المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI وحدة الدراسات والتقارير ( 25 )
تشهد الساحة الأوروبية تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة التحولات السياسية والدبلوماسية تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتحولت مواقف القادة الأوروبيين من مجرد الإدانة وتصريحات الشجب إلى تحركات ملموسة تهدد بتغيير ملامح العلاقات مع تل أبيب. وفي ضوء هذا التحول، برزت في الخطاب الأوروبي دعوات صريحة لفرض حظر على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وتقليص الامتيازات التجارية، بل وتطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة. وفي الوقت ذاته، تصاعد النقاش حول الاعتراف بدولة فلسطين كخطوة رمزية وإستراتيجية للضغط على إسرائيل وإعادة إحياء مسار حل الدولتين.
الاتحاد الأوروبي وإسرائيل – شراكة استراتيجية عميقة
شكّلت العلاقة بين دول أوروبا الغربية وإسرائيل في إطار من الشراكة الاستراتيجية الخاصة، تأسّس على خلفية اعتبارات سياسية وتاريخية، تتعلّق بما تعرض له اليهود من اضطهاد في أوروبا، خصوصًا “المحرقة” خلال الحرب العالمية الثانية، والتحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية على مستوى الشرق الأوسط، إضافة إلى مصالح متشابكة في مجالات التجارة والدفاع والتكنولوجيا. وعلى امتداد عقود، التزمت الدول الأوروبية بموقفٍ داعم لـ “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، متجنبًة اتخاذ مواقف واضحة إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
إن الأساس القانوني للعلاقات هو اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2000. وتشمل هذه الاتفاقية أحكاماً بشأن الحوار السياسي المنتظم، وحرية التأسيس وتحرير الخدمات، وحرية حركة رأس المال وقواعد المنافسة، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي. أنشأ هذا الاتفاق نظاماً شاملاً ومتكاملاً يغطي معظم مجالات التجارة، إلى جانب مجالات أخرى سياسية، اجتماعية، وثقافية. وقد اعتُبرت الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي على مدى عقود الركيزة الأساسية في علاقات إسرائيل مع الاتحاد، سواء من حيث التبادل التجاري أو من حيث الانخراط في المشاريع الأوروبية في مجالات البحث والعلوم والتعليم.
الاتحاد الأوروبي يُعدّ الشريك التجاري الأكبر والأقرب جغرافياً لإسرائيل. ووفقاً لمعطيات رسمية، فقد بلغ حجم الواردات من دول الاتحاد الأوروبي في العام 2023 نحو (44) مليار دولار، وهو ما يشكّل (48%) من مجمل الواردات التي بلغت (91.8) مليار دولار. أما الصادرات الإسرائيلية إلى الاتحاد الأوروبي فقد بلغت نحو (23) مليار دولار، ما يشكّل (36%) من مجمل الصادرات للخارج، . بذلك، فإن إجمالي حجم العلاقات التجارية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي يصل إلى قرابة (67) مليار دولار، أي ما يعادل مرتين ونصف حجم العلاقة التجارية بين إسرائيل والولايات المتحدة في العام 2023، وفي عام 2024، بلغت صادرات إسرائيل إلى الاتحاد نحو (15.9) مليار يورو، مقابل واردات أوروبية بنحو 26.7 مليار يورو، تتصدرها المواد الكيميائية والآلات. أما بالنسبة للعلاقات التجارية مع بريطانيا، فقد بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إليها في 2023 نحو (2.1) مليار دولار، في حين بلغ حجم الواردات نحو (2.9) مليار دولار.
يشكّل اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل الأساس القانوني لمجموعة من الاتفاقيات الإضافية التي تربط الطرفين، من أبرزها اتفاق “الأجواء المفتوحة”، وبرامج تبادل الطلاب ضمن إطار برنامج “إيراسموس”، والتعاون العلمي ضمن برنامج “هورايزن” الذي يُعتبر من أكبر برامج البحث والتطوير العلمي المتاحة أمام الجامعات ومراكز الأبحاث والشركات الإسرائيلية. ومنذ انضمام إسرائيل إلى برنامج الإطار الأوروبي عام 1996، حصل حوالى (4100) جهة بحثية إسرائيلية على تمويل. ويبلغ إجمالي قيمة المنح التي حصلت عليها هذه الجهات نحو (1.25) مليار يورو. بالإضافة إلى ذلك، تم استثمار (550) مليون يورو أخرى في شركات إسرائيلية وصناديق رأس مال مخاطر، من خلال أدوات تمويلية مختلفة أتاحها البنك الأوروبي للاستثمار في إسرائيل. أمن دولي ـ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في العلاقات الأوروبية والمواثيق الدولية (ملف)
الموقف الأوروبي من إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023
تجلّى الانحياز الأوروبي لإسرائيل أكثر، بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023؛ إذ صدرت عن العواصم الأوروبية الرئيسة مواقف متقاربة إلى حدّ التطابق مع الموقف الأميركي، تمثّلت في إدانة الهجوم والوقوف بقوة وراء العمليات العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى القضاء على قوة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وحكمها في غزة، ويمكن تصنيف المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل إلى اتجاهين:
أولاً: الدعم المطلق لإسرائيل
تمثل ألمانيا جوهر هذا الاتجاه، استنادًا إلى “التزامها التاريخي والأخلاقي” تجاه إسرائيل، وهو حجر الزاوية في “مصلحتها الوطنية العليا”. ووفقًا لاحصائيات منشورة في أبريل 2025، بلغت الصادرات العسكرية الألمانية إلى إسرائيل حوالي (33% ) من إجمالي واردات الأسلحة الإسرائيلية. مما يجعل ألمانيا أكبر مورد أوروبي للأسلحة إلى إسرائيل بفارق كبير. وبالمثل، صدرت المملكة المتحدة إلى إسرائيل معدات عسكرية وقطع غيار طائرات وأنظمة رادار بقيمة تقارب (18) مليون جنيه إسترليني في عام 2023. وعلى الرغم من الاحتجاجات الداخلية واسعة النطاق ضد الهجوم الإسرائيلي المدمر على غزة، رفضت الحكومة البريطانية لعدة أشهر الدعوة إلى وقف إطلاق نار كامل، واكتفت بدعم “فترات توقف إنسانية مؤقتة”.
إلى ذلك، حافظت دول مثل النمسا وجمهورية التشيك والمجر على دعمها الثابت لإسرائيل، مدفوعة بخلفياتها المحافظة اليمينية وشراكاتها الاقتصادية والأمنية. تمثل هذه الدول الخط المتشدد داخل الاتحاد الأوروبي ضد أي إجراءات عقابية ضد إسرائيل وامتنعت مرارًا وتكرارًا عن التصويت على قرارات تدين العدوان أو تطالب بهدنة، مؤكدة على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
ثانياً: انتقاد الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان
على النقيض من المعسكر المؤيد لإسرائيل، برز محور من الدول الأوروبية التقدمية تميزت بمواقفها الأكثر انتقادًا للسياسات الإسرائيلية، واتخاذها خطوات عملية، بما في ذلك تعليق صادرات الأسلحة، والاعتراف بدولة فلسطين، ودعم الإجراءات القانونية أمام محكمة العدل الدولية.
تتصدر إسبانيا المعسكر الأوروبي الرافض لسياسات إسرائيل في غزة، بعد أن علّقت جميع الصادرات العسكرية إلى إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وألغت عقودًا قائمة لاستيراد الذخيرة الإسرائيلية.وفي مايو 2024، اعترفت إسبانيا رسميًا بدولة فلسطين، وانضمت لاحقًا إلى العملية القضائية في لاهاي كما اتبعت أيرلندا والنرويج نهجًا مشابهًا، وعلّقتا التعاون العسكري مع إسرائيل، ودعمتا جميع جهود الأمم المتحدة الداعية إلى وقف إطلاق النار، واعترفتا بدولة فلسطين في إطار مبادرة مشتركة. انضمت سلوفينيا لاحقًا إلى هذه المبادرة.
أما الموقف الفرنسي والإيطالي فقد تطور تدريجيًا من الدعم المطلق للهجوم الإسرائيلي، والذي شمل دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل “تحالف دولي” ضد حماس، إلى موقف انتقادي حاد للسياسات الإسرائيلية، فيما كشفت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني للبرلمان في أكتوبر 2024 أن حكومتها جمّدت فعليًا جميع تراخيص تصدير الأسلحة الجديدة إلى تل أبيب منذ اندلاع الحرب.
وفي ظل الانقسام العميق بين الحكومات الأوروبية بشأن القضية الفلسطينية والإسرائيلية، عجز الاتحاد الأوروبي عن تشكيل جبهة موحدة لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة و لحماية آفاق حل الدولتين. وكثيراً ما لعبت أوروبا دوراً ثانوياً في الدبلوماسية، وتجلّى ذلك خلال العام 2024 خلال محادثات وقف إطلاق النار التي قادتها الولايات المتحدة ودول عربية. أمن دولي ـ واقع علاقات وتعاون دول أوروبا مع إسرائيل
تحولات جوهرية في السياسة الأوروبية تجاه اسرائيل
أدت مجريات الحرب على غزة، التي دخلت شهرها العشرين، ولا سيما بعد خرق إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار واستئناف العدوان في 18 مارس 2025، وانتهاجها سياسة التجويع الجماعي ومنع المساعدات، إلى انكشاف واسع للجرائم في حق المدنيين؛ ما شكل عوامل ضغط على المواقف الرسمية للحكومات الأوروبية، فأخذت تتشكّل تدريجيًا مواقف أوروبية متباينة تجاه إسرائيل، يمكن تصنيفها في اتجاهين رئيسين.
كانت بداية عاصفة المواقف المنددة والمهددة في 19 مايو 2025، حين أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيس وزراء كندا مارك كارني، بياناً مشتركاً أعلنوا فيه أنهم لن يقفوا “مكتوفي الأيدي” إزاء “الأفعال المشينة” التي ترتكبها حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، في قطاع غزة. ولوّح القادة الثلاثة باتخاذ “إجراءات ملموسة”، ضمنها عقوبات فعلية، إذا لم تبادر إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية، وتفسح المجال لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكافٍ. كذلك، طالب وزراء خارجية 22 دولة، بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا واليابان وأستراليا، يوم الاثنين الماضي، إسرائيل بـ”السماح بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري” إلى قطاع غزة، تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.
أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في 20 مايو 2025، أن الاتحاد الأوروبي سيبدأ مراجعة المادة الثانية من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تُلزم الاتفاقية باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية. وهي خطوة قد تفتح الطريق لتعليق بعض الامتيازات التجارية والعلمية التي تتمتع بها إسرائيل، كما تستعد بروكسل أيضا لمناقشة خيارات جديدة خلال اجتماع وزراء الخارجية يوم 23 يونيو2025.
وعلى المستوى الثنائي، أوقفت المملكة المتحدة “مؤقتا” مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على مستوطنين متشددين، .، كما علقت بريطانيا بعض التراخيص العسكرية. فيما صوّت البرلمان الإسباني مساء الثلاثاء لصالح مشروع قانون لمنع بيع الأسلحة إلى إسرائيل.
أما ألمانيا -التي طالما عرفت بدعمها القوي لإسرائيل، فقد صرّح المستشار فريدريش ميرتس بعدم فهمه لما يفعله الجيش الإسرائيلي في غزة، مشيرًا إلى أن حجم الأذى اللاحق بالمدنيين لم يعد قابلًا للتبرير. كما أعلنت برلين تعليق تصدير أي سلاح قد يُستخدم في خرق القانون الإنساني. وصف وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول الوضع في غزة بأنه “لا يطاق”، مضيفاً أنه “حيث نرى مخاطر الضرر، فإننا سوف نتدخل بطبيعة الحال وبالتأكيد لن نزود بالأسلحة حتى لا يكون هناك المزيد من الضرر”، وهو ما يشكل سابقة جديدة في العلاقات مع إسرائيل.
واستدعت السويد، السفير الإسرائيلي في ستوكهولم بسبب نقص دخول المساعدات إلى غزة، وطالب رئيس وزرائها، أولف كريسترسون، بفرض عقوبات أوروبية على تل أبيب. وتدرس النرويج أيضاً فرض تدابير اقتصادية لمواجهة انتهاكات “إسرائيل”، في الوقت الذي تحشد هولندا الدعم اللازم داخل الاتحاد الأوروبي لمراجعة اتفاقية الشراكة مع تل أبيب.
دعوات أوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية كأداة للضغط على إسرائيل
برز الاعتراف بدولة فلسطين كأداة ضغط سياسي وخطوة رمزية متزايدة في الوقت الحالي، مع تلويح دول عدة باتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه. ولذلك تستعد فرنسا لاستضافة مؤتمر دولي في الأمم المتحدة لتعزيز حل الدولتين، وهذا التحرك يعد تحديا لحكومة نتنياهو التي ترفض هذا الحل..
وقد أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 30 مايو 2025 أن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس “مجرد واجب أخلاقي، بل مطلب سياسي”. كما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو 6 يونيو 2025 “تصميم” باريس على الاعتراف بدولة فلسطينية، لكنه شدد على أنها لن تقوم بذلك بمفردها، قبل مؤتمر بهذا الشأن في الأمم المتحدة.
أكد وزير الخارجية البريطاني خلال كلمته في مجلس العموم في الأول من مايو 2025 أن الاعتراف بدولة فلسطين هو الحل، مضيفاً: “الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون أهم قرار تتخذه بريطانيا، ومن المهم اختيار التوقيت الصحيح”، مؤكداً أن “توسيع إسرائيل العملية العسكرية في غزة لا يمكن تبريره أخلاقياً ويأتي بنتائج عكسية”، داعياً إلى “وقف ما يحدث هناك”.
ورغم أن الاعتراف الأوروبي لا يكفي لتغيير واقع غزة على الأرض، فإنه يحمل رسالة سياسية قوية ويشكل ضغطا معنويا على إسرائيل، وتبقى الفكرة أن الاعتراف يجب أن يترافق مع خطوات واقعية لوقف الحرب وكبح التوسع الاستيطاني، وليس مجرد إعلان رمزي معزول، حسب ما جاء في تقرير مجموعة الأزمات. أمن دولي ـ موقف ألمانيا من الشعب الفلسطيني وحق إقامة دولته
تقييم وقراءة مستقبلية
ـ شكّلت العلاقة التقليدية بين دول أوروبا وإسرائيل في إطار من الشراكة الاستراتيجية الخاصة، والتحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية على مستوى الشرق الأوسط، إضافة إلى مصالح متشابكة في مجالات التجارة والدفاع والتكنولوجي.
ـ شهد مايو 2025 منعطفًا حاسمًا في الخطاب الأوروبي؛ إذ بدأت الدول الأوروبية الكبرى تتحدث بلهجة أكثر صرامة مع إسرائيل ، مطالبةً بوقف الحصار على قطاع غزة فورًا، وتسهيل دخول المساعدات، ومهددةً باتخاذ إجراءات عقابية. وسجلت الساحة الأوروبية أيضًا تحركات لافتة مثل استدعاء السفراء، ومراجعة اتفاقيات التجارة والتعاون، وحتى مناقشة سحب الامتيازات الجمركية والتأشيرات التي تحظى بها إسرائيل في السوق الأوروبية.
ـ تُعدّ خطوات الدول الأوروبية الأخيرة، التي تُعتبر تقليدياً صديقة لتل أبيب، بمثابة المرة الأولى التي يبادر فيها الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف هجومي ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، مستغلًا كونه الشريك التجاري الأكبر لها للضغط والمطالبة بتغيير السياسات الإسرائيلية. ق
ـ ان أوروبا رغم كونها ليست صاحبة التأثير الحاسم المنفرد على القرار الإسرائيلي، فإن مواقفها الأخيرة تفتح الباب أمام تحولات جوهرية في العلاقات مع إسرائيل، وتمنح المجتمع الدولي خيارات ضغط إضافية قد تسهم في وقف الحرب أو الحد من تداعياتها الإنسانية والسياسية، شريطة أن تقترن الأقوال بالأفعال والإجراءات الملموسة على الأرض.
ـ يمكن القول إن ما يحدث اليوم داخل القارة الأوروبية هو تآكل تدريجي في الإجماع الغربي التقليدي الذي منح إسرائيل حصانة سياسية ودبلوماسية لعقود. إذ بدأت بعض الحكومات الأوروبية بالانفصال عن الخط الأميركي ولو جزئيًّا، تحت ضغط الواقع الأخلاقي والإنساني، لكن هذا الانفصال لم يتحول بعد إلى سياسة أوروبية موحدة أو أدوات ضغط حقيقية.
ـ إذا استمرت الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في غزة، واستمر غياب الحل السياسي، من المرجح أن تجد الدول الأوروبية ستجد نفسها أمام اختبار جديد: إما تحويل المواقف الرمزية إلى إجراءات عملية، أو الانكفاء مجددًا خلف لغة البيانات والتحذيرات، وهو ما سيحدد إن كان هذا التحول مرحلة عابرة أم بداية لمسار جديد يعيد الاعتبار للقيم التي تتغنى بها أوروبا منذ عقود.
ـ بالرغم من بدء المراجعة الأوروبية لاتفاقية الشراكة مع إسرائيل ، لا يزال التأخير والغموض يُحددان استجابة المؤسسات الأوروبية. لا يوجد جدول زمني مُعلن، ولا معايير واضحة للتقييم، ولا يُشير إلى موعد ظهور عواقب ملموسة.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=105163
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
هوامش
The European Union and Israel
Quiet no more: Europe’s growing role on the Israeli-Palestinian conflict
Review of the EU-Israel Association Agreement
Toward a Stronger European Stand on Israel-Palestine