خفض التصعيد من جميع الأطراف الذي يعد المفتاح للاستقرار. وترى ألمانيا أن الصراع على الخط الأزرق يحتاج إلى حل وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، وأعربت وزارة الخارجية الألمانية عن اعتقادها بأن منطق الضربة والضربة المضادة له عواقب كارثية على المنطقة. كما أكدت وزيرة الخارجية الألمانية في 29 سبتمبر 2024 إن مقتل نصر الله “يهدد بزعزعة الاستقرار في لبنان بأكمله”، وهو ما “لا يخدم بأي حال من الأحوال مصلحة أمن إسرائيل”.
أعرب المستشار الألماني “اولاف شولتس” عن قلقه إزاء تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله، لافتا أن المنطقة تواجه خطر “حريق إقليمي”. وأكد على دعم ألمانيا للحل الدبلوماسي وإنه “يتعين على حزب الله الانسحاب من المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وإن إيران تتحمل أيضا مسؤولية تهدئة الوضع”.
تقول “بينته شيلر” رئيسة فرع المؤسسة الألمانية، المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي “إنَّ لديها انطباع بأنَّ الكثير من اللبنانيين شعروا بأنَّ تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي كانت بمثابة هجوم على جميع اللبنانيين. وتضيف أنَّ هناك تعاطفاً كبيراً مع المدنيين الذين قُتِلوا: “وبالطبع يصعب هذا الشعور الحل السياسي. وعلى الرغم من أنَّ إسرائيل قد حقَّقت هدفها الأساسي المتمثِّل في التقليل من قدرة حزب الله العسكرية، ولكن ما يزال من غير الواضح ما الذي سيحدث الآن وكيف سيتم التوصل إلى مفاوضات تكون في نهاية المطاف مهمة لضمان أمن إسرائيل”.
اقتراح فرنسي بشأن الهدنة بين حزب الله وإسرائيل
اقترحت فرنسا والولايات المتحدة في 25 سبتمبر 2024 هدنة لمدة 21 يوما في لبنان لمنع تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله. يأتي ذلك وسط تحذيرات دولية من حرب شاملة. وتأتي هذه المبادرة الفرنسية-الأمريكية بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
يقول “جان-نويل بارو” وزير الخارجية الفرنسي إنه “في الفترة الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأمريكيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوما لإفساح المجال أمام المفاوضات”. وأضاف أن هذا المقترح “سيتم الإعلان عنه سريعا، ونحن نعول على قبول الطرفين به”. وحذر وزير الخارجية الفرنسي من أن “الوضع في لبنان اليوم يهدد بالوصول إلى نقطة اللاعودة”. وأضاف أن “التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه”. وفي 29 سبتمبر 2024 أكد وزير الخارجية الفرنسي “أن إسرائيل يجب أن “توقف على الفور ضرباتها في لبنان”، مضيفًا أن بلاده تعارض أي شكل من أشكال العمليات البرية من قبل الإسرائيليين”.
يرى “Jean-Dominique Merchet” المحلل والصحفي الفرنسي في 25 سبتمبر 2024 رغم تصاعد الهجمات الإسرائيلية وعدد القتلى الكبير في لبنان، إلا أن الوضع ليس كالحرب الشاملة كما هو الحال في غزة. على العكس تماماً، الجميع يسعى لتجنبها. بالنسبة للإسرائيليين، فهي مناورة مزدوجة، ردعية واستباقية. أما حزب الله، ورغم انه لا يزال قادراً على إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، لكنه يتجنب إشعال حرب شاملة.
استعدادات لإجلاء طارئ للمواطنين البريطانيين
دعا وزير الخارجية البريطاني “ديفيد لامي” في 24 سبتمبر 2024 إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان. وطالب لامي من طرفي الصراع التهدئة للوصول إلى تسوية سياسية. وأضاف “نحن جميعا واضحون للغاية في أننا نريد أن نرى تسوية سياسية تفاوضية حتى يتمكن الإسرائيليون من العودة إلى ديارهم في شمال إسرائيل وحتى يتمكن اللبنانيون كذلك من العودة إلى ديارهم”. وفي 29 سبتمبر 2024 أك ديفيد لامي “إنه تحدث إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي. “اتفقنا على الحاجة إلى وقف إطلاق النار الفوري لإنهاء إراقة الدماء. وشدد على أن “الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والاستقرار للشعبين اللبناني والإسرائيلي”
ودعا “كير ستارمر” رئيس الوزراء البريطاني أولئك الذين ما زالوا في لبنان على المغادرة فورا. وأكد على ” الحاجة إلى خفض التصعيد، ووقف لإطلاق النار. نقلت بريطانيا 700 جندي إلى قبرص استعدادا لإجلاء طارئ للمواطنين البريطانيين من لبنان، وقالت الحكومة البريطانية، إن الفرق العسكرية تنتقل إلى هناك لتقديم مزيد من الدعم للمواطنين البريطانيين في لبنان، على إثر التصعيد بين إسرائيل وحزب الله. استخبارات ـ ما هي وحدة الحرب الإلكترونية الإسرائيلية 8200 ؟
دول أوروبية ترفض الصراع المتصاعد
حثت وزارة الخارجية الهولندية، في 24 سبتمبر 2024 مواطنيها على مغادرة لبنان، بسبب ما اعتبرته “خطر التصعيد” بين حزب الله وإسرائيل لاسيما أن الوضع أصبح “غير آمن” و”لا يمكن التنبؤ بمآلاته”. أوضحت مندوبة سويسرا في مجلس الأمن في 25 سبتمبر 2024، أن “الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله تهدد بحرب شاملة لا يتمناها أحد”. وأكدت رفضها “الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله”. حذرت وزارة الخارجية البلجيكية من أن الوضع الأمني في لبنان “قد يزداد سوءا”. دعت الوزارة مواطنيها لعدم السفر إلى لبنان نظرا لعدم القدرة على التنبؤ بالوضع، كما دعت البلجيكيين المتواجدين في لبنان لمغادرته في أسرع وقت ممكن. أمن دولي ـ ما هي السيناريوهات المحتملة للصراع مابين حزب الله وإسرائيل ؟
هل يمكن للاتحاد الأوروبي التأثير على إسرائيل؟
دعت مسؤولة بارزة في الأمم المتحدة جميع الدول التي لها نفوذ على إسرائيل وجماعة حزب الله إلى “استغلال ذلك الآن” لتجنب تصعيد الصراع في الشرق الأوسط الذ ي حذرت من أنه قد يتضاءل مقارنة بالتصعيد الحالي.
يمكن للاتحاد الأوروبي على الورق، ممارسة بعض النفوذ على الحكومة الإسرائيلية. حيث أن إسرائيل تحتل المرتبة 25 فقط على قائمة الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد الأوروبي هو رقم واحد بالنسبة لإسرائيل دعا منتقدو قصف إسرائيل لغزة في أعقاب الهجمات التي شنتها حماس في أكتوبر 2023 الاتحاد الأوروبي إلى استخدام هذا النفوذ المحتمل من خلال النظر في فرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكات مزعومة للقانون الدولي. لم يسفر هذا الطلب على أرض الواقع عن أي نتيجة. والآن، مع تجاهل إسرائيل وحزب الله للدعوات الجديدة من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى لتهدئة الأوضاع في لبنان، عادت المناقشة حول الاستجابات المحتملة إلى الظهور.
أشار تقرير في 26 سبتمبر 2024 إلى أنه “حان الوقت لكي يعترف الأوروبيون بالتكلفة المترتبة على عرقلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تهدد باندلاع صراع أوسع نطاقا. ويظل وقف إطلاق النار في غزة المسار الدبلوماسي الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع بين إسرائيل وحزب الله بشكل مستدام. ملف أمن دولي ـ تحول قواعد الأشتباك مابين حزب الله وإسرائيل إلى الحرب الهجينة
**
2ـ أمن دولي ـ ما هو دور ألمانيا في الصراع ما بين حزب الله وإسرائيل؟
يشهد الصراع بين حزب الله وإسرائيل تصعيدًا متزايدًا، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في 17 سبتمبر 2024. تلك الأحداث تأتي في إطار تاريخ طويل من التوترات التي شهدتها المنطقة، ومعها يزداد الاهتمام الدولي، خصوصًا من قبل دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا. قبل 17 سبتمبر 2024، شهدت الساحة اللبنانية تصعيدًا ملحوظًا، لكن التطور الخطير فيما يتعلق بالتصعيد بين إسرائيل وحزب الله كان منذ ذلك التاريخ حيث تم تنفيذ سلسلة من التفجيرات التي استهدفت مواقع حساسة، وقيادات كبيرة داخل الحزب. كانت أولى هذه العمليات تفجير “البيجر” والذي استهدف مركزًا يُعتقد أنه نقطة تجمع لمقاتلي حزب الله. تلتها عملية تفجير “اللاسلكي” التي استهدفت شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب، مما أدى إلى فقدان الاتصالات بين قياداته.
موقف ألمانيا من التصعيد
تعتبر ألمانيا دولة رئيسية في الاتحاد الأوروبي، ولها تاريخ طويل في محاولة حل النزاعات الدولية من خلال الوسائل الدبلوماسية. بعد تصاعد العنف بين إسرائيل وحزب الله، أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها العميق بشأن الأوضاع في لبنان. وفي تصريحات لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، تم التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لوقف التصعيد، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس. كما أكدت برلين على أهمية حماية المدنيين وضرورة الالتزام بالقانون الدولي. بعد حادث تفجير البيجر، الذي أسفر عن مقتل عدد من قيادات حزب الله، في 17 سبتمبر أبدت الحكومة الألمانية قلقها من تداعيات هذا العمل على الوضع الأمني في لبنان. حيث دعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، جميع الأطراف إلى ضرورة تجنب العنف، مؤكدًا أن أي هجوم يستهدف المدنيين يعد انتهاكًا للقانون الدولي.
ما بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل
قال المستشار الألماني أولاف شولتس بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يوم الثاني من أكتوبر 2024 إن “إيران تخاطر بإشعال المنطقة بأكملها”. وطالب إيران وحزب الله بـ”الوقف الفوري لهجماتهما على إسرائيل” وتقول وطهران إنها استخدمت حقها القانوني. وأكد المستشار الألماني أن بلاده، بالتعاون مع شركائها، ستواصل العمل للتوسط في وقف اطلاق النار مابين حزب الله وإسرائيل، موضحا أن وقف إطلاق النار هذا يجب أن يكون بداية للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701، “الذي ينص بوضوح على ضرورة انسحاب حزب الله من المنطقة الحدودية مع إسرائيل”. وقال: “هذا من شأنه أن يمهد الطريق أمام عودة المواطنين إلى شمال إسرائيل ، وفي الوقت نفسه يفتح آفاقا لتدعيم دولة لبنان”.
وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبشترايت، في برلين 21 سبتمبر 2024: “يجب ألا يتحول الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى حريق إقليمي؛ إذ إنه سيؤدي إلى عواقب مروعة وطويلة الأمد بالنسبة للسكان في جميع أنحاء المنطقة، فالدمار الناجم عن مثل هذه المواجهة سيكون كارثياً”. وأضاف هيبشترايت أن مدنيين أبرياء أصيبوا وقتلوا في الأيام الأخيرة، وأردف أن الناس في الدولة المجاورة لإسرائيل من الشمال (لبنان) يعيشون في حالة من الخوف والرعب، رغم أن “قطاعات كبيرة من السكان” ليس لهم علاقة بالصراع. وأكد المتحدث على “ضرورة إتاحة حل دبلوماسي للصراع”، مشدداً على ضرورة انسحاب قوات حزب الله من منطقة الحدود مع إسرائيل “حتى يتمكن الناس في شمال إسرائيل من العودة إلى منازلهم”.
ألمانيا: أهمية تحقيق الاستقرار في المنطقة
بالإضافة إلى ذلك، في سياق التطورات، جاءت تصريحات المسؤولين الألمان لتسلط الضوء على أهمية تحقيق الاستقرار في المنطقة. فقد صرحت وزيرة الخارجية بأن “الجهود الدولية يجب أن تُركز على إيجاد حلول دبلوماسية، وأن استخدام القوة لن يحل المشاكل المعقدة التي تواجهها المنطقة”، ومع تصاعد التوترات، كان لاغتيال حسن نصر الله في 27 سبتمبر 2024 تأثيرًا كبيرًا على موقف ألمانيا. حيث اعتبرت الحكومة الألمانية أن هذا الحدث قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في العنف في المنطقة. وذكرت أن أي تحرك عسكري يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع، مما يدفع بالأطراف إلى مزيد من التصعيد بدلاً من البحث عن حلول سلمية. وتؤكد تصريحات المسؤولين الألمان على الحاجة الملحة إلى التهدئة، حيث تم التأكيد على أهمية الحوار بين الأطراف المعنية.
ألمانيا : دعم جهود السلام
أعلنت الحكومة أن ألمانيا ستواصل العمل مع شركائها في الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى من أجل دعم جهود السلام، مع التركيز على حماية المدنيين وضمان استقرار المنطقة. تعكس هذه التصريحات رغبة ألمانيا في التفاعل مع الوضع المعقد والسعي نحو تحقيق تسوية دائمة. وفي تصريحات فُهمت على أنها انتقاد واضح لإسرائيل، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية من “انزلاق المنطقة بأسرها إلى دوامة من العنف” عقب مقتل الأمين العام لحزب الله، وفي ظل هذه التطورات، رفعت ألمانيا درجات التأهب في ثلاث بلدان وفقاً لبيان للخارجية الألمانية، الذي كشف على أن خلية أزمة اجتمعت 28 سبتمبر 2024 لبحث “الوضع المتوتر للغاية في لبنان والمنطقة على نطاق أوسع بعد الهجمات الأخيرة” وقررت “رفع مستوى الأزمة للبعثات في بيروت ورام الله وتل أبيب”، كما قررت الخارجية الألمانية إجلاء عائلات دبلوماسييها وتقليص عدد الموظفين في بعثاتها في إسرائيل ولبنان والضفة الغربية.أمن دولي ـ هل تتورط إيران في صراع مباشر مع إسرائيل؟
كيف تتعامل ألمانيا مع حزب الله؟
تُعتبر العلاقة بين ألمانيا وحزب الله معقدة، حيث تُصنف ألمانيا حزب الله كمنظمة إرهابية. رغم ذلك، تُحافظ برلين على قنوات تواصل مع مختلف الأطراف في لبنان، بما في ذلك الحكومة اللبنانية، التي تضم عناصر من حزب الله. تركز السياسة الألمانية في هذا السياق على دعم الاستقرار في لبنان ومنع تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك. ألمانيا تعبر عن دعمها للجهود الدولية الرامية لإحلال السلام في المنطقة، لكن موقفها الرافض للتطرف والإرهاب يجعلها تتعامل بحذر مع أي تقارب مع حزب الله.
التصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله قد يؤثر سلباً على العلاقة بين ألمانيا وحزب الله، حيث قد تعزز ألمانيا من موقفها ضد الحزب في ظل الأوضاع المتوترة. قد يؤدي هذا التصعيد إلى زيادة الضغط على الحكومة الألمانية لتبني سياسة أكثر صرامة تجاه حزب الله، مما قد ينعكس على المساعدات الإنسانية والتعاون الدبلوماسي. كما أن أي تصعيد عسكري يمكن أن يخلق بيئة غير مستقرة تجعل من الصعب على ألمانيا لعب دور الوسيط أو الداعم للسلام في المنطقة. على الرغم من التحديات التي تطرأ بسبب التصعيد، تبقى ألمانيا ملتزمة بدعم الاستقرار في الشرق الأوسط.
تعمل برلين على تعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة، بما في ذلك تقديم المساعدات الإنسانية للبنان ومساندة الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات. يُتوقع أن تواصل ألمانيا دعواتها لوقف الأعمال العدائية وضرورة العودة إلى طاولة الحوار، حيث أن أي تصعيد قد يؤدي إلى تداعيات إنسانية خطيرة ويهدد المصالح الأوروبية والألمانية في المنطقة. لذلك، يبقى التركيز على تحقيق الاستقرار وحماية المدنيين من أولويات السياسة الألمانية في ظل هذه الظروف.أمن دولي ـ مواقف ودور الاتحاد الأوروبي من الصراع بين حزب الله وإسرائيل
كيف تنظر ألمانيا ودول الاتحاد للتصعيد الراهن؟
يزداد القلق الأوروبي من تمدد الصراع وتوسع حرب غزة إلى الشمال وإقدام إسرائيل على اجتياح جنوب لبنان لإبعاد حزب الله عن الحدود. وفي هذا السياق، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ، إن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع إلى لبنان، وذلك بعد أيام قليلة من تهديد حزب الله اللبناني لقبرص العضو في الاتحاد الأوروبي.
يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق متزايد إزاء تصاعد التوترات عبر الخط الأزرق، والدمار المتزايد والنزوح القسري للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية. تماشياً مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، يدعو الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس، ومنع المزيد من التوترات والانخراط في الجهود الدبلوماسية الدولية، ولا سيما من جانب فرنسا والولايات المتحدة.
تصاعد التوتر قد يفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة في لبنان وفلسطين، وهو ما يتعارض مع الجهود الأوروبية الرامية إلى تعزيز السلام والتنمية في المنطقة. يتمحور موقف الاتحاد حول أهمية تجنب التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية من خلال الحوار، وهو ما يعكس التزامه الثابت بدعم الأمن والاستقرار الإقليمي. قد تؤثر حالة التصعيد الراهنة على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل كبير، حيث قد تدفعه إلى إعادة تقييم استراتيجياته في التعامل مع الأطراف المعنية.
قد يتخذ الاتحاد خطوات لتعزيز التعاون مع حلفائه في المنطقة في ظل تزايد التوترات، بما في ذلك دعم الجهود الإنسانية والتدخلات الدبلوماسية. أيضًا، يُحتمل أن تتزايد الضغوط على الدول الأعضاء لإيجاد مواقف مشتركة تعزز من وحدة الاتحاد في مواجهة التحديات الأمنية. هذا التصعيد قد يساهم أيضًا في تحفيز النقاشات حول كيفية تعزيز الأمن الإقليمي، بما في ذلك ضرورة وجود آليات فعالة للحوار ومنع النزاعات، مما يعكس أهمية دور الاتحاد الأوروبي في السعي لتحقيق الاستقرار الدائم في الشرق الأوسط.أمن أوروبا ـ موقف الدول الأوروبية من اغتيال حسن نصرالله
**
3- أمن دولي ـ ما هو دور فرنسا في الصراع ما بين حزب الله وإسرائيل؟
تسعى فرنسا إلى تجنب حرب إقليمية في الشرق الأوسط فيرغم تداعيات اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله ” حسن نصرالله يوم 23 سبتمبر 2024 فيضاحية بيروت الجنوبية.
ومازاد في الأمر تعقيداً هو إعلان عملية إسرائيل عمليتها العسكرية جنوب لبنان، وتزايدت المخاوف بعد شن إيران ضربة “صاروخية” في الأول من أكتوبر 2024، انتقاماً إلى اغتيال حسن نصر الله واسماعيل هنية وقيادات إيرانية، فيلق القدس.
سارعت فرنسا مع الولايات المتحدة في اعقاب ذلك تقديم مبادرة لوقف إطلاق النار، وتواصلت فرنسا مع نظيراتها في لبنان وإسرائيل وإيران في محاولة لإقناعها بضبط النفس.
موقف فرنسا من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ـ الحفاظ على “قواعد الاشتباك”
جاء الموقف الفرنسي على النقيض من المواقف الأوروبية المنحازة لإسرائيل ليبلور نوعًا من التوازن إزاء التصعيد الإسرائيلي على غزة، إذ أن الرئيس الفرنسي ماكرون حاول الموازنة بين التعبير عن تضامنه مع إسرائيل في أعقاب هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، وإدانة ما يعتقد أنه الرد من جانب قوات الدفاع الإسرائيلية في قطاع غزة ــ كما فعل مرة أخرى في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر 2024.
ورغم أن فرنسا لم يكن لها تأثير كبير على حرب غزة، فإن دورها الوسيط في لبنان يظل مهما. إذ تحافظ فرنسا على اتصال وثيق مع المؤسسة السياسية اللبنانية بأكملها (بما في ذلك حزب الله)، ويعكس الوجود الدائم للقوات الفرنسية في إطار قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان أهمية هذا البلد الشرق أوسطي بالنسبة لباريس. وحاول ماكرون إطلاق خطة للإنقاذ السياسي والمالي للبلاد بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 دون جدوى.
حاولت فرنسا منذ نهاية يناير 2024 المنصرم، احتواء التصعيد على الحدود بين إسرائيل ولبنان والتي تهدد بالتوسع. وتبدو المخاطر عالية بشكل خاص إلى باريس، التي تنشر مئات الجنود ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”، في المنطقة الجنوبية من البلاد حيث تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق النار بشكل متكرر منذ أكتوبر 2023.
وكانت باريس قد قدمت مبادرة أولى إلى الطرفين، لكن تم تعديلها في بداية مايو 2024، بناء على طلب بيروت، التي اعتبرت النسخة الأولى “مواتية للغاية” للأطروحات الإسرائيلية. وتنص المبادرة الفرنسية التي قُدمت، على انسحاب مقاتلي حزب الله وحلفائهم إلى مسافة تراوح بين (10 إلى 12) كيلومتراً من الحدود ووقف الانتهاكات الجوية الإسرائيلية، كما تقترح إنشاء لجنة رباعية تضم فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان لمراقبة وقف الأعمال العدائية.
ويقضي المقترح أيضاً بأن يتم نشر ما يصل إلى (15) ألف جندي من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان، وهي معقل سياسي لحزب الله حيث يندمج مقاتلو الجماعة منذ فترة طويلة في المجتمع في أوقات الهدوء. وفي 13 يونيو 2024 تم الإعلان عن تشكيل لجنة ثلاثية تضم إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، لبحث خارطة الطريق الفرنسية لنزع فتيل التوتر بين حزب الله في لبنان، وإسرائيل.
ويرفض حزب الله الخوض في أي مفاوضات من هذا النوع، مشترطاً وقفاً دائماً لإطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة. فيما عكست تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت رفض أي وساطة فرنسية في المواجهات الجارية على الجبهة الشمالية مع حزب الله. إذ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في 14 يونيو 2024، إن إسرائيل لن تكون طرفاً في الإطار الثلاثي الذي اقترحته فرنسا. الاتحاد الأوروبي ـ الصراع بين إسرائيل وحزب الله يثير الكثير من الانقسامات
الموقف الفرنسي بعد انهيار “قواعد الاشتباك” بين إسرائيل وحزب الله
صعد الجيش الإسرائيلي منذ 23 سبتمبر 2024 من هجماته على حزب الله، وشنّ أوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، كما غتال أبرز قيادات الحزب، وأمينه العام حسن نصرالله في 27 سبتمبر 2024، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي، في الأول من أكتوبر2024، عن بدء تنفيذ “عملية برية محدودة في جنوب لبنان، في إطار تصعيد العمليات العسكرية. ليرد حزب الله بصواريخ بلغت تل أبيب للمرة الأولى في تاريخ النزاع المستمر بين الجانبين.
وكان قد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 26 سبتمبر 2024 ، أن فرنسا تعارض أن يصبح لبنان “غزة جديدة” ، في إشارة إلى العدد “الصادم للغاية” من الضحايا المدنيين مشدداً على أنه يجب على إسرائيل أن توقف ضرباتها وعلى حزب الله أن يتخلى عن منطق الانتقام .
فيما دعت الخارجية الفرنسية في 28 سبتمبر 2024 إلى وقف فوري للغارات الإسرائيلية على لبنان، كما أدانت الوزارة أي عمل عشوائي ضد المدنيين في لبنان، مؤكدة أن “فرنسا تعارض أي عملية برية في لبنان”. ودعت فرنسا الأطراف الأخرى، وعلى وجه التحديد حزب الله وإيران، إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار واندلاع صراع إقليمي.
على المستوى الدبلوماسي، حاولت باريس وواشنطن التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان قبل ساعات فقط من شن إسرائيل ضربات جوية أسفرت عن مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. إذ تضمنت المبادرة الفرنسية والأميركية في 26 سبتمبر 2024 “وقف فوري لإطلاق النار لمدة (21) يوما، على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل، من أجل إتاحة فرصة للتوصل إلى تسوية دبلوماسية”. وجاء في بيان الرئيس الأميركي ونظيره الفرنسي المشترك ” إن القتال لم يعد يُحتمل، وإنه يمثل خطرا غير مقبول قد يجر لتصعيد إقليمي أوسع نطاقا. إلا أن الطرف الإسرائيلي رفض المقترح، ورد بتصعيد هجماته على حزب الله.
وبحسب المراقبين، فإن تقييم تل أبيب سلبي جداً للدور الفرنسي، وتعتبر الحكومة الإسرائيلية أن باريس لا تراعي المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، ولا يمكن التعاون والتجاوب معها. حتى فكرة الهدنة المؤقتة التي تستمر لثلاثة أسابيع، يرى فيها الإسرائيليون فرصة لحزب الله كي يعيد تنظيم صفوفه وتعزيزها، وهو مرفوض إسرائيلياً.
أما على المستوى الإنساني، فقد أعلنت فرنسا، في 30 سبتمبر 2024 عن تقديم دعم مالي قدره (10) ملايين يورو للبنان، استجابة للأزمة الإنسانية التي يمر بها البلد. وفي الثاني من أكتوبر 2024 قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنها ستنظم قريبا مؤتمرا لدعم لبنان، وطلبت من وزير الخارجية التوجه إلى المنطقة. وأضافت أن باريس تتخذ أيضا كل التدابير لمساعدة مواطنيها في المنطقة.بالمقابل، على الصعيد العملياتي، أرسلت باريس سفينة حربية إلى شرق البحر المتوسط في الثاني أكتوبر 2024، بعد وصول حاملة طائرات مروحية في الأول من أكتوبر 2024 للتمركز على الساحل اللبناني استعدادا لأي عمليات إجلاء جماعي. أمن أوروبا ـ موقف الدول الأوروبية من اغتيال حسن نصرالله
موقف فرنسا من التصعيد الإيراني الإسرائيلي
تربط باريس بين التصعيد الإيراني ــ الإسرائيلي المباشر الحالي، وبين الحرب الدائرة في غزة، وترى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستئناف العمليات الإنسانية “لحماية المدنيين” سيكون له دوره في استبعاد التصعيد بين دولة نووية هي إسرائيل وأخرى وصلت، وفق عدد كبير من المراقبين، إلى الحافة النووية.
ويعتبر الساسة الفرنسيون أن أي حرب قد تنشأ بين طهران وتل أبيب يمكن أن تمتد سريعاً إلى دول أخرى مثل العراق ولبنان وسوريا؛ ما سيشكل حريقاً على مستوى الشرق الأوسط لا أحد يريده. وأوضح الرئيس الفرنسي ماكرون أن فرنسا تتحدث مع كل دول المنطقة، وتحاول أن تكون “قوة وساطة”، مشدداً على الدور الأميركي “لاحتواء إيران”.
بالمقابل، أظهرت فرنسا بالفعل أنها ستقف إلى جانب إسرائيل عسكرياً، عندما شاركت في الأول من أكتوبر 2024 في اعتراض الصواريخ الإيرانية تجاه إسرائيل رداً على اغتيال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة طهران. حيث أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “إن فرنسا تدين الهجوم على إسرائيل بالصواريخ الباليستية التي أطلقت من إيران. وتؤكد التزامها المطلق بأمن إسرائيل. وشاركت بوسائلها العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني”. ولم يتطرق البيان إلى تفاصيل أخرى عن الدور الذي لعبته في التصدي للهجوم الإيراني، لكن مسؤولا قال إن فرنسا شاركت في اعتراض الصواريخ الإيرانية.
وسبق اعترضت الطائرات الفرنسية طائرات بدون طيار وصواريخ إيرانية فوق المجال الجوي الأردني في 14 أبريل2024. إذ أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون حينها إن الطائرات الفرنسية المرابطة في الأردن في إطار القوة الدولية لمحاربة تنظيم “داعش” قد شاركت في التصدي للمقذوفات الإيرانية “بناءً على طلب الأردن”. أمن دولي ـ ما هو موقف فرنسا من التصعيد ما بين إسرائيل وإيران؟
**
4ـ أمن دولي ـ ما هو دور هولندا وبلجيكا في الصراع بين حزب الله وإسرائيل
بوتيرة متسارعة دخلت لبنان في خضم الصراع الراهن في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن أخذت المواجهات بين إسرائيل وحزب الله منحى شديد الخطورة لم يحدث منذ حرب لبنان الثانية في يوليو 2006، ما يزيد التخوفات لدى دول الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها بلجيكا وهولندا، رغم اختلاف مواقفهما بشأن التصعيد في غزة ودعم إسرائيل، إلا أن الرؤى بينهما توافقت على ضرورة التهدئة وتجنيب لبنان دخول حرب شاملة مع إسرائيل.
موقف بلجيكا من الصراع بين إسرائيل وحزب الله
منذ بداية التوترات بالشرق الأوسط، تبنت بلجيكا موقفاً واضحاً بشأن رفض التصعيد الإسرائيلي، ومع مواصلة الغارات الجوية الإسرائيلية وبدء عملية برية محدودة في جنوب لبنان، قالت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر في 1 أكتوبر 2024، إن “الغزو البري المخطط للبنان ينتهك القانون الدولي بشكل صارخ” منوهة إلى أنه ليس دفاعاً عن النفس بل يثير حرباً شاملة. وطالبت الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بالرد بأقصى قدر من العقوبات على إسرائيل. أدان ساسة بلجيكيون في 24 سبتمبر 2024 علناً التصعيد، وأعربت بيترا دي سوتر، عن صدمتها إزاء الهجوم على جنوب لبنان، مؤكدة أن الحل الدبلوماسي السبيل الوحيد الذي يعيد السكان لمنازلهم. وجددت الخارجية البلجيكية تحذيراتها من السفر للبنان عقب تفجيرات البيجر.
طالب السفير اللبناني في بلجيكا فادي حجلي بروكسل في 25 سبتمبر 2024، بالذهاب خطوة أبعد في فرض العقوبات على إسرائيل، داعياً مؤسسات الاتحاد الأوروبي لمراجعة العلاقة مع إسرائيل. وبتفاقم الوضع في لبنان، دعت الحكومة البلجيكية مواطنيها في 26 سبتمبر 2024 لمغادرة لبنان في أسرع وقت ممكن. قبل التصعيد الأخير بلبنان، حثت بلجيكا جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وقالت وزيرة الخارجية البلجيكية حاجة لحبيب في 5 أغسطس 2024، إن الاستقرار أمر حيوي للبنان والمنطقة. وفي 10 أغسطس 2024 أبدت بلجيكا عن قلقها تجاه التوترات بالمنطقة عبر مكالمة بين وزيرة الخارجية البلجيكية حاجة لحبيب ونظيرها الإيراني علي باقري، موجهة دعوة لجميع الأطراف الإقليمية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 يوليو 2024.
بلجيكا تعد المحرك الرئيسي وراء تغيير موقف الاتحاد الأوروبي تجاه الوضع بالشرق الأوسط منذ اليوم الأول للحرب على غزة، ووقعت ضمن (48) دولة على بيان للأمم المتحدة في أبريل 2024 الذي يدين الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل بصواريخ بالستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة استهدفت عدة أهداف. حثت بروكسل دول الاتحاد على اتخاذ موقف جاد تجاه الأوضاع في الشرق الأوسط، وفي 7 نوفمبر 2023 قالت وزيرة التعاون الإنمائي والسياسة الحضرية كارولين جينيز لسفراء بلادها في بروكسل، ليس من الواضح أنه يجب البقاء على الحياد، مشددة على أهمية تطبيق القانون الإنساني على الجميع. تنظر بلجيكا إلى القرار (1701) بأنه السبيل للتهدئة على الجبهة اللبنانية، وطالبت الحكومة البلجيكية خلال اتصالاتها المكثفة مع الحكومة اللبنانية، بضرورة تنفيذ بنود القرار الذي أنهى النزاع بين إسرائيل وحزب الله في حرب 2006.أمن دولي ـ إسرائيل تغزو جنوب لبنان وحزب الله يٌطلق مئات الصواريخ على إسرائيل
مخاوف بلجيكا من اتساع الصراع
حذرت بلجيكا في 25 يناير 2024، من أن التصعيد يخلف تهديداً أمنياً لأوروبا ومن المتوقع أن يستمر بعد وقف إطلاق النار، ما دفع الحكومة البلجيكية نشر قوات إضافية من الشرطة لمناطق بعيدة مثل الحي اليهودي في أنتويرب. ومع تفاقم الوضع بالبحر الأحمر تخوفت بروكسل من تضرر (12%) من حجم التجارة العالمية الذي يمر بهذا الممر المائي وتأثر شبكات الإمدادات لأوروبا، خاصة وأن المناوشات بين الفصائل المسلحة التابعة لإيران والولايات المتحدة أدت لارتفاع طفيف لأسعار النفط الخام في نوفمبر 2023 بنحو (0.27%). وتخشى بروكسل من أن توسيع دائرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، تدخل أطراف إقليمية ودولية في الصراع ما يعني انزلاق المنطقة لحرب، ما ينعكس على التضخم وأسعار السلع والطاقة.
تسبب نزوح نحو مليون شخص من لبنان جراء القصف الإسرائيلي، في قلق الاتحاد الأوروبي وتحديداً بلجيكا، من تفاقم الضربات على المناطق المكتظة بالسكان، خاصة وأن هذه التوترات ترجح وجود موجة لجوء جديدة لأوروبا، في حين تعاد صياغة إجراءات اللجوء والهجرة بالاتحاد الأوروبي، ما يزيد الأعباء على كاهل هذه الدول ويضعها في مأزق للتعامل مع تداعيات الوضع الإنساني اللبناني.
موقف هولندا من الصراع بين حزب الله وإسرائيل
تدعم هولندا جهود احتواء التصعيد بالشرق الأوسط، وفي 26 سبتمبر 2024 قال وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب بمجلس الأمن، إن بلاده تدعم الدول التي تعمل على وقف إطلاق النار في ضوء التصعيد بلبنان. وأثنت على المبادرة الدولية لوقف المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، والتي طالبت بوقف لإطلاق النار لمدة (21) يوماً ما يتيح الفرصة للتفاوض والتوصل لاتفاق. وفي 24 سبتمبر 2024 دعت هولندا مواطنيها لمغادرة لبنان فوراً، ورفعت مستوى التحذير من السفر للبنان إلى الأحمر منذ أكتوبر 2023. كما حذرت رعاياها في 26 يونيو 2024 و30 يوليو 2024، من خطر التصعيد في لبنان والمنطقة. وكانت هولندا ضمن الدول الموقعة على بيان الأمم المتحدة الذي أدان هجوم إيران على إسرائيل في أبريل 2024. وتواصل وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب مع نظيره الإيراني علي باقري، لبحث سبل التهدئة مع إسرائيل بالمنطقة.
مخاوف هولندا من اتساع الصراع
نظراً لاعتماد الاقتصاد الهولندي على التجارة الخارجية، وتصدرها المراكز الأولي لصادرات دول الخليج العربي، فتصبح التداعيات الاقتصادية للصراع الراهن أكثر مخاوف هولندا، إضافة إلى تبعات الهجمات بين إسرائيل ولبنان على المجتمع الهولندي، وخرجت مظاهرات في 19 سبتمبر 2024 في مدينة نيميجن الهولندية، اعتراضاً على العلاقات مع إسرائيل والدعم غير المباشر المقدم لها. وفي 10 مارس 2024 تظاهر آلاف الهولنديين في أمستردام رفضاً لمشاركة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في افتتاح المتحف الوطني للهولوكوست.أمن دولي- ما هو موقف هولندا وبلجيكا من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
كيف تتعامل بلجيكيا وهولندا مع حزب الله؟
رغم حظر الاتحاد الأوروبي لحزب الله في 2021، وإدراج بعض الدول الأعضاء جناحه العسكري على قوائم الإرهاب في 2013، إلا أن الحزب يظل ضمن المعادلة السياسية والعسكرية في التصعيد الراهن، حينما تطالب بلجيكا بالتهدئة وتجنب نشوب حرب أوسع في لبنان والمنطقة، وكانت بلجيكا ضمن الدول المتحفظة على إدراج حزب الله وجناحه العسكري على قوائم الإرهاب، اعتراضاً على عدم كفاية الأدلة وتحسباً لاعتراض المحكمة الأوروبية على الخطوة، إضافة إلى عدم رغبتها في تداعيات القرار على القوات الدولية الطارئة “اليونيفيل” التي تشارك في تنفيذ القرار (1701) في جنوب لبنان. حظر هولندا لحزب الله بالكامل، لم يمنعها من وضعه ضمن القوة السياسة الفاعلة في لبنان، رغم أن جهاز الاستخبارات الهولندي ينظر إلى الأجنحة السياسية والعسكرية للحزب بالتهديد لبلاده، مع تزايد نفوذه في أوروبا والكشف عن محاولات اغتيال يديرها هناك خلال 2019.
ما مدى تأثير موقفي هولندا وبلجيكا من التوترات بالمنطقة؟
مواقف بلجيكا وهولندا الداعمة للجهود الدبلوماسية لمنع نشوب صراع أوسع بالمنطقة، تحقق توازناً بين الأطراف الإقليمية والدولية، في ظل تبني التكتل الأوروبي دور الوسيط على خلاف واشنطن التي يبدو موقفها متأرجحاً بين دعم إسرائيل والتهدئة، وتركز هولندا وبلجيكا على أهمية الحوار محذرين من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله خلال اجتماعات الاتحاد الأوروبي وجلسات مجلس الأمن. وحرصت الدولتان على الإشارة إلى المعاناة الإنسانية التي ستنتج من القصف على الجنوب اللبناني بالتزامن مع مرور عام على معاناة المدنيين بغزة. وتفتح بروكسل وأمستردام قنوات الاتصال مع مسؤولي إيران للضغط على حزب الله نظراً لأن التواصل ليس مباشراً معه. وتلعب هولندا دوراً مهماً في إقناع إسرائيل بوقف التصعيد..أمن دولي ـ ما هي تكاليف إسرائيل العسكرية، وكيف تستفيد الصناعة الأمريكية؟
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– يتطلب التصعيد المستمر بين حزب الله وإسرائيل استجابة منسقة من الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية لمواجهة التداعيات المحتملة على أوروبا، والتخفيف من حدة التوترات في الشرق الأوسط.
– يمكن القول أن أي تصعيد أكبر في الصراع قد يؤدي إلى حرب شاملة، والتي من شأنها أن تزيد التوترات في الدول الأوروبية، وقد تشهد أوروبا موجة جديدة من الإرهاب والهجرة الغير شرعية.
من المرجح أن يبذل الأوروبيون المزيد من الجهود للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام نفوذها الدبلوماسي والسياسي والعسكري على إسرائيل. من الممكن أن يعمل الوقف الفوري لإطلاق النار كأساس لمفاوضات جادة لمعالجة التوترات بين إسرائيل وحزب الله.
– بات متوقعا أن يتغير نهج بعض الدول الأوروبية في التعامل مع إسرائيل إذا استمر التصعيد، وذلك من خلال إنهاء مبيعات الأسلحة لإسرائيل ومراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وإسرائيل.
– قد يتسبب الصراع في استقطاب سياسي داخل الدول الأوروبية، حيث يمكن أن تتباين الآراء حول كيفية التعامل مع حزب الله وإسرائيل. ويمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات في الدول الأوروبية، خاصة في الدول التي تستضيف جاليات لبنانية وفلسطينية وإسرائيلية.
**
– التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله يضع ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي في موقف حساس، حيث يتطلب منه موازنة التزامات الأمن والاستقرار مع دعوات حقوق الإنسان. الدول الأوروبية تُدرك أن استمرار العنف قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، ويزيد من أعداد اللاجئين. لذلك، يُتوقع أن يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز جهوده في مجال الدبلوماسية الوقائية، مع التركيز على حل النزاعات من خلال الحوار، كما سيسعى إلى توحيد المواقف بين الدول الأعضاء لضمان استجابة فعّالة.
– يُرجح أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتعزيز استجابته للأزمات الإنسانية في المنطقة في ظل التصعيد المحتمل. يمكن أن تشمل هذه الاستجابة زيادة المساعدات المالية والفنية للبنان والدول المجاورة، إلى جانب دعم المنظمات غير الحكومية التي تعمل على توفير المساعدة للمدنيين المتضررين. سيشدد الاتحاد على أهمية حماية المدنيين في سياق النزاع، كما قد يسعى إلى تكوين تحالفات مع الدول الأخرى في المنطقة والمجتمع الدولي لدعم هذه الجهود. هذه الاستجابة تُظهر التزام الاتحاد بتخفيف الآثار الإنسانية للتصعيد، بينما تُحافظ على مصالحه الاستراتيجية.
– ألمانيا يمكن أن تلعب دور الوسيط في عملية الحوار بين إسرائيل وحزب الله، على الرغم من تعقيد موقفها. بفضل علاقاتها القوية مع إسرائيل ودعمها الثابت للسياسة الأمنية الأوروبية، يمكن لألمانيا العمل على تشجيع الأطراف على الانخراط في مفاوضات غير مباشرة. ستحاول برلين توظيف علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان لجعل صوت حزب الله مسموعاً في السياقات الدولية، مما يسهل عملية التوصل إلى حلول سلمية، هذا الدور يمكن أن يعزز من مكانة ألمانيا كقوة موازنة في السياسة الخارجية الأوروبية.
– يمكن أن تؤدي حالة التصعيد إلى إعادة تقييم الاستراتيجية الأوروبية تجاه الشرق الأوسط. قد يكون من الضروري اعتماد سياسة أكثر شمولية تركز على معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات، مثل التوترات الطائفية والاقتصادية. ستحتاج الدول الأعضاء إلى التنسيق بشكل أكبر، مما قد يعزز من وحدة الموقف الأوروبي. من خلال دعم التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون الإقليمي، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعمل على تحسين الظروف الاجتماعية والسياسية، مما يقلل من احتمالية تصعيد النزاعات في المستقبل.
– على المدى الطويل، يعتمد موقف ألمانيا والاتحاد الأوروبي على كيفية تطور الوضع في المنطقة. في حال استمرت التوترات في التصاعد، قد تجد برلين وبروكسل نفسيهما مضطرتين إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الأطراف المتورطة. ومع ذلك، فإن التركيز على الدبلوماسية وحل النزاعات سيكون دائماً جزءاً من الاستراتيجية الأوروبية. ألمانيا ودول الاتحاد ستستمر في السعي لتوفير بيئة مستقرة وآمنة، مع الاستمرار في دعم المبادرات الإنسانية والدبلوماسية، مما قد يؤدي في النهاية إلى نتائج أكثر إيجابية في سياق النزاعات الإقليمية.
**
– تربط باريس بين التصعيد الإسرائيلي وحزب الله الحالي، وبين الحرب الدائرة في غزة، وترى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، سيكون له دوره في تجنب خطر اندلاع حريق إقليمي كبير.
– دفعت دوائر القرار في فرنسا منذ أكتوبر 2023، عديد المبادرات لتهدئة في لبنان، تراعي المصالح الإسرائيلية، لا سيما لجهة تعزيز القوات الأممية المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وإبعاد مقاتلي حزب الله عن الحدود مع إسرائيل.
– على الرغم من المحاولات العديدة التي بذلتها فرنسا لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله ، إلا أن باريس فشلت حتى الآن في الحصول على أي تنازلات من الأطراف المتحاربة.
– يعود الفشل الفرنسي في التقدم بمبادرات للحل أو التهدئة، بالأساس، إلى عدم ثقة جميع الأطراف المتصارعة، سواء من اللاعبين الكبار، كالولايات المتحدة وإيران، أو وكلائهما، وعلى رأسهم إسرائيل، بالدور الفرنسي
– لا يسع فرنسا سوى “تقديم الدعم” للبنان، وتحشيد الأوروبيين لتقديم المساعدات، وهو ما كان واضحاً في كلام وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان نويل بارو من بيروت، في الأول من أكتوبر 2024، بقوله إن “زيارته للبنان هي لتوجيه الدعم والتضامن للبنانيين، مع تقديم مساعدة إنسانية ملموسة ، ومواصلة جهودنا لوقف العمليات العدائية والتوصل إلى تسوية دبلوماسية.
– من المرجح أن تشارك فرنسا في صد أي هجوم إيراني أخر مرتقب على إسرائيل من خلال المضادات الجوية، في حين من المستبعد أن تشارك مع إسرائيل في أي هجوم رد فعل تشنه تل أبيب على طهران تحسباً من اشتعال المنطقة.
ـ رغم ماتسعى له فرنسا من بذل جهود دبلوماسية في لبنان وربما في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أوحزب الله، تبقى هذه المساعي محدودة جداُ، بسبب عدم وجود قدرة إلى فرنسا بالضغط على أطراف الصراع مثلما تفعله الولايات المتحدة، ومن المستبعد أن تأتي بنتائج إيجابية في لبنان أو غزة بسبب تعقيد الصراع.
**
– باتت لبنان جزءاً من الصراع منذ هجمات إسرائيل على أجهزة البيجر وأجهزت اتصالات لاسلكية يستخدمها أعضاء حزب الله يومي 17 و18 سبتمبر 2024، وتصاعدت الضربات الاستنزافية المتبادلة بين الطرفين، إذ شنت إسرائيل أعنف هجوم على جنوب لبنان وشرقه في 23 سبتمبر 2024، ووجه حزب الله صواريخ ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، وتطور الأمر باغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت في 27 سبتمبر 2024، وبدء إسرائيل عملية برية محدودة بالجنوب في 1 أكتوبر 2024، ما يحتم على بلجيكا وهولندا التحرك سريعاً نحو طرح الحلول الدبلوماسية على طرفي الصراع ومحاولة الضغط لمنع دخول لبنان لحرب شاملة، واللجوء إلى القانون الدولي والقرار 1701 الأممي، في منع إسرائيل من تخطي الخط الأزرق الفاصل بين قوات حزب الله والقوات الإسرائيلية، وتجنب وقوع كارثة إنسانية في الجنوب اللبناني.
– يعتمد الاتحاد الأوروبي على فرنسا في الوساطة بين لبنان وإسرائيل، فإنه يدرك جيداً أن سبب التصعيد بلبنان يعود إلى حرب غزة، لذا يعول على بلجيكا في موقفها الداعم لحل الدولتين، على توجيه الموقف الدولي والمؤسسات الأممية نحو هذا الطريق لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومن ثم إغلاق كافة جبهات التوترات التي اندلعت بعد السابع من أكتوبر 2023، إضافة إلى امتلاك بلجيكا قنوات تواصل مع الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية بشكل يضمن تفهم نقاط الخلاف وأدوات إقناع الطرفين.
– نظراً لعدم وجود علاقة بين دول التكتل الأوروبي وعلى رأسها بلجيكا وهولندا مع حزب الله، فأن التكتل يعتمد على العلاقة مع إيران لإقناع حزب الله بخفض حدة المواجهات، بجانب استمرار دعواتهما لإسرائيل لإنهاء التحركات العسكرية على الجبهة الشمالية، خاصة وأن تبعات الوضع بالشرق الأوسط ستكون سلبية ليست فقط على المنطقة بل على الأمن والسلم العالميين، ولكن تظل رغبة طرفي الصراع في التصعيد المحرك الرئيسي وراء عدم نجاح الجهود الدبلوماسية التي تبذل لمنع نشوب حرب في لبنان.
– يمكن أن توظف هولندا وبلجيكا العلاقات التجارية بين الاتحاد وإسرائيل، من أجل إقناع الثانية بخفض حدة التوترات بالمنطقة، والاتجاه نحو طاولة المباحثات بشأن غزة ولبنان، فإن دخول وكلاء إيران بالمنطقة في جبهة ضد إسرائيل، يزيد من تعقيد المشهد وسبل التفاوض والتوصل لحل حول القضية الفلسطينية والأزمة بين حزب الله وإسرائيل، ويمكن أن تبرز الدولتان التداعيات الاقتصادية والعسكرية التي ستنعكس على إسرائيل جراء فتح جبهات حرب متعددة، للضغط على المؤسستين السياسية والعسكرية بتل أبيب للبدء في الحوار بدلاً من الحل العسكري بلبنان.
-إن مطالبة بلجيكا بضرورة توقيع عقوبات على إسرائيل، كوسيلة لمنع تأجيج الوضع بلبنان، يدخل العلاقات بين البلدين في مرحلة توتر نوعاً ما، خاصة وأن إسرائيل انتقدت دعوات بلجيكا بشأن وقف التصعيد، ما يتطلب من دول الاتحاد اللجوء إلى واشنطن كحليفة لتل أبيب، لإقناع الثانية بالدخول في التفاوض حول النزاع مع حزب الله، عبر إظهار خطورة الوضع وتبعات الحرب على لبنان وطول أمد الحرب في غزة على النظام العالمي.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=97473
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
هوامش
US and allies call for 21-day ceasefire across Lebanon-Israel border
https://tinyurl.com/4wa499b3
European Parliament’s Left group condemns Israeli attacks on Lebanon
https://tinyurl.com/23w7vum5
Israel-Hezbollah conflict close to ‘full-fledged war,’ says EU top diplomat
https://tinyurl.com/2sp2jhem
Israel’s unwinnable wars: The path to de-escalation in the Middle East
https://tinyurl.com/bddp6exb
**
برلين تحذر من عواقب تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله
https://bit.ly/3N5HPqF
How to Avert a Larger War That Neither Side Should Want
https://bit.ly/47KFdb6
On the cusp of all-out war against Hezbollah, Israel weighs next move
https://wapo.st/3N3QeLp
The risky gamble of escalation between Israel and Hezbollah
https://bit.ly/3zrN2WM
**
France’s Diplomatic Role in the Middle East Post-October 7
https://n9.cl/9dlpk
French-American initiative calls for 21-day ceasefire in Lebanon
https://n9.cl/gnkl8
France’s new government aims to calm the political storm. What will it mean for foreign policy?
https://n9.cl/t8iq8
French navy deploys near Lebanon as Israel launches ground raids on Hezbollah
https://n9.cl/slel0
France helps down Iran missiles, Germany sees risk of region ablaze
https://n9.cl/0tcn2
**
Belgium warns against travel to Lebanon
https://urlis.net/75e0tx6b
Belgian politicians denounce Israeli strikes on Lebanon as thousands leave the country
https://urlis.net/qnv49g1n
‘Unimaginable consequences’: World reacts to Israel’s strikes on Lebanon
https://urlis.net/pq58soit
Foreign Affairs Ministry tells Dutch people to leave Lebanon while they still can
https://urlis.net/qug20tko