خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ECCI، وحدة الدراسات والتقارير “1”
أمن دولي ـ ترامب يشكك في رغبة بوتين بإنهاء الحرب في أوكرانيا
صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم 26 ابريل 2025 ، بأنه يشك في أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرغب فعلاً بإنهاء حربه في أوكرانيا، معبراً عن شكوك جديدة إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام قريباً. ويأتي ذلك بعد يوم واحد فقط من قوله إن أوكرانيا وروسيا “قريبتان جداً من التوصل إلى اتفاق”.وقال ترامب في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي أثناء عودته إلى الولايات المتحدة بعد حضوره جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان — حيث التقى لفترة وجيزة بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي —:” لم يكن هناك أي مبرر لإطلاق بوتين الصواريخ على المناطق المدنية، المدن والبلدات، خلال الأيام القليلة الماضية.” كما ألمح ترامب إلى إمكانية فرض عقوبات إضافية ضد روسيا، قائلاً:”هذا يجعلني أعتقد ربما أنه لا يريد إنهاء الحرب، بل يماطلني فحسب، ويجب التعامل معه بشكل مختلف، عبر ‘البنوك’ أو ‘العقوبات الثانوية'”
تأتي هذه التصريحات المشككة في وقت يكثف فيه ترامب وكبار مساعديه جهودهم للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التي بدأت مع اجتياح روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022. وقد شكلت هذه التصريحات تناقضاً حاداً مع التقييم الإيجابي الذي أطلقه ترامب قبل يوم، عندما قال إن الجانبين “قريبان جداً من التوصل إلى اتفاق” بعد لقاء مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف مع بوتين في موسكو يوم 24 أبريل 2025.
أول لقاء مباشر مع زيلينسكي منذ مواجهة البيت الأبيض
كان اللقاء بين ترامب وزيلينسكي على هامش جنازة البابا هو أول مواجهة مباشرة بين الزعيمين منذ الاجتماع المتوتر في المكتب البيضاوي أواخر فبراير2025 ، والذي أدى إلى تعليق مؤقت للمساعدات العسكرية الأميركية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا. وبعد أيام من إصدار قرار التعليق، أعلن ترامب أنه “يفكر جدياً” في فرض عقوبات جديدة ورسوم جمركية إضافية على روسيا لدفع بوتين إلى التفاوض بجدية، لكنه لم ينفذ هذا التهديد بعد — وهو أمر يضغط عليه حتى بعض حلفائه الجمهوريين بشدة لتنفيذه.
وفي هذا السياق، دعا السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي، عن ولاية آيوا، يوم 25 أبريل 2025، ترامب إلى “فرض أشد العقوبات على بوتين”، مشيراً إلى وجود “أدلة واضحة على أن بوتين يخدع أميركا”.
ترامب ينتقد بوتين علناً للمرة الثانية خلال أيام
تمثل تصريحات ترامب الأخيرة المرة الثانية خلال أيام قليلة التي ينتقد فيها بوتين علناً — وهو أمر نادر الحدوث من ترامب. ففي وقت سابق ، دعا ترامب الزعيم الروسي علناً إلى “التوقف!” بعد قصف مميت للعاصمة الأوكرانية كييف. بعد لقائهما المقتضب يوم 26 أبريل 2025 ، أعلنت الرئاسة الأوكرانية أن الفرق الأميركية والأوكرانية كانت ترتب لعقد اجتماع آخر بين الزعيمين خلال اليوم ذاته، إلا أن ترامب توجه مباشرة إلى مطار روما بعد الجنازة واستقل طائرة “إير فورس وان” للعودة إلى الولايات المتحدة في رحلة استغرقت 10 ساعات.
وأوضح المتحدث باسم زيلينسكي، سيرهي نيكيفوروف، أن ضيق الجداول الزمنية منع عقد لقاء إضافي.ووصف زيلينسكي الاجتماع بأنه “لقاء جيد” عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً:”ناقشنا الكثير من المواضيع بشكل مباشر. نأمل بتحقيق نتائج في كل ما تناولناه: حماية حياة شعبنا، وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط، سلام موثوق ودائم يمنع اندلاع حرب جديدة.”وأشار إلى أنه عقد لقاءات أخرى مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مضيفاً أن هذه اللقاءات “رمزية جداً وقد تصبح تاريخية إذا حققنا نتائج مشتركة”. بدوره، وصف البيت الأبيض اللقاء بين ترامب وزيلينسكي بأنه كان “مثمراً للغاية”، واستمر نحو 15 دقيقة داخل كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان، قبل أن ينتقل الزعيمان لحضور قداس الجنازة في الخارج.
محاولات دبلوماسية مستمرة
سبق أن عرض الفاتيكان منذ فترة طويلة المساعدة في تيسير محادثات السلام، وكان البابا فرنسيس يدعو باستمرار إلى إنهاء الحرب عبر الحوار. وجاء لقاء ترامب وزيلينسكي المباشر، وجهاً لوجه وعلى أرضية رخامية في مقر البابا، بمثابة تكريم لرغبات البابا الراحل في تعزيز السلام. وأعرب ترامب عن رغبته بعد وصوله إلى إيطاليا ، بأن تعقد أوكرانيا وروسيا “محادثات عالية المستوى جداً” لإنهاء الحرب. حتى الآن، لم يعلّق أي من بوتين أو زيلينسكي على دعوة ترامب لمحادثات مباشرة. رغم ضغط ترامب المستمر للوصول إلى اتفاق سريع، إلا أن روسيا لم توافق على الخطة الأميركية التي تتضمن وقفاً أولياً لإطلاق النار لمدة 30 يوماً، في حين أبدى زيلينسكي استعداده لقبولها. وقد واصلت القوات الروسية ضرب أهداف داخل الأراضي الأوكرانية.
موقف ترامب من شبه جزيرة القرم
جاء الاجتماع بعد تصريحات لترامب في مقابلة مع مجلة “تايم”، أكد فيها بوضوح أن “القرم ستبقى مع روسيا”، في إشارة إلى قبول الأمر الواقع بالنسبة لشبه الجزيرة التي ضمتها موسكو عام 2014. ويرى ترامب أن استعادة زيلينسكي لشبه جزيرة القرم والأراضي الأخرى التي استولت عليها روسيا “طلب غير واقعي”. وتسيطر روسيا، إضافة إلى القرم، على أراضٍ واسعة في مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوروجيا وخيرسون منذ اجتياحها عام 2022. وخلال المقابلة، أشار ترامب إلى أن الجميع “يفهم أن القرم مع روسيا منذ فترة طويلة”، مما يوضح اعترافه الضمني بالأمر الواقع.
https://www.europarabct.com/?p=103614