أمن دولي ـ مؤتمر ميونيخ للأمن، التحديات العالمية والتغيرات السياسية في ظل إدارة ترامب

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

من المقرر أن يشارك مئات من زعماء العالم والمندوبين في مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا، حيث تتصدر الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية جدول الأعمال، إلى جانب التوترات المتصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. إنها أول قمة عالمية كبرى للإدارة الجديدة في واشنطن تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب وتأتي وسط تكهنات بأن أجندته “أمريكا أولاً” قد تنذر بتغييرات كبيرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

الوفد الأمريكي

ويضم الوفد الأمريكي نائب الرئيس جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو. يقول رئيس المؤتمر كريستوف هوسجن: “نحن سعداء للغاية لأننا سنحظى بتمثيل قوي لإدارة الحكومة الأميركية الجديدة هناك، فضلاً عن تمثيل من الكونجرس”. و”وبالتالي فإن وجهة النظر الأميركية سوف تُعرض وكذلك وجهة النظر الأوروبية ووجهة نظر دول أخرى. وبعد ذلك، وهذا ما تمثله ميونيخ، سيكون هناك حوار ومناقشة حول العديد من القضايا المطروحة”.

ومن المقرر أن يلتقي فانس بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ميونيخ. إن حرب أوكرانيا ضد روسيا على وشك أن تدخل عامها الرابع. ويقول زيلينسكي إنه يتقاسم “رؤية مشتركة” مع إدارة ترامب. وصرح زيلينسكي للصحفيين “بالطبع، قد تكون هناك آراء مختلفة، ولكن هناك رؤية مشتركة للأشياء الرئيسية – كيفية إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكيفية تقديم ضمانات الأمن لأوكرانيا والأوكرانيين”.

نهاية سريعة لحرب أوكرانيا

لكن وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث أكد إن القوات الأميركية لن تُنشر في أوكرانيا بعد أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا واستبعد عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي. كما وصف آمال أوكرانيا في العودة إلى حدودها مع روسيا قبل عام 2014 بأنها غير واقعية. أوضح الرئيس ترامب أنه يريد نهاية سريعة للحرب ولكن ليس من الواضح كيف يمكن تحقيق ذلك. أعلن ترامب أنه وبوتن اتفقا في مكالمة هاتفية على البدء “على الفور” في مفاوضات مع أوكرانيا لإنهاء الصراع المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

حلفاء الناتو والولايات المتحدة

ومع ذلك، فإن حلفاء الولايات المتحدة يستشعرون تغيراً في نبرة الرئيس منذ تنصيبه في يناير 2025، حسبما قال تشارلز جرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، وهي مجموعة بحثية مقرها لندن. “فعلى الرغم من أن ترامب قال الكثير من الأمور التي تقلق الكثير من الناس بشأن التعريفات الجمركية والتجارة وغزة وما إلى ذلك، إلا أنه لم يقل أي شيء بشكل خاص من وجهة نظر أوروبية بشأن أوكرانيا أو حلف شمال الأطلسي. ولم يكرر تهديده بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وقال إن الأوروبيين يجب أن ينفقوا المزيد على الدفاع  لكن معظمنا يتفق معه في ذلك. لم يقل إنه سيقطع كل المساعدات عن أوكرانيا”.

أضاف جرانت “ومن من بين القضايا التي ستُطرح في ميونيخ مدى ضرورة مساعدة الأوروبيين في الحفاظ على السلام إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في أوكرانيا. ومن المؤكد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وإلى حد ما البريطانيون، وربما فريدريش ميرز الذي قد يكون المستشار الألماني القادم، يؤيدون جميعًا إرسال قوات للحفاظ على السلام في أوكرانيا، إذا كان هناك سلام يجب الحفاظ عليه”.

العلاقات الأوكرانية مع إدارة ترامب

أعرب بعض الأوكرانيين عن أملهم في أن يؤدي مؤتمر ميونيخ إلى تعزيز العلاقات الأوكرانية مع إدارة ترامب. ويقول عالم الاجتماع أسكيد أشوربيكوف “نأمل أن يمنحنا هذا اللقاء الشخصي بين الرئيس زيلينسكي ونائب الرئيس فانس فرصة لنقل الوضع الحقيقي لما يحدث اليوم في الحرب الروسية الأوكرانية”.

وكان الصحفي الأوكراني بوردن سيمينيوك أقل تفاؤلاً. حيث قال سيمينيوك “لقد عاشت البلاد في حالة من الترقب والانتظار لمدة ثلاث سنوات، وبسبب هذا، تراجعت الثقة في هذا التوقع… أود أن أرى بعض الراحة من الوضع. لكن من المستحيل أن نعيش على أمل أن يحدث ذلك بنسبة 100% في هذا الاجتماع”. ولم تتم دعوة روسيا وإيران إلى ميونيخ. وفي العام 2024، قال منظمو المؤتمر إن حكومتي البلدين لم تبديا اهتماما جديا بالمفاوضات.

التعددية القطبية في النظام الدولي

ويشير التقرير الرسمي لمؤتمر ميونيخ للأمن إلى “التعددية القطبية في النظام الدولي” – وهو موضوع رحبت به الصين، التي سترسل وفدا كبيرا إلى القمة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون في بكين “يظهر التقرير أن قبول المجتمع الدولي لعالم متعدد الأقطاب آخذ في الارتفاع … لقد دعت الصين دائمًا إلى عالم متعدد الأقطاب متساوٍ ومنظم وعولمة اقتصادية مفيدة وشاملة عالميًا”. وفي فبراير 2025، أرسلت البحرية الأميركية سفينتين حربيتين عبر مضيق تايوان، مما أثار رد فعل غاضب من بكين.

لقد كثفت الصين نشاطها العسكري حول تايوان. وتعتبر الصين تايوان إقليما منشقا سوف يتم توحيده ذات يوم مع البر الرئيسي، في حين تعتبر تايبيه الجزيرة دولة ذات سيادة. ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية روبيو اجتماعا ثلاثيا مع الحليفتين اليابان وكوريا الجنوبية أثناء وجوده في ميونيخ.

الصراع في الشرق الأوسط على رأس جدول أعمال مؤتمر ميونيخ

وسيكون الصراع في الشرق الأوسط أيضا على رأس جدول أعمال مؤتمر ميونيخ، وسط مخاوف من تعرض وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس للخطر. وأوضح المحلل تشارلز جرانت إن الاقتراح المتكرر للرئيس ترامب بأن على الفلسطينيين مغادرة غزة سوف يلقي بظلاله على المؤتمر.

وقال غرانت “لا أرى أن هذا سيحدث لأنه لا يمكنك ببساطة القضاء على مليوني شخص ووضعهم في مكان لا يوجد فيه أحد على الإطلاق”. وتابع “لكنني أعتقد أن أغلب الحكومات الأوروبية تأمل أن يستمر ترامب في الضغط على هذه القضية لفترة من الوقت، حتى يشعر بالملل منها ويتحدث عن شيء آخر – ويأمل أن يمضي قدمًا وينسى الأمر. ولكن طالما أنه يتحدث عن الأمر، فإنه يسبب الكثير من الاضطراب ويخلق الكثير من المشاعر السيئة بين الحكومات الأوروبية والعديد من الحكومات الأخرى والولايات المتحدة”.

كما يستضيف المؤتمر جلسات حول الصراعات في السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما ستتضمن أجندة المؤتمر التي تستمر ثلاثة أيام قضايا تغير المناخ وأمن الطاقة والذكاء الاصطناعي.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=100942