المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
بون ـ إعداد: داليا عريان ـ باحثة في المركز الأوروبيECCI
رغم الحديث عن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، فإن هناك تصعيداً ميدانياً خطيراً بينهما، يهدد بعرقلة المباحثات ويزيد من شروط التسوية، لتمسك كل طرف بقائمة شروط، ما يدفع الحرب الراهنة إلى منحنى شديد الخطورة يزيد من استنزاف روسيا عسكرياً، ويكبد أوكرانيا خسائر مادية وبشرية لا حصر لها، خاصة بعد استعادة موسكو مدينة كورسك الروسية، وشن أوكرانيا هجوم “شبكة العنكبوت” في العمق الروسي، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية جلوس الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتداعيات هذا التطور على أبعاد وأهداف الحرب التي تجاوزت 3 سنوات.
هل باتت أوكرانيا مستعدة لتقديم تنازلات؟
طالبت روسيا أوكرانيا بالتخلي عن طموحها للالتحاق بحلف الناتو، في وقت لم يتضح فيه إمكانية حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية. وكشف استطلاع رأي لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع (KIIS) في ديسمبر 2024، عن تزايد تأييد الأوكرانيين للمفاوضات، ويفضل (52%) إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، بينما يفضل (38%) مواصلة أوكرانيا القتال حتى الفوز بالحرب.
تزايدت نسبة المتقبلين لوقف الحرب من (11%) في 2022 إلى (31%) في 2024، وأراد الثلث وقف إطلاق النار فوراً، وأراد النصف الحرب حتى استعادة الأراضي، ما يعني أن الاستقلال السياسي خط أحمر للأوكرانيين.
أشار استطلاع رأي لمعهد (KIIS)، أن (66%) من الأوكرانيين يعتبرون أهداف روسيا تهديداً وجودياً، ويعتقد (87%) أن روسيا لن تتوقف عند الأراضي التي تحتلها، لذا يفضلون إبرام اتفاق مصحوب بضمانات أمنية من الناتو.
مع عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقترح إنهاء الحرب، ظهر توجه لدعم شروط روسيا، وفي 18 فبراير 2025 قال مسؤولون أمريكيون، إن الأطراف بحاجة لتقديم تنازلات لوقف القتال. وفي 3 مارس 2025 رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تنازل أوكرانيا عن أراض لوقف إطلاق النار. وأوضحت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية في 22 أبريل 2025، أن أوكرانيا مستعدة لتقديم بعض التنازلات للولايات المتحدة، فيما يخص تسوية النزاع.
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في 28 أبريل 2025، إن بلاده تأمل أن تحدث الدبلوماسية شيئاً في المباحثات، بعد حديث ترامب، عن استعداد أوكرانيا للتنازل عن شبه جزيرة القرم لروسيا كجزء من السلام.
أعاد المقترح الأمريكي الأوروبي في 9 مايو 2025، بشأن وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، الوفدين الروسي والأوكراني لطاولة التفاوض بعد غياب لنحو 3 سنوات، واقترحت واشنطن أن تتنازل كييف عن أراضيها في أي اتفاق دائم، وأكد زيلينسكي مراراً بأنه لن يتنازل عن أراضٍ.
رغم أن جولة المباحثات في إسطنبول في 16 مايو 2025، لم تسفر سوى عن اتفاق تبادل 1000 أسير من كل طرف، فإن شروط روسيا بشأن تنازل أوكرانيا عن أراض والتراجع عن الانضمام للناتو عاد مرة أخرى. وقال مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوغ في 29 مايو 2025، أن قلق روسيا من توسع الناتو شرقاً أمر مشروع، وأن بلاده لا تريد ضم أوكرانيا للحلف.
تتطلع أوروبا لدور واشنطن، لتقديم ضمانات قوية لمساعدة أوكرانيا إذا تعرضت لهجوم، خاصة وأن واشنطن تقترح الاستيلاء على محطة زابوريجيا التي تسيطر عليها روسيا الآن، وتوفر الكهرباء لكل من روسيا وأوكرانيا، وهددت واشنطن بالانسحاب من المفاوضات إذا لم يتم إحداث تقدم.
رفضت أوكرانيا مسودة روسيا، التي طرحتها روسيا في إسطنبول في 2 يونيو 2025، ووصفتها بإنذارات غير واقعية لإنهاء الحرب.أمن دولي ـ كيف يستعد الناتو لسيناريوهات ما بعد أوكرانيا؟
هل حرب أوكرانيا حرب أيديولوجية؟
يقول الأستاذ المشارك في السياسة الدولية في كلية كينغز لندن جوناثان ليدر ماينارد، إن الحرب الأوكرانية تفسر التنافس الأيديولوجي بين الغرب وروسيا، خاصة وأن التغيرات الأيديولوجية داخل روسيا، جعلتها ترى نفسها مهددة من الأيديولوجية الخارجية، وعززت الروابط العابرة للحدود بين الأفكار المحافظة في أراضيها، والاتجاهات اليمينية الشعبوية في أوروبا وأمريكا الشمالية.
تعد الأيديولوجية بنفس أهمية المصالحة في حرب أوكرانيا، و أوضح عالم السياسة فرانسيس فوكوياما، أن ديمقراطيات ليبرالية مثل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والولايات المتحدة، بمواجهة قومية روسيا وبيلاروسيا ومنطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين. وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى أن الروس والأوكرانيين متماثلين عرقياً، ما يعني أن المعادلة الأيديولوجية تحرك روسيا.
ترفض القيادة الأوكرانية وأغلب الأوكرانيين بشدة سيطرة روسيا على أراضيها، نظراً لأن الأيديولوجية هناك تميل للديمقراطية الليبرالية، وتظهر هذه النقطة في مطالبة كييف بالانضمام لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وحرص الرئيس الأوكراني على إلقاء خطابات أمام برلمان الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي.
ما الموقف الأوروبي من استمرار حرب أوكرانيا؟
قدمت بريطانيا قرضاً لأوكرانيا بقيمة (2.26) مليار جنيه إسترليني في 1 مارس 2025 ، وعقب استضافة لندن قمة حول أوكرانيا، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن صفقة صواريخ بقيمة (1.6) مليار جنيه إسترليني لكييف، وفي 11 أبريل 2025 قدمت لندن دعماً عسكرياً بقيمة (450) مليون جنيه إسترليني لكييف.
لعبت بولنداً دوراً مهماً في استقبال الأسلحة الغربية عبر أراضيها، تمهيداً لإدخالها إلى أوكرانيا، بجانب إرسالها لعسكريين بولنديين للمشاركة في الجيش الأوكراني.
أعلنت بولندا في 23 فبراير 2025، أنها ستدفع ثمن اشتراك أوكرانيا في خدمة “ستارلينك” للإنترنت عبر الأقمار الصناعية، بعد ضغوط أمريكية بقطع الخدمة لإبرام صفقة المعادن الأوكرانية النادرة، خاصة وأن هذه الخدمة حيوية للجيش الأوكراني. وأعلنت في 26 مارس 2025، أن الناتو تولى مسؤولية نقل الأسلحة من الدول الأعضاء لأوكرانيا، عبر مركز في بولندا، حيث تصل أكثر من (80%) من الإمدادات العسكرية لأوكرانيا عبر بولندا.
أصبحت برلين ثاني أكبر مورد للأسلحة لأوكرانيا بعد واشنطن. وفي 21 مارس 2025، وافق البرلمان الألماني على مساعدات عسكرية إضافة لأوكرانيا، بقيمة (3) مليارات يورو في 2025، ونحو (8.4) مليار يورو في الفترة (2026-2029)، وتتيح منحها ذخائر وأسلحة قابلة للتسليم في غضون عامين، بما فيهم أنظمة دفاع جوية من طراز “إيريس تي”.
أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، في 27 مايو 2025، رفع القيود عن إطلاق كييف صواريخ بعيدة المدى على روسيا، ودعم أوكرانيا في تطوير صواريخ بعيدة المدى.
رصدت فرنسا في 26 مارس 2025، مساعدات عسكرية لأوكرانيا بنحو ملياري يورو، خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لباريس، التي تعمل مع لندن على خطة لإرسال آلاف الجنود لكييف كضمانات أمنية في حال وقف إطلاق النار مستقبلاً.
استقبلت باريس في 27 مارس 2025 قمة دعم أوكرانيا، لتعزيز الدعم الأوروبي لكييف. وفي 10 مايو 2025 وصل قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبولندا لكييف تحت مظلة “تحالف الراغبين”، مقدمين مقترح لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً.أمن أوروبا ـ هل تتجه حرب أوكرانيا نحو تصعيد إقليمي أوسع؟
كيف تنظر أوروبا إلى حرب أوكرانيا؟
كانت حرب أوكرانيا فرصة لأوروبا لإعادة ضبط أمنها واعتمد الاتحاد الأوروبي في مارس 2022 “البوصلة الاستراتيجية” لجعل سياساتها الأمنية أكثر استعداداً، بما يتوافق مع الباب (5) من معاهدة الاتحاد.
يعد صندوق الطوارئ الأوروبي عامل تغيير في السياسة الأمنية للاتحاد، وجزءاً من استراتيجيته الاستباقية لتعزيز نفوذه الأمني، ومنح الصندوق أعلى مستوى تمويل على الإطلاق بقيمة (5) آلاف مليار يورو للفترة (2021-2027).
زادت دول الاتحاد من إنفاقها الدفاعي بنسبة (30%) عبر استثمار (100) مليار يورو في المعدات عقب حرب أوكرانيا، وأطلق التكتل الأوروبي في 5 مارس 2024، أول استراتيجية صناعية دفاعية، ما يجعله أكثر قدرة على المنافسة والمرونة لتحقيق زيادة بمعدل مشتريات بنسبة (40%) بحلول 2030.
في 4 مارس 2025 استكملت المفوضية الأوروبية هذا النهج، بخطة “إعادة تسليح أوروبا” لحشد نحو (800) مليار يورو للإنفاق الدفاعي، مستغلة انشغال روسيا بمجريات الحرب، لزيادة الإنفاق العسكري (1.5%) على مدار (4) سنوات.
لمن الغلبة روسيا أم الغرب؟
بالنظر إلى القوة العسكرية للناتو، فإن المادة (5) من معاهدة الحلف تنص على أن أي هجوم على أي عضو، يعني الهجوم على باقي الأعضاء. انفقت واشنطن (916) مليار دولار في 2023 على الإنفاق العسكري للحلف. وعزز الناتو من نفوذه بضم فنلندا والسويد في عامي 2023 و2024، للتغلب على حق النقض من المجر وتركيا في قرارات الحلف، ودعم جناحه الشمالي الشرقي ودول البلطيق الأكثر عرضة لهجمات روسيا المحتملة.
يعد الحلف الذي يضم (32) دولة، قوة قتالية قوية وحديثة، رغم مواجهته نقصاً في الذخيرة وصعوبة تطبيق اتفاقية “الدفاع المتبادل” غير المختبرة.
لم تمنع العقوبات الغربية روسيا من تسريع إنتاجها العسكري، الذي ارتفع إلى (120) مليار يورو بداية من 2025، ما يعادل (4) أضعاف ميزانية 2021. وأطلقت موسكو في أكتوبر 2024، أكبر حملة تجنيد إجباري منذ أكثر من عقد، لزيادة الجنود إلى (1.5) مليون جندي، ما يجعل الجيش الروسي أكبر من الجيش الأمريكي فقط، بينما تظل القوة الجماعية للناتو أكبر، بتعداد أكثر من (3) مليون جندياً.
لدى روسيا نحو (5) آلاف طائرة عسكرية و(339) سفينة حربية وأكثر من (5) آلاف دبابة، ويمتلك الناتو (22) ألف طائرة وألف سفينة حربية و(11) ألف دبابة. وتمتلك موسكو نحو (5580) رأساً نووياً، بينما لدى واشنطن ولندن وباريس نحو (5549) رأساً نووياً.
روسيا ليست في وضع يسمح لها بمواجهة الناتو، خاصة وأنه نشط بعد حرب أوكرانيا، وبدون واشنطن تظل القدرة العسكرية الجماعية له كبيرة، بحسب الصحفي البريطاني جورج أليسون، الذي أشار إلى أن التطور التكنولوجي والتوافق التشغيلي للناتو يعززان من فعاليته القتالية أكثر من روسيا، بجانب امتلاكه لهيكل قيادي متكامل وأسلحة متطورة، ما يرجح كفة الحلف في حال حدوث صدام مباشر مع موسكو، بينما يكمن الخطر في احتمالية لجوء روسيا للسلاح النووي.
ما الأهداف الغربية الحقيقية وراء حرب أوكرانيا؟
استغل الغرب حرب أوكرانيا لتحقيق أهدافه ضد روسيا، لرسم شكل النظامين السياسي والاقتصادي العالمي في العقد المقبل. ويستهدف الغرب هزيمة روسيا، وتحملها مسؤولية إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، كشرط لتسوية الأزمة أو بمصادرة أصولها المجمدة.
يرى الغرب أن الضغوط على روسيا، ستزيد من تحالفها مع دول الجنوب العالمي والصين، ما يسهل عليه استهداف هذا التحالف بفرض العقوبات وعرقلة تحركاته الاقتصادية، فموسكو تستند على بكين في الاقتصاد، بينما تمثل ترسانة روسيا النووية ومواردها الطبيعية وأراضيها الشاسعة نقطة قوة لتحالفها مع الصين.
فرض الاتحاد الأوربي (16) حزمة من العقوبات على روسيا، ما يعد أقوى إجراء في السياسة الخارجية للاتحاد، للضغط على موسكو بتآكل قاعدتها الاقتصادية، وحرمانها من موارد بقيمة (400) مليار يورو. ولن تنتهي العقوبات تلقائياً عقب وقف الحرب، بل ستبقى سارية حتى امتثال روسيا لميثاق الأمم المتحدة والأمن الأوروبي، لاستمرار الضغط على الاقتصاد الروسي واستعادة النظام الدولي وفقاً للقواعد الأوروبية.
خفض الاتحاد تجارته مع روسيا في قطاع الطاقة، خاصة وأن أوروبا كانت تحصل على (40%) من احتياجاتها من الطاقة الروسية، وكانت مشتريات الاتحاد الأوروبي بمثابة حصن لإيرادات روسيا. وأطلق الاتحاد أول استراتيجية لتنويع الإمدادات، وفرض حداً أقصى لسعر مشتريات النفط بالتنسيق مع مجموعة السبع. وانفصلت دول البلطيق في فبراير 2025، عن شبكات الكهرباء الروسية، ما أدى لاندماجها في شبكة الكهرباء وسوق الطاقة الداخلية للاتحاد الأوروبي.أمن أوروبا ـ هل تتخلى أوروبا عن الاعتماد على واشنطن في دعم أوكرانيا؟
كيف أصبح الرأي العام الأوروبي بشأن دعم أوكرانيا؟
أوضح استطلاع رأي لمؤسسة “إيبسوس” أن (66%) من الفرنسيين يرون ضرورة إرسال مساعدات لكييف بدون واشنطن.
لا يريد (78%) من الفرنسيين إرسال قوات فرنسية لأوكرانيا، إلا إذا كان الأمر يتعلق بضمانة تطبيق السلام، وأن (55%) يؤيدون إرسال قوات حفظ السلام لأوكرانيا، بحسب استطلاع رأي لمؤسسة “أودوكسا”.
أشار استطلاع رأي حديث، إلى أنه ما يقرب من نصف الألمان يريدون وقف الدعم لأوكرانيا. ووفقاً لبيانات “غابينيت” للدراسات الاجتماعية، فإن (68%) من الإسبان يوافقون على مساعدة كييف.
يرى (63%) من الرومانيين أن المفاوضات بين موسكو وواشنطن إيجابية. وأشار استطلاع رأي، إلى تراجع تضامن اليونانيين مع أوكرانيا.
تقييم وقراءة مستقبلية
– يبدو أن الموقف الأوروبي الرافض لحيثيات المباحثات بين روسيا وأوكرانيا، نظراً لاعتراض الأولى على مشاركة أوروبا في المفاوضات، وتقديمها لمطالب غير مقبولة من وجهة نظر كييف وحلفائها الأوروبيين، دفع أوكرانيا لاختيار التوقيت الحالي، لشن أكبر هجوم جوي داخل العمق الروسي، كرسالة تحذير لموسكو بأن الموقف الأمريكي الذي ينحاز لمسودة السلام التي قدمتها، لن يجبرها على قبول التنازلات المتعلقة بالأراضي وتقويض حركة الجيش الأوكراني، والتدخل في الانتخابات والشأن الداخلي الأوكراني، خاصة وأن واشنطن أكدت على عدم علمها بهذا الهجوم مسبقاً.
– قوة الهجوم الأوكراني واستهدافه لمطارات عسكرية روسية، ألحق أضراراً جسيمة بمقاتلات وقاذفات استراتيجية، وبررت أوكرانيا الهجوم للتقليل من الإمكانيات النووية الروسية، لاسيما وأن السلاح النووي يظل نقطة تفوق موسكو أمام الغرب، ووسيلة ضغط يمكن اللجوء إليها لتمرير شروط المفاوضات، ورغم توعد روسيا بالرد، فإن من الواضح أن أنظمة الرادار والدفاعات الجوية الروسية باتت منهكة، للتعامل مع هذ النوع من الهجمات المفاجئة، ما يعني أن قدرات روسيا العسكرية في بداية الحرب مختلفة تماماً عن وضعها الحالي، الأمر الذي يشير إلى اعتماد أوروبا على استراتيجية “استنزاف” روسيا في المعارك، لتغيير موقفها بشأن شروط التفاوض.
– اعتراض أوروبا على مقترحات روسيا لإنهاء الحرب، تتعلق بفكرة المخاوف من تمدد الأيديولوجية الروسية إلى أراضي أوكرانية ومنها إلى باقي دول أوروبا، سواء بشن هجمات سيبرانية أو جوية محتملة مستقبلاً أو بقيادة الأحزاب اليمينية الشعبوية والتي وصلت للحكم في بعض دول أوروبا، وتعد بولندا أحدث نموذج بفوز المرشح القومي بالانتخابات الرئاسية، ما يثير المخاوف من تنازل أوكرانيا عن أراضٍ وإجراء انتخابات كشروط للتسوية.
– قبل بدء الحرب الأوكرانية، طالبت روسيا الناتو بتقديم ضمانات بشأن عدم ضم أوكرانيا له، ولكن عدم استجابة الغرب لهذه الرغبة الروسية، كان بهدف وضع روسيا تحت ضغط دائم من مسألة إمكانية توسع الحلف شرقاً، ولكن بعد اندلاع حرب أوكرانيا، باتت الفرصة أمام الناتو لتقويض قدرات روسيا العسكرية والاقتصادية، بفرض العقوبات ومساندة أوكرانيا عسكرياً لشن هجمات نوعية.
– انعكاسات حرب أوكرانيا لا تقف عند طرفي الصراع فقط، بل تمتد إلى شكل النظام العالمي الفترة المقبلة، والذي بات يتشكل وفقاً للمتغيرات الأمنية والسياسية الراهنة، خاصة أن روسيا عززت من تحالفاتها مع الصين وإيران وكوريا الشمالية، وفي المقابل اتجهت دول أوروبا لإعادة صياغة الاستراتيجيتين الأمنية والسياسية، لمواجهة أي سيناريوهات بشأن حرب أوكرانيا، وأي متغيرات تطرأ على السياسة الأمريكية التي تتأرجح بين الانتقاد والمهادنة لروسيا، لذا من المتوقع أن يشهد العالم إعادة تشكيل التحالفات واستحداث مفاهيم جديدة للأمن القومي للدول.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=104971
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
الهوامش
Are Ukrainians ready for ceasefire and concessions? Here’s what the polls say
Critical week for US’s future in Ukraine-Russia talks, Rubio says
Great Power Image and Enemy-Making: The Role of Ideology in Russia’s War in Ukraine
How the war in Ukraine has transformed the EU’s Common Foreign and Security Policy