الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ لبنان وإسرائيل: لماذا فشل القرار 1701 في منع الحرب؟

نوفمبر 04, 2024

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

بون ـ بقلم كارين عبد النور، كاتبة وصحفية

منذ عام مضى، أشغل حزب الله ما تحوّل إلى حرب لبنانية ثالثة مع إسرائيل، كاشفاً الفشل الدولي في تنفيذ الترتيبات الأمنية التي فُرضت بعد الحرب الثانية عام 2006. على أرض الواقع، يمكن أن يُعزى هذا الفشل إلى الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، غير أن مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة يتحملان مسؤولية كبيرة أيضاً.

لماذا فشل القرار 1701 في منع الحرب؟

منذ اعتماده في العام 2006، شخّص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بدقة الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب الثانية، والتي تضمنت امتلاك حزب الله لأسلحة عسكرية خارج سيطرة الحكومة ووجود قواته في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل. ولتفادي نشوب حرب ثالثة، دعا القرار 1701 بحكمة الحكومة اللبنانية إلى بسط سيادتها عبر القوات المسلحة اللبنانية (بدعم من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل”) وإنشاء منطقة جنوب نهر الليطاني خالية من أي قوات مسلحة غير حكومية. كما طالب القرار الحكومة اللبنانية أيضاً نزع سلاح جميع الميليشيات وفقاً لاتفاق الطائف وقراري مجلس الأمن 1559 و1680. وتم تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بوضع مقترحات لتنفيذ هذه القرارات.

بعد مرور عقود، لم يتحقق أي من هذه المتطلبات. إذ لم يتم التطرق إلى نزع سلاح الميليشيات بشكل جدي، وبدلاً من ذلك، ماطل المسؤولون اللبنانيون من خلال الانخراط في “حوار لا نهاية له حول الدفاع الوطني”، ثم أقرّوا ضمنياً حق حزب الله في حمل السلاح من خلال الشعار الرسمي المتداول في البيان الدستوري: الشعب والجيش والمقاومة. وعلى الرغم من أن الجيش اللبناني لم يتورع عن ملاحقة معظم الحركات الجهادية ، إلا أنه لم ينزع سلاح الفصائل الفلسطينية المرتبطة بتنظيمات متطرفة مثل حماس، فضلاً عن مواجهة حزب الله.
وفي حين كررت الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية التزامها بالقرار 1701، إلّا أنهما تواطأتا بشكل فعال مع حزب الله، حيث عرقلتا بشكل ممنهج وصول قوات “اليونيفيل” إلى مواقع عسكرية للحزب، مثل الأنفاق العابرة للحدود وميادين الرماية ومواقع إطلاق الصواريخ.

وقد تقدّمت الأمم المتحدة بشكاوى متكررة عن هذه الانتهاكات في تقارير لا حصر لها، لكنها لم تتخذ أي إجراء رادع. وفي مواجهة هذه الأجواء المتوترة، كثيراً ما أشادت قوات “اليونيفيل” بمساهمتها المزعومة في تحقيق حالة من الهدوء على طول الحدود. غير أن حملة العنف والترهيب التي شنّها حزب الله ضد قوة الأمم المتحدة أدت إلى ردعها عن تنفيذ مهامها، أو حتى الإبلاغ بدقة عن الوضع على الأرض، مما ساهم في تصاعد الأعمال العدائية ضد إسرائيل بشكل مطرد على مر السنين، والتي بلغت ذروتها في الحرب الحالية.

وفي الوقت نفسه، تخلت الحكومة اللبنانية عن واجبها في حماية قوات “اليونيفيل” من خلال عدم تقديم قتلة حزب الله وغيرهم من المعتدين إلى العدالة. واليوم، بينما يتم النظر في الترتيبات الأمنية الجديدة والتفاوض بشأنها، يجب العمل على تقييم إخفاقات قوات “اليونيفيل” بشكل نقدي وواضح.

فقد تكيفت قوات “اليونيفيل” تدريجياً، بعد سنوات من الدعم غير الكافي من لبنان والأمم المتحدة، مع منع الوصول إلى مواقع حزب الله المحظورة بذريعة أنها “ممتلكات خاصة” و”مناطق ذات أهمية استراتيجية”، بالإضافة إلى مواقع (مدمّرة حالياً) كانت تحت سيطرة مجموعة “أخضر بلا حدود” البيئية الوهمية.

أثبتت معطيات الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الحالية، بما لا يدع مجالاً للشك، أن حزب الله قد حوّل منازل وممتلكات خاصة أخرى وحتى قرى بأكملها إلى أصول عسكرية تحت غطاء الحكومة والجيش اللبناني. كما أن قوات “اليونيفيل” كانت تعتبر أن مجرد التقاط الصور الفوتوغرافية في جنوب لبنان هو أمر محظور، بعد مصادرة كاميرات الأمم المتحدة وأجهزتها الإلكترونية مراراً وتكراراً من قِبل عناصر حزب الله. وبالفعل، فإن أي محاولات لتعزيز قدرة قوات “اليونيفيل” على رصد الأوضاع في جنوب لبنان، تم منعها فعلياً من قبل حلفاء حزب الله في الحكومة اللبنانية.

وعلى الرغم من هذه الانتهاكات الصارخة، قللت التقارير الدورية التي كان يرفعها الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بشأن التقدم المحرز في تنفيذ القرار 1701 من خطورة الوضع الأمني المتدهور على مدى سنوات. إذ ركزت تلك التقارير على إحصاءات لا تمت بصلة بمهام البعثة، مثل أعداد الدوريات. في حين أفردت مساحات واسعة لمناقشة مهام خارجة عن نطاق تفويض قوات “اليونيفيل” مثل الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان. وفي المقابل، لم يتخذ مجلس الأمن إجراء فعالاً بشأن المشكلات المذكورة سابقاً، واكتفى بتجديد تفويض قوات “اليونيفيل” مراراً وتكراراً دون إجراء تغييرات كبيرة.

تشكيل فريق عمل دولي

من أجل إنهاء الحرب اللبنانية الحالية ومنع اندلاع حرب رابعة، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات لتجنب تكرار الظروف التي أدت إلى اندلاع الحرب السابقة. ولا يستلزم ذلك ترتيبات أمنية أفضل فحسب، بل يتطلب في المقام الأول آلية تنفيذ فعالة. فبالإضافة لاتفاق “الطائف”، توفر قرارات الأمم المتحدة السابقة – 1559 و1680 و1701 – أساساً قانونياً لمساعدة الحكومة اللبنانية على احتكار السلاح داخل حدودها. غير أنه يجب أن يتم تطبيق هذه القرارات من خلال آلية تنفيذ قوية، وإلا ستفشل مجدداً.

وبشكل أكثر تحديداً، يجب أن تضمن الترتيبات الأمنية المستقبلية عدم استخدام الأراضي اللبنانية كقاعدة لتهديد إسرائيل، سواء من قِبل حزب الله أو وكلاء إيران الآخرين أو التنظيمات الفلسطينية أو “الجهاديين”. فالهدف هو حماية أمن إسرائيل ولبنان وسيادتهما على حد سواء. وتسعى الحملة العسكرية الإسرائيلية الحالية إلى تسهيل تحقيق هذا الهدف بطريقتين:

  1. أولاً، عبر إضعاف حزب الله وتدمير مواقعه وتعطيل تنظيمه وتقويض سيطرته على لبنان.
  2. ثانياً، عبر خلق ظروف ضاغطة تدعم المسار الدبلوماسي الفعال.

من حيث المبدأ، ينبغي أن يبدأ الإطار الأمني المستقبلي للبنان باستعادة الحكومة لسيادتها الكاملة على أراضيها. لكن نظراً لما تعانيه بيروت من ضعف وخلل وفساد منذ زمن طويل، فمن الضروري وجود مستويات إضافية لدعم ومراقبة وتحفيز وإجبار وإنفاذ التقدم على هذه الجبهة. ويمكن للأمم المتحدة أن تشكل إحدى هذه المستويات شريطة أن تضطلع بدور أكثر فاعلية مما كانت عليه في الماضي. يمكن للولايات المتحدة أن تشكل مستوى آخر بالتعاون مع الجهات الفاعلة التي تمتلك رؤية مماثلة، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والشركاء الإقليميين المعنيين. وإذا أخفقت جميع الجهود الأخرى، يمكن لإسرائيل أن تشكل مستوى إضافياً ـ وهو المستوى الأخير في الدفاع عن أمنها، بدعم من واشنطن.

ومن أجل توفير مصدر سلطة شرعي لهذه الترتيبات الأمنية، وبعد سنوات من الجمود السياسي، يحتاج لبنان إلى تشكيل حكومة فاعلة، تبدأ باختيار رئيس جديد للجمهورية. وينبغي ممارسة الضغط المباشر على من يعرقلون هذه الخطوة، بمن فيهم رئيس مجلس النواب نبيه بري. وفي حالة إخفاق هذا المسعى، يجب على الجهات الخارجية المضي قدماً بغض النظر عن ذلك.

ومن الناحية الواقعية، فإن احتمالات صدور قرار جديد أقوى من سابقه من مجلس الأمن ضئيلة للغاية، نظراً للمواقف المعرقلة التي اتخذتها الصين وروسيا حتى الآن. وبالتالي، قد تكون هناك حاجة لاتخاذ مسار بديل خارج إطار الأمم المتحدة. على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل والدول ذات التفكير المماثل أن تنشئ آليتها الخاصة أو فريق عمل لتعزيز خارطة طريق جديدة مستقلة عن إطار الأمم المتحدة. وهذا من شأنه أن يمكّنها من تعويض النقص في الترتيب الحالي، في قضايا تتراوح بين الرقابة والمراقبة والعقوبات القسرية. وقد توفر إسرائيل معلومات استخباراتية مركزة لدعم هذه الجهود، بما في ذلك الإنفاذ العسكري في حال فشل كل شيء آخر.

ولمعالجة مخاوف بيروت بشأن السيادة، ينبغي استكشاف بدائل أجنبية للطلعات الجوية الاستطلاعية الإسرائيلية، بدعوة من الحكومة اللبنانية. ولتحقيق هذا النهج، يتعين على فريق العمل دفع بيروت إلى طلب الدعم الدولي والالتزام بتعهدات معينة. ويجب أن تخصص المساعدات المقدمة لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى الأسلحة والأموال والدعم التدريبي للقوات المسلحة اللبنانية، مشروطة بالامتثال لمعايير واضحة في خارطة الطريق الجديدة. كما ينبغي تصنيف أي جهات لبنانية متواطئة بشكل وثيق مع حزب الله، والتعامل معها على هذا الأساس.

وسيتعين أن يتم نزع سلاح حزب الله والجماعات المسلّحة بشكل تدريجي وعلى مراحل بحسب الموقع والفصيل. وفى هذا السياق، يشكل الجنوب الموقع الأكثر خطورة، حيث ينبغي التركيز على الأصول العسكرية المتبقية لـدى حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة في مخيمات اللاجئين في الجنوب. ولتحقيق ذلك، يتعين على بيروت إظهار إرادة سياسية كافية، وذلك من خلال تكليف “القوات المسلحة اللبنانية” بالتخطيط لهذه المهمة وتنفيذها، مع طلب دعم قوات “اليونيفيل” لهذا الغرض.

من جانبها، يجب العمل على تغيير قوات “اليونيفيل” أو حتى حلّها نظراً لإخفاقاتها المتكررة. وفي حال تم الإبقاء عليها، ينبغي على قوات “اليونيفيل” إظهار استعدادها للوفاء بمهام ولايتها من خلال العمل على منع جميع الهجمات التي تنطلق من الأراضي اللبنانية، وضمان حرية الحركة والوصول إلى جميع المواقع في منطقة مهمتها، بما في ذلك “الممتلكات الخاصة” و”المناطق الاستراتيجية” وغيرها من المواقع التي كانت محظورة في السابق بذرائع مختلفة. كما يتعين عليها تعزيز قدرتها في تقييم الحالة العسكرية على الأرض من خلال إنشاء قدرات استخباراتية وظيفية في جميع أنحاء منطقة مهمتها.

وبغضّ النظر عن خارطة الطريق التي يختارونها، على المسؤولين اللبنانيين استغلال الضغوط على حزب الله، والتي فرضتها الحرب الحالية على لبنان، لتحسين الترتيبات الأمنية بعد الحرب، عوضاً عن اختيار وقف فوري لإطلاق النار. ومن شأن هذه المقاربة أن تُفضي إلى إنهاء الحرب بعد الحصول على ميزة كبيرة تتمثل في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قواته بسرعة، وإعاقة السيادة اللبنانية، وإشعال حرب رابعة في لبنان.

 

https://www.europarabct.com/?p=98265

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...