خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI ـ”1″
أعلنت المعارضة السورية في بيان على التلفزيون الرسمي يوم الثامن من ديسمبر 2024، إسقاط حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاما في أول بيان من نوعه بعد تقدم خاطف للمعارضة المسلحة. ورد في البيان أنه “تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط بشار الأسد”. وأضافت أنه تم إطلاق سراح جميع المعتقلين. ودخل أفراد قوات المعارضة السورية إلى القصر الرئاسي في دمشق، وهم يهتفون ” الله أكبر”. ويطلق على القصر اسم قصر الشعب، ويقع في منطقة المزة بغرب المدينة.
تمكن المتمردون السوريون من الإطاحة بنظام بشار الأسد بعد هجوم منسق ومخطط له استمر التحضير له على مدى عام كامل. وفقًا لما ذكره أبو حسن الحموي، قائد إحدى أكبر فصائل هيئة تحرير الشام، فإن الاستعدادات للإطاحة بالنظام بدأت منذ فترة طويلة، وشملت استخدام التكنولوجيا المتطورة وتوحيد القيادة بين الفصائل المعارضة.
في مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية، كشف الحموي تفاصيل العملية لأول مرة، مؤكدًا أن الهجوم انطلق قبل أسابيع قليلة واستهدف مواقع النظام من اتجاهات متعددة. وخلال وقت قصير، تمكن المتمردون من السيطرة على مدن استراتيجية وصولًا إلى دمشق، التي سقطت دون مقاومة تُذكر. وقد فر الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا.
أوضح الحموي أن إحدى المشكلات الكبرى التي واجهت المعارضة في الماضي كانت غياب القيادة الموحدة والسيطرة على المعارك. بعد تعرضها لضربات قوية من قوات النظام عام 2019، أدركت هيئة تحرير الشام أهمية توحيد الصفوف، مما دفعها إلى تعزيز سيطرتها على الفصائل الأخرى في شمال غرب سوريا وتدريب مقاتليها على ما وصفه بـ”العقيدة العسكرية الشاملة”. كما سعت الميليشيا إلى تشكيل جبهة موحدة تضم المعارضة المسلحة والجماعات الجهادية في جنوب سوريا لمواجهة النظام.
وأضاف الحموي أن تحالفًا يضم قادة من 25 جماعة معارضة قاد القتال في الجنوب، بينما شنت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها هجومًا من الشمال. واختارت الفصائل المعارضة توقيت الهجوم بعناية، حيث كان النظام وحلفاؤه، روسيا وإيران، يعانون من استنزاف كبير نتيجة انشغالهم بالحرب في أوكرانيا والصراع مع إسرائيل. كان سقوط حلب شرطًا أساسيًا لاحتلال دمشق، بحسب الحموي، الذي أشار إلى أن “الثورة السورية انطلقت من الشمال”. وأضاف: “بعد تحرير حلب، كنا واثقين من قدرتنا على التقدم جنوبًا نحو دمشق”.
كشف الحموي عن دور التكنولوجيا في العمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن هيئة تحرير الشام أسست وحدة خاصة لتطوير واستخدام الطائرات بدون طيار. وتنوعت هذه الطائرات بين طائرات استطلاع، وطائرات هجومية، وأخرى انتحارية مثل الطائرة “شاهين”، التي تمتاز بدقة عالية وقوة تدميرية كبيرة. ووفقًا للتقارير، استخدمت هذه الطائرة لأول مرة ضد قوات النظام في إطار الهجوم الأخير.
يُذكر أن هيئة تحرير الشام نشأت من جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، لكنها تؤكد انفصالها عن القاعدة منذ عام 2016. ورغم ذلك، لا تزال تُصنَّف كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة. بعد الهجوم الكبير الذي قادته هيئة تحرير الشام يوم الأحد، تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على دمشق، منهيةً بذلك حكم عائلة الأسد الذي استمر لعقود منذ أن تولى حافظ الأسد السلطة عام 1971.
تعتبر إسرائيل أي وجود لجماعات “جهادية “على حدودها الشمالية تهديدًا أمنيًا مباشرًا. حتى لو كانت الجبهة معادية لإيران، فإن أيديولوجيتها قد تؤدي إلى صراع مستقبلي مع إسرائيل. أما الولايات المتحدة، لديها سياسة طويلة الأمد بعدم دعم الجماعات الإرهابية، خاصة بعد دروس مؤلمة من سياسات مماثلة في أفغانستان والعراق. وهنا تفضيل قوات سوريا الديمقراطية قسد ،الولايات المتحدة تدعم قسد كحليف محلي في الحرب ضد الإرهاب، نظرًا لاعتدالها النسبي مقارنة بجبهة النصرة. ويمكن القول بإن الولايات المتحدة تعتمد سياسة “الاحتواء المزدوج” قد تكون أكثر قبولًا، حيث تعمل واشنطن وتل أبيب على إضعاف إيران وحلفائها دون تعزيز جماعات متشددة مثل النصرة.
https://www.europarabct.com/?p=99383