بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ECCI، وحدة الدراسات والتقارير”1″
أمن دولي ـ دوافع الاهتمام الأمريكي بالصومال في ظل تهديدات الحوثيين للبحر الأحمر. ملف
تصفح الملف نسخة pdf ملف أمن دولي ـ دوافع الاهتمام الأمريكي بالصومال في ظل تهديدات الحوثيين للبحر الأحمر.
لطالما شكل الصومال جزءًا من الاستراتيجية الأمنية الأمريكية في القرن الإفريقي، لكنه بات يحظى باهتمام متزايد في ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، ولا سيما تصاعد تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر. فمع تنامي التحديات الأمنية في الممرات البحرية الحيوية، تجد واشنطن نفسها أمام ضرورة تعزيز وجودها العسكري والاستخباراتي في القرن الإفريقي، حيث يشكل الصومال نقطة ارتكاز رئيسية لأي جهود تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة. القرن الإفريقي هو منطقة استراتيجية حيوية لأوروبا، حيث يمثل بوابة للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ممر حيوي يمر عبره ما يقارب 12% من التجارة العالمية. إلى جانب ذلك، يُعد أمن البحر الأحمر والمحيط الهندي أمراً حاسماً بالنسبة لصادرات واستيرادات أوروبا من آسيا وإفريقيا.
1 ـ أبرز الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى التركيز على الصومال:
ـ الأهمية الجيواستراتيجية للصومال كممر رئيسي، يطل على المحيط الهندي وقربه من مضيق باب المندب، إلى جانب كونه ساحة نشاط للجماعات الإرهابية، وعلى رأسها حركة الشباب التي تمثل تهديدًا للاستقرار الإقليمي وللمصالح الغربية. كما أن تصاعد التوترات في البحر الأحمر بفعل الهجمات الحوثية، واستهدافها للسفن التجارية والسفن الحربية، يزيد من أهمية تأمين قواعد عسكرية ومناطق نفوذ في الدول المجاورة، مما يجعل الصومال شريكًا استراتيجيًا لواشنطن في مواجهة هذه التهديدات.
ـ الرؤية الأمريكية الجديدة، تعتبر الصومال جزءًا من جهود واشنطن في احتواء النفوذ الصيني والروسي والإيراني في إفريقيا. فبينما تسعى موسكو إلى تعزيز وجودها العسكري عبر قواعد محتملة في الساحل الإفريقي، وتعمل بكين على ترسيخ شراكاتها الاقتصادية، بات من الضروري للولايات المتحدة تعزيز حضورها في دول مثل الصومال لضمان استمرار هيمنتها على الأمن البحري في المنطقة. وفي ظل هذه المعطيات، فإن اهتمام واشنطن بالصومال في المرحلة الراهنة لم يعد مقتصرًا على مكافحة الإرهاب، بل أصبح جزءًا من استراتيجية أوسع لمواجهة تهديدات الحوثيين، وضمان استمرار التفوق الأمريكي في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي.
إفريقيا في الاستراتيجية الأمريكية

Gulf_of_Aden
تقليديًا، لم تكن القارة الإفريقية على رأس أولويات الإدارات الأمريكية المتعاقبة. فقد اقتصرت التفاعلات الأمريكية مع إفريقيا غالبًا على الاستجابة لتزايد نفوذ قوى أخرى مثل الصين وروسيا وبعض دول الخليج. على الرغم من الخطابات المتكررة حول تعزيز العلاقات مع القارة الإفريقية، إلا أن هذه التوجهات لم تُترجم إلى سياسات فعلية قوية.غالبًا ما تهيمن الاعتبارات الأمنية والجيوستراتيجية على سياسة واشنطن تجاه إفريقيا، حيث تركزت الجهود الأمريكية على مبادرات عامة مثل عقد قمم تجمع القادة الأفارقة، أو التفاعل مع دول رئيسية ذات أهمية خاصة للمصالح العسكرية والسياسية الأمريكية.أما من ناحية التنمية الاقتصادية، فقد تعهدت الولايات المتحدة مرارًا بإعادة تشكيل علاقتها مع إفريقيا على أساس التنمية المشتركة، لكن هذه الوعود لم تحقق تقدمًا ملموسًا. ونتيجة لذلك، فإن الإدارة الأمريكية القادمة، سواء بقيادة ترامب أو أي رئيس آخر، ليست مرشحة لإحداث تغييرات جوهرية في النهج الأمريكي تجاه إفريقيا، بل من المحتمل أن تستمر واشنطن في التركيز على القضايا الأمنية والسياسية أكثر من القضايا الاقتصادية والتنموية.
نقاط الاختلاف الرئيسية في العلاقات الأمريكية الإفريقية
هناك عدة قضايا رئيسية تُحدد مسار العلاقة بين الولايات المتحدة وإثيوبيا، أبرزها:
ـ ملف سد النهضة والخلافات الإقليمية حول استخدام مياه النيل، وهو موضوع حساس يؤثر على العلاقات بين إثيوبيا والسودان ومصر.
ـ ملف أرض الصومال، وهي منطقة تتمتع بحكم ذاتي وتسعى للاعتراف الدولي باستقلالها، مما يخلق خلافات دبلوماسية في المنطقة.
ـ مستقبل بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (AUSSOM)، ودورها في حفظ الاستقرار ومكافحة الإرهاب في البلاد.
ـ العلاقة بين واشنطن وإريتريا، حيث تشهد العلاقات بين البلدين توترات تاريخية قد تؤثر على التعاون في منطقة القرن الإفريقي.
ـ الحرب في السودان، إذ تلعب الولايات المتحدة دورًا في دعم جهود الوساطة بين الأطراف المتنازعة، ولكن سياساتها قد تتأثر بتحالفاتها الإقليمية.
ـ تعتمد طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإثيوبيا بشكل كبير على كيفية تعامل أديس أبابا مع هذه القضايا. علاوة على ذلك، فإن الموقف الأمريكي تجاه إثيوبيا قد يكون امتدادًا لموقفها الأوسع تجاه قوى إقليمية مثل الصين وروسيا ودول الخليج. لكن في ظل الطبيعة غير المتوقعة لكل من إدارة ترامب والحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد، فإن العلاقة بين البلدين قد تشهد تقلبات كبيرة. أمن دولي ـ ما هو تأثير هجمات الحوثييين في البحر الأحمر؟
القوى الجديدة المؤثرة في إفريقيا
رغم محاولات الرئيس الأمريكي السابق بايدن بإاستعادة القيادة الأمريكية على المسرح العالمي إلا أن هذا الطموح كان صعب التحقيق. تبين أن مجرد تكرار شعار “أمريكا عادت” لم يكن كافيًا لإعادة النفوذ الأمريكي إلى مستويات سابقة، خصوصًا في منطقة القرن الإفريقي. واستغلت قوى أخرى هذا الفراغ، حيث نجحت دول مثل الخليج، وتركيا، والهند، وإيران في تعزيز حضورها في القارة الإفريقية، مستفيدة من الفرص الاقتصادية والاستراتيجية التي توفرها المنطقة. يُنظر إلى البحر الأحمر على أنه ممر بحري بالغ الأهمية للخدمات اللوجستية العالمية، مما دفع هذه القوى إلى تعزيز وجودها العسكري والتجاري هناك. كما ترى الصين وروسيا في البحر الأحمر بوابةً رئيسيةً إلى إفريقيا، سواءً من أجل تأمين مصادر جديدة للمواد الخام أو تعزيز أسواق صادراتهما.
على عكس الولايات المتحدة، التي تربط مساعداتها بالشروط السياسية، تعتمد هذه القوى على سياسة “عدم التدخل” في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية. هذا النهج جعلها شريكًا أكثر جاذبية للعديد من الدول الإفريقية، حيث تقدم استثمارات، واتفاقيات دفاعية، وإمكانية وصول إلى أسواقها دون فرض شروط سياسية صارمة. أحد الأمثلة البارزة على هذا النفوذ المتزايد هو مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، حيث انضمت 39 دولة إفريقية إلى هذه المبادرة، مما يعكس التوسع الكبير في النفوذ الصيني على حساب الولايات المتحدة.
التحدي الصومالي
على مدار العقدين الماضيين، سعت الصومال إلى إقرار الدستور المؤقت لعام 2012 وإلى إنشاء نظام فيدرالي يٌمكّن الولايات الإقليمية من التمتع بصلاحيات أوسع. وشهدت البلاد تحديات في قطاع الأمن وتعزيزًا لقدرات الجيش الصومالي. وما تزال هناك خلافات مستمرة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بتقاسم السلطة والموارد. رفضت ولاية بونتلاند الاعتراف بسلطة الحكومة الفيدرالية على الإصلاحات الدستورية في مارس 2023،، بينما رفضت جوبالاند إجراء انتخابات مباشرة لأسباب أمنية.وتصاعدت الأزمة في نوفمبر 2024 عندما تبادلت الحكومة الفيدرالية وقيادة جوبالاند أوامر اعتقال، مما أدى إلى اشتباكات مسلحة بين القوات الفيدرالية والقوات المحلية في ديسمبر 2024. في ظل هذه التوترات، يُعتبر دعم الشركاء الدوليين لتعزيز الاستقرار أمرًا بالغ الأهمية. ويُفترض أن يركز الدعم الدولي على تقوية المؤسسات الأمنية وتسهيل الحوار السياسي حول القضايا الخلافية.
كيف سيكون رد فعل الحوثيين على الوجود العسكري الأمريكي في الصومال؟
ـ تصعيد الخطاب الحوثي ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، متهمين واشنطن بتوسيع نفوذها العسكري في إفريقيا لتهديد الأمن الإقليمي. قد يسعون إلى تأليب الرأي العام الصومالي ضد الوجود الأمريكي من خلال الحملات الإعلامية والمعلومات المضللة التي تصور التدخل الأمريكي على أنه استعمار جديد.
ـ تعزيز تحالفاتهم مع جهات إقليمية مناهضة للولايات المتحدة، قد تلجأ الجماعة إلى تعزيز تعاونها مع فصائل متطرفة في القرن الإفريقي، مثل حركة الشباب الصومالية، لمحاولة تقويض النفوذ الأمريكي في الصومال. من الممكن أن يتلقى الحوثيون دعماً غير مباشر من إيران لتعزيز قدراتهم على مواجهة أي تحركات أمريكية تستهدف وجودهم في البحر الأحمر.
ـ اللجوء إلى الحرب غير التقليدية، قد يحاول الحوثيون تنفيذ هجمات بالوكالة ضد المصالح الأمريكية في الصومال، سواء عبر تمويل جماعات محلية معادية لأمريكا، أو عبر استهداف السفن الأمريكية في المياه الصومالية ومحيطها. من غير المستبعد أن يسعوا إلى تهريب أسلحة إلى حلفائهم في القرن الإفريقي، مما قد يؤدي إلى تصعيد أعمال العنف وتهديد الاستقرار الداخلي في الصومال.
هل يمكن للحوثيين تهديد أمن الصومال قبل تعزيز الولايات المتحدة قدراتها العسكرية؟
ـ هناك احتمالات قائمة بأن يستبق الحوثيون أي تحرك أمريكي عسكري في الصومال بمحاولة زعزعة استقرار البلاد، وذلك عبر الوسائل التالية:
ـ دعم حركة الشباب الصومالية: الحوثيون قد يسعون إلى تمويل أو تسليح فصائل متشددة داخل الصومال لمهاجمة القواعد العسكرية الصومالية أو البعثات الأجنبية.
ـ تنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية وحلفائها: مثل استهداف السفارات، القواعد العسكرية، أو حتى السفن التجارية القريبة من السواحل الصومالية.
ـ تحريك خلايا نائمة في منطقة القرن الإفريقي لشن هجمات ضد البعثات الأمريكية أو قوات الاتحاد الإفريقي المكلفة بحفظ الأمن في البلاد.
ـ استخدام الطائرات المسيّرة لشن هجمات على القواعد العسكرية الأمريكية أو السفن الحربية التابعة للولايات المتحدة في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
ـ ستجد واشنطن نفسها مضطرة لتعزيز وجودها العسكري في القرن الإفريقي بسرعة، وربما توسيع عملياتها العسكرية ضد الحوثيين خارج حدود اليمن، بما يشمل ضربات استباقية على مواقعهم العسكرية في اليمن، وربما استهداف شبكاتهم اللوجستية داخل إفريقيا . وقد تلجأ واشنطن إلى الضغط على الحلفاء الإقليميين لدعم جهودها في مواجهة أي تهديدات للقرن الإفريقي.
2 ـ كيف سيكون رد فعل إيران ضد القوات الإمريكية في القرن الإفريقي ضد الحوثيين؟
الضربات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن يوم 15 مارس 2025 كانت الأشد منذ بدء العمليات الجوية المشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في يناير 2024. كما أنها كانت الأولى تحت إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب. موجهاً رسالة واضحة إلى طهران، صرح الرئيس بعد الضربات قائلاً: “كل طلقة يطلقها الحوثيون سيتم النظر إليها… على أنها طلقة أطلقت بأسلحة وقيادة إيرانية”.لم تكن هذه الهجمات، وربط ترامب الصريح للحوثيين بإيران، مفاجئة. فقد كان من بين أهم نتائج الحروب التي أعقبت هجمات 7 أكتوبر 2023 الزيادة في أهمية الحوثيين ضمن “محور المقاومة” الذي تقوده إيران. فمنذ 7 أكتوبر 2023 ، شكلت مئات هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، إلى جانب إطلاقهم المتكرر للطائرات المسيرة والصواريخ ضد إسرائيل، جزءًا رئيسيًا من رد المحور على الحرب في غزة.
في الوقت نفسه، تعرض أعضاء المحور الآخرون مثل حماس وحزب الله لضربات قاسية من قبل إسرائيل خلال عام 2024، لا سيما عبر عمليات اغتيال استهدفت قياداتهم. كما انهار نظام الأسد في سوريا في ديسمبر، مما أفقد طهران أهم حليف دولتي داخل المحور.حتى إيران نفسها ضعفت. كانت هجماتها الصاروخية والجوية على إسرائيل العام الماضي غير فعالة إلى حد كبير بسبب كفاءة الدفاعات الجوية الإسرائيلية. في المقابل، كانت الضربات الإسرائيلية على إيران دقيقة؛ حيث أدى الهجوم الثاني في أكتوبر إلى تدمير عدة مواقع دفاع جوي ومنشأة رئيسية لإنتاج الصواريخ. كانت الرسالة واضحة: في أي مواجهة مباشرة مستقبلية، تستطيع إسرائيل إلحاق أضرار أكبر بكثير بإيران.الحوثيون هم الجهة الوحيدة في المحور التي عززت موقعها خلال العام الماضي 2024.
أن توسعهم في البحر الأحمر منحهم حضورًا عالميًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن هجماتهم على السفن – التي يبررونها بأنها تضامن مع الفلسطينيين .يجب على الولايات المتحدة تكثيف جهودها لوقف تهريب الأسلحة والوقود إلى الحوثيين من إيران والعراق، خصوصًا عبر البحر، وكذلك تحديد وتجميد مصالحهم الاقتصادية خارج اليمن. ومع ذلك، يجب على واشنطن تجنب التصرف في اليمن دون تنسيق على الأقل مع حلفائها الإقليميين في الخليج، ولا سيما الإمارات والسعودية، اللتين خاضتا الحرب ضد الحوثيين. أمن دولي ـ كيف تواجه أوروبا ودول الخليج تهديدات الحوثيين؟
رد إيران المحتمل
ـ تعزيز تهريب الأسلحة المتطورة إلى الحوثيين، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة القادرة على استهداف السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر.
ـ تحسين قدرات الحوثيين على حرب غير متكافئة عبر تدريب قواتهم على شن عمليات بحرية ضد السفن العسكرية والتجارية الأمريكية وحلفائها.
ـ زيادة الهجمات الحوثية على السفن الأمريكية والغربية لتوسيع نطاق الحرب البحرية ورفع تكلفة التدخل الأمريكي في المنطقة.
ـ الضغط على القوات الأمريكية عبر الميليشيات الموالية لإيران، إيران قد تستخدم الميليشيات التابعة لها في العراق وسوريا لاستهداف القواعد الأمريكية، وذلك بهدف:
ـ إشغال الولايات المتحدة على جبهات متعددة وتقليل تركيزها على العمليات في البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
ـ إرسال رسائل تحذيرية غير مباشرة بأن استهداف الحوثيين قد يؤدي إلى تصعيد واسع في الشرق الأوسط، خاصة في العراق وسوريا.
ـ التنسيق مع الصين وروسيا: إيران قد تلجأ إلى حلفائها مثل الصين وروسيا لحشد دعم دبلوماسي ضد التواجد العسكري الأمريكي المتزايد في القرن الإفريقي، وربما الدفع نحو قرارات في مجلس الأمن تحد من حرية التحرك الأمريكية.
ـ تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية: يمكن أن تحاول طهران تعزيز نفوذها في دول مثل السودان وإريتريا والصومال، لتقويض أي تحركات أمريكية هناك.
ـ استهداف المصالح الأمريكية في القرن الإفريقي عبر وكلائها
إيران قد تلجأ إلى توسيع شبكة نفوذها في إفريقيا عبر دعم فصائل مسلحة معادية للوجود الأمريكي.
قد تسعى إلى تحفيز هجمات إرهابية ضد القواعد الأمريكية في الصومال أو جيبوتي أو حتى في البحر الأحمر.
ـ إيران تتجنب عادة المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية، لكنها تلجأ إلى حروب الوكالة والهجمات غير المباشرة. لذا، من المستبعد أن تشن هجمات عسكرية علنية ضد القواعد الأمريكية في القرن الإفريقي، لكنها قد تشجع الحوثيين على استهداف السفن والقواعد الأمريكية في المنطقة.
إذا استمرت الولايات المتحدة في تعزيز وجودها العسكري في القرن الإفريقي وتكثيف هجماتها على الحوثيين، فإن إيران لن ترد بشكل مباشر، لكنها ستستخدم حلفاءها الإقليميين ووكلاءها في المنطقة لمواجهة الضغط الأمريكي.
ـ مزيدًا من الهجمات الحوثية على السفن الأمريكية والغربية، تحركات عسكرية إيرانية أكثر عدوانية في البحر الأحمر وخليج عدن. وتنسيق أكبر بين إيران وروسيا والصين لمواجهة الضغوط الأمريكية في إفريقيا والشرق الأوسط.
القرن الإفريقي قد يتحول إلى ساحة صراع غير مباشر بين واشنطن وطهران، مع استخدام الجماعات المسلحة كأدوات لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لكل طرف.
3 ـ ماذا عن دور أوروبا في القرن الإفريقي؟

AfricaMap2
بينما ينصب الاهتمام، سواءً سياسياً أو إعلامياً، غالباً على القضايا الداخلية للاتحاد الأوروبي، فإن هذا يتجاهل الحضور الحقيقي للاتحاد في جميع أنحاء العالم . في السنوات الأخيرة، انخرط الاتحاد الأوروبي في منطقة القرن الأفريقي، إلى جانب عدد متزايد من الجهات الفاعلة والمصالح، للحد من مخاطر تهريب المخدرات والأسلحة والبشر العابرة للقرن الأفريقي، ومنعها من الوصول إلى حدوده وبينما يصر الاتحاد الأوروبي على إحداث تغيير في القرن الأفريقي، فمن الواضح أن الوضع الميداني بالغ الصعوبة.
فقد شهدت المنطقة صراعات عنيفة متوالية، وحروباً أهلية، وجرائم ضد الإنسانية، وانهيار حكومات، وشعوراً حقيقياً باليأس. في مواجهة هذا الواقع، اعتمد الاتحاد الأوروبي نهجاً عالمياً، ويهدف من خلاله إلى معالجة القضايا ليس فقط من منظور موضوعي، بل من منظور يستهدف انعدام الأمن من جذوره. ويصعب تقييم هذا النجاح، لأن العقبة الرئيسية هي الوقت، في حين يناقش الأكاديميون على المستوى النظري شرعية أو قدرات المساعدات الدولية، فإن الواقع هو أنه ربما يكون من السابق لأوانه حقا أن نفهم حقا إلى أي مدى يحقق الاتحاد الأوروبي أهدافه حقا في القرن الأفريقي. أمن دولي ـ الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين، استراتيجية جديدة
الاتحاد الأوروبي في القرن الإفريقي: الأولويات والمخاوف الجيوسياسية
على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد حدد القرن الإفريقي كـ”أولوية جيوستراتيجية”، إلا أن نهج الكتلة تجاه المنطقة لا يزال غير محدد بشكل واضح. إن انخراط الاتحاد الأوروبي في المنطقة سيستفيد من تحديد أوضح لمصالحه وأهدافه بترتيب أولوياته، مما سيساعد في تحديد الأدوات التي يمكن تعبئتها بشكل أفضل لتحقيق هذه المصالح. في هذا السياق، تعتبر جهود التعاون التنموي للاتحاد الأوروبي قيمة مضافة مهمة يمكن الاستفادة منها بشكل أكثر استراتيجية لتحقيق أهدافه. إن الوجود المتزايد لجهات فاعلة أجنبية أخرى في القرن الإفريقي له تداعيات مهمة ليس فقط على المنطقة نفسها ولكن أيضًا على انخراط الاتحاد الأوروبي الإقليمي.
عندما تتداخل مصالح بعض هذه الجهات مع مصالح الاتحاد الأوروبي، فقد يكون من المفيد التعاون بين جميع الأطراف. يمكن أن يشكل تطوير البنية التحتية والمساعدات الإنسانية نقطة دخول مناسبة لاستكشاف هذا التعاون. من ناحية أخرى، قد يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى مواجهة أنشطة بعض الفاعلين الأجانب عندما تتعارض بشكل مباشر مع مصالحه. ومع ذلك، يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي حذرًا من السماح للاعتبارات الجيوسياسية بتوجيه نهجه نحو المنطقة. بدلاً من الانشغال بإبقاء أصحاب المصالح في القرن الإفريقي خارج دائرة نفوذ منافسيه الجيوسياسيين، يجب أن يركز الاتحاد الأوروبي على تعميق العلاقات مع الفاعلين (سواء الدول أو الجهات غير الحكومية) الذين يشاركونه مصالحه وقيمه، مما قد يؤدي إلى شراكات أكثر موثوقية تلبي مصالحه على المدى الطويل.
القرن الإفريقي والصومال: تمديد تفويضات العمليات الأوروبية لمدة عامين
قرر المجلس الأوروبي يوم 16 ديسمبر 2024 تمديد تفويض قوة الاتحاد الأوروبي البحرية “عملية أتالانتا” ومهمة التدريب العسكري للاتحاد الأوروبي في الصومال (EUTM Somalia) حتى 28 فبراير 2027، بالإضافة إلى قراره في 5 ديسمبر 2024 بتمديد تفويض بعثة بناء القدرات المدنية للاتحاد الأوروبي في الصومال (EUCAP Somalia) حتى نفس التاريخ. تم اتخاذ هذه القرارات بعد مراجعة استراتيجية شاملة لمشاركة الاتحاد الأوروبي في سياسة الأمن والدفاع المشتركة (CSDP) في الصومال والقرن الإفريقي، بهدف تعزيز استجابة الاتحاد الأوروبي في ظل السياق الأمني المتغير وتعزيز دوره كمزود للأمن البحري. في الوقت نفسه، تم تحديث تفويض “عملية أتالانتا” لتعزيز الأمن البحري قبالة سواحل الصومال، وخليج عدن، وغرب المحيط الهندي، وأجزاء من البحر الأحمر، ودعم بناء هيكل أمني بحري إقليمي أوسع. مع التفويض الجديد، ستواصل العملية مكافحة القرصنة وتقليل الأنشطة غير المشروعة في البحر. سيتم تعزيز التنسيق مع “عملية أسبيديس” البحرية، التي تحمي حالياً الشحن التجاري في البحر الأحمر.
مركز الأمن البحري للمحيط الهندي
وبالتوازي مع ذلك، يجري إعادة تسمية “مركز الأمن البحري للقرن الإفريقي” (MSC Horn of Africa ) ليصبح “مركز الأمن البحري للمحيط الهندي” (MSC Indian Ocean) مع تعزيز دوره.في الصومال، تم توسيع نطاق عمل سياسة الأمن والدفاع المشتركة (CSDP) لدعم بناء قوات ومؤسسات أمنية صومالية قادرة على تحمل مسؤولية أمنها في المستقبل، وفقًا لخارطة الطريق المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والصومال. ومع التفويضات الجديدة، ستدعم بعثات EUCAP Somalia وEUTM Somalia بناء مؤسسات أمنية صومالية قوية ومستدامة وخاضعة للمساءلة من خلال تقديم المشورة الاستراتيجية والتوجيه والتدريب، مصحوبة بدعم من معدات ممولة من الاتحاد الأوروبي عبر “آلية السلام الأوروبية”. لتعزيز النهج الإقليمي، ستدعم البعثات والعمليات جهود بناء القدرات الأمنية البحرية الإقليمية، خاصة في جيبوتي، وفقًا لإمكاناتها وقدراتها.من أجل الحفاظ على قيم الاتحاد الأوروبي الأساسية، ستولي جميع الأنشطة اهتمامًا خاصًا للقانون الإنساني الدولي، وحقوق الإنسان، ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي، وحماية الأطفال في النزاعات المسلحة، وتعزيز أجندة المرأة والسلام والأمن، وكذلك قضايا المناخ والأمن والدفاع.
عملية أتالانتا: المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي في القرن الإفريقي والمحيط الهندي
عملية أتالانتا، المعروفة رسميًا باسم “قوة الاتحاد الأوروبي البحرية (EU NAVFOR) الصومال”، هي عملية عسكرية مستمرة لمكافحة القرصنة في البحر قبالة القرن الإفريقي وغرب المحيط الهندي. وهي أول عملية بحرية يقودها الاتحاد الأوروبي، وتعمل وفقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1814 و1816 و1838 و1846 التي تم تبنيها في عام 2008. منذ 29 مارس 2019، يقع مقر العمليات في قاعدة روتا البحرية (NAVSTA Rota) في إسبانيا، بعد نقله من لندن عقب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هي جزء من عمل أوسع للاتحاد الأوروبي لمنع ومكافحة أعمال القرصنة في المحيط الهندي، وهي أول عملية بحرية يطلقها الاتحاد. تتعاون “عملية أتالانتا” مع “قوة المهام المشتركة 151″ متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة و”عملية درع المحيط” التابعة لحلف شمال الأطلسي ، الناتو.
تم إطلاق المهمة في ديسمبر 2008 بهدف حماية السفن المتجهة إلى الصومال والشحنات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) وبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (AMISOM)، بالإضافة إلى شحنات أخرى معرّضة للخطر. كما تراقب العملية أنشطة الصيد في السواحل الإقليمية. في عام 2012، توسع نطاق المهمة ليشمل المناطق الساحلية الصومالية والمياه الداخلية، بهدف تنسيق عمليات مكافحة القرصنة مع الحكومة الفيدرالية الانتقالية في الصومال والإدارات الإقليمية. أمن دولي ـ تصاعد تهديدات الحوثيين للأمن البحري والتجارة العالمية
هل تنخرط أوروبا الى جانب الولايات المتحدة ضد الحوثيين
تُعتبر الضربات الجوية الأخيرة جزءًا من “عملية حارس الازدهار” (Operation Prosperity Guardian)، لكن مشاركة أعضاء الناتو حتى الآن لم تكن بارزة. باستثناء المملكة المتحدة، التي شاركت في الضربات الجوية الأمريكية ضد أهداف الحوثيين العام 2024، اقتصرت مساهمات بقية الأعضاء على مستويات محدودة. قدمت كندا مركبات دعم غير محددة وثلاثة ضباط فقط. تعهدت النرويج بإرسال 10 ضباط أركان دون سفن. أرسلت الدنمارك الفرقاطة “HDMS Inver Huitfeldt” في ديسمبر 2023، لكنها عادت إلى الوطن بسبب فشل في نظام الأسلحة أثناء هجوم بطائرة مسيرة حوثية. أرسلت البحرية اليونانية فرقاطتين، بينما قدمت هولندا فرقاطة وسفينة دعم. أما فنلندا والسويد، فقد أرسلتا أفرادًا بحريين فقط. أرسلت البحرية الملكية البريطانية، التي لا تزال أكبر أسطول في أوروبا من حيث الإزاحة، مدمرتين وفرقاطتين، بينما قدم سلاح الجو الملكي البريطاني الجناح الجوي الاستكشافي 903 بقيادة مقاتلات تايفون وطائرات التزود بالوقود فوييجر.أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة لن تعمل كـ”الأخ الأكبر” لأوروبا إلى الأبد، مما يعني أن على أوروبا تطوير قدراتها العسكرية الخاصة وعدم الاعتماد على واشنطن.
العوامل الداعمة للتدخل العسكري الأوروبي ضد الحوثيين
الولايات المتحدة تقود حاليًا عمليات عسكرية ضد الحوثيين تحت مظلة “عملية حارس الازدهار”، وواشنطن ترغب في دعم أوروبي أكبر، خاصة بعد تصاعد هجمات الحوثيين على السفن التجارية الغربية. إذا تزايدت الهجمات الحوثية على السفن الأوروبية، فقد يدفع ذلك بعض الدول الأوروبية للمشاركة في عمليات عسكرية أوسع.إذا استمر تهديد الحوثيين للتجارة البحرية عبر البحر الأحمر، فقد تضطر أوروبا إلى التصعيد العسكري لحماية مصالحها التجارية. إن استمرار الهجمات قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين البحري، مما سيلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصادات الأوروبية، خاصة الدول التي تعتمد على التجارة البحرية مثل ألمانيا وفرنسا. الاتحاد الأوروبي عزز في السنوات الأخيرة وجوده في المناطق البحرية المهمة، مثل المحيط الهندي والبحر المتوسط. يمكن أن يتم توسيع عمليات “أسبيديس” و”أتالانتا“ لتشمل استهداف القدرات البحرية الحوثية. لكن الدول الأوروبية ليست موحدة في استراتيجيتها تجاه التدخلات العسكرية الخارجية. وواضح إن فرنسا وبريطانيا أكثر ميلاً للتدخل، بينما تميل ألمانيا ودول الشمال الأوروبي إلى الحلول الدبلوماسية.
المخاوف من التصعيد مع إيران
إن أي تدخل عسكري أوروبي قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع مع إيران، التي تدعم الحوثيين عسكريًا ولوجستيًا. بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وإيطاليا، لا ترغب في الانجرار إلى صراع مع طهران قد يؤثر على مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية. لكن إذا استمرت هجمات الحوثيين على السفن الأوروبية أو توسعت عملياتهم لتشمل أهدافًا أوروبية، فقد يتم توسيع نطاق العمليات العسكرية. يمكن أن تشمل المشاركة الأوروبية هجمات جوية محدودة، أو عمليات خاصة بحرية ضد القدرات العسكرية الحوثية، خاصة أن بعض الدول الأوروبية (مثل بريطانيا وفرنسا) تمتلك القدرة على ذلك. سيكون هذا التدخل مشروطًا بقرار من الاتحاد الأوروبي أو بمشاركة عدد محدود من الدول الأعضاء. أما في حال حدوث تصعيد كبير مثل استهداف مباشر لسفن عسكرية أوروبية أو وقوع خسائر كبيرة، قد تضطر أوروبا إلى المشاركة في عملية عسكرية شاملة بقيادة أمريكية ضد الحوثيين. قد يشمل هذا السيناريو شن غارات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن، أو استهداف منشآت إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ. قد تنضم فرنسا وبريطانيا إلى هذه العمليات، لكن من غير المرجح أن توافق جميع دول الاتحاد الأوروبي على الانخراط في حرب مباشرة.أمن دولي ـ استهداف واشنطن لجماعة الحوثي، الأسباب والتداعيات
قراءة مستقبلية
ـ الولايات المتحدة تفقد نفوذها في منطقة القرن الإفريقي لصالح قوى أخرى مثل الصين، وروسيا، وتركيا، ودول الخليج، والهند. ويرجع ذلك إلى اتباع هذه الدول سياسات أكثر مرونة تجاه الدول الإفريقية، حيث تركز على الاستثمارات والبنية التحتية دون فرض شروط سياسية صارمة، على عكس النهج الأمريكي الذي يربط الدعم بالمطالب الديمقراطية والإصلاحية.
يُمكن اعتبار مبادرة “الحزام والطريق” الصينية إحدى أبرز الأدوات التي وسعت بها بكين نفوذها في إفريقيا، حيث وقّعت 39 دولة إفريقية اتفاقيات ضمن هذه المبادرة، مما عزز النفوذ الصيني على حساب الولايات المتحدة. في المقابل، لم تتمكن واشنطن من تقديم بديل جذاب كافٍ، مما أدى إلى تراجع تأثيرها في المنطقة. رغم الحديث عن انسحاب محتمل، فإن واشنطن ستُبقي على وجودها العسكري في القرن الإفريقي، خصوصًا في الصومال وجيبوتي، لكن من المرجح أن يتم تقليص هذا الوجود تدريجيًا بسبب عدة عوامل:
ـ التركيز الأمريكي على أولويات أخرى مثل مواجهة الصين في المحيط الهادئ، واحتواء روسيا في أوروبا، مما يقلل من أهمية القرن الإفريقي على أجندة السياسة الخارجية.
ـ تزايد المعارضة الداخلية في الولايات المتحدة للتدخلات العسكرية الخارجية، حيث يتبنى العديد من السياسيين نهجًا انعزاليًا يُفضل تقليل الالتزامات الأمريكية في مناطق النزاع.
ـ تحسُّن قدرات الجيش الصومالي وتزايد اعتماد واشنطن على “الحروب بالوكالة”، حيث تفضل دعم القوات المحلية بدلًا من نشر قواتها مباشرة.
ـ إن أي زيادة في الوجود العسكري الأمريكي في الصومال قد تؤدي إلى تصعيد غير مباشر مع الحوثيين، مما يجعل أمن القرن الإفريقي في وضع حساس خلال الأشهر القادمة.
ـ ـ ينظر الحوثيون إلى الوجود الأمريكي في المنطقة على أنه جزء من استراتيجية أمريكية ـ إسرائيلية تهدف إلى تقويض نفوذهم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. لذلك، من المحتمل أن تتبنى الجماعة مقاربة عدائية تشمل التهديدات اللفظية والتحركات العسكرية غير المباشرة، وربما محاولات لاستهداف المصالح الأمريكية وحلفائها الإقليميين في المنطقة.
ـ إيران تنظر إلى أي تعزيز للوجود العسكري الأمريكي في القرن الإفريقي كجزء من استراتيجية واشنطن لحصار نفوذها الإقليمي، لا سيما في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث تلعب طهران دورًا رئيسيًا عبر دعم جماعة الحوثي في اليمن. لذا، فإن أي تحركات عسكرية أمريكية في الصومال أو جيبوتي أو غيرها من دول القرن الإفريقي قد تدفع إيران إلى اتخاذ ردود فعل تصعيدية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر حلفائها ووكلائها في المنطقة. إذا زادت واشنطن من عملياتها العسكرية ضد الحوثيين انطلاقًا من قواعدها في الصومال وجيبوتي.
ـ تشارك أوروبا بالفعل في عمليات حفظ الأمن البحري عبر “عملية أتالانتا”، وهي جزء من سياسة الاتحاد الأوروبي البحرية لمكافحة القرصنة والتهديدات البحرية الأخرى. ومع ذلك، فإن التهديد الذي تمثله جماعة الحوثي المدعومة من إيران على الملاحة الدولية في البحر الأحمر يفرض تحديات أمنية جديدة، مما يستدعي إعادة النظر في استراتيجية الاتحاد الأوروبي العسكرية في المنطقة.
ـ رغم امتلاك بعض الدول الأوروبية قوات بحرية قوية، إلا أن العمليات العسكرية الكبيرة لا تزال تعتمد على القيادة الأمريكية.أوروبا ليست مستعدة لتحمل عبء عسكري كبير في المنطقة بدون دعم لوجستي من الولايات المتحدة.
ـ من المحتمل، إن تواصل أوروبا عملياتها البحرية في القرن الإفريقي تحت مظلة “عملية أتالانتا” و”أسبيديس”، دون انخراط مباشر في حرب ضد الحوثيين. وسيتم التركيز على الدفاع عن السفن التجارية والقيام بدوريات بحرية لحماية خطوط الملاحة، مع تجنب التصعيد العسكري المباشر. من المرجح أن تبقى العمليات في إطار الدفاع عن النفس وردع الحوثيين، دون شن ضربات عسكرية استباقية.
ـ في المدى القريب، ستواصل أوروبا دعم العمليات الدفاعية البحرية دون الانخراط في هجمات مباشرة ضد الحوثيين. في حال تصاعد الهجمات، قد تضطر بعض الدول الأوروبية إلى التصعيد العسكري المحدود، لكن التدخل الأوروبي الشامل لا يزال مستبعدًا. التحول الاستراتيجي الأكبر قد يأتي في حال قررت أوروبا تعزيز قدراتها العسكرية المستقلة عن الولايات المتحدة، وهو ما لا يزال موضع جدل داخلي بين الدول الأوروبية.
ستظل العلاقة بين الولايات المتحدة ودول القرن الإفريقي غير مستقرة بسبب: ملف سد النهضة، حيث تحاول واشنطن لعب دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا، لكن نجاحها في ذلك غير مضمون. وممكن ان تدعم أزمة الصومال وجيبوتي وجود القوات الأمريكية .
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=102664
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
هوامش
[1]Dawn or doom? The new AU mission in Somalia and the fight for stability
[2]The US risks losing its influence in the Horn of Africa. Here’s how to get it back.
US-Horn of Africa Dilemmas | African Arguments
[3] The US risks losing its influence in the Horn of Africa. Here’s how to get it back.