الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ إيران تتشظى، ست جمهوريات تنهض من رماد الولي الفقيه

iran-usa
أبريل 02, 2025

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا  ECCI

بقلم: د. محمد العرب https://x.com/malarab1

ما الذي يحدث حينما تفقد الإمبراطورية الفارسية قناعها الديني الأخير…؟؟

حين تنهار (ولاية الفقيه) التي لم تكن سوى مظلة سياسية سلفها العرش الساساني بلباس فقهي؟ حين يُسحب من تحت أقدام الدولة الإيرانية المركزية بساط (الشرعية الإلهية المزعومة والتي كانت، لعقود تبرر القمع والسيطرة وتمييع القوميات غير الفارسية؟  ما يحدث ببساطة هو أن خريطة إيران التي نعرفها، والتي تقف ككتلة واحدة على أطلس الجغرافيا السياسية، ستتحول إلى كيان متشظٍّ، تخرج منه ستة كيانات على الأقل، كلٌ منها يحمل ذاكرة مضطهدة، وهوية مؤجلة، وطموحاً مؤجلاً للانفصال منذ عقود.

تبدو إيران على السطح، دولة موحدة لكنها في العمق فسيفساء غير قابلة للاندماج الطويل دون قوة قهرية. إنها كيان بُني على التناقضات، وأُبقي على تماسكه عبر العنف الرمزي والمادي. العرب في الأحواز لم ينسوا لحظةً أن أرضهم كانت مستقلة قبل أن تُسلب باسم (الوحدة الوطنية) والكورد لا يتوقفون عن التذكير بأنهم شعب بامتداد جغرافي يتجاوز حدود إيران وكذلك البلوش ما زالوا ينزفون من فقرهم المزمن رغم ثروات أرضهم المهملة عمداً ، الأذرييون يتحدثون لغة أقرب إلى باكو من طهران، ويتطلعون يوماً للانفصال أو الانضمام ، التركمان لا يرون أنفسهم في مرايا التلفزيون الرسمي ولا في كتب المناهج الدراسية ،حتى الفرس أنفسهم رغم هيمنتهم، يدركون أن الحكم قائم على خوف لا على حب، وعلى عصا لا على حلم مشترك.

سقوط ولاية الفقيه لا يعني سقوط النظام السياسي فقط، بل هو تفكيك للرمز الجامع الوحيد الذي استطاع، رغم هشاشته، إبقاء المكونات المتنافرة داخل قفص الدولة. حين ينهار هذا الرمز، سيطفو ما تحته من طبقات القهر والصراع المكبوت. وستنهار معه فكرة (الأمة الإيرانية) ليعود كل مكوّن يبحث عن ذاته الأولى، في مشهد يعيد إنتاج ما حدث بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لكن على إيقاع أكثر عنفاً وأشد دموية، لأن إيران ليست دولة متعددة الأعراق فقط ، بل هي دولة قُمعت فيها هذه الأعراق تحت مظلة أيديولوجية ذات طابع توسعي ديني وقومي مزدوج.

الدولة المركزية التي لطالما تصرفت كأنها وريثة العرش الكسروي، ستفقد ذراعها الحديدي في طهران وقم ومشهد، حين تذبل العمامة الكبرى، ويخسر (الحرس الثوري) بوصلته العقائدية وما يتبقى بعدها سيكون فراغاً سياسياً تملؤه القوى المحلية المسلحة، والقبائل والجماعات القومية التي تمتلك ما يكفي من الدوافع والانتماء والذاكرة لتدير حرب الاستقلال…! الأحواز ستعلن جمهوريتها مدعومة بشبكة معقدة من الغضب الشعبي والنفط المسلوب، والكورد سيؤسسون كياناً قد لا يعترف بالحدود الغربية لإيران، بل يرى في جبل قنديل عاصمة ثقافية له، بينما ستظهر في بلوشستان أعلام خضراء وسوداء تلوّح بوعد قديم عن وطنٍ ما وراء الجبال.

سيناريو التفكك الإيراني لن يكون مفاجئاً لمن قرأ التاريخ بتمعن، بل المفاجئ أن إيران صمدت بهذا الشكل الهش كل هذه العقود…؟

كل عناصر التفكك كانت حاضرة دوما وستبقى : هويات متصارعة، سلطة دينية إقصائية، اقتصاد غير عادل، وأجهزة قمع شاملة. ما أخّر الانفجار هو القدرة على إدارة الخوف، وحياكة (عدو خارجي) دائم يتم استخدامه لتبرير الداخل الممزق. لكن حتى هذا السلاح الأيديولوجي بدأ يصدأ. الشعب، خاصة الجيل الجديد، لم يعد يبتلع قصة المؤامرة الغربية. ولم يعد يربط بين مصير القدس ومصير رغيفه اليومي. لقد انفصل وعي الداخل عن شعارات الخارج، وهو ما يُعد أخطر مقدمات التفكك.

ما بعد سقوط النظام لن يكون سلمياً ، ولن تكون هناك مائدة مفاوضات تجمع الجميع. بل ستكون هناك جبهات. ستنهض عواصم قومية جديدة، مدن صغيرة تتضخم لتصبح مراكز قرار، وجيوش محلية تنشأ على عجل، وسفارات تنفتح لأول مرة في دول الجوار. سيُكتب اسم (الأحواز) في الأمم المتحدة، وسيُرفرف علم (كردستان الشرقية) في مؤتمر جنيف، وسيظهر زعيم من (بلوشستان الحرة) في مقابلة مع قناة ناطقة بالإنجليزية. سيبدأ العالم في التعامل مع ما كان يسمى إيران كأرشيف سياسي، لا كدولة قائمة. وسيتحول البحث في أرشيف الدولة الإيرانية إلى مهنة سياسية جديدة في مراكز الدراسات الدولية.

هذا التفكك لن يبقى داخلياً ، بل سيعيد ترتيب كل توازنات المنطقة. الخليج سيجد نفسه أمام خريطة جديدة شرقاً ، وتركيا أمام باب مفتوح إلى عمق لم تملكه منذ قرون، وباكستان أمام شعب يطالب بحقوق مشتركة، وأذربيجان أمام فرصة تاريخية لإكمال خريطة الأمة. أما روسيا والصين، فسيحاولان الدخول إلى المشهد عبر الاستثمار في إعادة الإعمار أو صفقات السلاح. أمريكا والغرب سيكونان أكثر حذراً ، لأن الفوضى القادمة قد تفتح بوابات غير متوقعة للتطرف أو لعودة دولة دينية أكثر تشدداً ولكن بلباس قومي هذه المرة.

التفكك الإيراني لا يعني نهاية التاريخ، بل بدايته. وربما ما يليه هو إيران 6.0 ، نسخة جديدة لا تُحكم من قم، ولا ترفع راية تصدير الثورة، بل تحكمها الجغرافيا والتاريخ والذاكرة والدم. نسخة تمزج بين الألم والفرصة، بين الدولة والقبيلة، بين الدين والثأر، وبين الواقع والطموح. سيكون العالم حينها مضطراً للتعامل مع خريطة جديدة، ومع شعوب كانت طوال عقود تسكن الهامش، ثم فجأة وجدت نفسها في صدارة الأحداث.

السؤال الذي سيبقى معلقاً هو: هل سيتعامل العالم مع إيران القادمة باعتبارها أزمة أمن قومي، أم باعتبارها فرصة لصناعة شرق أوسط جديد أكثر عدالة وتوازناً..؟

وهل سيتعلم الداخل الإيراني، الذي طالما اختُزل في صراع بين شارع ونظام، كيف يصوغ ميثاقاً جديداً للعيش المشترك، أم أنه سيغرق في لعبة الدم التي طالما كانت الرياضة الوحيدة التي يتقنها الشرق حين تسقط الأنظمة؟

هذه ليست نبوءة، بل قراءة في كتاب مفتوح… عنوانه: إيران… ما بعد الحُلم الإمبراطوري وموت ولاية الفقيه…!

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=102736

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...