المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
ملف أمن دولي ـ قوات“اليونيفيل” في لبنان، الواقع، المهام التحديات
تناول الملف ثلاث محاور مهمة حول اليونيفيل في لبنان: واقع ومهام قوات اليونيفيل، دور الاتحاد الأوروبي بدعم القوات ثم التحديات الحالية. الملف تناول تقدير موقف قوات اليونفيل في الوقت الحاضر مع قراءة ومستقبلية لأستمرارها في ضوء التوترات الجيوسياسية، الصراع مابين إسرائيل وحزب الله والذي عقد مهمة قوات اليونيفيل كثيراً. أبرز المحاور الرئئيسية هي :
1 ـ أمن دولي واقع ومهام عمل اليونيفيل في لبنان
2 ـ أمن دولي ـ ما هو دور الاتحاد الأوروبي بدعم قوات اليونفيل؟
3 ـ أمن دولي ـ التحديات التي تواجهها قوات “اليونيفيل” في لبنان؟
1 ـ أمن دولي واقع ومهام عمل اليونيفيل في لبنان
تُعد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، المعروفة باسم “يونيفيل”، واحدة من أبرز قوات حفظ السلام في المنطقة، حيث تم نشرها منذ عام 1978 بهدف تعزيز الاستقرار والأمن على الحدود اللبنانية مع إسرائيل. تتولى اليونيفيل مهمة مراقبة وقف إطلاق النار، وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، وضمان حماية المدنيين في مناطق النزاع. ورغم مرور عقود على وجودها، لا تزال قوات اليونيفيل تواجه تحديات جسيمة، تتراوح بين التوترات المستمرة على الحدود والمخاطر الأمنية المتزايدة.
ما هي قوات حفظ السلام في لبنان ـ اليونيفيل ـ ؟
أنشأ مجلس الأمن الدولي بعثة اليونيفيل في مارس عام 1978 في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان، ولتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان،واستعادة السلم والأمن الدوليين، ومساعدة لبنان على استعادة سلطتها الفعلية في المنطقة. حددت الأمم المتحدة خط انسحاب بطول (120) كيلومترا يعرف باسم الخط الأزرق، تقوم بمراقبته وتسيير دوريات على طول الخط الأزرق بشكل محايد . عزز مجلس الأمن البعثة بقرار مُحدّث هو قـرار مجلس الأمن رقم 1701، بعد تصعيد الصراع بين حزب الله وإسرائيل عام 2006.
كلفت اليونيفيل بمرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أنحاء جنوب لبنان. وتعمل قوات حفظ السلام في منطقة تبلغ مساحتها (410) ميل مربع بين الخط الأزرق ونهر الليطاني في جنوب لبنان. وتشغل (50) موقعا، ويقع مقر اليونيفيل في الناقورة في جنوب غرب لبنان.
عديد قوات اليونيفيل :يساهم نحو 50 بلدا بقوات في البعثة، تساهم إندونيسيا وإيطاليا والهند ونيبال وغانا وماليزيا بأكبر عدد من القوات. كما تشارك إسبانيا والصين وأيرلندا وفرنسا أيضًا بقوات كبيرة. تساهم بعض الدول بقوات واحدة فقط في اليونيفيل، مثل المملكة المتحدة وبيرو ونيجيريا. تعد إندونيسيا أكبر مساهم بأكثر من (1200) فرد نظامي. يعمل في البعثة ما يقرب من (11000) شخص، بما في ذلك حوالي (10,000) عنصر عسكري، فضلا عن حوالي (550) موظفا مدنيا محليا و(250) موظفا مدنيا دوليا.
الميزانية والمهام : تبلغ الميزانية السنوية لليونيفيل حوالي نصف مليار دولار. تساعد قوات حفظ السلام في لبنان على تجنب التصعيد غير المقصود، وتدريب الجيش اللبناني والمساهمة في تعزيز انتشاره في جنوب لبنان حتى يتمكن في نهاية المطاف من تولي المهام الأمنية التي تؤديها حاليا قوات حفظ السلام. تدعم اليونيفيل المجتمعات المحلية والسكان المدنيين المحليين وتوفر الحماية لهم عندما تتطلب الحاجة عبر وصول الجهات الإنسانية الفاعلة إليهم، ومن خلال المشاريع والتبرعات في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية وغيرها. رغم أن اليونيفيل هي بعثة لحفظ السلام، إلا أن قواتها تستطيع استخدام القوة في ظروف معينة، بما في ذلك الدفاع عن النفس
عملت قوات حفظ السلام أيضًا كحلقة وصل بين لبنان وإسرائيل. كانت اليونيفيل تجلس مرة واحدة شهريا تقريبا مع ممثلي الجيشين الإسرائيلي واللبناني للتحدث عن قضايا التوتر، ومحاولة تهدئة التصعيد، ووضع آليات للتوسط بين السلطتين على الحدود، ولا تتواصل قوة الأمم المتحدة بشكل مباشر مع حزب الله. أمن دولي ـ ما أهمية الزيارة الرسمية لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة ؟
قوة بحرية الأولى من نوعها
تمتلك اليونيفيل قوة بحرية، هي الأولى من نوعها في بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، لدعم البحرية اللبنانية لمراقبة المياه الإقليمية، ومنع دخول الأسلحة غير المصرح بها ساهمت تلك القوة في رفع إسرائيل حصارها البحري عن لبنان عام 2006، تتكون القوة البحرية التابعة لليونيفيل من (5) سفن. وهناك (6) طائرات هليكوبتر تدعم عمل البعثة. ويقوم الجيش الألماني بتزويد االبارجة الحربية بحوالي (60) من أفراد الطاقم و(40) جنديا في معسكر مقر الأمم المتحدة لصالح القوة البحرية لمهمة اليونيفيل.
تصدت السفينة الحربية “Ludwigshafen am Rhein”، المنتشرة كجزء من قوة الأمم المتحدة اليونيفيل قبالة الساحل اللبناني، لطائرة بدون طيار قادمة وسط تصاعد التوترات في المنطقة. أكد متحدث باسم قيادة العمليات في الجيش الألماني في 16 أكتوبر 2024، إنه تم إسقاط الصاروخ غير المأهول بطريقة مسيطر عليها باستخدام نظام دفاعي قبالة الساحل اللبناني. أمن دولي ـ ما أهمية الزيارة الرسمية لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة ؟
المخاطر التي تواجه اليونيفيل في لبنان
أكدت الأمم المتحدة إن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على قوات حفظ السلام التابعة لها، ودخل قاعدتها بالقوة، وأوقف العمليات اللوجستية وأصاب أكثر من (10) من جنودها في جنوب لبنان في 14 أكتوبر 2024. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” إلى إخراج قوات حفظ السلام “على الفور”. وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة إن الهجمات على قوات حفظ السلام “قد تشكل جريمة حرب”، وأن “اليونيفيل ومقارها لا ينبغي استهدافها أبدًا”، وأكدت الأمم المتحدة إن قواتها لا تزال في لبنان على الرغم من الهجمات.
بسبب الهجمات المتعددة على مواقع حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، تواجه القوات التابعة المتحدة لاسيما القوات من الجيش الألماني خطرا كبيرا. وأوضح متحدث باسم قيادة العمليات أنه “وفقا للتقييم المحلي، هناك خطر متزايد بالنسبة للقوات الموجودة في الموقع، والذي سيتم تقليله قدر الإمكان من خلال إجراءات الحماية المناسبة من قبل القوات”.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل لإطلاق النار، فقد قُتل عدد من جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل أثناء أداء واجبهم. على سبيل المثال، وجهت محكمة عسكرية لبنانية العام 2023 اتهامات إلى خمسة رجال مرتبطين بحزب الله بقتل جندي إيرلندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كما أصيب جندي إيرلندي آخر من قوات حفظ السلام بجروح خطيرة في الحادث.
يحق لقوات اليونيفيل الرد على الهجوم من الناحية الفنية، على الرغم من أنها لا تفعل ذلك عمليا. وباعتبارها بعثة لحفظ السلام، تقول قوات اليونيفيل إن “أفرادها يحق لهم ممارسة حقهم الطبيعي في الدفاع عن النفس” ويحق لهم استخدام “القوة بشكل متناسب وتدريجي” لحماية المدنيين المعرضين للخطر الوشيك.
ما الهدف من الهجمات الإسرائيلية
يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إلى سحب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ظل تصعيد إسرائيل لهجماتها على جنوب لبنان. ربما يرجع السبب إلى أن هذا يهدف إلى سحب المراقبين الدوليين الذين يمكنهم الاحتفاظ بسجلات عن تصرفات إسرائيل في لبنان، والذي سيجعل من المستحيل رصد انتهاكات القانون الدولي. تريد إسرائيل منع هذه القوات من القيام بدورها سعياً منها لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن يناسب أهدافها، وربما استبدالها بقوات متعددة الجنسيات تمتد مهامها لمراقبة الحدود السورية – اللبنانية، وإبعاد قوات حفظ السلام شمالاً حتى نهر الليطاني كي يتسنى للقوات الإسرائيلية احتلال المنطقة وفرض أمر واقع جديد على الحدود اللبنانية الجنوبية.
يقول “روب جايست بينفولد” المحاضر في السلام والأمن الدوليين بجامعة دورهام: “إذا تمكنوا من إقناع المدنيين بالمغادرة، بما في ذلك قوات حفظ السلام، فيمكنهم البقاء طالما أرادوا حتى يحصلوا على صفقة يريدونها”. وأضاف “روب جايست بينفولد” أن هذه التسوية قد تكون عبارة عن تسوية سياسية تشهد انسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني، مشيراً إلى أن إسرائيل تنظر إلى وجود قوات اليونيفيل باعتباره “عائقاً” أمام تقدمها. ويرى “ريتشارد جووان” مدير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إن إسرائيل كانت منذ فترة طويلة “محبطة لأن اليونيفيل لم تمنع حزب الله من إقامة مواقع قوية” جنوب نهر الليطاني. أمن الطاقة و الذكاء الاصطناعي ـ الاستراتيجية المزدوجة لدولة الإمارات العربية المتحدة
انتقادات دولية للهجوم الإسرائيلي على اليونيفيل
أكد مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” في 17 أكتوبر 2024 أن الأمم المتحدة تتعرض لهجوم من إسرائيل على كل الجبهات. وقال “بوريل” إن هجوم إسرائيل على منظمات الأمم المتحدة غير مقبول، معربا عن أمله بأن “يندد مجلس الاتحاد بالهجمات الإسرائيلية على اليونيفيل”.عتبر أن مهمة هذه القوات في جنوب لبنان يجب أن تستمر، مشيرا إلى أن (20%) من سكان لبنان أرغموا على النزوح
قدمت (40) دولة على الأقل في أكتوبر 2024 دعمها الكامل لقوة الأمم المتحدة المؤقتة المنتشرة في جنوب لبنان يونيفيل ، وحثّت على حماية عناصرها الذين أصيب أفراد منهم وأكدت هذه الدول المساهمة في اليونيفيل “نحثّ جميع أطراف النزاع على احترام وجود اليونيفيل، وهو ما يستدعي ضمان أمن وسلامة جميع موظفيها، في كل الأوقات”.
أعلنت ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا أن هجمات إسرائيل على قوات اليونيفيل في 14 أكتوبر 2024 تتعارض مع القانون الدولي الإنساني ويجب أن تتوقف على الفور وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية في برلين إن “جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي، ملزمون بتوجيه عملياتهم القتالية فقط ضد الأهداف العسكرية للطرف الآخر في النزاع”. وأضاف أن برلين تنتظر بشكل عاجل توضيحاً شاملاً وأنها تجري محادثات مع الجانب الإسرائيلي بهذا الشأن.
**
2 ـ أمن دولي ـ ما هو دور الاتحاد الأوروبي بدعم قوات اليونفيل؟
يأتي الاتحاد الأوروبي كأحد أكبر الداعمين لليونيفيل، حيث تلعب دول الاتحاد أدوارًا بارزة في تمويل العمليات العسكرية والإنسانية لليونيفيل، إلى جانب تقديم قوات من العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد. تُعتبر مشاركة الاتحاد الأوروبي في لبنان جزءًا من استراتيجيته الأوسع لتعزيز الأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط ودعم الاستقرار في الدول المجاورة لأوروبا. وبالإضافة إلى الدعم اللوجستي والعسكري، يسهم الاتحاد الأوروبي في تقديم مبادرات دبلوماسية واقتصادية تسعى إلى التهدئة وتقليل التوترات بين الأطراف المتصارعة في لبنان، وخاصة بين إسرائيل وحزب الله.
تعكس هذه الجهود رغبة الاتحاد الأوروبي في منع تصعيد الأزمات التي قد تؤثر سلبًا على الاستقرار الإقليمي، ما قد يؤدي إلى موجات هجرة غير قانونية وتفاقم النزاعات المسلحة التي تهدد الأمن الأوروبي. بناءً على ذلك، نجد أن دور الاتحاد الأوروبي في دعم قوات اليونيفيل يتجاوز مجرد التواجد العسكري ليصل إلى أبعاد سياسية وإنسانية أوسع تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي في منطقة مضطربة.
دور قوات اليونيفيل في لبنان
أنشئت قوات اليونيفيل بموجب قرار مجلس الأمن رقم 425 عام 1978 عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان. كانت مهمتها الأساسية هي مراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية والتأكد من احترام وقف إطلاق النار. على مر السنين، تغيرت مهام اليونيفيل لتتناسب مع تطور النزاع، وخاصة بعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، حيث توسعت مهامها لتشمل تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701. يتضمن هذا القرار وقف العمليات العدائية، مراقبة وقف إطلاق النار، والتأكد من عدم إعادة تسليح حزب الله في الجنوب، بالتنسيق مع الجيش اللبناني. وبفضل هذا التعاون، ساهمت اليونيفيل في الحفاظ على درجة من الاستقرار في منطقة تعج بالصراعات السياسية والعسكرية.
تمثل قوات اليونيفيل عنصرًا هامًا في تعزيز الاستقرار في جنوب لبنان، وهي منطقة تُعتبر بؤرة توتر دائم بين إسرائيل وحزب الله. تقوم اليونيفيل بمهام عدة تتراوح بين مراقبة الحدود والقيام بدوريات في المنطقة العازلة، إلى جانب تقديم الدعم الإنساني للسكان المحليين في المناطق المتضررة من النزاع. يعتبر هذا الدعم الحيوي مهمًا لمنع تجدد العنف وخلق بيئة مواتية للتفاوض والحوار بين الأطراف المتنازعة. كما تسهم اليونيفيل في بناء الثقة بين الجيش اللبناني والسكان المحليين، من خلال التنسيق المستمر مع القوات المسلحة اللبنانية، وتعزيز قدرة الحكومة اللبنانية على فرض سيادتها على كامل أراضيها. هذا التعاون الثلاثي بين اليونيفيل، الجيش اللبناني، والسكان المحليين يعتبر مفتاحًا في تحقيق السلام المستدام.أمن دولي ـ ما هو دور دولة الإمارات في النزاعات والحروب الإقليمية والدولية ؟(ملف)
دور الاتحاد الأوروبي في دعم قوات اليونيفيل
تلعب دول الاتحاد الأوروبي دورًا كبيرًا في تعزيز قدرات اليونيفيل من خلال المشاركة في قوات حفظ السلام وتمويل العمليات. على سبيل المثال، تشارك دول مثل إيطاليا، إسبانيا، وفرنسا في إرسال قوات وأفراد لدعم العمليات على الأرض، بالإضافة إلى توفير دعم لوجستي مهم. تُعتبر مشاركة القوات الأوروبية ضمن اليونيفيل جزءًا من التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز السلام والأمن في منطقة البحر المتوسط.
يعد الاتحاد الأوروبي أيضًا أحد أكبر المساهمين الماليين في ميزانية اليونيفيل. هذا التمويل يغطي التكاليف التشغيلية، بما في ذلك الإمدادات والمعدات العسكرية التي تحتاجها القوات لأداء مهامها بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الاتحاد في توفير تدريب للقوات اللبنانية، بهدف تحسين التنسيق بينها وبين اليونيفيل في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة. يلعب الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الدعم العسكري، دورًا دبلوماسيًا مهمًا في تهدئة النزاعات بين إسرائيل وحزب الله.
يتدخل الاتحاد من خلال دبلوماسييه وممثليه في الشرق الأوسط للتوسط بين الأطراف المتنازعة وتخفيف حدة التوتر. تسعى الدول الأوروبية الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، إلى تقديم مبادرات تساهم في تحقيق تهدئة مستدامة بين الأطراف المتصارعة، مع التركيز على أهمية الحوار بدلاً من التصعيد العسكري. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز مبادرات إعادة الإعمار والتنمية في لبنان، والتي تساهم في تقليل الأزمات الاقتصادية التي قد تؤدي إلى تفاقم النزاع. من خلال توفير الدعم المالي والفني لمشاريع التنمية، يسهم الاتحاد في خلق بيئة أكثر استقرارًا وازدهارًا في لبنان، وهو ما يساعد في تقليل فرص اندلاع العنف.
أدان رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل هجمات إسرائيل على بعثة اليونيفيل في جنوب لبنان، ووصفها بأنها “عمل غير مقبول”. وكتب على موقع X: “لقد تم تجاوز خط آخر بشكل خطير في لبنان: قصف جيش الدفاع الإسرائيلي لقوات السلام التابعة للأمم المتحدة المعروفة الموقع”، “نحن ندين هذا العمل غير المقبول، والذي لا يوجد ما يبرره”. وأضاف: “يؤكد الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل لليونيفيل وقواتها في المهمة التي أوكلها إليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”. استهدف الجيش الإسرائيلي “عمدًا” قوة السلام التابعة للأمم المتحدة في مقرها في الناقورة، حيث أصيب جنديان إندونيسيان، والقاعدتين الإيطاليتين 1-31 و1-32A.أمن دولي ـ واقع ومهام عمل اليونيفيل في لبنان
الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله: التأثيرات على اليونيفيل
في ضوء الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله، أصبحت قوات اليونيفيل في موقف حساس للغاية. تصاعدت التوترات بين الطرفين بعد سلسلة من الاشتباكات والتصعيدات العسكرية التي زادت من حدة المخاوف بشأن اندلاع حرب شاملة. في هذا السياق، لعبت اليونيفيل دورًا محوريًا في منع تصاعد العنف، حيث عملت على مراقبة وقف إطلاق النار ومحاولة تهدئة الأوضاع. تواجه اليونيفيل صعوبة في تنفيذ مهامها بفعالية، حيث تجد نفسها في كثير من الأحيان محاصرة بين القوات الإسرائيلية وحزب الله. كما أن تزايد الهجمات على مواقع اليونيفيل يمثل تحديًا إضافيًا يعيق قدرتها على تنفيذ مهامها. ورغم ذلك، تستمر اليونيفيل في تقديم الدعم الإنساني للسكان المحليين الذين يعانون من تبعات الصراع.
يكثف الاتحاد الأوروبي جهوده الدبلوماسية لتجنب تصعيد العنف إلى مستويات كارثية. يعمل الاتحاد بشكل مباشر مع الأطراف الإقليمية والدولية لتهدئة الوضع، مستعينًا بعلاقاته مع الحكومة اللبنانية والجيش الإسرائيلي. يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم استقرار لبنان وضمان أمن إسرائيل، وهو ما يتطلب منه دبلوماسية حساسة ومدروسة. علاوة على ذلك، يشدد الاتحاد الأوروبي على أهمية استمرار عمل اليونيفيل ويطالب الأطراف المتصارعة بالامتثال الكامل لقرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرار 1701. كما يحاول الاتحاد تعزيز الحوار بين الفصائل اللبنانية المختلفة لتجنب تفاقم الأزمة السياسية في البلاد.تظل قوات اليونيفيل أداة أساسية في الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، خاصة في ظل الصراع المستمر بين إسرائيل وحزب الله.أمن دولي ـ إلى أي مدي يستطيع حزب الله تنظيم صفوفه من جديد؟
**
3 ـ أمن دولي ـ التحديات التي تواجهها قوات “اليونيفيل” في لبنان؟
تواجه قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة “اليونيفيل” منذ تأسيسها في 1978، تحديات جسيمة تتعلق باستعادة السلام والأمن الدوليين في لبنان، والتأكد من وقف الأعمال العدائية وانتشار الأسلحة في الجنوب اللبناني، ومع اندلاع المواجهات بين إسرائيل وحزب الله في 8 أكتوبر 2023، وتصاعد المشهد بينهما في 23 سبتمبر 2024، بتكثيف إسرائيل الغارات الجوية والعمليات العسكرية البرية في جنوب لبنان، تصاعدت التحديات أمام اليونيفيل خاصة وأنها تعمل في خمسين موقعاً، وتتواجد في منطقة يحدها نهر الليطاني بالشمال والخط الأزرق بالجنوب، ما يزيد المخاطر أمامها ويؤجل مهمتها الأساسية المتعلقة بتسليم المسؤوليات تدريجياً إلى الجيش اللبناني على المدى البعيد.
تحديات أمام اليونيفيل
تواجه قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) العديد من التحديات ضمن مهامها لدعم الاستقرار في جنوب لبنان وفقًا للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن. تشمل هذه التحديات:
- التوترات الحدودية: تتكرر الاشتباكات والتوترات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، مما يزيد من صعوبة تطبيق وقف إطلاق النار ويعرض قوات “اليونيفيل” للخطر عند مراقبتها لهذه الحدود.
- حركة المسلحين والأسلحة: يشكل وجود جماعات مسلحة غير نظامية تحديًا للبعثة، حيث تتحرك الأسلحة والمقاتلون في بعض الأحيان ضمن مناطق عمليات اليونيفيل، ما يجعل من الصعب على القوة الدولية تحقيق أهدافها بنزع سلاح الجماعات غير الحكومية.
- التعاون المحلي المحدود: تواجه “اليونيفيل” قيودًا على التنقل في بعض المناطق بسبب نقص التعاون المحلي، وتحديدًا من بعض المجتمعات المحلية التي ترفض وجود القوات الدولية أو التي تتأثر بانتماءات سياسية معينة.
- التحديات اللوجستية: الظروف الجغرافية القاسية والطرق الصعبة في بعض المناطق تعيق تحرك قوات “اليونيفيل” ومعداتها، كما تزيد من التكلفة والجهد اللوجستي اللازم لضمان جاهزية القوات وتوفير الإمدادات.
- البيئة السياسية المتوترة: التصعيد السياسي الداخلي في لبنان يضيف طبقة من التعقيد لعمليات “اليونيفيل”، خاصةً مع تأثير الوضع السياسي اللبناني على قرارات التعاون والدعم الذي تتلقاه البعثة من الجهات المحلية.
- التعرض للتهديدات الأمنية: بسبب البيئة المتقلبة، تواجه “اليونيفيل” تهديدات مستمرة مثل الهجمات المباشرة والتوترات الشعبية في بعض المناطق، ما يتطلب منها اتخاذ تدابير أمنية دقيقة ومتطورة لحماية الأفراد والعتاد.
ورغم هذه التحديات، تواصل “اليونيفيل” جهودها لضمان الاستقرار في المنطقة ولمنع تفاقم النزاع، مع التزام المجتمع الدولي بتقديم الدعم الدبلوماسي واللوجستي لتسهيل مهامها وتحقيق السلام في المنطقة.
تحدي إسرائيل
تتعرض اليونيفيل لمخاطر عديدة منذ تفاقم الاشتباكات المباشرة بين إسرائيل وحزب الله، وفي 3 سبتمبر 2024 أعلنت اليونيفيل إصابة عامل كان في طريقه لتقديم خدمات للكتيبة الإسبانية التابعة لها برصاص بالقرب من سردا، بينما قتل عامل آخر في غارة على سيارته في الناقورة. في 8 أكتوبر 2024، حذر رئيس بعثة اليونيفيل أرولدو لازارو، ومنسقة الأمم المتحدة الخاصة في لبنان هينيس بلاسخارت، من عدم الاستجابة للنداءات المتكررة لضبط النفس ووقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701، مؤكدان أن الحل التفاوضي مسار عودة الاستقرار بالمنطقة.
رصدت الأمم المتحدة في 10 أكتوبر 2024 إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على (3) مواقع تابعة لها بجنوب لبنان خلال يوم واحد، ما أدي لإصابة (2) من القوات، وأصيب (2) آخرين في سلسلة انفجارات. قالت اليونيفيل في 13 أكتوبر 2024، إنه “للمرة الرابعة في يومين نذكر الجيش الإسرائيلي وجميع الأطراف بالتزاماتهم بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة”، منوهة إلى أن دبابتين إسرائيليتين دخلتا بالقوة موقعاً للأمم المتحدة بجنوب لبنان، ما أدى لتدمير البوابة الرئيسية وإصابة (15) من قوات حفظ السلام بتهيجات جلدية.
تبنى الجيش الإسرائيلي رواية مخالفة لتصريحات اليونيفيل، وقال إنه اعتدى على مواقع لليونيفيل لإجلاء جنود أصيبوا بصاروخ مضاد للدبابات، وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليونيفيل بالابتعاد عن المنطقة، مدعياً أن وجودهم جعلهم رهائن لحزب الله. ووصفت اليونيفيل التحركات الإسرائيلية بالاختراق للقانون الدولي، منوهة إلى أن القوات الإسرائيلية منعتها في 12 أكتوبر 2024 من تنفيذ حركة لوجستية بالقرب من الحدود.
توجه إسرائيل انتقادات لليونيفيل بشأن عدم تحقيق الاستقرار بالمنطقة وترك مقاتلي حزب الله العمل جنوب نهر الليطاني. وانتقد رئيس عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جان بيير لاكروا، حزب الله وإسرائيل لإنشاء منشآت عسكرية بالقرب من مواقع القوات، مؤكداً لمجلس الأمن أن القوات الأممية في خطر متزايد، خاصة وأن إسرائيل تدعي أن رفض اليونيفيل لإخلاء مواقعها يوفر دروع بشرية لحزب الله.
أعلنت اليونيفيل في 16 أكتوبر 2024، إطلاق النار من قبل إسرائيل في هجوم مباشر على أحد مواقعها، ألحق ضرر ببرج مراقبة وكاميرتين. وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قائلاً “حان الوقت لأن تنسحب قوات اليونيفيل من معاقل حزب الله ومناطق القتال”. في 20 أكتوبر 2024 تحدثت اليونيفيل بشأن تعمد جرافة عسكرية إسرائيلية هدم برج مراقبة وسياجاً محيطاً بمواقعها بجنوب لبنان.أمن دولي ـ كيف تحاول إسرائيل تدمير الشبكة المالية لحزب الله؟
تحدي حزب الله
مدد مجلس الأمن في 31 أغسطس 2024، تفويض قوات اليونيفيل لمدة (12) شهراً، ما يزيد الأعباء على القوات في ضوء تصاعد التوترات، وقالت اليونفيل إن حزب الله أطلق نحو (25) صاروخاً في سبتمبر 2024 بالقرب من مواقع لليونيفيل. وكشفت تقارير في 27 سبتمبر 2024 عن إنشاء حزب الله مدرج إسفلتي بطول (1200) متر بإحدى قواعدها العسكرية الممتدة على الحدود الجنوبية اللبنانية. اختراقات حزب الله لم ترتبط بالتصعيد الأخير، وفي 2020 وضع حزب الله بصمة عسكرية له بمناطق عمليات اليونيفيل وعلى طول الخط الأزرق. وأنشأ (7) ميادين رماية في مناطق عمليات اليونيفيل.
بعودة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله منذ 8 أكتوبر 2023، تعرض شمال إسرائيل لأكبر موجة من الصواريخ منذ حرب 2006، ونصب حزب الله خيمة بارتفاع (30) متراً في مايو 2024، وأطلق صاروخ مضاد للدبابات عبر الخط الأزرق في يوليو 2024. ويصبح الوجود العسكري لحزب الله بمناطق اليونيفيل مصدر إزعاج لها، ويتناقض مع سلوك الحزب بجنوب لبنان منذ انتشار القوات الأممية، حيث اقتصر وجوده وقتها بالمناطق المؤهل بالسكان، بينما يشن الآن هجمات صاروخية مباشرة على إسرائيل رداً على هجماتها في لبنان.
الانتشار المتزايد لحزب الله في مناطق بالقرب من مواقع اليونيفيل، وعودة مقاتليه إلى مرافق عسكرية قد تم إخلائها منذ نهاية حرب 2006، منعت سكان محليين والقوات الأممية من الوصول لوديان قريبة من الحدود اللبنانية الإسرائيلية. سيطرة حزب الله على القرار السياسي بلبنان تزيد الضغوط على اليونيفيل، ورصدت الأخيرة أعمال عنف ضد قواتها في ديسمبر 2023 من قبل سكان محليين، لاسيما وأن حزب الله يغذي العنف ضد القوات الأممية، بجانب منعه دورية من الوصول لمنطقة معينة، ويتحول دور اليونيفيل من تنفيذ التفويض إلى حماية القوات. رغم تمتع اليونيفيل بحرية التنقل في منطقة عملياتها بموجب قرار مجلس الأمن (2695)، إلا انها لم تزور ميادين الرماية وتراقبها فقط من طائرات الهليكوبتر لمنع الاشتباك مع عناصر حزب الله.أمن دولي ـ هل يمكن لقرار الأمم المتحدة رقم 1701 إنهاء الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟
ماذا تفعل قوات اليونيفيل في الصراع الحالي؟
دور اليونيفيل قبل التوترات الحالية، تمثل في مراقبة وقف إطلاق النار منذ 2006، ومراقبة انتهاكات الحدود بشكل حيادي والإبلاغ عن انتهاكات للقرار 1701، والوساطة الرسمية بين المسؤولين العسكريين الإسرائيليين واللبنانيين. ودعم الجيش اللبناني بالتدريب والمساعدة على تعزيز انتشاره بجنوب لبنان، بهدف انتقال المهام الأمنية إليه تدريجياً. تدعم القوة البحرية التابعة لليونيفيل البحرية اللبنانية في مراقبة المياه الإقليمية، ومنع دخول الأسلحة غير المصرح بها والمواد ذات الصلة لمنطقة العمليات، بجانب تسهيل وصول الجهات الإنسانية لدعم السكان المحليين، ودعم المجتمعات المحلية بالتبرعات في مجال التعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية.
تبدل الأمر بعد أكتوبر 2023، بقيام القوات الأممية بدوريات على جبهة القتال ونقل الرسائل بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي، في ظل تعليق آلية الوساطة الرسمية بينهما. ورغم تحذيرات إسرائيل لليونيفيل بإخلاء مواقعها إلا أنها تواصل عملها، وقال المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تينتتي، إن “التعليمات الغامضة لم تحدد أي من المواقع الـ (50) التي تتولاها القوة ينبغي إخلاؤها”، مؤكداً استمرار رفع علم الأمم المتحدة والقيام بالدور المطلوب بالمنطقة رغم صعوبة الوضع الأمني.
كيف تواجه اليونيفيل تحديات الوضع بالجنوب اللبناني؟
تصر اليونيفيل على تأكيد وجودها واستمرارها في إداء المهام، وفي 6 أكتوبر 2024 حذرت اليونيفيل من تبعات الأنشطة الأخيرة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي بالقرب من موقع البعثة. وتواصل القوات ملاحظة تبادل إطلاق النار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن “الضربات الجوية والتوغلات البرية التي تنفذها إسرائيل استهدفت مناطق متعددة عبر الخط الأزرق”، مشيراً إلى شن حزب الله عشرات الهجمات في نفس الفترة رداً على توغلات إسرائيل.
ترفض اليونيفيل الاعتداءات على قواتها، وتنظر إلى هذه التحركات بأنها تطور خطير يهدد سلامة قوات حفظ السلام التي تنفذ المهام الموكلة إليها من قبل مجلس الأمن. وفي 13 أكتوبر 2024 قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش، إن” قوات اليونيفيل لن تخلي جنوب لبنان”، رافضاً دعوة إسرائيل للقوات بمغادرة المنطقة، وأكد على أهمية ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، متهماً إسرائيل باستهداف المنشآت الأممية عمداً.مكافحة الإرهاب ـ أهداف وركائز استراتيجية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– يبقى دور اليونيفيل محوريًا في تعزيز السلام والأمن، مما يجعل من الضروري تقييم تأثير وجودها والتحديات التي تواجهها في سياق الأحداث المتسارعة في المنطقة.
– تهدف إسرائيل من استمرار تهديداتها لليونيفيل بأن تحصل على تفويض أكثر قوة للتعامل مع حزب الله أو، بدلاً من ذلك، يجب نشر قوة جديدة غير تابعة للأمم المتحدة لتأمين الجنوب البناني.
– – يعتمد مستقبل اليونيفيل على دعم المجتمع الدولي. إذا استمرت الدول الكبرى في دعم لبنان ومؤسساته، فسيكون لذلك أثر إيجابي على وجود اليونيفيل، بينما أي تراجع في هذا الدعم قد يعقد مهامها.
– من المحتمل أن يضغط المجتمع الدولي ويفرض عقوبات على إسرائيل، كتلويح الولايات المتحدة الأمريكية بقطع الدعم العسكري لإسرائيل، والذي سيؤثر بدوره أيضا على قرارت رئيس الوزراء الإسرائيلي في المنطقة.
– بات متوقعا أن تتصاعد المخاطر تجاه اليونيفيل مع استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. وأن تُعيد الهجمات النظر في استراتيجية اليونيفيل ودورها في المنطقة، وقد تسعى إسرائيل للضغط على قوات حفظ السلام لتكون أكثر انحيازًا أو تقبل الرواية الإسرائيلية بشأن الوضع الأمني.
– يُتوقع أن تستمر قوات حفظ السلام في لبنان لفترة معينة، لكن مستقبلها يعتمد على ديناميات الوضع الأمني والسياسي في المنطقة. ومما لا شك فيه أن تداعيات مثل هذا الصراع سوف تقع على السكان والبنية الأساسية ومرافق الإنتاج التي كانت محمية من قِبَل قوات حفظ السلام، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في كارثة إنسانية واجتماعية واقتصادية كبيرة.
**
منذ إنشائها في عام 1978، لعبت قوات اليونيفيل دورًا أساسيًا في تهدئة الأوضاع في جنوب لبنان ومراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. ومع ذلك، تظل قدرتها محدودة في منع التصعيد بين الطرفين نظرًا لطبيعة النزاع، حيث أن حزب الله وإسرائيل يمتلكان مصالح متعارضة وقوة عسكرية مستقلة لا تلتزم دائمًا بقرارات الأمم المتحدة.
توسع مهام اليونيفيل بعد حرب 2006 أسهم في زيادة فعاليتها، لكن الاعتماد الكبير على التعاون مع الجيش اللبناني والاتحاد الأوروبي في توفير الدعم يعكس هشاشة دورها. علاوة على ذلك، تواجه اليونيفيل تحديات ميدانية وتهديدات مباشرة تستهدف وجودها، ما يضعف من قدرتها على تنفيذ المهام المنوطة بها.
يعتبر الاتحاد الأوروبي أن استقرار لبنان يمثل أولوية استراتيجية لأمن المنطقة وأوروبا. لذا، يعزز الاتحاد دعمه السياسي والعسكري لليونيفيل لمنع تدهور الأوضاع بين إسرائيل وحزب الله. دبلوماسيًا، يسعى الاتحاد للعب دور الوسيط بين الأطراف المتصارعة، حيث يستخدم قنواته مع الجانبين لمحاولة تخفيف حدة التوترات. إلا أن محدودية تأثير الاتحاد الأوروبي في السياسة الإقليمية مقارنة بالولايات المتحدة وإيران تجعل جهوده في التهدئة غير كافية في بعض الأحيان. مع ذلك، يظل الاتحاد ملتزمًا بالحفاظ على اليونيفيل كأداة دولية حيوية لحفظ السلام في جنوب لبنان.
استهداف قوات اليونيفيل في الآونة الأخيرة يُعقِّد مهمتها ويضعف من قدرتها على حفظ الاستقرار. تُعتبر هذه الهجمات رسالة مباشرة للطرف الدولي بأن وجود هذه القوات قد يُنظر إليه كعائق من قِبَل بعض الفاعلين المحليين. استهداف اليونيفيل لا يعرض حياة الجنود للخطر فحسب، بل يشير إلى تحديات كبيرة تتعلق بقدرتها على أداء مهامها. إذا استمرت هذه الهجمات، قد يدفع ذلك الدول المشاركة في اليونيفيل إلى إعادة النظر في مساهماتها العسكرية، ما قد يؤثر بشكل كبير على فعاليتها. كما قد تجد الأمم المتحدة نفسها مجبرة على إعادة تقييم قواعد الاشتباك للقوات لتتمكن من حماية نفسها بشكل أفضل.
من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في تقديم دعمه القوي لليونيفيل، خاصة مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله. من الناحية الدبلوماسية، سيسعى الاتحاد الأوروبي للضغط على الأطراف الإقليمية لوقف التصعيد، مع تكثيف جهوده للتوصل إلى حلول سلمية. على المدى البعيد، قد تتزايد الضغوط على الاتحاد الأوروبي لإيجاد آليات بديلة لدعم الاستقرار في لبنان، بما في ذلك تعزيز الحوار المباشر بين إسرائيل وحزب الله.
رغم الجهود الدولية المبذولة للتهدئة، يظل احتمال اندلاع نزاع عسكري واسع بين إسرائيل وحزب الله قائمًا. أي تصعيد سيؤثر بشكل مباشر على استقرار لبنان والمنطقة ككل، وقد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة تتطلب تدخلًا دوليًا كبيرًا.
وجود اليونيفيل والجهود الأوروبية قد يحدّان من تفاقم الصراع، لكن في حال اشتعال حرب شاملة، قد تجد هذه القوات نفسها غير قادرة على التعامل مع حجم الدمار والخسائر. التصعيد المحتمل سيؤثر أيضًا على علاقات الاتحاد الأوروبي مع دول الجوار، حيث سيكون عليه التعامل مع تبعات اقتصادية وأمنية واسعة قد تنعكس سلبًا على أوروبا.
**
ـ تعد المرحلة الراهنة شديدة الصعوبة لقوات اليونيفيل منذ توليها المسؤولية بجنوب لبنان، بتفاقم المواجهات بين إسرائيل وحزب الله خارج حدود قواعد الاشتباك وتدهور الأوضاع الأمنية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ومن هنا يصبح دور اليونيفيل ومصير القرار الأممي 1701 مهدداً، خاصة وأنه القرار الذي يحدد عمل القوات بجنوب لبنان ويتعرض لانتهاكات واضحة من قبل طرفي الصراع، ما يجعل الأمر معقداً أمام اليونيفيل بشأن الدفاع عن نفسها والانشغال عن المهام الرئيسية، وفي الوقت نفسه تتخوف القوات الأممية من أن تصبح هدفاً رئيسياً في هذه التوترات، وأن تلجأ للقوة رداً على الهجمات ضد مواقعها، ما قد يقود لمواجهة عسكرية بين القوات الأممية والجيش الإسرائيلي ويحول اليونيفيل إلى أداة قتالية، وهو ما يتناقض مع دورها ويضع الدول المشاركة في تأسيس القوات في صدام مع إسرائيل، لاسيما وأن الوضع في لبنان يتجه إلى تصعيد غير مسبوق.
– انسحاب اليونيفيل من جنوب لبنان أمر غير مطروح في أروقة الأمم المتحدة، وتعد الورقة الأخيرة التي تضع حداً للعمليات العسكرية البرية والغارات الجوية بالجنوب اللبناني، وخروج القوات الأممية يعني نهاية القرار 1701 في ظل الطرح الإسرائيلي لإجراء تعديلات عليه، تصب في صالح إسرائيل فقط وتعرقل عمل القوات الأممية والجيش اللبناني، بجانب أن الانسحاب يعني إخفاق الأمم المتحدة والدول الأوروبية المشاركة ضمن القوات، في أول اختبار حقيقي لها منذ تأسيس اليونيفيل في نهاية سبعينيات القرن الماضي.
– تصريحات الدول الأوروبية بشأن مسألة سحب اليونيفيل قواتها، تشير إلى موقفها الثابت إزاء أهمية تواجد القوات الأممية في هذه المنطقة، لتصاعد الوضع بين إسرائيل ووكلاء إيران، والترقب للرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني الذي وقع في مطلع أكتوبر 2024، لذا ستضغط دول الاتحاد الأوروبي على إسرائيل للتوقف عن الهجمات المباشرة ضد المنشآت الأممية وقواتها، وستطرح مبادرات على غرار الورقة الفرنسية التي قدمتها باريس في فبراير 2024 للتهدئة بين حزب الله وإسرائيل، كمحاولة سحب الأسلحة ووقف العمليات العسكرية في جنوب لبنان، وتعد النقطة المضيئة هنا إن الموقف الأوروبي يتماشى مع موقف الحكومة اللبنانية التي أشارت إلى إمكانية إدخال تفاهمات جديدة للقرار 1701.
– إن مهمة مراقبة مناطق جنوب لبنان وجمع المعلومات لتقديم تقارير ميدانية للمجتمع الدولي في غاية الصعوبة للقوات الأممية، لذا تؤجل اليونيفيل أي خطوة بشأن نقل المسؤولية للجيش اللبناني الذي يعاني من أزمات مالية ويكافح من أجل القيام بالمهام اليومية للمؤسسة العسكرية، بجانب عدم تلقيه أي توجهات من الحكومة اللبنانية للتعامل مع هذه المسألة، في ظل احتدام المواجهات بين إسرائيل وحزب الله.
– لدى الأمم المتحدة مهمة جسمية تتعلق بتوسيع صلاحيات اليونيفيل في جنوب لبنان، ما يسمح له بالتعامل مع أي اعتداءات مباشرة على قواتها ومنشآتها، في ظل تدهور العلاقة بين المؤسسة الأممية وإسرائيل، وتصاعد حدة التصريحات من المسؤولين الإسرائيليين إزاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما قد يعرقل أي تصويت في مجلس الأمن والأمم المتحدة حول إضافة أي مهام جديدة لليونيفيل.
– ربما تستثمر بعض الدول الأوروبية، فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية للحصول على تصريحات داعمة لليونيفيل أو وعود بشأن إنهاء التصعيد في جنوب لبنان من قبل المرشحين الجمهوري والديمقراطي، بجانب الحوار مع الإدارة الأمريكية الحالية لإحراز أي تقدم ملموس بشأن المباحثات بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية في الوقت الراهن، والضغط على إسرائيل للتوقف عن انتقاد اليونيفيل ومطالبتها بالانسحاب.
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=98035
رابط اعادة نشر ..https://www.europarabct.com/?p=98197
هوامش
What is UNIFIL, the peacekeeping force on the Israel-Lebanon border?
https://tinyurl.com/ycymr6r6
German warship serving UNIFIL downs drone off Lebanon
https://tinyurl.com/ycyk7ww9
Middle East: US gives Israel 30 days to boost Gaza aid
https://tinyurl.com/bdfnhe2m
What is Unifil and why has Israel been firing on its positions in Lebanon?
https://tinyurl.com/35wfk2ed
*****
United Nations Interim Force In Lebanon
“European Union’s Role in the Middle East Peace Process” – European Parliament
UNIFIL’s Evolving Role in Southern Lebanon
The European Union and Lebanon: Humanitarian Assistance and Diplomacy”
***
UN says Israeli tanks forced entry into base in south Lebanon
What is UNIFIL, the U.N. peacekeeping force in Lebanon?
Netanyahu: UN must withdraw south Lebanon peacekeepers from combat zones
Hezbollah’s assertive posture in south Lebanon places UNIFIL in a difficult position
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI