خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
قال مسؤول مطّلع على المحادثات إن وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أبلغ كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي أن بكين لا يمكن أن تقبل بخسارة روسيا لحربها ضد أوكرانيا، لأن هذا قد يسمح للولايات المتحدة بتحويل انتباهها الكامل إلى الصين، وهو ما يتناقض مع موقف بكين العلني بالحياد في الصراع.
وجاء هذا الاعتراف خلال ما وصفه المسؤول بأنه اجتماع مع رئيسة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في الثاني من يوليو 2025 في بروكسل، والذي “تضمّن محادثات صعبة، وتناول مجموعة واسعة من القضايا، من الأمن السيبراني والمعادن النادرة إلى اختلال التوازن التجاري وتايوان والشرق الأوسط”.
أكد المسؤول إن تصريحات وانغ الخاصة تُشير إلى أن بكين قد تُفضّل حربًا طويلة الأمد في أوكرانيا تُبعد الولايات المتحدة عن التركيز على تنافسها مع الصين. وتُعكس هذه التصريحات مخاوف منتقدي سياسة الصين من أن بكين تُخاطر جيوسياسيًا في الصراع الأوكراني أكثر بكثير من موقفها المُعلن بالحياد.
وفي مؤتمر صحفي دوري لوزارة الخارجية الصينية، في الرابع من يوليو 2025، سُئلت المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ، عن هذه المحادثات، وأجابت إن موقف بكين ثابت بشأن الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
تقول ماو: “الصين ليست طرفًا في القضية الأوكرانية، موقف الصين من الأزمة الأوكرانية موضوعي وثابت، وهو التفاوض ووقف إطلاق النار والسلام، واستمرار الأزمة الأوكرانية لا يخدم مصالح أحد”.
وأضافت: “الصين تريد التوصل إلى تسوية سياسية في أسرع وقت ممكن، وسنواص، بالتعاون مع المجتمع الدولي، وفي ضوء إرادة الأطراف المعنية، لعب دور بنّاء لتحقيق هذه الغاية”.
وتُخفي التصريحات العلنية التي أدلت بها الصين بشأن حرب أوكرانيا صورة أكثر تعقيدًا. فقبل بدء حرب أوكرانيا في فبراير 2022، أعلن الزعيم الصيني، شي جين بينغ، شراكة “بلا حدود” مع موسكو، ومنذ ذلك الحين تعززت العلاقات السياسية والاقتصادية.
طرحت الصين نفسها كصانع سلام محتمل، ولكن كما ذكرت تقارير فإن المخاطر عالية بالنسبة لبكين، ليس أقلها احتمال خسارة شريك رئيسي في روسيا. كما رفضت الصين الاتهامات المتزايدة بتقديم دعم شبه عسكري لروسيا. وفرضت أوكرانيا عقوبات على عدة شركات صينية لتزويدها روسيا بمكونات وتقنيات طائرات بدون طيار تُستخدم في إنتاج الصواريخ.
بعد هجومٍ قياسي على العاصمة الأوكرانية كييف في الرابع من يوليو 2025 نشر وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيا، صورًا قال إنها لشظايا طائرة جيران 2 المقاتلة بدون طيار التي أطلقتها روسيا. وأظهرت إحدى الصور جزءًا من هيكل الطائرة المزعوم، والذي قيل إنه صُنع في الصين في 20 يونيو 2025.
أضاف سيبيا: “مبنى القنصلية العامة الصينية في أوديسا تعرّض لأضرار طفيفة نتيجة الغارات الروسية على المدينة. لا يوجد تشبيه أفضل لكيفية استمرار بوتين في تصعيد حربه، بينما يُشرك آخرين، بما في ذلك القوات الكورية الشمالية، والأسلحة الإيرانية، وبعض المصنّعين الصينيين”. مضيفًا: “الأمن في أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ مترابطٌ ارتباطًا وثيقًا”.
شهد العام 2025 مزاعم بتورّط مواطنين صينيين في القتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا. نفت بكين أي تورّط، وكرّرت دعواتها السابقة للمواطنين الصينيين “بالامتناع عن المشاركة في العمليات العسكرية لأي طرف”.
كيف تستفيد الصين من حرب أوكرانيا؟
تستغل الصين الحرب بين روسيا وأوكرانيا للتحضير لصراع مستقبلي محتمل، من خلال استخلاص الدروس من الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات. فبينما أعلنت الصين حيادها في حرب موسكو مع كييف، تُقدّم هذه القوة الشرق آسيوية دعمًا دبلوماسيًا لحليفها شبه الدائم، الرئيس الروسي فلاديمير بوتن. كما قدّمت بكين خطةً من اثنتي عشرة نقطة، واقترحت أربعة مبادئ لتحقيق السلام .
لطالما اتهمت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون الصين بمساعدة روسيا خلال الحرب، بما في ذلك تصدير تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج. نفت بكين في مايو 2025 مزاعم أوكرانيا بتزويدها روسيا بـ”أسلحة فتاكة”، مؤكدةً أنها تفرض رقابة صارمة على المواد ذات الاستخدام المزدوج.
في تقرير صادر عن مؤسسة راند بعنوان “دروس الصين من الحرب بين روسيا وأوكرانيا “، كتب عالم السياسة “هوارد وانج” ومساعد البحث “بريت زاخيم”: “أن الحزب الشيوعي الصيني وجيش التحرير الشعبي الصيني بذلا جهودًا كبيرة لدراسة الصراع واستخلاص الدروس للسياسة الصينية”.
أشار التقرير إلى أن محللي الحزب الشيوعي الصيني يعتقدون أن واشنطن “تصنع الأزمات لتبرير التحالفات، وليس لأن حلفاءها يتشاركون المصالح أو القيم”. وبناءًا على ذلك، يرى محللو الحزب الشيوعي الصيني أن هذه التحالفات هشة، ويُقدّرون أن لدى الصين فرصًا لاستخدام التضليل لإضعاف تحالفات الولايات المتحدة، وكانت الحكومة الأمريكية قد اتهمت الصين بشن حملة تضليل تتعلق بالحرب.
أفاد التقرير أن الصين تعتقد أن نظامها الدفاعي سيوفر مزايا في صراع ممتد. وتدير الصين، التي تمتلك أكبر قوة بحرية في العالم من حيث عدد الهياكل، 35 حوض بناء سفن تابعًا لجيش التحرير الشعبي الصيني، مقارنة بأربعة أحواض بناء سفن عامة فقط تابعة للبحرية الأمريكية. زعم التقرير أن الصين تعيد تعريف الحرب الهجينة والمزج بين الإجراءات العسكرية وغير العسكرية.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=105709