خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI.
التقى نائب وزير الدفاع الليتواني كاروليس أليكسا في مايو 2025 مع وزير الدفاع البلجيكي ثيو فرانكين في فيلنيوس. ناقش أليكسا وفرانكين التعاون الدفاعي الثنائي، وأجندة قمة حلف شمال الأطلسي في يونيو 2025، والمبادرات الرامية إلى تعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي، وحماية البنية التحتية تحت الماء، والدعم لأوكرانيا.
أثنى نائب الوزيرعلى بلجيكا بشأن المساهمة في الأمن الإقليمي من خلال وحدات شرطة البلطيق الجوية التابعة لحلف شمال الأطلسي المنتشرة في القوة المتعددة الجنسيات التابعة لحلف شمال الأطلسي، فضلاً عن التعاون البناء بين القوات الخاصة الليتوانية والبلجيكية.
تعد المساهمة البلجيكية في أمن الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ليست مهمة فحسب، بل هي محل تقدير كبير. وأضاف أليكسا: “إن الوجود العسكري البلجيكي في ليتوانيا والمنطقة، وشراكته في مهام مختلفة مع قواتنا وقوات حلفائنا الآخرين، يُعدّ مثالًا رائعًا على الاحترافية والتضامن، ورسالة ردع واضحة لروسيا”.
كما سلط نائب وزير الدفاع الضوء في الاجتماع على أن أوروبا بحاجة إلى تحمل المزيد من المسؤولية في السياق الجيوسياسي، مشيرًا إلى أن ليتوانيا ستزيد الإنفاق الدفاعي إلى ما يقرب من 4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2025 وستزيد إلى 5-6٪ من الناتج المحلي الإجمالي حتى 2026-2030.
أكد أليكسا: “نحن بحاجة إلى إظهار الالتزام الأوروبي بالأمن وزيادة إنفاقنا الدفاعي في أسرع وقت ممكن”. أشار الجانبان إلى ضرورة الاستفادة من الموارد المالية والمؤسسية والتنظيمية للاتحاد الأوروبي بأكمله لزيادة الاستثمار الدفاعي الأوروبي بشكل ملحوظ. وأشاد الجانبان بالكتاب الأبيض للدفاع الأوروبي الصادر عن المفوضية الأوروبية ومبادرات ReARM Europe، ودُعي إلى الإسراع في تنفيذها.
تسعى كل من ليتوانيا وبلجيكا إلى تطوير صناعتهما الدفاعية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية. واتفق المسؤولان على أهمية استمرار الدعم لأوكرانيا. أوضح نائب الوزير: “إنّ التجديد السريع لقدرات أوكرانيا هو وحده الكفيل بضمان الردع الفعال”.
لدى بلجيكا مشاركة فاعلة في بعثة الناتو لمراقبة الجو في دول البلطيق. وكانت أول دولة ترسل طائرات مقاتلة لمراقبة الجو عند انضمام ليتوانيا إلى الناتو عام ٢٠٠٤. كما أن للبحرية البلجيكية مشاركة فعّالة في عملية للتخلص من الذخائر، تُنظّمها دول البلطيق إلى جانب دول أخرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.
تُساهم بلجيكا في تدريبات مشتركة، وتُنظّم دورات تدريبية على مختلف المستويات، وهي متاحة للجيش الليتواني. في عام 2023، أصبحت بلجيكا عضوًا كامل العضوية في فريق الاستجابة السريعة للأمن السيبراني بقيادة ليتوانيا (CRRT).
أفاد أكثر من نصف البلجيكيين الذين شملهم الاستطلاع بأنه من المرجح أن تشن روسيا هجومًا عسكريًا على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفقًا لنتائج استطلاع “دي ستيمينغ”، وهو استطلاع واسع النطاق أجرته شبكة VRT NEWS وصحيفة دي ستاندارد اليومية وإذاعة RTBF الناطقة بالفرنسية. ويتابع البلجيكيون بوضوح قضايا الأمن الدولي بسبب الحروب في أوكرانيا وغزة. وسُئل المشاركون: “هل يمكنك أن تصف بكلماتك الخاصة أكبر مشكلة تواجه العالم حاليًا؟”. بشكل عام، كانت الإجابات في فلاندرز ووالونيا وبروكسل متقاربة.
يعتقد 43% من الفلمنكيين الذين استُطلعت آراؤهم أن الوضع الأمني الدولي هو مصدر القلق الأكبر. في والونيا، يرتفع مستوى القلق 47%، بينما ينخفض قليلاً في بروكسل 39%. منذ حرب أوكرانيا قبل أكثر من ثلاث سنوات، يخشى عدد متزايد من الناس ألا تتوقف موسكو عند حدودها.
يرى 53% من الفلمنكيين الذين شملهم الاستطلاع أن الهجوم الروسي لدولة عضو في حلف الناتو “محتمل” أو “محتمل جدًا”. في والونيا، تبلغ هذه النسبة 58%، وفي بروكسل 52%. يخشى عدد أكبر نسبيًا من ناخبي حزبي “فورويت” الاشتراكي الفلمنكي و”أوبن في إل دي” الليبرالي الفلمنكي من هجوم على دولة عضو في حلف الناتو. أما ناخبو الحزب الديمقراطي المسيحي الفلمنكي فهم أكثر ثقة.
يبدو البلجيكيون أقل قلقًا بعض الشيء بشأن هجوم على بلدهم: ففي فلاندرز، يرى 58% منهم أن الهجوم العسكري غير مرجح بنسبة 16% يعتبرونه محتملًا، وفي والونيا 52% يرون أنه غير مرجح وبنسبة 23% يعتبرونه محتملًا، وفي بروكسل يرى 59% أنه غير مرجح و22% يعتبرونه محتملًا. ويُعتبر القلق من هجوم محتمل على بلجيكا هو الأعلى بين ناخبي حزب فلامز بيلانغ اليميني المتطرف وحزب العمل الديمقراطي الألماني الشيوعي.
تشير استطلاعات الرأي في بلجيكا، حول المخاوف المتزايدة من هجوم روسي على دولة عضو في الناتو، إلى أن الرأي العام الأوروبي بات أكثر وعيًا بالمخاطر الأمنية. ومع ذلك، يبقى القلق من هجوم مباشر على بلجيكا أقل نسبيًا، وهو ما يعكس الإحساس بموقعها “الآمن” داخل العمق الأوروبي، رغم الانخراط في الصراع الجيوسياسي الأوسع.
يمكن القول أن بلجيكا تظهر التزامًا عسكريًا متزايدًا، يتجاوز مساهمتها التقليدية في بعثات الناتو، ليشمل المشاركة الفعلية في تدريبات متقدمة، التعاون السيبراني، والمساهمة في الأمن الجوي والبحري في منطقة البلطيق. كما أن مشاركتها في فريق الاستجابة السيبرانية بقيادة ليتوانيا يؤشر إلى إدراك أهمية الأمن الإلكتروني في الحروب المعاصرة.
يبدو أن العلاقات الليتوانية البلجيكية مرشحة للتوسع ضمن إطار بناء ركائز دفاع أوروبي مشترك. وإذا استمرت الحرب في أوكرانيا وتعمّقت الانقسامات الدولية، فستصبح الشراكات الثنائية مثل هذه أساسية في رسم مستقبل الأمن الأوروبي بعيدًا عن نموذج الحرب الباردة التقليدي، وأكثر قربًا من نموذج الردع متعدد الطبقات.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=104715