خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
وافقت الدول الأعضاء إلى حد كبير على مطلب الولايات المتحدة بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. سخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حلف شمال الأطلسي ووصفه بأنه “عملية نصب واحتيال”، وقد تغير رأيه بعد قمة الناتو، بينما نشأت علاقة صداقة قوية بينه وبين روته، الذي شبّه الرئيس الأمريكي بـ”قائد صارم” يدير مرؤوسيه الجيوسياسيين.
لكن القمة، التي انتهت في 25 يونيو 2025، سلطت الضوء على الفجوة المتزايدة بين الكيفية التي ترى بها الولايات المتحدة وأوروبا الطموحات العسكرية لروسيا، الخصم الرئيسي للاتحاد. ولكن هذا لا يعني أن بوتين مستعد للتخلي عن طموحاته، فرغم أن بعض المشرعين في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب شددوا خطابهم خلال يونيو 2025، حيث زعموا أنه في حين أن طموح الرئيس للتفاوض على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا أمر يستحق الثناء، فمن الواضح الآن أن بوتن ليس جاداً بشأن القدوم إلى طاولة المفاوضات.
أقرّ ترامب بأنه “من الممكن” أن يكون لدى بوتين طموحات إقليمية تتجاوز أوكرانيا. لكنه أصرّ على أن الزعيم الروسي الذي يعاني من خسائر بشرية ومادية يريد أن تنتهي الحرب بسرعة. وأوضح ترامب: “أعلم شيئا واحدا إنه يرغب في تسوية الأمر، إنه يرغب في الخروج من هذا الوضع، إنه في ورطة كبيرة بالنسبة له”.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وجهة نظر ترامب قائلا: “إن الولايات المتحدة أرجأت توسيع عقوباتها ضد موسكو، جزئيا للحفاظ على استمرار المحادثات”. وأضاف: “إذا فعلنا ما يريد الجميع هنا منا وهو أن نأتي ونسحقهم بمزيد من العقوبات فربما نفقد قدرتنا على التحدث معهم بشأن وقف إطلاق النار”، وكانت الرسالة التي وجهها الآخرون في القمة مختلفة تماما.
يقول مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي في 24 يونيو 2025: “إن بوتن ليس مهتما في الواقع بوقف إطلاق النار أو الدخول في محادثات بحسن نية على الإطلاق”. وأضاف المسؤول: “بغض النظر عن ديناميكيات ساحة المعركة، فإننا نواصل الشك في أن روسيا لديها أي مصلحة في إجراء مفاوضات ذات معنى”.
وتابع المسؤول الكبير: “إن طموحات روسيا تتجاوز السيطرة على أراضٍ معينة تقع ضمن حدودها الإدارية، على حد تعبير روبيو بل إن بوتين عازم على فرض إرادته السياسية”على الدول المجاورة”.
وصف روته التهديد الروسي بمصطلحات وجودية، وقال في 25 يونيو 2025: “إذا لم نستثمر الآن، فإننا نواجه خطرا حقيقيا يتمثل في أن الروس قد يحاولون القيام بشيء ضد أراضي حلف شمال الأطلسي في غضون ثلاث أو خمس أو سبع سنوات”.
استراتيجية روسيا لا تزال بعيدة المنال
الولايات المتحدة ليست العضو الوحيد في حلف شمال الأطلسي الذي لديه وجهة نظر أكثر تفاؤلا تجاه روسيا. أعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، وهو حليف لترامب منذ فترة طويلة ومنتقد للمؤسسات الأوروبية في 25 يونيو 2025: “إن روسيا ليست قوية بما يكفي لتمثل تهديدا حقيقيا لحلف شمال الأطلسي”.
ومع ذلك، وباعتبارها المساهم الأكبر في الحلف والعضو الأقوى فيه، فإن موقف واشنطن يشكل الشغل الشاغل في معظم عواصم حلف شمال الأطلسي.
نفى مسؤول منفصل في حلف شمال الأطلسي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، وجود تقييمات مختلفة داخل الحلف، مشيرا إلى إعلان حلف شمال الأطلسي في 25 يونيو 2025 والذي أشار إلى “التهديد الطويل الأمد الذي تشكله روسيا”.
أشارت السفارة الروسية في واشنطن إلى تعليقات المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، في 26 يونيو 2025، التي انتقدت فيها حلف شمال الأطلسي بسبب إهدار الأموال على الدفاع. وتابعت: “يبدو أنه من خلال استحضار التهديد الروسي المفتعل فقط سيكون من الممكن تفسير سبب إفراغ جيوب الناس العاديين مرة أخرى”.
يرى فيليب ديكينسون، نائب مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي في المجلس الأطلسي والدبلوماسي البريطاني السابق: “إن الافتقار إلى تفاهم مشترك حول أهداف بوتن من شأنه أن يعقد الخطط الدبلوماسية المستقبلية لإنهاء الحرب”. وتابع ديكينسون: “إن التوصل إلى اتفاق سلام ليس مجرد أمر يمكن لترامب وبوتين الاتفاق عليه بأنفسهما”.
لا بد من وجود مشاركة أوروبية، وهذا يعني وجود نوع من تبادل الآراء بين الحلفاء حول ما يسعى بوتين إلى تحقيقه. وأضاف ديكينسون” :إن الزعماء الأوروبيين على الأرجح لم يتخلوا عن محاولة تغيير وجهة نظر ترامب بشأن روسيا”. لكن من غير المرجح دائما أن يثيروا نقاشات شائكة في قمة الناتو.
وأكد: “إن الهدف الرئيسي للحلف هو ببساطة تجاوز هذه الأزمة دون تداعيات كبيرة، وهو هدف تحقق بالفعل. ومع ذلك، فقد جاء السلام بثمن، إذ زعم أن الافتقار إلى المناقشات الجوهرية حول أوكرانيا وروسيا كان واضحا”. واختتم قوله: “إن الافتقار إلى استراتيجية تجاه روسيا يشكل إغفالا صارخا لما كان من الممكن أن تنتجه القمة”.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=105506